«داعش» يقلب المعادلة ويحتل أطراف الرمادي

بعد يومين من بدء عمليات تحرير محافظة الأنبار من التنظيم الإرهابي

سكان أطراف مدينة الرمادي يهربون من قوات «داعش» التي سيطرت على شمال المدينة وأعدمت 21 من المدنيين أمس («الشرق الأوسط»)
سكان أطراف مدينة الرمادي يهربون من قوات «داعش» التي سيطرت على شمال المدينة وأعدمت 21 من المدنيين أمس («الشرق الأوسط»)
TT

«داعش» يقلب المعادلة ويحتل أطراف الرمادي

سكان أطراف مدينة الرمادي يهربون من قوات «داعش» التي سيطرت على شمال المدينة وأعدمت 21 من المدنيين أمس («الشرق الأوسط»)
سكان أطراف مدينة الرمادي يهربون من قوات «داعش» التي سيطرت على شمال المدينة وأعدمت 21 من المدنيين أمس («الشرق الأوسط»)

أقدم تنظيم داعش على إعدام 21 من أهالي قرية البوفراج بعد السيطرة على منطقة البوفراج شمال الرمادي في وقت مبكر من صباح أمس بعد معارك مع القوات العراقية.
وذكر سكان محليون لـ«الشرق الأوسط»، أن «تنظيم داعش قام بإحكام سيطرته على منطقة البوفراج شمال الرمادي بالكامل منذ فجر أمس إثر مواجهات مسلحة مع القوات العراقية، وأن التنظيم قام بعد سيطرته على البوفراج بإعدام 21 شخصا من أبناء المنطقة غالبيتهم من منتسبي الجيش والشرطة».
وأضافوا: «إن القوات العسكرية بمساندة العشائر تحتشد على أطراف المنطقة بغية مهاجمتها وطرد (داعش) منها بشكل سريع خشية أن يرتكب التنظيم مجازر أخرى ضد السكان المدنيين».
وأفاد سكان من أهالي البوفراج بأن «عناصر تنظيم داعش بدأوا في سلسلة من الإعدامات في صفوف المدنيين من أبناء منطقة البوفراج بدأت بعائلتين تتكونان من 7 أطفال و6 نساء ورجلين مسنين، وذلك بسبب مساندة أبنائهما القوات الأمنية في القتال ضد (داعش)». وساد الذعر بين المدنيين بعد مشاهدتهم الجريمة، وفر المئات منهم باتجاه مركز المدينة.
ومع الشروع في انطلاق الحملة العسكرية للقوات العراقية والمسماة (حملة تحرير الأنبار الكبرى) باغت مسلحو تنظيم داعش، أمس، القوات العراقية بعد يوم من توقف العمليات العسكرية، أول من أمس، بعد يوم من انطلاقها بيوم واحد الماضي بسبب الأحوال الجوية، وشن مسلحو «داعش» هجوما واسعا على منطقة البوفراج، البوابة الشمالية لمدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار والمحاذية للطريق الدولي السريع الذي يربط العراق بسوريا والأردن والمملكة العربية السعودية.
وعند دخول مسلحي تنظيم داعش لمنطقة البوفراج الحيوية اشتبكت القوات العراقية مع المسلحين ثم قررت القوات الأمنية الانسحاب من المنطقة وتمركزت جيوب مسلحي التنظيم في منطقة البوفراج.
وقال مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط»، إن «حالة من التوتر والقلق انتابت القيادة العسكرية في الأنبار بعد خسارة منطقة البوفراج والأنباء التي تؤكد تعرض موكب قائد عمليات الأنبار اللواء الركن قاسم المحمدي وقائد الشرطة في المحافظة اللواء الركن كاظم الفهداوي إلى هجوم بسيارات مفخخة يقودها انتحاريون من (داعش) في الوقت الذي تنتظر فيه القيادة في الأنبار تحرير المدن بالكامل». وأضاف المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه، أن السلطات الأمنية فرضت حظر للتجوال على مدينة الرمادي بالكامل بعد ورود معلومات عن تسلل بعض الانتحاريين إلى داخل مدينة الرمادي بعد أن فرض تنظيم داعش سيطرته على منطقة البوفراج القريبة جدًا من وسط المدينة.
وقال عضو مجلس محافظة الأنبار عذال الفهداوي لـ«الشرق الأوسط»، إن «المعركة في منطقة البوفراج ما زالت قائمة بقيادة قائد عمليات الأنبار وقائد الشرطة في المحافظة». وأضاف أن «قائد عمليات الأنبار اللواء الركن قاسم المحمدي وقائد شرطة المحافظة اللواء الركن كاظم الفهداوي، لم يتعرضا لأي إصابة جراء تفجير السيارة المفخخة الذي استهدف موكبهما في منطقة البوفراج شمال الرمادي، وأنهما يقودان المعركة ضد عناصر (داعش) في المنطقة ذاتها»، مؤكدا «وصول التعزيزات العسكرية بالفعل إلى منطقة البوفراج وتمثلت هذه التعزيزات بفوجين قتاليين من مغاوير قوات الشرطة الاتحادية وسيساند الفوجين القطعات الموجودة في المنطقة لاستعادة السيطرة على منطقة البوفراج الحيوية».
من جهته، أكد فالح العيساوي، نائب رئيس مجلس محافظة الأنبار، لـ«الشرق الأوسط»، أن «مسلحي تنظيم داعش سيطروا على عدد من المناطق شمال مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار بعد الهجوم عليها بسيارات مفخخة وانتحاريين أعقبها دخول العشرات من مسلحي تنظيم داعش إلى مناطق البوعيثة والبوذياب ومنطقة البوفراج القريبة من قيادة عمليات الأنبار».
وأضاف العيساوي: «إن الأنباء عن مقتل أو جرح اللواء كاظم الفهداوي قائد شرطة الأنبار هي عارية عن الصحة والفهداوي موجود الآن في مقر قيادة شرطة الأنبار»، مشيرا إلى «وصول تعزيزات عسكرية إلى منطقة البوفراج شمال المدينة لاستعادة السيطرة على المنطقة وتحريرها من سطوة مسلحي تنظيم داعش».
وتعرض منزل علي الدرب الفراجي، نائب محافظ الأنبار، لهجوم انتحاري من قبل مسلحي «داعش» بعد سيطرتهم على منطقة البوفراج التي يسكنها الدرب أسفر عن مقتل شقيقه وعدد من أفراد حمايته.
وأكد مصدر طبي في مستشفى الرمادي مقتل 37 شخصا في الاشتباكات المسلحة في منطقة البوفراج غالبيتهم من المدنيين. وازدادت حصيلة القتلى والجرحى، خصوصًا بعد تفجير سيارتين مفخختين في ذات المنطقة، شمال الرمادي، والتي بلغت أربعة قتلى و37 جريحًا غالبيتهم من منتسبين في القوات الأمنية.



