المتمردون يصعدون حملة الخطف ضد قيادات «الإصلاح» ونهب مؤسساته

اعتقال 122 من الإصلاحيين وأكثر من 150 انتهاكًا خلال 24 ساعة

شاحنة للحوثيين تم قصفها في الحديدة أمس (إ.ب.أ)
شاحنة للحوثيين تم قصفها في الحديدة أمس (إ.ب.أ)
TT

المتمردون يصعدون حملة الخطف ضد قيادات «الإصلاح» ونهب مؤسساته

شاحنة للحوثيين تم قصفها في الحديدة أمس (إ.ب.أ)
شاحنة للحوثيين تم قصفها في الحديدة أمس (إ.ب.أ)

تواصل جماعة الحوثي المسلحة عمليات اقتحام وارتكاب الكثير من الانتهاكات بحق قيادات وأعضاء تنظيم «التجمع اليمني للإصلاح» منذ أشهر، في حين ارتكبت الجماعة خلال الـ24 ساعة الماضية أكثر من 159 انتهاكا بسبب إصدار الأمانة العامة للإصلاح بيانها التي أعلنت فيه تأييدها لعملية «عاصفة الحزم». وهذا ما يؤكده سياسيون لـ«الشرق الأوسط»، موضحين أن «الإصلاحيين يدفعون ثمن قرار قيادتهم السياسية لتأييدها عملية (عاصفة الحزم)، وخصوصا أن الحوثيين يرون بالإصلاح الخصم العنيف لهم ويخشون وقوع أي معارك برية يقودها الإصلاحيون نيابة عن قوات التحالف»، في حين أرعبت جماعة الحوثي المسلحة الكثير من أهالي القيادات الإصلاحية في صنعاء وبعض المحافظات اليمنية بسبب المداهمات والاعتقالات من المنازل.
وقال مركز صنعاء الحقوقي، وهو منظمة غير حكومية، في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إحصائية أولية بالمختطفين والمنازل والمقرات والمؤسسات والسكنات الطلابية التي اقتحمتها جماعة الحوثيين المسلحة، أمس، أن عدد المختطفين من الإصلاحيين وصل إلى 122 شخصا، وبينما عدد حالات اقتحام المنازل وصل إلى 17 منزلا ونُهبت 6 سكنات طلابية و9 مقرات تابعة للحزب و5 مؤسسات (جمعيات) تابعة للحزب. وأوضح المركز الحقوقي، أن جماعة الحوثي المسلحة ارتكبت 159 انتهاكًا خلال 24 ساعة منها حملة الاختطافات الشعواء التي شنتها ميليشيات الحوثي ضد قيادات التجمع اليمني للإصلاح في صنعاء الرافضين للانقلاب الحوثي.
وأفادت مصادر خاصة من حزب التجمع اليمني للإصلاح لـ«الشرق الأوسط»، بأن «من بين المختطفين لدى جماعة الحوثي المسلحة عددا من القيادات العليا للتجمع اليمني للإصلاح بمن فيهم القيادي البارز في حزب الإصلاح محمد قحطان وعضو مجلس النواب علي العنسي ورئيس الدائرة الإعلامية سابقا فتحي العزب، الذي كان قد خاض غمار المنافسة في الانتخابات الرئاسية 2006 أمام الرئيس السابق علي عبد الله صالح، ورئيس الدائرة الاجتماعية بأمانة العاصمة أحمد شرف الدين، بالإضافة إلى رئيس الدائرة الاجتماعية عبد الله صعتر وعضو الهيئة العليا للإصلاح حمود هاشم الذارحي، ورئيس هيئة شورى الإصلاح بذمار حسن اليعري». وأفادت مصادر من «الإصلاح» بأن من بين المعتقلين قياديين بإصلاح الدائرة السادسة علي زياد وقاسم القامص، وأمين إصلاح محافظة صنعاء عبد الكريم مسلي.
وكانت جماعة الحوثي المسلحة قد فرضت منذ أيام، إقامة جبرية على عضو الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح وممثل «الإصلاح» في الحوار، محمد قحطان، ومنعوه من الخروج من منزله. ويأتي ذلك بعد أن أصدرت اللجنة الأمنية والثورية الحوثية قرارا بحل حزب التجمع اليمني للإصلاح بتهمة «الخيانة العظمى» أول من أمس.
وحذرت الأمانة العامة للتجمع اليمني للإصلاح الحوثي والرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح ومن يستجيب لأوامرهما من مغبة المساس بالمختطفين ومن الاستمرار والتمادي في تلك الحماقات، محملة جماعة الحوثي وحلفاءها كل ما سيترتب على ذلك من تداعيات قد لا تحمد عقباها.
ودعت الأمانة العامة، في بيان لها حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، الحوثيين أن تراعي وألا تذهب بالأوضاع إلى مزيد من التعقيد والتأزم، كما طالبتها بالإسراع في إطلاق كل المعتقلين فورا. وقالت في بيانها: «تعبر الأمانة العامة للتجمع اليمني للإصلاح عن إدانتها واستنكارها الشديد للحملة الظالمة والإجراءات التعسفية الوحشية التي تقوم بها جماعة الحوثي ضد قيادات الإصلاح وناشطيه السياسيين والتي طالت العشرات منهم بين اعتقال ومداهمة منازل وترويع النساء والأطفال، وتؤكد أمانة الإصلاح، أن تلك الأعمال تعقد الوضع في البلاد المتفاقم أصلا بسبب انقلاب الحوثي وصالح ضد الشرعية في البلاد».
ورغم حملات الخطف التي تقوم بها جماعة الحوثي المسلحة بين الحين والآخر في جميع المحافظات اليمنية والعاصمة صنعاء ضد أعضاء وقيادات إصلاحية منذ الـ21 من سبتمبر (أيلول) الماضي، فإنه تأتي هذه الحملة التي تقوم بها الجماعة بعد أن سبقتها تصريحات عدة بالتحريض لقيادات من جماعة الحوثي من أبرزها عضو المجلس السياسي أبو مالك يوسف الفيشي الذي دعا لاعتقال قيادات حزب التجمع اليمني للإصلاح وحلّ الحزب وإغلاق مقراته بتهمة «الخيانة العظمى» على خلفية تأييده «عاصفة الحزم».
وكان «الإصلاح» قد أصدر بيانا يؤيد فيه «عاصفة الحزم» الذي قال إنها جاءت استجابة لطلب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي حتى تعود الأمور إلى نصابها ومسارها الصحيح. وقال بيان التأييد للأمانة العامة للإصلاح: «إن تعنت الحوثيين وانقلابهم على الحوار وفرض الإقامة الجبرية على الرئيس الشرعي المنتخب وأعضاء حكومة الوفاق وتعطيل مؤسسات الدولة الرسمية واجتياح المناطق، دفع الرئيس هادي إلى البحث عن دعم ومساندة».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.