كثفت طائرات عملية «عاصفة الحزم»، أمس، قصفها العنيف على معاقل الحوثيين في محافظة صعدة بشمال البلاد وعدد آخر من المحافظات. وقالت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» إن طيران التحالف قصف مواقع عسكرية للحوثيين ومخازن الوقود الذي يستخدمونه في العمليات العسكرية والحرب ضد الجنوب وبقية المحافظات. وقدرت مصادر محلية عدد الطلعات التي نفذت بـ38 غارة، خلال 24 ساعة، وقصف طيران التحالف مواقع في عمران بشمال صنعاء وغيرها من المناطق التي يتجمع فيها الحوثيون وقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح.
وفي محافظة تعز، بجنوب صنعاء، لقي نحو 20 مسلحا حوثيا مصرعهم، وذلك عندما قاموا بمهاجمة «اللواء 35» المؤيد للشرعية والذي يسعى، منذ أيام، إلى السيطرة على المحافظة بصورة كاملة وإنهاء وجود الحوثيين الذين ينفذون بعض الهجمات على مواقع ونقاط عسكرية تتبع اللواء، في الوقت الذي استمرت فيه ميليشيا الحوثيين وقوات صالح في قصف أحياء مدينة عدن السكنية بالدبابات ومدافع الهاون، في ظل وضع إنساني متأزم تعانيه المدينة.
وفي محافظة عدن، شن طيران التحالف، صباح أمس، هجوما على مواقع وجود القوات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح وزعيم ميليشيات الحوثي، عبد الملك الحوثي. وقال مصدر في المقاومة الشعبية، لـ«الشرق الأوسط»، إن طيران التحالف استهدف أمس القوات المتمركزة في ملعب «22 مايو» شرق مدينة الشيخ عثمان، وكذا القوات المدرعة المنتشرة في جزيرة العمال ومطار بدر العسكري الملاصق لمطار عدن الدولي. وأضاف المصدر أن الطيران الحربي لـ«عاصفة الحزم» كان استهدف، مساء أول من أمس، قوات موالية لصالح والحوثي بينما كانت في طريقها إلى منطقة صلاح الدين غرب عدن، إذ تم وقف زحفها في منطقة عمران الساحلية المتاخمة لصلاح الدين الواقعة ضمن الشريط الساحلي ذاته.
من جهة ثانية، أكد قائد عسكري في المقاومة الشعبية في عدن أنه وبعد صدور قرار مجلس الأمن الدولي، مساء أول من أمس، قامت مجاميع من ميليشيات الحوثي وصالح بترديد صرختها المعروفة، والتي تهتف «الموت لأميركا وإسرائيل»، في المواضع التي تسيطر عليها وتحديدا في مدخل مدينة المعلا، إذ شوهدت هذه الجماعات وهي متمترسة في مدخل الشارع الرئيسي والدكة وحافون، لافتا في الوقت ذاته إلى أن المقاومة الشعبية تسيطر على معظم مدن محافظة عدن باستثناء الشريط الساحلي الممتد من منطقة العريش شرق مطار عدن إلى تخوم مدينة كريتر جنوبا، وكذا بعض الجيوب المتمثلة في الملعب الرياضي في ضواحي الشيخ عثمان وجزيرة العمال في خور مكسر ونادي التلال في كريتر، وتكاد تكون بقية المناطق تحت سيطرة المقاومة الشعبية.
وعلى الصعيد الإنساني في محافظة عدن، قال عدد من السكان، لـ«الشرق الأوسط»، إن معاناتهم بدأت في التفاقم نتيجة الانطفاءات الكهربائية الآخذة بالتصاعد يوما عن يوم، فضلا عن الأزمة التموينية الناتجة عن شح المواد الغذائية والدوائية المعروضة في السوق. وأفاد هؤلاء بأن حرارة الصيف وارتفاع الرطوبة في عدن لا يمكن تحملهما دون تشغيل تيار الكهرباء وعلى مدى ساعات الليل والنهار. ووصفوا انقطاع التيار عن مساكنهم وفي أيام الصيف المعروفة بشدة حرارتها الواصلة للأربعين درجة بأنه أشبه بالعيش في لظى الجحيم. وناشد السكان دول الخليج والعالم سرعة إغاثتهم في النواحي الإنسانية وعلى وجه الدقة معالجة وضعية هذه الانقطاعات المتكررة والتي تسببت لهم بكثير من المشكلات خاصة للأطفال والشيوخ والمرضى الذين لم يحتملوا مثل هذه الانقطاعات، ناهيك عن إغاثتهم بالمواد الغذائية الأساسية التي اختفت من السوق وإن وجدت فارتفاع سعرها جعلها بعيدة المنال لغالبية سكان المدينة الذين يعتمدون على مرتباتهم المتواضعة وعلى إعانات الرعاية الزهيدة التي لم تصرف لهم نظرا لتوقف معظم المؤسسات والوزارات والخدمات وحتى مصارف النقد الخاصة والعامة.
أما على صعيد جبهة محافظة الضالع، شمال عدن، فما زالت المواجهات مستمرة بين المقاومة الشعبية المدافعة عن المدينة وقوات صالح والحوثي التي لم تتوقف يوما عن إطلاق نيرانها في أرجاء المدينة خاصة حي العرشي الواقع غرب المدينة والذي لم يتوقف فيه الضرب طوال الأسابيع الثلاثة الماضية. وقال قائد عسكري في المقاومة الشعبية بمدينة الضالع، لـ«الشرق الأوسط»، إنه وبعد تسلم هذه المقاومة للأسلحة المتوسطة والخفيفة التي تم إنزالها من خلال طيران التحالف بدأت كفة المقاومة تزيد يوما عن يوم. وأشار المتحدث إلى أن الأيام المقبلة ستشهد تحسنا ملحوظا في أداء المقاومة الشعبية المدافعة عن المدينة إذ بدأت المقاومة في مهاجمة مواضع القوات المتمردة على شرعية الرئيس هادي والدولة. وأشار إلى أن قوات صالح والحوثي تعتمد كليا على السلاح الثقيل المتوافر بكثافة لديها فضلا عن اعتماد أسلوب التسلل إلى المنشآت والمساكن بما في ذلك دور العبادة والمستشفيات والمدارس التي يتسلل إليها القناصة، وإلى أن تفوق القوات الموالية لصالح والحوثي كان في ناحية الأسلحة الثقيلة مقارنة بأسلحة المقاومة الشعبية المقتصرة على الأسلحة المتواضعة والشخصية، ومع هذا التفوق وقفت المقاومة سدا منيعا أمام الدبابة والمدفع والمصفحة.
في السياق ذاته، شهد يوم أمس تبادلا لإطلاق النار بين المقاومة والقوات المهاجمة التي ما زالت تسيطر على مرتفعات جبال المظلوم والخزان المطلة على مدينة الضالع من جهتي الشرق والشمال، علاوة على موضع القشاع ومعسكري عبود والأمن المركزي، بالإضافة إلى مدخل مدينة الضالع من جهة الشمال، وهذه هي المواقع التي توجد بها مدفعية ودبابات صالح والحوثي وتطلق منها معظم القذائف.
من ناحية أخرى، يتزايد قلق المنظمات الحقوقية إزاء الأوضاع الجارية في اليمن، وبالأخص استهداف المدنيين. ودعا مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، زيد رعد الحسين، جميع أطراف النزاع في اليمن للعمل على ضمان أن يكون هناك تحقيق فوري في الهجمات التي أدت إلى سقوط ضحايا من المدنيين، ودعاهم إلى الاحترام الكامل والدقيق للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي أثناء العمليات العدائية في البلاد. وقال الحسين، في بيان صادر عنه حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن 264 مدنيا قتلوا، بينهم 84 طفلا على الأقل و25 امرأة، وجرح 681 مدنيا آخرون، في المواجهات منذ أواخر مارس (آذار) الماضي. وأضاف أنه «خلال الأسبوع الماضي اشتدت حدة الاشتباكات في شوارع المناطق المكتظة بالسكان في عدن، بين الجماعات المسلحة الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي من جهة، والمجموعات المسلحة الموالية للحوثيين والرئيس السابق علي عبد الله صالح من جهة أخرى، وكانت هناك أيضا تقارير تفيد بحدوث حالات تجنيد للأطفال كمقاتلين في عدن والضالع ومأرب».
وقال المفوض السامي لحقوق الإنسان إن «مثل هذه الأعداد الكبيرة من القتلى المدنيين يجب أن تكون دلالة واضحة لجميع الأطراف في هذا النزاع على أنه قد تكون هناك مشاكل خطيرة في إدارة العمليات العدائية»، وإن «أطراف النزاع ملزمة بضمان احترام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان بدقة، وأن تتم حماية السكان المدنيين. ويجب التحقيق بشكل عاجل في أي انتهاك للقانون الدولي بهدف ضمان حقوق الضحايا في العدالة والإنصاف وضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات». وأشار إلى أنه «يتوجب على أطراف النزاع اتخاذ جميع التدابير الممكنة لتجنب وضع الأهداف العسكرية في المناطق السكنية المأهولة بالسكان، ويجب بذل العناية القصوى لضمان حماية المدنيين والأهداف المدنية من الأخطار الناجمة عن العمليات العسكرية».
وتطرق بيان مفوض حقوق الإنسان إلى استهداف المستشفيات وسيارات الإسعاف، واعتبر أن «الاستهداف المباشر للمستشفيات وسيارات الإسعاف التي تُستخدم بصورة مباشرة للأغراض الطبية قد يرقى إلى اعتباره جريمة من جرائم الحرب». وحذر من أن «الاستهداف المباشر للمدنيين الذين لا يشاركون بشكل مباشر في الأعمال العدائية قد يرقى إلى اعتباره جريمة من جرائم الحرب». كما تطرق إلى «التقارير التي تفيد بمقتل مدنيين على أيدي قناصة متمركزين على أسطح المنازل في الضالع».
طائرات «عاصفة الحزم» تدك معاقل الحوثيين في صعدة.. والضالع على وشك «التطهير»
مفوض حقوق الإنسان ينتقد قنص المدنيين من قبل قوات صالح والحوثيين
طائرات «عاصفة الحزم» تدك معاقل الحوثيين في صعدة.. والضالع على وشك «التطهير»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة