التنظيمات المتشددة في سوريا: من نصرة السوريين إلى قتل 4563 منهم

حوادث القتل ترقى إلى جريمة ضد الإنسانية

التنظيمات المتشددة في سوريا: من نصرة السوريين إلى قتل 4563 منهم
TT

التنظيمات المتشددة في سوريا: من نصرة السوريين إلى قتل 4563 منهم

التنظيمات المتشددة في سوريا: من نصرة السوريين إلى قتل 4563 منهم

تمكنت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» من توثيق مقتل 4563 شخصا على يد التنظيمات المتشددة منذ تأسيسها في سوريا حتى تاريخ إصدار هذا التقرير، مسجلين بالاسم ومكان وتاريخ وسبب الوفاة، والبعض منهم مقتله موثق بصور أو فيديوهات قبل وبعد الوفاة. ويغطي التقرير الذي صدر يوم أمس الضحايا السوريين من المدنيين الذين يعيشون في المناطق التي تخضع لسيطرة المعارضة المسلحة وتلك التي تخضع لسيطرة القوات الحكومية، كذلك، الضحايا من المسلحين الذين يقاتلون مع المعارضة المسلحة.
ولا يتضمن التقرير حصيلة للقوات الحكومية من قوات الأمن والميليشيات المحلية أو الجيش أو الميليشيات الشيعية، وذلك لعدم تمكن الشبكة من الحصول على معلومات عن هذا النوع من الضحايا.
وقتل تنظيم داعش، بحسب تقرير الشبكة، 1231 مدنيا، بينهم 174 طفلا، و163 سيدة، يتوزعون على المحافظات السورية، وكان لمحافظة حلب النصيب الأكبر من الضحايا إذ بلغ 479 شخصا، بينهم 66 طفلا، و61 امرأة، تليها دير الزور: 233 شخصا، بينهم 25 طفلا، و21 امرأة، ثم الحسكة: 143 شخصا، بينهم 36 طفلا، و31 امرأة، فالرقة: 110 أشخاص، بينهم 10 أطفال، و6 نساء. وكان أقل الضحايا في اللاذقية (3 أشخاص) وطرطوس (شخصان).
ومن أبرز الحوادث التي سجلتها الشبكة لمقتل مدنيين من قبل تنظيم داعش، انفجار سيارة مفخخة في الثاني من مايو (أيار) 2014 يقودها مسلح يُدعى «أبو أحمد التونسي»، تابع لتنظيم داعش في قرية جدرين في الريف الجنوبي لمحافظة حماه، وهي من القرى الموالية للقوات الحكومية. ونتج عن التفجير مقتل 17 مدنيا، بينهم 10 أطفال، و3 سيدات، وأصيب نحو 51 شخصا، كما تسبب القصف بدمار كبير وهائل في الأبنية السكنية.
وقتل تنظيم داعش 2966 مسلحا، يتوزع غالبيتهم على دير الزور: 1152، وحلب: 1110، إدلب: 237، الرقة: 138، ريف دمشق: 81، حمص: 75، إضافة إلى المحافظات الأخرى.
ومن أبرز الحوادث التي سجل فيها تقرير الشبكة مقتل مسلحين من المعارضة المسلحة على يد تنظيم داعش، إعدام 17 مسلحا من كتيبة «جبهة ثوار سوريا»، كانوا أسرى لديه في معسكر حارم بريف إدلب، وقام التنظيم بعملية الإعدام قبل انسحابه من المنطقة.
ووثقت الشبكة قتل جبهة النصرة 275 مدنيا، بينهم 45 طفلا، و50 امرأة، يتوزعون على المحافظات السورية، كان لمدينة حماه النصيب الأكبر من الضحايا وثقوا كالتالي: 82 شخصا، بينهم 6 أطفال، و20 امرأة. تلتها حمص: 53 شخصا، بينهم 14 طفلا، و12 امرأة. وإدلب: 48 شخصا، بينهم 3 أطفال، و10 نساء.
من أبرز الحوادث التي سجلت فيها الشبكة مقتل مدنيين من قبل تنظيم جبهة النصرة، صباح الأربعاء التاسع من أبريل (نيسان) 2014، عندما انفجرت سيارتان مفخختان في حي كرم اللوز بشارع الخضري بحمص، بفاصل زمني قُدرَ بنصف ساعة بين التفجير الأول والثاني، والحي من الأحياء الشعبية المكتظة بالسكان ويخضع لسيطرة القوات الحكومية. وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 21 مدنيا، بينهم 3 أطفال، و8 نساء، وإصابة نحو 104 آخرين، من بينهم 30 إصابة خطيرة، حيث أسعف الجرحى إلى المشافي القريبة، إضافة إلى أضرار كبيرة لحقت بممتلكات المواطنين والمنازل والمحال التجارية والسيارات في الحي نتيجة قوة الانفجارين واشتعال الحرائق.
وقتل تنظيم جبهة النصرة 91 مسلحا في سوريا، كان لحلب العدد الأكبر: 33، وإدلب: 28، وريف دمشق: 10، إضافة لضحايا يتوزعون على المحافظات الأخرى.
ومن أبرز الحوادث التي سجل فيها مقتل مسلحين من المعارضة المسلحة على يد تنظيم جبهة النصرة، إعدام عناصر من «جبهة ثوار سوريا» التابعة للمعارضة المسلحة في قرية بليون بجبل الزاوية بريف إدلب، وذلك أثناء مهاجمتها لقرى جبل الزاوية ومحاولتها فرض سيطرتها عليها. وتم الإعدام بتاريخ 20 أكتوبر (تشرين الأول) 2014.
كما هاجمت قوات مسلحة تابعة لجبهة النصرة الفوج 46 في محيط بلدة الأتارب بريف حلب، الذي يعد مقرا عسكريا لـ«حركة حزم» التابعة لفصائل المعارضة المسلحة، وقتلت 21 مسلحا وأصابت 31 آخرين، وجاء ذلك الهجوم من قبل جبهة النصرة من أجل الاستيلاء على المقر والمنطقة المحيطة به، وتم الإعدام بتاريخ 27 فبراير (شباط) 2015.
واعتبرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان عبر الأحداث الموثقة أن هناك أسبابا قوية للاعتقاد بأن حوادث القتل التي مارستها التنظيمات المتشددة ترقى إلى جريمة ضد الإنسانية، بحسب المادة السابعة من قانون روما الأساسي، كما انتهكت هذه التنظيمات أحكام القانون الدولي الإنساني، عبر عمليات القصف العشوائي وعديم التمييز، وعبر عمليات إعدام الأسرى، وهذه تشكل جرائم حرب، إضافة إلى أن عمليات القصف تسببت في إلحاق أضرار بالأعيان المدنية.
كما أكد التقرير على أن المنظمات الإعلامية التي تقوم بإيواء صحافيين داعمين للتنظيمات المتشددة هم شركاء في الجريمة، ولدى الشبكة السورية لحقوق الإنسان أدلة وتحقيقات تشير إلى تورطهم، ويجب على إدارة هذه المنظمات المبادرة بطرد هؤلاء الصحافيين أو الإعلاميين ومحاسبتهم، وإلا فإن المنظمة بالكامل تصبح شريكة في الجريمة، وذلك بحسب قرارات مجلس الأمن 2170، و2199.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».