«هدنة غزة»: الوسطاء إلى محادثات «أعمق» بحثاً عن «توافق»

فلسطينيون يسيرون بالقرب من أنقاض المنازل في غزة (رويترز)
فلسطينيون يسيرون بالقرب من أنقاض المنازل في غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: الوسطاء إلى محادثات «أعمق» بحثاً عن «توافق»

فلسطينيون يسيرون بالقرب من أنقاض المنازل في غزة (رويترز)
فلسطينيون يسيرون بالقرب من أنقاض المنازل في غزة (رويترز)

عيد ثانٍ «بلا فرحة» في قطاع غزة الغارق في مأساة إنسانية، يتزامن مع «وضعية صعبة» في المفاوضات الرامية لوضع مقترح الرئيس الأميركي جو بايدن، لوقف الحرب، موضع التنفيذ.

وفي هذا السياق، يتجه وسطاء المفاوضات، صوب «حراك أكبر» و«محادثات أعمق» بحثاً عن توافق بين شروط «حماس» وعراقيل إسرائيل، لوقف الحرب المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وفق خبراء معنيين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط».

هؤلاء الخبراء يرون أيضاً أن هناك تبايناً أميركياً بشأن تجاوز الخلافات بين «حماس» وإسرائيل، ما يضع فرص الهدنة المرجوة على المحك، وتدور الحلول في «حلقة مفرغة» ما لم تدعم واشنطن مساعي الوسطاء لرأب الخلافات.

ووفق التقديرات، ستكون المحادثات «أعمق» لأنها «تتناول جذور الحرب، بالأخص مطلبين أساسيين من (حماس) هما الانسحاب الكامل من غزة ووقف إطلاق النار الدائم بها، في مقابل تمسك إسرائيل بالبقاء عسكرياً بالقطاع واستبعاد (حماس) إدارياً، واستعادة الرهائن والجثث».

سد الفجوات

مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، صرح الخميس بأن «عدداً كبيراً من التغييرات التي طلبتها (حماس) تتماشى مع خطاب (الرئيس جو) بايدن (بشأن مقترح هدنة غزة على 3 مراحل)، وبعضها لا يتماشى مع ما ورد فيه»، مشيراً إلى أن «المساعي تركز على كيفية سد الفجوات مع (حماس)، والتوصل إلى اتفاق خلال أقرب وقت ممكن».

وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن أجرى بدوره اتصالاً هاتفياً، الجمعة، بنظيره العماني، بدر البوسعيدي، إذ قالت الخارجية العمانية إن «الاتصال تناول مساعي وقف إطلاق النار الدائم بما يسمح بإدخال المساعدات الإغاثية الكافية، ووقف نزيف الدماء، وتحقيق الإفراج عن المحتجزين والمساجين من الجانبين». واتفق الوزيران على «الضرورة الحتمية لإيقاف الصراع بصورة عاجلة».

