لبنان «الملف اليمني» محورًا أساسيًّا على طاولة مجلس الوزراء اليوم

الوزير حرب لـ«الشرق الأوسط»: مواقف نصر الله تعبّر عن نكران لجميل السعودية

لبنان «الملف اليمني» محورًا أساسيًّا على طاولة مجلس الوزراء اليوم
TT

لبنان «الملف اليمني» محورًا أساسيًّا على طاولة مجلس الوزراء اليوم

لبنان «الملف اليمني» محورًا أساسيًّا على طاولة مجلس الوزراء اليوم

لم يتمكن اللبنانيون بعدُ من استيعاب تداعيات التطورات الأخيرة على الساحة اليمنية، مع استمرار السجال الداخلي بين حزب الله وقوى 14 آذار، الذي ينتقل اليوم إلى داخل الحكومة مهددا بزعزعة الاستقرار السياسي الهش الذي تشهده البلاد منذ مطلع العام الحالي.
ومن المنتظر أن يبلغ وزيرا حزب الله رئيس الحكومة تمام سلام خلال جلسة مجلس الوزراء التي تنعقد اليوم الأربعاء اعتراضهما على المواقف التي أطلقها في القمة العربية في شرم الشيخ والتي قال وزير الصناعة حسين الحاج حسن (أحد وزراء حزب الله) في وقت سابق إنها تعبر عن «وجهة نظر قسم من اللبنانيين وليس عن وجهة نظر لبنان الرسمي المتمثل بالحكومة»، معلنا أنه سيطرح الأمر للنقاش خلال الجلسة.
واستغرب وزير الاتصالات، القيادي في قوى 14 آذار، بطرس حرب اعتراض حزب الله على مواقف سلام، مشددا على أن «كل ما أعلنه خلال القمة العربية يعبّر عن سياسة الدولة اللبنانية والحكومة باعتباره تعبيرا عن مواقف مبدئية لا تتعارض وسياسة النأي بالنفس المعتمدة». وقال حرب لـ«الشرق الأوسط»: «تأييد الإجماع العربي وإنشاء قوة عربية مشتركة بالإضافة إلى دعم الجهود الرامية لحماية الشرعية في الدول... كلها مواقف طبيعية تعبر تماما عن سياسة الحكومة».
واعتبر حرب أن احتجاج حزب الله «ناتج عن موقف سياسي مرتبط بالصراع الإقليمي القائم»، مستبعدا أن يؤدي الخلاف حول الملف اليمني إلى تعطيل عمل الحكومة أو انفجارها، وقال: «لا نتوقع أن يتعدى احتجاج حزب الله السعي لتسجيل موقف باعتبار أن كل الفرقاء حريصون على هذه الحكومة التي تؤمن مصالحهم». وتساءل: «هل يريد حزب الله أن يتبنى لبنان الرسمي المواقف التي يعلنها هو؟»، مشددا على أن «تهجم أمين عام حزب الله حسن نصر الله على المملكة العربية السعودية لا يعبر عن رأي اللبنانيين الذين يعون تماما أفضال المملكة على لبنان، إنما يعبر عن نكران لجميلها».
وأشار حرب إلى أنه «وفي حال قرر حزب الله الذهاب بعيدا بمواقفه فذلك قد يعني المضي في خطته التي بدأت بتعطيل الرئاسة وصولا إلى تعطيل النظام السياسي ككل من خلال الإطاحة بالحكومة والدخول في فراغ كلي سعيا لإيجاد نظام بديل يؤمن مصالحه»، وأضاف: «نأمل أن لا يكون الحزب في هذا التوجه الذي سيترك نتائج دراماتيكية على لبنان».
بالمقابل، اعتبرت مصادر في قوى 8 آذار مقربة من حزب الله أن المواقف التي أعلنها سلام في القمة العربية «مجرد مواقف إعلامية سياسية ستبقى في شرم الشيخ ولن يتم صرفها عمليا في لبنان»، لافتة إلى أن رئيس الحكومة قد يكون «مضطرا إلى التراجع عنها وإذا لم يكن بشكل علني، إنما داخل جلسة مجلس الوزراء، كونها مواقف لا تعبر عن وفاق أو إجماع لبناني اتفقنا على أن يكون متوفرا منذ شغور سدة الرئاسة».
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «أما الحديث عن دعم لبنان إنشاء قوة عربية مشتركة فلا دخل لنا به... فكيف نتدخل بشؤون دول أخرى عسكريا، ونحن أصلا لسنا متفقين على كيفية حماية أرضنا، وبحاجة إلى العديد والعتاد لمواجهة الإرهابيين المتربصين بنا على الحدود؟».
بدوره، استبعد وزير الإعلام رمزي جريج أن يؤدي اعتراض حزب الله على مواقف سلام إلى أزمة حكومية، مشيرا إلى أن «الاعتراض الوحيد جاء من وزيرين من حزب الله، في حين أن حليف الحزب، التيار الوطني الحر، أبدى عبر الوزير إلياس بو صعب تأييده لمقررات القمة ولخطاب الرئيس سلام، فضلا عن أن الوزير جبران باسيل كان شارك في أعمال القمة وكان مؤيدا». وقال جريج: «لا أعتقد أن طرح الموضوع من قبل وزراء حزب الله داخل الحكومة سيلقى صدى لدى سائر الوزراء، وقد يكون هناك اعتراض من باب رفع العتب».
ومع استمرار المواقف المستهجنة لمضمون خطاب نصر الله الأخير، أصدر مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله محمد عفيف بيانا اعتبر فيه أن «ما صدر من تعليقات وردود كان بعيدا تماما عن مناقشة هذه المعلومات والمعطيات والحقائق، ويدل على عجز عن مقارعة الحجة بالحجة والمعلومة بالمعلومة، ما أدى للانصراف إلى إطلاق الضجيج والصخب وتبرير العدوان». ورأى عفيف أن هذه الردود سعت إلى «التعتيم على فكرة أساسية وجوهرية في الخطاب هي دعوة اليمنيين إلى الحوار والعمل من أجل إيجاد حل سياسي في ما بينهم، بعيدا عن التدخلات الخارجية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».