أزمة غذائية في صنعاء.. ونقص في الكهرباء والماء بعدن.. والمكلا تعيش أزمة بترول

مركز صنعاء الحقوقي: جماعة الحوثي ارتكبت أكثر من 400 حالة انتهاك

يمنيون يفرون من العاصمة صنعاء أمس حاملين في مركبتهم الـ {بيك آب} ما استطاعوا انقاذه (أ.ف.ب)
يمنيون يفرون من العاصمة صنعاء أمس حاملين في مركبتهم الـ {بيك آب} ما استطاعوا انقاذه (أ.ف.ب)
TT

أزمة غذائية في صنعاء.. ونقص في الكهرباء والماء بعدن.. والمكلا تعيش أزمة بترول

يمنيون يفرون من العاصمة صنعاء أمس حاملين في مركبتهم الـ {بيك آب} ما استطاعوا انقاذه (أ.ف.ب)
يمنيون يفرون من العاصمة صنعاء أمس حاملين في مركبتهم الـ {بيك آب} ما استطاعوا انقاذه (أ.ف.ب)

بينما تواجه صنعاء أزمة غذاء خانقة بسبب فشل الحوثيين في إدارة البلاد، يواجه سكان عدن نقصا في الماء والكهرباء إضافة إلى نفاد مخزونات المواد الغذائية في كثير من المتاجر مع تصاعد حدة الصراع في المدينة بين مقاتلي الحوثي الذين يهاجمون المدينة بضراوة.
واحتشد العشرات من السكان عند بئر لتوزيع المياه في منطقة كريتر في وسط عدن حاملين أواني لتعبئتها بالماء. وقال صبي يدعى محمد: «إحنا بلا مي (ماء) لنا 5 أيام والحوثي يضرب لنا كل يوم». وقال سكان وتجار إن مخزونات المتاجر نفدت إلى حد كبير لا سيما الحليب ومواد غذائية أخرى جراء عزل المدينة، بينما يبدو عن الطرق التي تأتيها عبرها الإمدادات الغذائية والزراعية ووجود تلك الطرق في مناطق يستعر فيها القتال. وقالت امرأة من سكان عدن تدعى منى أحمد: «عبد الملك (الحوثي) ولا صالح. هذا لا يرضي الله ولا رسوله. هذا مش عدل اللي بالبلاد». وإضافة إلى نقص الماء، فإن هناك منطقتين على الأقل بالمدينة الرئيسية بلا كهرباء منذ أيام بعد أن أصاب صاروخ محطة كهرباء رئيسية يوم الجمعة 3 أبريل (نيسان). وتعاني المناطق الأخرى من انقطاعات متكررة للتيار الكهربائي.
وفي صنعاء، تزايدت معاناة المواطنين اليمنيين ومناطق المواجهات جراء الانقطاعات المتكررة للكهرباء وشبه المستمرة وانعدام النفطية وارتفاع أسعار المواد الغذائية، ورغم أن الحوثيين أكدوا، خلال الفترة الماضية، أن لديهم القدرة والاستعداد لتلبية كل احتياجات المواطنين في العاصمة وبقية المناطق التي يسيطرون عليها، فإنهم تركوا المواطنين، حاليا، يواجهون مشقة الكهرباء والمشتقات النفطية ويكتفون بالإعلان، يوميا، عن ضبط بعض التجار الذين يرفعون الأسعار، دون أن توجد حلول حقيقية لأزمات المواطنين المتفاقمة، في الوقت الذي تؤكد كل المصادر والمعلومات أن الحوثيين سخروا كل إمكانات الدولة اليمنية لصالح ميليشياتهم وقوات الجيش الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح، بما في ذلك إمكانات وزارة الصحة من أدوية وكوادر طبية، وكذا إمكانات وزارة التجارة والأموال كافة في البنك المركزي وكل المؤسسات الإيرادية عبر وزارة المالية.
بالإضافة إلى إتاوات، غير قانونية، بدأ الحوثيون بفرضها على القطاع الخاص للمساهمة في «دعم المجهود الحربي»، هذا عوضا عن الاستقطاعات المالية من مرتبات الموظفين والأموال التي يستقبلها الحوثيون من تبرعات أنصارهم عبر حسابات فتحت خصيصا، أخيرا، في بعض البنوك لهذا الغرض.
في سياق متصل، تعيش مدينة المكلا أزمة خانقة في المشتقات النفطية منذ يومين بعد سيطرة «القاعدة» على جميع المرافق ومن بينها خزانات وصهاريج شركة النفط اليمنية (YPC) التي تحوي مخزون المشتقات النفطية لمحافظة حضرموت وبعض المحافظات المجاورة ويتم عبرها تزويد معظم محطات توزيع الوقود والمحروقات، مما أدى إلى انعدامها بعد نفاد الكميات التي كانت في جميع المحطات. وقال شهود عيان في المكلا لـ«الشرق الأوسط»، إن «جماعة أنصار الشريعة سمحت، أمس، للشركة بتزويد بعض محطات الوقود بالمكلا بكميات قليلة من المحروقات، ربما ذلك للحفاظ على المخزون العام للمدينة الذي تستهلك منه الجماعة كميات كبيرة لتحركاتها، وبالكاد يكفي المدينة واستهلاكها المتزايد، خصوصا من قبل محطات توليد الكهرباء، الأمر الذي قد يؤدي إلى أزمة كبيرة وكارثة حقيقة».
وأكد شهود العيان أن المسلحين المتشددين قاموا بإعدام أحد شبان المدينة بعد سماعهم له ينتقدهم وينتقد سيطرتهم على المدينة، وقد برر المتشددون عملية الإعدام بأن الشاب «سب الدين». في غضون ذلك، أكد مركز صنعاء الحقوقي، أن جماعة الحوثي المتمردة في اليمن نفذت خلال الأيام الماضية، حملة اعتقالات لقيادات وأعضاء في حزب الإصلاح اليمني، إضافة إلى تنفيذ عمليات اقتحام لعدد من مقاره ومقار أخرى لجمعيات ومؤسسات يديرها ناشطون إصلاحيون.
وأوضح المركز في تقرير نشره أمس، أن الحملة التي شرعت الجماعة في تنفيذها منذ منتصف ليل الجمعة الماضي، أسفرت عن وقوع 400 حالة انتهاك، وشملت 5 محافظات يمنية، مشيرا إلى أن الحملة جرى تنفيذها من قبل ميليشيا الحوثي المتمردة وموالين لها. وبيّن التقرير أن 318 عنصرا من حزب الإصلاح تم اختطافهم منذ بدء الحملة، إضافة إلى اقتحام 26 منزلا لأعضاء الحزب و33 مقرا تابعا لمؤسسات وجمعيات تعرضت للاقتحام والنهب، مشيرا إلى أن عملية الاقتحام طالت 16 مقرا تابعا للإصلاح و7 مقرات لمساكن طلابية يديرها الحزب.
وحث مركز صنعاء الحقوقي، جماعة الحوثي المتمردة والموالين لها، على التخلي عن العنف بحق ناشطين سياسيين، والالتزام بالتنافس السياسي المكفول دستورا وقانونا، ونبذ السلاح، مطالبا بالإفراج الفوري والعاجل عن كل المختطفين والمحتجزين تعسفيا، ومحاكمة مرتكبي تلك الجرائم التي قال إنها لا تسقط بالتقادم.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.