الحكومة العراقية تشرع بنقل صلاحيات 8 وزارات إلى المحافظات

في إطار سعيها لتعزيز مبدأ اللامركزية

جانب من الاجتماع الحكومي الأول لبحث نقل صلاحيات وزارات خدمية إلى المحافظات («الشرق الأوسط»)
جانب من الاجتماع الحكومي الأول لبحث نقل صلاحيات وزارات خدمية إلى المحافظات («الشرق الأوسط»)
TT

الحكومة العراقية تشرع بنقل صلاحيات 8 وزارات إلى المحافظات

جانب من الاجتماع الحكومي الأول لبحث نقل صلاحيات وزارات خدمية إلى المحافظات («الشرق الأوسط»)
جانب من الاجتماع الحكومي الأول لبحث نقل صلاحيات وزارات خدمية إلى المحافظات («الشرق الأوسط»)

شرعت الحكومة العراقية بإعطاء صلاحيات واسعة للمحافظات غير المنتظمة في إقليم بعد إقرار قانون المحافظات رقم 21 لسنة 2008 وقررت إقامة سلسلة من الاجتماعات لنقل تلك الصلاحيات التي ستشمل 8 من الوزارات الخدمية المهمة، إلى المحافظات.
وعقد أول هذه الاجتماعات في بغداد أول من أمس بحضور وزير الدولة لشؤون المحافظات أحمد الجبوري، وطورهان المفتي مستشار رئيس الجمهورية لشؤون المحافظات، وعدد من وكلاء الوزارات بينها التربية والزراعة وغيرهما.
طورهان المفتي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «تطبيق قانون المحافظات سيعطي صلاحيات غير محدودة للحكومات المحلية، كما أن قانون (21) المعدل يحتاج إلى مراجعة بسبب وجود التزامات مالية بين الحكومة المركزية والمحلية»، مشيرا إلى أنه «في حال تطبيق هذا القانون على أرض الواقع، سيعطي صلاحيات للحكومات المحلية أكثر من الصلاحيات الموجودة في الولايات المتحدة الأميركية والبريطانية والسويسرية».
بدوره، قال وزير الدولة لشؤون المحافظات أحمد الجبوري لـ«الشرق الأوسط» إن «الاجتماع تضمن بحث قضية توسيع الصلاحيات ونقلها من الوزارات إلى المحافظات، وتقرر تشكيل لجان مختصة من قبل وزارة الدولة لشؤون المحافظات خلال الأسبوعين المقبلين بالإضافة إلى لجان تنسيقية أخرى بين المحافظات والوزارات المعنية لبحث آليات نقل الصلاحيات والإسراع بها». وأضاف الجبوري أن «تطبيق قانون المحافظات غير المنتظمة في إقليم رقم (21) لسنة 2008 وتعديلاته، الذي ينص على نقل صلاحيات 8 وزارات خدمية مهمة، يمهد لتطبيق مبدأ التوزيع العادل للثروات ويجنبنا عدم العدالة في توزيعها، خصوصا في الموازنات الاستثمارية للوزارات»، مشيرا إلى أن «توسيع صلاحيات المحافظات من شأنه أن يسهم في استقرار وتعاون الحكومات المركزية والمحلية بتحمل أعباء إدارة البلد في هذه المرحلة الانتقالية الصعبة».
وبين الجبوري أن «تطبيق القانون من شأنه أن يمنح الحكومات المحلية استقلالية في رسم سياساتها دون تدخل الحكومة الاتحادية، ويساعدها في تطبيق مبدأ اللامركزية عبر نقل الدوائر الفرعية والأجهزة والوظائف والخدمات والاختصاصات التي تمارسها الوزارات الاتحادية، لا سيما الوزارات الثماني الأساسية؛ (البلديات والأشغال العامة، والإعمار والإسكان، والعمل والشؤون الاجتماعية، والتربية، والصحة، والزراعة، والمالية، والرياضة والشباب)».
الباحث الاقتصادي العراقي محمد علي رحيم قال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك ضرورة ملحة للانتقال من عقلية المركزية إلى اللامركزية لضمان انسيابية نقل الصلاحيات إلى المحافظات وفق الدستور والتشريعات العراقية، مع الاهتمام ودراسة هيكلية خزينة الدولة وما يخص التمويل بالطريقة التي تساعد إجراءات نقل الصلاحيات بما يضمن ويحافظ على المال العام، وكيفية جباية الإيرادات ومستويات الإنفاق، واللجان المشكلة. كما لا يمكن أن يغض النظر عن البحث في التبويب المالي المعد من قبل وزارة المالية، وما يخص إحصائيات الموظفين في كل محافظة، لكي يتسنى نقل الصلاحيات بسهولة من الوزارات إلى المحافظات».
وتباينت آراء الشارع العراقي بين مؤيد ومعارض لقانون نقل الصلاحيات. وقال المواطن هيثم عبد الرزاق: «منذ فترة ليست بالقصيرة كانت هناك مطالبات من قبل المحافظات في جنوب العراق ووسطه للحكومة بالسعي إلى توفير الخدمات، وتحذيرات من عواقب الإهمال في مجال الخدمات، وتأثيره في الوضع السياسي والأمني؛ إذ لا يخفى على القاصي والداني المشكلات الخدمية التي تعاني منها هذه المحافظات ومبررات تأخير ملفات الإعمار والخدمات بعد العمليات العسكرية الأخيرة التي أسهمت في استقرار الوضع الأمني». وتابع: «أجد في تحويل الصلاحيات من الوزارات إلى المحافظات عاملا مهما للازدهار الاقتصادي».
لكن المواطنة رغد عبد السادة ترى أن هذا القرار سيتعرض إلى كم هائل من الفساد الإداري والمالي فيما لو أقر وأعطيت هذه الصلاحيات. وتابعت: «لا أعلم كيف تطالب هذه المحافظات بصلاحيات أكبر بينما أغلب الأموال التي يتم إعطاؤها لها من موازنة الدولة تتم إعادتها للصندوق من غير أن تقوم هذه المحافظات بأي مشاريع خدمية؟!». وأضافت «أعتقد أن هذا القانون سيفسح المجال أمام عمليات فساد مالي وسرقة كبيرة من خلال المسترزقين في الحكومات المحلية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».