رئيس البرلمان العراقي يطمئن على مواقف الصدر الرافضة لسلوك «الميليشيات الوقحة»

الجبوري زار زعيم التيار الصدري في النجف وبحث معه أزمة ديالى السياسية

رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر خلال مؤتمر صحافي مشترك في النجف أمس (إ.ب.أ)
رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر خلال مؤتمر صحافي مشترك في النجف أمس (إ.ب.أ)
TT

رئيس البرلمان العراقي يطمئن على مواقف الصدر الرافضة لسلوك «الميليشيات الوقحة»

رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر خلال مؤتمر صحافي مشترك في النجف أمس (إ.ب.أ)
رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر خلال مؤتمر صحافي مشترك في النجف أمس (إ.ب.أ)

تخطى رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري النقطة التي بدت خلافية بينه وبين زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أثناء المؤتمر الصحافي الذي جمعهما في مدينة النجف أمس وتتصل بمشاركة قوات التحالف الدولي في المعارك الدائرة ضد تنظيم داعش في المحافظات الغربية من العراق.
الجبوري، الذي قام بزيارة شكر إلى الصدر الذي كرر في الآونة الأخيرة مواقفه الرافضة بقوة لما سماه سلوك «الميليشيات الوقحة» التي بات يصطلح على تسميتها الآن بـ«المندسين» على الحشد الشعبي على أثر عمليات السلب والنهب وحرق المنازل التي حصلت في تكريت بعد تحريرها، شدد على أهمية المضي في تحرير المناطق الأخرى التي لا تزال تحت سيطرة «داعش».
لكن الصدر كرر رفضه مشاركة التحالف الدولي في تحرير الأراضي العراقية بعد أيام قلائل من تحرير مدينة تكريت، مركز محافظة صلاح الدين، بجهد مشترك بين ضربات طيران التحالف الدولي والقوات العراقية. وقال إن «أي تدخل عسكري لقوات التحالف في تحرير الأراضي العراقية أمر مرفوض، وما تحقق من نصر في تكريت نشكر عليه الحشد الشعبي وقوات الجيش العراقي». وأضاف الصدر: «إننا نعاهد أهالي تكريت على العودة إلى ديارهم معززين مكرمين، وسيتم إعمارها وفق العدل والمساواة».
من جانبه، قال الجبوري: «قدمنا إلى السيد مقتدى الصدر شكرنا وتقديرنا العاليين، على مواقفه الوطنية الداعية إلى نبذ الفرقة وبناء الدولة على أسس صحيحة»، مبينا: «إننا نحتاج إلى مثل هذه الآراء في الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد ونحتاج إلى وحدة الموقف العراقي». وردا على سؤال عن الأحداث الأخيرة في تكريت التي أثارتها بعض وسائل الإعلام حول حرق وسلب بعض المحال التجارية في المدينة، أكد الجبوري قائلا: «نعم حدثت هذه الأمور مع الأسف، ومن يقيمون بهذه الأعمال يحاولون إجهاض النصر الذي تحقق هناك»، مبينا أن «بعض الأعمال السلبية التي تجري ينبغي أن لا تصرفنا عن الأمور المهمة من نصر تحقق في تحرير تكريت ويجب تحرير المناطق الأخرى».
وبخصوص التحالف العام ضد الطائفية، قال الجبوري: «تحدثنا بهذا الشأن، فأحد مقومات البناء تعزيز الثقة بين العراقيين، وكانت هناك مبادرة كريمة أطلقت من التيار الصدري تلقيناها بالترحاب وحاورناهم في هذا الأمر، وستكون هناك إجراءات فعلية وعملية وسنكون نشطين فيها مع شركائنا السياسيين». وعن ظروف المحافظات، ومنها ديالى، قال الجبوري: «ناقشنا أوضاع محافظة ديالى من جانبين، الأول ملف النازحين وعودتهم وإسهام كل الأطراف في هذا الجانب، وهناك دور لكل الأطراف في هذا الأمر وخاصة التيار الصدري، والجانب الثاني هو الأزمة السياسية في المحافظة التي نأمل أن لا تخرج من الجانب السياسي، فإذا كانت هناك إشكالات يمكن معالجتها، لكن بالنتيجة هناك اتفاق على معالجة المشكلة بالطريقة التي تحفظ حقوق كل الأطراف».
في السياق نفسه، أكد عضو البرلمان العراقي عن تحالف القوى العراقية صلاح الجبوري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الزيارة التي قام بها رئيس البرلمان إلى النجف ولقاءه زعيم التيار الصدري تأتي في سياق سلسلة لقاءات أجراها وسيجريها الجبوري مع الكتل والزعامات السياسية لمناقشة مرحلة ما بعد تكريت وبحث التفاصيل المتعلقة بنتائج المعركة وما حصل خلالها من سلبيات». وبشأن ما إذا كان هناك تركيز على محافظة ديالى وإشارة رئيس البرلمان خلال المؤتمر إلى أن المشكلة في ديالى سياسية، قال الجبوري إن «الأزمة بالفعل في هذه المحافظة سياسية، وبالتالي فإن حلها يجب أن يقوم على مبدأ التوافق بين كل الأطراف، سواء على مستوى النازحين وما حصل في هذه المحافظة من تهجير ونزوح واسع النطاق بسبب (داعش) والميليشيات المسلحة أو مسألة سحب الثقة عن محافظ ديالى الحالي عامر المجمعي». وأضاف الجبوري أن «للتيار الصدري وزعيمه دورا في هذه القضايا من منطلق أن محافظة ديالى متنوعة عرقيا ومذهبيا، وبالتالي يحتاج الأمر إلى حكمة وتعقل في بحث القضايا المختلف عليها في هذه المحافظة».
وكان رئيس البرلمان بحث أزمة ديالى مع زعيم منظمة بدر هادي العامري قبيل توجهه إلى النجف. وقال بيان للمكتب الإعلامي للجبوري إن «الجبوري التقى العامري وجرى خلال اللقاء البحث في مجمل الأوضاع السياسية والأمنية في البلاد، بالإضافة إلى تطورات الأوضاع في محافظة ديالى خصوصا ما يتعلق بملف الحكومة المحلية». وأضاف أن «الطرفين بحثا ملف النازحين في المحافظة وسبل إزالة العقبات التي تعترض إعادتهم إلى مناطقهم».
بدوره، أكد الناشط السياسي في ديالى تراث العزاوي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «استقرار ديالى أمر يقلق الجميع لأن أي انهيار للأوضاع الهشة فيها، وهي المحافظة المحاذية لبغداد، يمكن أن يؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها، خصوصا أن هناك ملفات لم تحسم بعد، سواء على مستوى إدارة المحافظة كحكومة محلية، أو على مستوى قضية النازحين في المحافظة، حيث إن هناك أعدادا كبيرة من هؤلاء لم تعد إلى ديارها بسبب تشابك المصالح والرؤى». وأضاف: «هناك اليوم نقمة كبيرة من الجمهور السني في المحافظة بالضد من ممثليه السياسيين، سواء في البرلمان أو الحكومة المحلية، وهو ما جعل التحرك الأخير لرئيس البرلمان وبعض الشخصيات السياسية يأخذ وتيرة أسرع من أجل حل المشكلات والأزمات في المحافظة».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.