وجاءت مساعي بلينكن غداة نقل هيئة «البث الإسرائيلية» عن مصدر مطلع، قوله إن وفد إسرائيل لن يتوجه للمفاوضات حتى تعلن حركة «حماس» استعدادها للعودة إلى مقترح بايدن، مشيرةً لوجود «ضغوط» على «حماس» في هذا الصدد.

كانت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية نقلت عن مسؤولين إسرائيليين، الخميس، أن «حماس» تشترط «ضمانات من الصين وروسيا وتركيا وليست أميركا فقط».

وقبل ذلك بيوم، أكد بلينكن «مواصلة العمل مع الوسطاء لسد الفجوات للوصول إلى اتفاق»، وذلك خلال مؤتمر صحافي بالدوحة مع رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني. فيما قال المسؤول القطري: «نحن ملتزمون في قطر مع شركاء (الوساطة) مصر والولايات المتحدة بجسر الهوة، ومحاولة حل هذه الفروقات لأفضل وسيلة لإنهاء الحرب في غزة في أسرع وقت ممكن».

وسبق أن دعت وزارة الخارجية المصرية، إسرائيل، و«حماس»، إلى «اتخاذ خطوات جادة لإتمام الصفقة دون تأخير أو مشروطية»، كما طالبت «الخارجية القطرية» الطرفين بتنفيذ القرار «دون إبطاء أو مراوغة».

وفي 10 يونيو (حزيران) الحالي، تبنى مجلس الأمن الدولي مقترحاً بشأن وقف الحرب في غزة. وينتظر أن تبدأ اليوم محادثات التهاني الرسمية بين القادة والوزراء عربياً ودولياً، بمناسبة حلول عيد الأضحى، إذ يتوقع أن تخيم هدنة غزة ومقترح الرئيس الأميركي جو بايدن على الاتصالات.

محادثات «أعمق»

مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا على حسن، يرى في حديث مع «الشرق الأوسط» أن محادثات الهدنة «تتجه لملفات شائكة وأعمق يتوقف عليها مستقبل المفاوضات في ضوء مقترح بايدن، فضلاً عن حراك أكبر من الوسطاء».

ويوضح: «من بين القضايا التي سيتم تناولها بشكل أعمق الفترة المقبلة ما تطلبه (حماس) من انسحاب إسرائيلي كامل من غزة، ووقف دائم لإطلاق النار بها، مقابل تمسك إسرائيل ببقائها عسكرياً بالقطاع واستبعاد (حماس)».

ويعقب قائلاً: «هنا، المفاوضات ستتوقف على الدور الأميركي، الذي يشهد تبايناً واضحاً داخل البيت الأبيض، بين فريق يلوم (حماس) ويحملها مسؤولية تعطيل الاتفاق مثل بلينكن، وبين من يرى أن تعليق الحركة على مقترح بايدن بسيط ويمكن مناقشته، مثل مستشار الأمن القومي الأميركي».

وإذا لم تحسم واشنطن موقفها وتؤيد حراكاً أكبر يضغط على إسرائيل، فإن تلك المحادثات العميقة «لن تثمر عن جديد وسندور في حلقة مفرغة، وتتكرر محاولات الوسطاء دون جدوى في الوصول لهدنة، وقد تمتد لما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة» في نوفمبر (تشرين الثاني).

عقدة إسرائيلية

قريباً من هذا الطرح، يرى مدير «مركز دراسات الشرق الأوسط» في الأردن، جواد الحمد، في حديث مع «الشرق الأوسط»، أن هناك مشكلةً فعليةً تحتاج محادثات أعمق وحراكاً أكبر، خصوصاً إزاء «موقف اليمين المتطرف الحاكم في إسرائيل، الذي يريد إبادة الشعب الفلسطيني في غزة، وسعى إلى تهجيره ولم ينجح ويريد الاستمرار في الحرب».

ويعتقد أن «الكرة اليوم في مرمى إسرائيل والولايات المتحدة للذهاب لاتفاق جاد، ووقف الحرب»، مبدياً تفاؤلاً حذراً بإمكانية «التوصل إلى هدنة حقيقية قريباً في ظل أن متطلبات ذلك نضجت بالكامل».

وأهم مؤشر على ذلك، وفق الحمد، أن «حركة (حماس) قبلت قرار مجلس الأمن، وطرحت تفاصيل ابتعدت قليلاً عن مقترح بايدن، وأغلبها طفيفة وقابلة للتجسير، كما أكد مستشار الأمن القومي الأميركي».

ويرى أن الإدارة الأميركية «لو أردت إنهاء الحرب ستفعل وستكون أقدر على أمر إسرائيل بذلك»، مشيراً إلى أن ذلك «سيوفر ديناميكية قوية وفرصة للضغط العربي للتوصل لاتفاق».