فرق طبية عراقية تباشر بفتح قبور جماعية في تكريت تحت إشراف دولي

بحثًا عن رفات 1700 جندي قضوا في «مجزرة سبايكر»

موظفون من دائرة الطب العدلي وعناصر أمن عراقيون يعملون أمس في موقع بتكريت يعتقد أن فيه قبرا جماعيا لضحايا مجزرة سبايكر (إ.ب.أ)
موظفون من دائرة الطب العدلي وعناصر أمن عراقيون يعملون أمس في موقع بتكريت يعتقد أن فيه قبرا جماعيا لضحايا مجزرة سبايكر (إ.ب.أ)
TT

فرق طبية عراقية تباشر بفتح قبور جماعية في تكريت تحت إشراف دولي

موظفون من دائرة الطب العدلي وعناصر أمن عراقيون يعملون أمس في موقع بتكريت يعتقد أن فيه قبرا جماعيا لضحايا مجزرة سبايكر (إ.ب.أ)
موظفون من دائرة الطب العدلي وعناصر أمن عراقيون يعملون أمس في موقع بتكريت يعتقد أن فيه قبرا جماعيا لضحايا مجزرة سبايكر (إ.ب.أ)

باشرت فرق من دائرة الطب العدلي العراقي، وبتوجيه من رئاسة الوزراء، وبإشراف وفود من الأمم المتحدة، بفتح مقابر جماعية لنحو 1700 جندي قتلهم مسلحو تنظيم داعش بعد سيطرتهم على تكريت في يونيو (حزيران) الماضي.
وقال عضو الفريق الطبي الموفد إلى تكريت خالد العتيبي، المسؤول في وزارة الصحة العراقية، لـ«الشرق الأوسط»: «حفرنا أول موقع لمقابر جماعية اليوم (أمس) وعثرنا حتى الآن على 20 جثة من الجثامين المدفونة، وتشير المؤشرات الأولية إلى أنهم بلا شك كانوا من ضحايا (سبايكر)». وأضاف العتيبي أن «المقابر الجماعية لمجزرة سبايكر ضمت عشرات الرفاتات المعصوبة الأعين والتي تم دفنها من قبل تنظيم داعش بشكل جماعي. المشهد كان مروعا، لم نستطع منع أنفسنا من البكاء، أي مجرم وحشي هذا الذي يمكنه قتل 1700 شخص بدم بارد». وأشار العتيبي إلى أن عملية البحث عن جميع جثث الضحايا وانتشالها قد تستغرق أسابيع وربما أشهرا.
وجاءت عميلة فتح المقابر الجماعية في مجمع قصور الرئاسية، بعد أيام من طرد مسلحي تنظيم داعش من مدينة تكريت، على أيدي القوات العراقية ومقاتلي الحشد الشعبي.
وتتساءل أسر الضحايا منذ شهور عن مصير أبنائهم، وهم يشعرون بالغضب من عجز المؤسسة السياسية في العراق عن تزويدهم بالإجابات الشافية، فيما اعتصم العشرات من ذوي الضحايا في ساحة التحرير وسط بغداد منذ قرابة الشهرين مطالبين الحكومة العراقية بالكشف عن مصير أبنائهم.
من جهة أخرى، قال إسماعيل خضير الهلوب، النائب الأول لمحافظ صلاح الدين، لـ«الشرق الأوسط» إن العمل مستمر على قدم وساق من قبل الجهد الهندسي التابع للجيش العراقي لإزالة آلاف الألغام والعبوات الناسفة التي زرعها تنظيم داعش قبل هروبه من مدينة تكريت. وأضاف الهلوب أن الطريق السريع الرابط بين مدينتي تكريت والموصل سيعاد فتحه أمام حركة المركبات بعد أن تم تطهيره من قبل فرق الجهد الهندسي من العبوات التي زرعها تنظيم داعش، وأن «الجهد الهندسي يواصل عمله بشكل استثنائي لتطهير جميع الطرق المحيطة بمدينة تكريت، بالإضافة إلى الأماكن المهمة في المدينة المتمثلة بالدوائر الحكومية والقصور الرئاسية وبيوت المواطنين من أجل الإسراع بعودة الأهالي النازحين إلى مناطقهم».
من جانب آخر، قال مصدر أمني في محافظة صلاح الدين، لـ«الشرق الأوسط»، إن أحد مسلحي تنظيم داعش ألقى، بعد ظهر أمس، قنبلة باتجاه مدير مكافحة متفجرات صلاح الدين العقيد ثامر خليل أثناء مروره في حي الشهداء شمال تكريت، مما أسفر عن استشهاده في الحال، مبينا أن «الإرهابي كان يختبئ داخل أحد المنازل». وأضاف المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن «العقيد ثامر خليل كان يقوم بعملية تفتيش لعدد من المنازل هناك للتأكد من أنها غير مفخخة».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.