اقترب موعد إجراء انتخابات مهمة في تركيا مما أدى مع الأسف إلى وضع مواقع التواصل الاجتماعي مجددا تحت ضغوط الحكومة وإن لم يكن هذا أمرا مفاجئا. وحجبت السلطات أخيرا أكثر من مائة موقع إلكتروني، من بينها «تويتر» و«فيسبوك» و«غوغل» و«يوتيوب»، إلى أن توافق تلك المواقع على حذف صور ممثل ادعاء عام تركي تم احتجازه كرهينة من قبل مسلحين. وكانت الحكومة تدعي أن لها الفضل في مقتل الإرهابيين، في حين أنها كانت تخفي حقيقة مقتل ممثل الادعاء العام أيضًا، لذا كان من الضروري بالنسبة لها أن يتم حذف الصور.
وحسب تقرير لوكالة «رويترز» فإنه مع تركز القوى في أيدي الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أصبحت تركيا من البلدان التي تواجه بها مواقع التواصل الاجتماعي صعوبة في العمل. وتوضح تقارير موقع «تويتر» أن 60 في المائة من طلبات حذف المحتوى التي تلقاها خلال النصف الثاني من عام 2014 كانت من تركيا، وأن القيود على المحتوى على موقع الـ«فيسبوك» قد تضاعفت في تركيا خلال الفترة نفسها. كذلك تم تحجيم وسائل الإعلام المحلية في تركيا من خلال توجيه اتهامات إلى صحافيين، وفرض بيع منابر إعلامية إلى مستثمرين موالين للحكومة.
ويعد قمع وسائل الإعلام جزءا من توجه يزداد إزعاجا يوما تلو الآخر. وبات إردوغان، الذي تولى السلطة عام 2002 وقدم نفسه كشخصية إصلاحية وتلقى المديح بوصفه نموذجا للمسلمين الديمقراطيين، يوصف بالسلطان بل وبالخليفة على ألسنة مؤيديه. ونظرا لتقيده بمدة محددة في منصب رئيس الوزراء، فإنه خاض انتخابات الرئاسة خلال الصيف الماضي، وهو يسعى حاليا إلى تحويل ما كان منصبا ذا سلطات محدودة إلى معقل استبداد سلطوي. ويقوم إردوغان بالفعل برئاسة اجتماعات رئاسة الوزراء بالمخالفة للدستور، وحاول ترهيب محافظ المصرف المركزي. كذلك حاول التدخل في المفاوضات الدائرة بين إدارة رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، ومجموعة كردية متمردة، مما أثار شكاوى من أعضاء رفيعي المستوى في حزب العدالة والتنمية الحاكم. ومن المتوقع أن تصل الحملة، التي تتضمن صراعا على السلطة، إلى ذروتها مع الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في 7 يونيو (حزيران).
ويأمل إردوغان أن يتمكن حزب العدالة والتنمية من الفوز بأغلبية ثلثي مقاعد البرلمان حتى يستطيع إعادة صياغة الدستور بحيث يتوافق مع هواه. ولا تزال أحزاب المعارضة ضعيفة، لذا قد يتحدد مصير التنافس في الانتخابات بنجاح حزب كردي متعاطف مع المتمردين في الفوز بعدد كافٍ من الأصوات يمكنه من الحصول على كتلة برلمانية. وعلى الأتراك، الذين يأملون في إنقاذ الديمقراطية، أن يأملوا أن يطالب قادة أكراد، أو أعضاء ليبراليون في حزب العدالة والتنمية، بضمان أن يشمل أي إصلاح دستوري رقابة على منصب الرئيس.
ويمثل تحول إردوغان إلى شخصية الرجل القوي على شاكلة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كارثة بالنسبة إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو)، الذي قدم نفسه بقوة خلال السنوات الأخيرة باعتباره مجموعة من الدول الديمقراطية. مع ذلك لم تتخذ الولايات المتحدة، التي تتولى قيادة حلف شمال الأطلسي، أي خطوة ملموسة باتجاه التصدي لطموحات إردوغان. وبعد تجاهل أوباما للرئيس التركي لمدة 6 أشهر، اتصل به في نهاية الشهر الماضي، وحث على تحسين العلاقات بين البلدين. ويمكن للولايات المتحدة أن تستفيد من مساعدة تركيا في هزيمة تنظيم داعش في العراق وسوريا، وكان هذا من الموضوعات التي تحدث عنها أوباما خلال المكالمة الهاتفية، وإذا أصبحت تركيا دولة لا توجد بها ديمقراطية ولا حرية إعلام فهذا سيعرض تحالفا ظل قائما لفترة طويلة لخطر الانهيار.
السلطة تحكم قبضتها على مواقع التواصل الاجتماعي في تركيا
حجبت مؤخرًا أكثر من مائة موقع إلكتروني
السلطة تحكم قبضتها على مواقع التواصل الاجتماعي في تركيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة