توقع خبراء عسكريون وسياسيون أن تباشر الحكومة اليمنية الشرعية أعمالها خلال الأيام المقبلة من العاصمة المؤقتة عدن، ويتقدم أعضاء الحكومة رئيسها خالد بحاح، الذي أدى القسم قبل عدة أيام نائبا لرئيس الجمهورية إضافة إلى مهامه، وذلك بهدف إدارة الأعمال وتسيير شؤون البلاد، وجمع كل الفصائل الموالية للشرعية، لمواجهة آخر جيوب الحوثيين التي تحتمي بالمنازل وبعض المواقع الجاري التعامل معها عسكريا.
وفي حين لم تنف الدبلوماسية اليمنية هذا التحرك والتوجه مباشرة إلى عدن لإدارة البلاد وتحرير كل المدن من الانقلابيين، بعد أن أمهل مجلس الأمن ميليشيات الحوثيين ومواليها 10 أيام للامتثال للقرارات الصادرة، قال زير الخارجية اليمني رياض ياسين، لـ«الشرق الأوسط»، إن «العودة إلى اليمن ستكون قريبة ونعمل على ذلك، ويملأنا تفاؤل كبير في هذا السياق، بعد صدور قرار مجلس الأمن بإجماع 14 دولة وتحفظ دولة واحدة، وهو ما يؤكد صحة ورؤية السعودية وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، بشأن (عاصفة الحزم)، وأهميتها في إعادة الشرعية التي تعتبر محافظة على اليمن».
وكان مجلس الأمن أقر مشروعا قُدِّم تحت الفصل السابع، بموافقة 14 من دوله الأعضاء، يطالب فيه المتمردين في اليمن بالانسحاب من جميع المناطق التي يسيطرون عليها، وتسليم السلطة دون قيد أو شرط، مع فرض عقوبات على زعيم الحوثيين وعلى نجل الرئيس السابق علي عبد الله صالح، فيما نص القرار على حظر تزويد قادة الحوثيين المستهدفين بالعقوبات بالأسلحة. كما يطالب الأمين العام للأمم المتحدة بتقديم تقرير خلال 10 أيام من صدور القرار حول مدى امتثال الحوثيين للقرار، وفي حال عدم الامتثال يقوم مجلس الأمن باتخاذ تدابير أخرى.
وهنا عاد وزير الخارجية اليمني ليؤكد أنه «لا وجود للميليشيات في الدولة الديمقراطية، ولن تكون هناك أي أعمال عسكرية مخلة بالأمن، في حال استتب الأمر، المدعوم بقرار مجلس الأمن الذي يمنع تزويد السلاح لأي جهة، وتحديدا الحوثيين وعلي عبد الله صالح الذين عاثوا في البلاد وتسببوا في ما هي عليه الآن». وعن وجوده في جيبوتي، قال ياسين «إن وجودي في جيبوتي هذه الأيام يتمحور حول إجراء الترتيبات لتسهيل دخول الرعايا اليمنيين المقبلين من عدن، والذين تعرضوا لإصابات بالغة جراء الهجوم الوحشي، كما وصفه الوزير، وعلاجهم في مستشفيات جيبوتي»، لافتا إلى أنه وخلال وجوده التقى رئيس الجمهورية ووزير الخارجية، وجرى التباحث في جملة من المواضيع «كما استقبلنا الدفعة الأولى من شحنات الغذاء القادمة من قطر، ونعمل وفق استراتيجية لإرسالها إلى عدن، وجار العمل على وضع جسر جوي من المعونات الإنسانية والغذائية».
وحول طرح ملف القبض على الهاربين المتمردين من الحوثيين وأتباع صالح، أكد ياسين أن «الحكومة اليمنية الشرعية ليست بصدد طرح مثل هذه الملفات مع أي دولة، إذ لا تبحث الحكومة من خلال مهامها عن ملاحقة أشخاص أو عائلات متورطة في أحداث اليمن، وما تقوم به الحكومة والهمّ الأكبر لديها في الوقت الراهن هو إنقاذ الوطن مما هو فيه من أعمال تخريبية وقتل، كان وراءها الحوثيون وحليفهم علي عبد الله صالح».
وفي هذا السياق، أكد خبراء عسكريون أن العودة إلى عدن خلال الأيام المقبلة سيسبقها إنزال بحري، وتأسيس رأس جسر عسكري، للسيطرة على مساحات أكبر في القطاع الجنوبي من اليمن بالتنسيق مع اللجان الشعبية والقبائل في عدد من المدن القريبة من عدن، خاصة أن المعركة الآن تحولت إلى أفراد محتمين بمواقع سكنية تحتاج لنوع وآلية مختلفة في المواجهة، وذلك بعد أن تمكنت قوات التحالف من وقف الإمدادات العسكرية بشكل كبير لهذه الجيوب الموجودة في مواقع مختلفة.
ويقول الدكتور علي التواتي، الخبير الاستراتيجي والعسكري، إن صدور قرار مجلس الأمن والمهلة المتاحة للحوثيين وأتباعهم والمحددة بـ10 أيام، ستدفع الحكومة اليمنية برئاسة خالد بحاح للتوجه مباشرة إلى عدن لممارسة أعمالهم عن قرب، لافتا إلى أن «هذا القرار سيعصف بتحالف الحوثي وعلي عبد الله صالح، فالأول أتوقع أنه لن يسلم سلاحه أو يتنازل عما يبحث عنه كرجل عقائدي لا يهتم بالخسائر في الأرواح والمال، وهو ما لن يقبله صالح الذي لديه مكتسبات مالية وأبناء يفكر في الهرب معهم إلى أي موقع، وهذا سيتسبب في شرخ بين الطرفين سيسعى صالح إلى كسبه في إيجاد أرضية تفاهم مع دول التحالف بحيث يجد له ولأسرته مخرجا».
ولفت التواتي إلى أنه وقبل قدوم الحكومة اليمنية إلى عدن ستسبق ذلك عملية تمهيد ومسح للأرضية، من خلال عملية إنزال في عدن لدعم اللجان الشعبية والحفاظ على الانتصارات التي تحققت على أرض الواقع، وإيجاد قوة عسكرية متكاملة تمكن الرئيس من متابعة أعمال البلاد دون محاذير ومخاوف.
وقال الخبير العسكري إن «الموازين تغيرت على أرض الواقع، وذلك مع ارتفاع دقة استهداف قوات التحالف للمواقع الرئيسية للحوثيين وقطع خطوط الإمداد، ويصاحب هذا تحرك القبائل وسيطرتها على قطاع كبير في شبوة، كذلك المقاومة الشعبية في عدن تضع موضع قدم في خور مكسر وتطرد الميليشيات الحوثية، إضافة إلى ذلك انشقاق الألوية وعودتها إلى الشرعية، وكان آخر ذلك عودة ثلاثة ألوية، وهناك قطاعان للحوثيين انسحبا نحو صعدة وليس باتجاه صنعاء»، موضحا أن أبرز المناطق التي كان يعتمد عليها الحوثيون، ممثلة في العماليق ومعسكر الماس، تعرضت لضربات مدوية دمرت بنيتها الأساسية.
وعن تأثير عودة الألوية إلى دعم الشرعية ومواجهة الحوثيين، قال التواتي إن اليمن لديه قرابة 72 لواء عسكريا، منها 42 لواء منتشرة كقوة احتلال في المحافظات الجنوبية، وعودة هذه الألوية أو بعضا منها وقتالها إلى جانب الشرعية إنجاز مهم على أرض الواقع في إدارة المعركة، وبدأت تظهر ملامح عسكرية وفق المفهوم الشامل في مواجهة الميليشيات، وبدأت تشكل لها عبر المنطقة الرابعة قيادة مشتركة لتوظيفها في عمليات الدفاع اليمن.
وقال الخبير العسكري إن «القوات الموالية للحوثيين وصالح والموجودة في المحافظات الجنوبية تعرضت لتدمير شديد، لذلك لجأوا إلى المدن وتحديدا في عدن، وتمركزوا في المنازل والمنشآت التجارية وتحول غالبيتهم إلى قناصة، والقتال من هذا النوع يأخذ وقتا طويلا وأساليب تختلف عن القتال التقليدي، ويحتاج التعامل مع هؤلاء إلى استخدام أنواع معينة من السلاح، وهذه العملية معقدة لاختلاط أفراد الميليشيات بالمدنيين، ومع هذه الحالة فأنت تتعامل مع أفراد وليس جماعات واضحة المعالم»، موضحا أن هذه المرحلة ستستمر حتى تنتهي الذخائر ولن تطول عن أسبوع لقناص لديه كمية محدودة من السلاح ولا يوجد لديه غذاء.
الحكومة اليمنية تستعد لمباشرة أعمالها من عدن خلال الأيام المقبلة تسبقها عملية إنزال
خبراء عسكريون يربطون ذلك بتغير الموازين العسكرية على الأرض
الحكومة اليمنية تستعد لمباشرة أعمالها من عدن خلال الأيام المقبلة تسبقها عملية إنزال
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة