واشنطن: اعتداء مسلح على مقر وكالة الأمن الوطني

تحقيقات حول الصلة بشبكات التجسس العالمية

قاعدة «فورد ميد» العسكرية في ولاية ماريلاند بالقرب من العاصمة واشنطن  حيث مقر وكالة الأمن الوطني (إ.ب.أ)
قاعدة «فورد ميد» العسكرية في ولاية ماريلاند بالقرب من العاصمة واشنطن حيث مقر وكالة الأمن الوطني (إ.ب.أ)
TT

واشنطن: اعتداء مسلح على مقر وكالة الأمن الوطني

قاعدة «فورد ميد» العسكرية في ولاية ماريلاند بالقرب من العاصمة واشنطن  حيث مقر وكالة الأمن الوطني (إ.ب.أ)
قاعدة «فورد ميد» العسكرية في ولاية ماريلاند بالقرب من العاصمة واشنطن حيث مقر وكالة الأمن الوطني (إ.ب.أ)

في واحدة من مرات قليلة يهاجم فيها مقر استخبارات في واشنطن، ومع احتمال أن تكون وراء الهجوم أسباب سياسية، حاول شخصان، صباح أمس (الاثنين) دخول قاعدة «فورد ميد» العسكرية في ولاية ماريلاند، بالقرب من العاصمة واشنطن، حيث مقر وكالة الأمن الوطني (إن إس إيه)، وأطلقت عليهما الشرطة النار، وقتلت واحدا وجرحت الثاني.
وقالت شرطة مقاطعة «آن آنروندل»، حيث القاعدة، إن الشخصين استقلا سيارة رفضت الوقوف عند المدخل، وإن شرطة المقاطعة هرعت إلى المكان مع سيارات إطفاء، وإسعافات.. لكن، رفضت الشرطة الحديث عن التفاصيل، وأيضا، رفضت متحدثة باسم «إن إس إيه»، ومتحدث باسم مكتب التحقيق الفيدرالي (إف بي آي)، الحديث عن أي تفاصيل، وقالا إن التحقيقات مستمرة. وقالت مصادر إخبارية إن الهجوم ربما تكون له صلة بتسليط الأضواء، خلال العامين الماضيين، على وكالة «إن إس إيه» بسبب كشف وثائق عن شبكات تجسس عملاقة تديرها، وتشمل التجسس على مواطنين أميركيين. غير أن أكثر عملياتها كان خارج الولايات المتحدة، حيث كانت، بالإضافة إلى تعقب الإرهاب والإرهابيين، تتصنت على هواتف واتصالات شخصيات عالمية.
وقال تلفزيون «إي بي سي» إن الرجلين كانا يرتديان ملابس نسائية، وأوضحت كاميرات طائرة هليكوبتر تابعة للقناة حلقت فوق المكان، وجود سيارتين أصيبتا بأضرار كبيرة.
وقال تلفزيون «سي إن إن» على لسان متحدث في وكالة التحقيق الفيدرالي إن الهجوم ليست له أي صلة بالإرهاب. ولا تقتصر انتقادات «إن إس إيه» على أعمال العنف والأعمال الإرهابية. في الشهر الماضي، رفع الاتحاد الأميركي للحريات المدنية (اي سي إل يو)، قضية، باسم مؤسسات أميركية، ضد «إن إس إيه» بتهمة «خرق قوانين الخصوصية، والتجسس على محتويات الرسائل الإلكتروني، والتصفح على الإنترنت، والاتصالات التي تتم عبر الشبكة الدولية». من بين هذه المؤسسات: «ويكميديا»، ومعهد «رذرفورد» المحافظ، ومجلة «ذي نيشن» التقدمية، ومنظمة العفو الدولية - فرع الولايات المتحدة، ومنظمة «هيومان رايتس ووتش».
وجاء في القضية أن الوكالة «لا تملك حقا قانونيا لمراقبة الرسائل الإلكترونية والنشاطات الأخرى في الإنترنت. وأن المراقبة شملت ملايين الأميركيين العاديين».
وفي بداية هذا الشهر، اعتقلت شرطة المقاطعة رجلا ارتكب سلسلة من حوادث إطلاق النار في مبان حكومية بأماكن مختلفة في ولاية ماريلاند، بما في ذلك مبنى تابع لوكالة «إن إس إيه»، على الطريق الرئيسي بين بولتيمور (عاصمة ولاية ماريلاند) وواشنطن العاصمة.
وفي وقت لاحق، اعتقلت شرطة الولاية هونغ يونغ (35 عاما)، وهو حارس سابق في سجن، ولم يقدم إلى المحاكمة بعد. واعترف بأنه «سمع أصواتا» تقول له إنه يجب أن يفعل ما فعل. غير أن الهجوم على منشآت استخباراتية وعسكرية يعتبر خطرا كبيرا. وتكرر ذلك عدة مرات خلال السنوات القليلة الماضية. وقد اعتقل، ثم حوكم بالسجن بتهم الإرهاب، رضوان فردوس، وهو طالب جامعي كان خطط للهجوم على الكونغرس والبنتاغون.
غير أن أكبر هجوم كان في عام 1993، عندما أطلق الباكستاني مير كانسي النار أمام رئاسة وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) في لانغلي (ولاية فرجينيا)، من ضواحي واشنطن العاصمة، وقتل شخصين وأصاب 4 من العاملين في الوكالة.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.