محكمة الإرهاب السورية تؤجل الحكم على الناشط الحقوقي والإعلامي مازن درويش

التأجيل جاء قبل أيام من تسلمه جائزة الـ«يونيسكو» لحرية الصحافة

أجلت محكمة الإرهاب السورية محاكمة مازن درويش (وسط) وزميليه هاني الزيتاني وحسين غرير الذين اعتقلتهم السلطات في فبراير 2012 خلال عملية مداهمة لمقر المركز في دمشق («الشرق الأوسط»)
أجلت محكمة الإرهاب السورية محاكمة مازن درويش (وسط) وزميليه هاني الزيتاني وحسين غرير الذين اعتقلتهم السلطات في فبراير 2012 خلال عملية مداهمة لمقر المركز في دمشق («الشرق الأوسط»)
TT

محكمة الإرهاب السورية تؤجل الحكم على الناشط الحقوقي والإعلامي مازن درويش

أجلت محكمة الإرهاب السورية محاكمة مازن درويش (وسط) وزميليه هاني الزيتاني وحسين غرير الذين اعتقلتهم السلطات في فبراير 2012 خلال عملية مداهمة لمقر المركز في دمشق («الشرق الأوسط»)
أجلت محكمة الإرهاب السورية محاكمة مازن درويش (وسط) وزميليه هاني الزيتاني وحسين غرير الذين اعتقلتهم السلطات في فبراير 2012 خلال عملية مداهمة لمقر المركز في دمشق («الشرق الأوسط»)

أرجأ القضاء السوري، أمس (الأربعاء)، موعد جلسة كانت مقررة للنطق بالحكم على 3 من الناشطين في المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، بينهم رئيس المركز مازن درويش، وذلك قبل أيام من تسلم الأخير جائزة الـ«يونيسكو» لحرية الصحافة.
وقال المحامي والحقوقي ميشيل شماس لوكالة الصحافة الفرنسية: «قررت محكمة الجنايات في قضايا الإرهاب، تأجيل جلسة النطق بالحكم إلى يوم الثلاثاء الواقع في 28 أبريل (نيسان) المقبل».
وأشار إلى أن «مازن حضر اليوم الجلسة» التي كان من المقرر أن يتم خلالها البت بقضيته.
ويأتي موعد الجلسة المقبلة قبل أيام من تسلم درويش جائزة «غيرمو كانو» لحرية الصحافة التي منحته إياها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو)، وأعلنت أنها ستسلمها إليه أو من ينوب عنه خلال الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة الذي تستضيفه دولة لاتفيا في 3 مايو (أيار) المقبل.
وقالت المنظمة إن لجنة التحكيم اقترحت مكافأة درويش «تقديرا لعمله في سوريا لأكثر من 10 سنوات، قام أثناءها بتضحيات شخصية جسيمة، كالمنع من السفر والمضايقات والاحتجاز المتكرر والتعذيب».
ويواجه درويش وزميلاه هاني الزيتاني وحسين غرير الذين اعتقلتهم السلطات في فبراير (شباط) 2012 خلال عملية مداهمة لمقر المركز في دمشق، عقوبة «الأشغال الشاقة لمدة 15 عاما» بتهمة «الترويج للأعمال الإرهابية»، ويحاكمون بموجب قانون مكافحة الإرهاب المثير للجدل.
وطالبت عشرات المنظمات الحقوقية، بينها منظمة العفو الدولية، و«هيومن رايتس ووتش»، و«مراسلون بلا حدود»، بإطلاق سراح الناشطين الثلاثة، معتبرة أن «هذه الاتهامات تأتي على خلفية أنشطتهم السلمية التي تتضمن رصد ونشر معلومات بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا».
ووجه فريق عمل الأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي، رسالة إلى السلطات السورية في يناير (كانون الثاني) 2014، ندد فيها باحتجاز درويش وزملائه في المركز الإعلامي تعسفا ودعا لإطلاق سراحهم فورا.
وبعد شهر، اعتمد مجلس الأمن الدولي القرار 2139 مطالبا بإطلاق سراح جميع المعتقلين تعسفا في سوريا.
ولا يزال هؤلاء الناشطون بالإضافة إلى عشرات آلاف الأشخاص بينهم معارضون بارزون وناشطون تم توقيفهم بسبب أنشطتهم المناهضة للنظام، محتجزين في السجون السورية أو مجهولي المصير، على الرغم من صدور عفو رئاسي في 9 يونيو (حزيران) 2014 يشمل الاتهامات الموجهة إلى درويش والآخرين.
ويعتبر المرسوم الذي أصدره الأسد الأكثر شمولا منذ بدء الأزمة في البلاد، وتضمن للمرة الأولى عفوا عن المتهمين بارتكاب جرائم ينص عليها قانون الإرهاب الصادر في يوليو (تموز) 2012 المتعلق بمقاتلي المعارضة والمناهضين للنظام.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».