من المتوقع أن تكون محافظة الأنبار المحافظة الأكبر جغرافيا بين المحافظات العراقية التي تشغل ثلث المساحة على خارطة أرض العراق، والتي تضم بين حدودها 41 مدينة وبلدة هي مجموع مدن الأنبار المترامية الأطراف، المحطة التالية في مهمة قتال «داعش» وتحرير بلداتها من سطوة التنظيم الإرهابي، وقد يحدث ذلك قبل البدء في عمليات تحرير الموصل، والدافع هو عملية تحرير تكريت التي منحت أهالي المحافظة الزخم المعنوي للقتال، حسب ما أكد محافظها ونائب رئيس مجلس المحافظة ورئيس إنقاذ الأنبار لـ«الشرق الأوسط».
وكان مسلحو تنظيم داعش قد دخلوا مدن وبلدات المحافظة منذ أكثر من عام وسيطروا على ما يقارب من 85 من مساحة الأرض، لكن 3 مدن فقط من مدنها هي من صمدت بوجه المسلحين وما زالت، وقضاء حديثة كان واحدا من هذه المدن الثلاث وشهد حصارا خانقا وإجراميا أدى إلى هلاك كثير من الأهالي فيه جوعا وعطشا. وقضى أكثر من 20 طفلا نتيجة هذا الحصار الخانق وأكثر من 50 آخرين من كبار السن ونساء كان من بينهم 5 نساء قررن الانتحار بعد أن فقدن صغارهن نتيجة الجوع، ورغم هذا الحال ما زال أهل الأنبار يدافعون عن أرضهم من سطوة المسلحين.
وقد استعادت القوات العراقية بدعم من مقاتلي العشائر عدة مناطق في محافظة الأنبار غرب بغداد كانت تحت سيطرة مسلحي تنظيم داعش.
وتمكنت القوات الأمنية مدعومة بعناصر الصحوات والعشائر من استرجاع مناطق البوكليب والطوي والطريق الدولي السريع في شمال الرمادي، مركز محافظة الأنبار وأكبر مدنها. وعلى أثر ذلك، تقرر رفع حظر التجوال الذي فرض منذ الأربعاء الماضي على خلفية الاشتباكات التي شهدتها تلك المناطق.
محافظ الأنبار صهيب الراوي قال في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأنبار جاهزة تماما لمعركة تحريرها من سيطرة مسلحي تنظيم داعش، وقواتنا الآن تخوض سلسلة من المعارك لاستعادة منطقة طوي شمال الرمادي والمناطق المحيطة بها التي خسرتها القوات الأمنية قبل أسبوع، وقد تمكنت قواتنا من استعادتها، والحمد لله، ونحن الآن نعمل على تحرير مناطق في الأنبار تعتبر مفاصل وعقدا، ولتسهيل مهمة القوات العسكرية في طريق الحملة العسكرية الكبرى لتحرير مدن محافظة الأنبار بالكامل»، مشيرا إلى «وصول قوات إضافية من الجيش إلى مناطق الكرمة والرمادي لتعزيز القوات الموجودة، وإن هناك معسكرات يتم فيها تأهيل منتسبي الشرطة المحلية ومتطوعي العشائر تحضيرا للحملة الكبرى لتحرير مدن الأنبار، وعلى الرغم من أن الأمور تسير ببط فإنها تبدو مطمئنة لنا وستتحرر الأنبار قريبا بسواعد وجهود الخيرين من أبناء العراق».
إلى ذلك جددت العشائر استعدادها الوقوف إلى جانب قوات الأمن حتى استعادة كل البلدات التي لا تزال تحت سيطرة «داعش». وكشف رئيس مجلس إنقاذ الأنبار حميد الهايس أن 10 آلاف متطوع من أبناء العشائر مستعدون لمشاركة القوات الأمنية في عملية تحرير الأنبار المرتقبة، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «المتطوعين بانتظار الضوء الأخضر من القيادات الأمنية والعسكرية للمشاركة في تحرير مدن محافظتهم من سطوة تنظيم داعش».
من جهته، قال فالح العيساوي، نائب رئيس مجلس محافظة الأنبار، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الانتصارات التي حققتها القوات الأمنية في تحرير مدينة تكريت وبقية مدن محافظة صلاح الدين، أعطت دافعا معنويا قويا لدى أبناء محافظة الأنبار في تحرير مدنهم من سطوة تنظيم داعش، وفتحت أبواب الأمل في عودة أكثر من مليون نازح لمحافظتهم».
وأضاف العيساوي: «نحن في مجلس محافظة الأنبار نطالب اليوم الحكومة المركزية، ومن رئيس الوزراء، والقائد العام للقوات المسلحة، بالتعجيل في إرسال قطعات عسكرية من الجيش والشرطة الاتحادية لتعزيز القوات الموجودة على الأرض، وكذلك نطالب إخواننا من أبناء الحشد الشعبي بالمشاركة في تحرير الأنبار من سطوة (داعش)». وأشار إلى أن «أبناء الأنبار يقاتلون مسلحي تنظيم داعش منذ أكثر من عام، ولكن لم تكن لديهم تلك المساندة التي شهدتها محافظتي ديالى وصلاح الدين، وفي حالة وصول التعزيزات العسكرية إلى الأنبار فسوف تحرر مدن الأنبار خلال مدة أقصاها شهر واحد».
وعند سؤالنا عن حالات الانتحار لأمهات بسبب فقدهن لأطفالهن بسبب الجوع في قضاء حديثة المحاصر، أجاب العيساوي: «نعم، للأسف الشديد حصلت هذه الحالات، فالحصار الإجرامي الذي فرضه مسلحو تنظيم داعش الإرهابي على أكثر من 50 ألف مواطن من أهلنا في قضاء حديثة تسبب في وفاة عدد كبير من الأطفال والنساء وكبار السن، وهناك حالات انتحار لأمهات بسبب فقدان فلذات أكبادهن أمام عيونهن وهم يتضورون من الجوع»، مستطردا بقوله: «لكن، ولله الحمد، تمكنا من إيصال كميات من المواد الغذائية والطبية إلى القضاء المحاصر عبر إقامة جسر جوي وعبر رميها من المروحيات إلى مناطق وجود المواطنين المحاصرين، وقبل يومين فقط تمكنت قواتنا الأمنية من النجاح في فتح ممر بري إلى قضاء حديثة المحاصر وفك الحصار عنه بشكل جزئي وتمكنا من إيصال ما نسبته 40 في المائة من احتياجات الأهالي المحاصرين داخل القضاء».
مسؤولو الأنبار يؤكدون جاهزية الأوضاع لتحرير مدنهم من التنظيم الإرهابي
تنظيم داعش يسيطر على 85 في المائة من أراضي أكبر المحافظات العراقية
مسؤولو الأنبار يؤكدون جاهزية الأوضاع لتحرير مدنهم من التنظيم الإرهابي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة