ظهرت على الراحل الملك فهد بن عبد العزيز، منذ أن نضجت شخصيته وتفكيره، سمات الجدية والطموح، لذا كلفه والده الملك عبد العزيز بالعديد من الأعمال السياسية والإدارية من خلال إشراكه في مهمات ووفود رسمية لبلاده، فقد كان عضوا في الوفد السعودي الذي رأسه الأمير فيصل بن عبد العزيز للمشاركة في المؤتمر الأول لمنظمة الأمم المتحدة بالولايات المتحدة الأميركية (سان فرانسيسكو) عام 1945، كما شارك والده الملك عبد العزيز لدى زيارته لمصر في العام الذي يليه.
ومثّل الملك فهد والده المؤسس في تشييع الملك عبد الله بن الحسين في الأردن عام 1950، كما مثل والده الملك عبد العزيز في حضور حفل تتويج الملكة (إليزابيث) ملكة بريطانيا في عام 1952، وكل هذه المهمات الدبلوماسية والسياسية كونت في شخصية الملك فهد بن عبد العزيز عناصر الشخصية القيادية ودربته على الاحتكاك بالأجواء السياسية مبكرا، لكن الاستعداد في شخصيته لهذه المهمات كان موجودا لديه منذ أن كان طفلا. يقول الشيخ محمد الصالح العذل: «الملك فهد كان منذ طفولته متفردا عن زملائه في اهتماماته، وميله الواضح إلى الجدية، والرؤية العميقة الناقدة التي تجسدت في إصراره على حضور مجالس كبار مستشاري الملك عبد العزيز، وقد لاحظ والده هذه الرغبة لديه فسمح له بحضور جلسات المستشارين مستمتعا، وكان بذلك أصغر الحضور سنا».
وأوردت موسوعة الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود أيضا رأيا للدكتور غازي القصيبي، الذي تولى مناصب عدة في عهد الملك فهد. يقول القصيبي عن أسلوب تعامله حين كان وليا للعهد مع الوزراء، واصفا «الأمير فهد» بأنه رجل جم الأدب شديد الحياء: «لم أره قط يرفض طلبا من وزير أو من إنسان آخر بصفة مباشرة. مع الزمن تعودت، وتعود بقية الوزراء، على أسلوب ولي العهد. عندما كان يوافق على طلب من وزير كان يوجهه بأن يمضي قدما للتنفيذ، وكان يستعمل عبارات مثل (على بركة الله)، أو (توكل على الله) أو (هذا مناسب جدا)، وعندما تكون لديه تحفظات على الطلب كان يطلب من الوزير أن يكتب له رسالة عن الموضوع، ويعني هذا أن احتمال الموافقة قد انخفض إلى 50 في المائة.. وعندما تكون لديه شكوك جدية حول حكمة القرار المطلوب، كان يقول للوزير: (دعني أفكر)، ومعنى هذا أن احتمال الموافقة انخفض إلى 10 في المائة.. وعندما يقرر عدم الاستجابة لطلب كان يطلب من الوزير أن يبحث الموضوع مع وزير المال، ويعني هذا أن احتمال الموافقة قد أصبح 1 في المائة».
كانت مدرسة الملك فهد بن عبد العزيز السياسية الأولى مجلس والده الملك عبد العزيز، ففيه تعلم مبادئ السياسة والتعامل مع الشخصيات المختلفة، واكتسب كثيرا من صفات والده وسجاياه وأخلاقه حتى أصبح ملكا وصف بأنه سياسي محنك يعرف مواضع الحزم فيحزم ويعرف مواطن اللين والتؤدة فيلين. قال عنه جيمس بيكر، وزير الخارجية الأميركي الأسبق: «الملك فهد صانع قرار ممتاز.. وحين يتوصل لقراره فإنه يقوله بوضوح وقوة أيًا كانت تكلفته».
الملك فهد تشرب السياسة بالرياض وباشرها لأول مرة في سان فرانسيسكو
جيمس بيكر وصفه بأنه «صانع قرار» يتصف بالقوة والجودة العالية
الملك فهد تشرب السياسة بالرياض وباشرها لأول مرة في سان فرانسيسكو
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة