بعد أسابيع على المعارك المتقطعة بين قوات النظام السوري وتنظيم «داعش» في ريف حماه الشرقي، اندلعت أمس اشتباكات عنيفة استمرت لساعات بين الطرفين انتهت باستعادة سيطرة قوات النظام على قرية المبعوجة بريف السلمية، بعد ساعات من سيطرة التنظيم عليها، فيما عمد «داعش» إلى إعدام ما لا يقل عن 46 شخصا بينهم 37 مدنيا وعائلات بأكملها، وفق ما أكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن.
وقال عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» إن هجوم «داعش» على هذه المنطقة يبدو استكمالا وتنفيذا للرسالة السابقة التي كان قد أرسلها قبل يومين بنشره فيديو يظهر قيام أطفال سماهم «أشبال الخلافة» تابعين للتنظيم بقتل 9 أشخاص من الطائفة الشيعية، ومتوعدا بالانتقام لمجزرة حماه التي ارتكبها النظام السوري عام 1982، وفي الوقت عينه، قد يكون، وفق عبد الرحمن، تمهيدا لعملية أكبر تطال مناطق عدة في حماه خاضعة لسيطرة النظام لا سيما تلك التي يسكنها العلويون والأقليات الدينية. وكان لافتا، وفق عبد الرحمن، اعتماد التنظيم تعبير «ولاية حماه» بعدما كان قد اعتاد على تسميتها «ولاية البادية» التي تشمل بادية حمص في شرق المدينة المتصل بدير الزور وبادية حماه في الريف الشرقي للمحافظة.
وأمس، قال المرصد إن مقاتلي التنظيم عمدوا إلى قتل أكثر من 46 شخصا رميا بالرصاص أو حرقا أو ذبحا في قرية المبعوجة بالريف الشرقي لمدينة السلمية التي يقطنها مواطنون من الطوائف السنية والإسماعيلية والعلوية، بالإضافة لوجود مفقودين لا يعرف مصيرهم، وما إذا كانوا قد فروا من المنطقة أم إنهم اعتقلوا من قبل التنظيم، مشيرا إلى أن قوات النظام تمكنت في وقت لاحق من التصدي للهجوم وطرد مقاتلي التنظيم وإعادة سيطرتها على القرية. وأورد التلفزيون السوري الرسمي في شريط عاجل أن «وحدة من الجيش والقوات المسلحة بالتعاون مع مجموعات الدفاع الشعبي والأهالي يصدون هجوما إرهابيا على قرية المبعوجة ويكبدونهم خسائر فادحة».
وذكر مصدر عسكري سوري أن الجيش صد الهجوم على قرية المبعوجة الواقعة على بعد 60 كيلومترا إلى الشرق من مدينة حماه، مشيرا إلى أن التنظيم المتشدد ارتكب مذبحة بحق المدنيين في القرية، لكنه لم يذكر عدد القتلى. وقال المصدر: «حاول التنظيم مهاجمة القرية، وتم صده وقتل عدد كبير من مقاتليه، والآن يفرض الجيش السوري سيطرته على القرية». وأوضح المصدر أن «التنظيم يقوم بمحاولات كثيرة للتقدم شرقي حماه خاصة بعد خسارته في حقل الشاعر»، (في إشارة إلى حقل للغاز في محافظة حمص الذي أعلنت الحكومة سيطرتها عليه خلال الأشهر القليلة الماضية).
وكانت الاشتباكات بين التنظيم ومسلحين من قرية المبعوجة في الريف الشرقي لمدينة السلمية، الواقعة تحت سيطرة النظام، قد اندلعت إثر هجوم لعناصر التنظيم على القرية، وأسفرت عن مصرع اثنين من المسلحين وإصابة آخرين بجراح، بالإضافة لاستيلاء التنظيم على أسلحة من مسلحي القرية.
كما شهدت القرية حركة نزوح للأهالي نحو المناطق المجاورة، فيما تزامنت الاشتباكات مع قصف جوي على تمركزات للتنظيم في المنطقة ومحيطها وقصف لقوات النظام على المنطقة. وأوضح عبد الرحمن أن تنظيم «داعش» يحاول التقدم في ريف السلمية لقطع طريق الإمداد الوحيد لقوات النظام إلى مناطق سيطرتها في محافظة حلب.
وتقع المنطقة على بعد نحو 200 كيلومتر عن محافظة الرقة التي تعتبر مركز ما سماها «دولة الخلافة» التي أعلنها التنظيم وتضم مناطق في سوريا والعراق. والمنطقة جزء من غرب سوريا الذي يسعى الرئيس السوري بشار الأسد إلى تعزيز سيطرته فيه.
وكان التنظيم قد شن قبل أقل من أسبوعين هجوما مماثلا في منطقة الشيخ هلال المجاورة أسفر عن مقتل 63 عنصرا من قوات النظام والمسلحين الموالين لها.
وشن مقاتلو «داعش» هجمات كثيرة في مناطق تسيطر عليها الحكومة بمحافظتي حماه وحمص خلال الأسابيع القليلة الماضية، لكنهم فقدوا السيطرة على أراض في شمال وشمال شرقي البلاد تحت ضغوط من مقاتلين أكراد تدعمهم غارات التحالف الدولي.
وقبل يومين، كان تنظيم «داعش» قد نشر شريطا مصورا يظهر أطفالا دون سن الـ18 كان قد جندهم تحت اسم «أشبال الخلافة»، وهم يحملون بنادق آلية ويقتادون 9 رهائن في مدينة حماه السورية وقد ألبسوا الزي البرتقالي، لإعدامهم جماعيا.
ووزع أحد هؤلاء الأطفال سلاحا أبيض على عناصر آخرين من «داعش»، 8 منهم ملثمون، فيما كان أحدهم مكشوف الوجه، وقاموا بمد الرهائن على الأرض، ووضع رقابهم على أطراف ساقية صنعها عناصر التنظيم، ومن ثم قاموا بذبحهم، تاركين دماءهم تتدفق في الساقية.
ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان، سابقا، انضمام ما لا يقل عن 400 شخص دون سن الـ18 إلى صفوف تنظيم «داعش» تحت اسم «أشبال الخلافة»، منذ مطلع العام الحالي وحتى تاريخ 23 مارس (آذار) الماضي، في مناطق سيطرة التنظيم داخل الأراضي السورية.
«داعش» يعدم 46 شخصًا بريف حماه.. والنظام يصد محاولة تقدم للتنظيم في «ريف السلمية»
توقعات بأن تكون تمهيدًا لعملية أكبر تطال المناطق ذات الغالبية العلوية
«داعش» يعدم 46 شخصًا بريف حماه.. والنظام يصد محاولة تقدم للتنظيم في «ريف السلمية»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة