مسؤولو الأنبار يؤكدون جاهزية الأوضاع لتحرير مدنهم من التنظيم الإرهابي

تنظيم داعش يسيطر على 85 في المائة من أراضي أكبر المحافظات العراقية

مسؤولو الأنبار يؤكدون جاهزية الأوضاع لتحرير مدنهم من التنظيم الإرهابي
TT

مسؤولو الأنبار يؤكدون جاهزية الأوضاع لتحرير مدنهم من التنظيم الإرهابي

مسؤولو الأنبار يؤكدون جاهزية الأوضاع لتحرير مدنهم من التنظيم الإرهابي

من المتوقع أن تكون محافظة الأنبار المحافظة الأكبر جغرافيا بين المحافظات العراقية التي تشغل ثلث المساحة على خارطة أرض العراق، والتي تضم بين حدودها 41 مدينة وبلدة هي مجموع مدن الأنبار المترامية الأطراف، المحطة التالية في مهمة قتال «داعش» وتحرير بلداتها من سطوة التنظيم الإرهابي، وقد يحدث ذلك قبل البدء في عمليات تحرير الموصل، والدافع هو عملية تحرير تكريت التي منحت أهالي المحافظة الزخم المعنوي للقتال، حسب ما أكد محافظها ونائب رئيس مجلس المحافظة ورئيس إنقاذ الأنبار لـ«الشرق الأوسط».
وكان مسلحو تنظيم داعش قد دخلوا مدن وبلدات المحافظة منذ أكثر من عام وسيطروا على ما يقارب من 85 من مساحة الأرض، لكن 3 مدن فقط من مدنها هي من صمدت بوجه المسلحين وما زالت، وقضاء حديثة كان واحدا من هذه المدن الثلاث وشهد حصارا خانقا وإجراميا أدى إلى هلاك كثير من الأهالي فيه جوعا وعطشا. وقضى أكثر من 20 طفلا نتيجة هذا الحصار الخانق وأكثر من 50 آخرين من كبار السن ونساء كان من بينهم 5 نساء قررن الانتحار بعد أن فقدن صغارهن نتيجة الجوع، ورغم هذا الحال ما زال أهل الأنبار يدافعون عن أرضهم من سطوة المسلحين.
وقد استعادت القوات العراقية بدعم من مقاتلي العشائر عدة مناطق في محافظة الأنبار غرب بغداد كانت تحت سيطرة مسلحي تنظيم داعش.
وتمكنت القوات الأمنية مدعومة بعناصر الصحوات والعشائر من استرجاع مناطق البوكليب والطوي والطريق الدولي السريع في شمال الرمادي، مركز محافظة الأنبار وأكبر مدنها. وعلى أثر ذلك، تقرر رفع حظر التجوال الذي فرض منذ الأربعاء الماضي على خلفية الاشتباكات التي شهدتها تلك المناطق.
محافظ الأنبار صهيب الراوي قال في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأنبار جاهزة تماما لمعركة تحريرها من سيطرة مسلحي تنظيم داعش، وقواتنا الآن تخوض سلسلة من المعارك لاستعادة منطقة طوي شمال الرمادي والمناطق المحيطة بها التي خسرتها القوات الأمنية قبل أسبوع، وقد تمكنت قواتنا من استعادتها، والحمد لله، ونحن الآن نعمل على تحرير مناطق في الأنبار تعتبر مفاصل وعقدا، ولتسهيل مهمة القوات العسكرية في طريق الحملة العسكرية الكبرى لتحرير مدن محافظة الأنبار بالكامل»، مشيرا إلى «وصول قوات إضافية من الجيش إلى مناطق الكرمة والرمادي لتعزيز القوات الموجودة، وإن هناك معسكرات يتم فيها تأهيل منتسبي الشرطة المحلية ومتطوعي العشائر تحضيرا للحملة الكبرى لتحرير مدن الأنبار، وعلى الرغم من أن الأمور تسير ببط فإنها تبدو مطمئنة لنا وستتحرر الأنبار قريبا بسواعد وجهود الخيرين من أبناء العراق».
إلى ذلك جددت العشائر استعدادها الوقوف إلى جانب قوات الأمن حتى استعادة كل البلدات التي لا تزال تحت سيطرة «داعش». وكشف رئيس مجلس إنقاذ الأنبار حميد الهايس أن 10 آلاف متطوع من أبناء العشائر مستعدون لمشاركة القوات الأمنية في عملية تحرير الأنبار المرتقبة، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «المتطوعين بانتظار الضوء الأخضر من القيادات الأمنية والعسكرية للمشاركة في تحرير مدن محافظتهم من سطوة تنظيم داعش».
من جهته، قال فالح العيساوي، نائب رئيس مجلس محافظة الأنبار، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الانتصارات التي حققتها القوات الأمنية في تحرير مدينة تكريت وبقية مدن محافظة صلاح الدين، أعطت دافعا معنويا قويا لدى أبناء محافظة الأنبار في تحرير مدنهم من سطوة تنظيم داعش، وفتحت أبواب الأمل في عودة أكثر من مليون نازح لمحافظتهم».
وأضاف العيساوي: «نحن في مجلس محافظة الأنبار نطالب اليوم الحكومة المركزية، ومن رئيس الوزراء، والقائد العام للقوات المسلحة، بالتعجيل في إرسال قطعات عسكرية من الجيش والشرطة الاتحادية لتعزيز القوات الموجودة على الأرض، وكذلك نطالب إخواننا من أبناء الحشد الشعبي بالمشاركة في تحرير الأنبار من سطوة (داعش)». وأشار إلى أن «أبناء الأنبار يقاتلون مسلحي تنظيم داعش منذ أكثر من عام، ولكن لم تكن لديهم تلك المساندة التي شهدتها محافظتي ديالى وصلاح الدين، وفي حالة وصول التعزيزات العسكرية إلى الأنبار فسوف تحرر مدن الأنبار خلال مدة أقصاها شهر واحد».
وعند سؤالنا عن حالات الانتحار لأمهات بسبب فقدهن لأطفالهن بسبب الجوع في قضاء حديثة المحاصر، أجاب العيساوي: «نعم، للأسف الشديد حصلت هذه الحالات، فالحصار الإجرامي الذي فرضه مسلحو تنظيم داعش الإرهابي على أكثر من 50 ألف مواطن من أهلنا في قضاء حديثة تسبب في وفاة عدد كبير من الأطفال والنساء وكبار السن، وهناك حالات انتحار لأمهات بسبب فقدان فلذات أكبادهن أمام عيونهن وهم يتضورون من الجوع»، مستطردا بقوله: «لكن، ولله الحمد، تمكنا من إيصال كميات من المواد الغذائية والطبية إلى القضاء المحاصر عبر إقامة جسر جوي وعبر رميها من المروحيات إلى مناطق وجود المواطنين المحاصرين، وقبل يومين فقط تمكنت قواتنا الأمنية من النجاح في فتح ممر بري إلى قضاء حديثة المحاصر وفك الحصار عنه بشكل جزئي وتمكنا من إيصال ما نسبته 40 في المائة من احتياجات الأهالي المحاصرين داخل القضاء».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».