البحث عن ضحايا «مجزرة سبايكر» في 13 مقبرة جماعية بتكريت

جنود عراقيون يكشفون عن رفات رفاقهم خلال بحثهم عن المتفجرات

البحث عن ضحايا «مجزرة سبايكر» في 13 مقبرة جماعية بتكريت
TT

البحث عن ضحايا «مجزرة سبايكر» في 13 مقبرة جماعية بتكريت

البحث عن ضحايا «مجزرة سبايكر» في 13 مقبرة جماعية بتكريت

يستخدم جنديان عراقيان جهازين للكشف عن المتفجرات وهما يتقدمان ببطء وسط حقل تكسوه الأعشاب وأكوام من الأتربة، لضمان عدم سقوط ضحايا جدد خلال البحث عن رفات رفاق لهم أعدمهم تنظيم داعش. وعلى مقربة منهما، يستخدم جندي رفشا لحفر واحدة من عشرات الكتل الترابية داخل مجمع القصور الرئاسية الذي بني في عهد الرئيس الأسبق صدام حسين في تكريت. وبعدما يتبين عدم وجود أي بقايا بشرية أو عبوات ناسفة، تقوم حفارة صفراء بجرف الحفرة كليا.
خلال هجومهم وسيطرتهم على مناطق شمال العراق وغربه في يونيو (حزيران) الماضي، أعدم عناصر التنظيم المتطرف المئات من المجندين الشيعة في ما يعرف باسم «مجزرة سبايكر»، نسبة إلى القاعدة العسكرية التي أسروا فيها شمال تكريت. واكتشفت القوات العراقية والمسلحون الموالون لها بعد استعادة السيطرة على المدينة الأسبوع الماضي، رفات العشرات من الضحايا الذين يعتقد أنهم قتلوا في هذه المجزرة في مقابر جماعية بمجمع القصور الرئاسية. ويسود اعتقاد واسع بوجود كثير من المقابر الأخرى.
وزرع تنظيم داعش قبل انسحابه مئات العبوات الناسفة في تكريت (160 كلم شمال بغداد) شكلت أحد المعوقات الأساسية للعملية العسكرية التي بدأت مطلع مارس (آذار) الماضي وكانت الأكبر ضد التنظيم منذ يونيو الماضي.
ويتعين على السلطات تفكيك العبوات والتأكد من عدم وجودها قبل استكمال البحث عن رفات الضحايا الذين تقدر أعدادهم بما بين 800 و1700.
ويقول هيوا علي محمد، وهو أحد المكلفين عمليات البحث، إن الجنود يعملون «للبحث عن المصائد والمتفجرات والعبوات، باستخدام أجهزة للكشف عن المتفجرات، إضافة إلى التفتيش اليدوي والمعاينة، وباستخدام النظر». ويشير إلى أنه «حتى الآن لم يعثر على أي عبوات أو متفجرات في الأماكن التي عثر فيها على المقابر الجماعية»، حسبما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
ويقوم جنديان يضعان أقنعة واقية من الغاز بفحص إمكان وجود مواد كيماوية، كغاز الكلور الذي سبق للتنظيم استخدامه في صنع المتفجرات.
وفقد مجمع القصور كثيرا من رونقه منذ سقوط نظام صدام حسين إبان الاجتياح الأميركي في عام 2003، لا سيما بعدما سيطر عليه تنظيم داعش في هجومه الكاسح في يونيو 2014.
وتعرض عدد من القصور لدمار كبير جراء الغارات الجوية أو القصف المدفعي، في حين تبدو آثار الطلقات النارية جلية في قصور أخرى.
ويقول حيدر مجيد، وهو من مكتب رئيس الوزراء حيدر العبادي ومكلف بمتابعة ملف «سبايكر»، إنه تم انتشال رفات 60 شخصا من 13 مقبرة، 10 في المجمع و3 خارجه.
وقرب النهر الذي يعبر بموازاة الجهة الشرقية لمجمع القصور، يمكن رؤية كتل من التراب المحفور وقفازات من المطاط بجانبها، قرب موقع إحدى المقابر التي تم انتشال رفات منها. ووضعت في المكان شموع صغيرة بيضاء وورود بلاستيكية، كما نصبت على الأرض رايات لفصائل شيعية مسلحة قاتلت إلى جانب القوات الحكومية لاستعادة السيطرة على تكريت.
وفي حين تجعل الشموع والورود المكان أشبه بموقع تذكاري، إلا أن كثيرا من النفايات لا تزال مرمية في أرجائه، لا سيما عبوات المياه الفارغة.
وفي الجهة المقابلة، يحدد شريط أصفر ورايات عراقية منصوبة على ساريات صغيرة، مكان مقبرة أخرى. وفي حين لم تبدأ بعد عملية نبش هذه المقبرة رسميا، إلا أن بعض الحفر الصغيرة في المكان تظهر آثار ملابس وعظام يكسوها الغبار، مما يرجح وجود رفات بشري في المكان.
ويقول مجيد: «هذه المقبرة واحدة من الأسوأ التي عثر عليها في منطقة القصور الرئاسية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.