آلاف المعارضين النيجيريين يتظاهرون تنديدا بـ«تجاوزات» انتخابية

الجيش يقصف مواقع «بوكو حرام».. والأمم المتحدة تثني على التصويت

نيجيرية تصوت في مركز اقتراع  في لاغوس خلال الانتخابات النيجيرية أمس (أ.ف.ب)
نيجيرية تصوت في مركز اقتراع في لاغوس خلال الانتخابات النيجيرية أمس (أ.ف.ب)
TT

آلاف المعارضين النيجيريين يتظاهرون تنديدا بـ«تجاوزات» انتخابية

نيجيرية تصوت في مركز اقتراع  في لاغوس خلال الانتخابات النيجيرية أمس (أ.ف.ب)
نيجيرية تصوت في مركز اقتراع في لاغوس خلال الانتخابات النيجيرية أمس (أ.ف.ب)

تظاهر آلاف من أنصار أكبر حزب معارض في نيجيريا أمس في بورت هاركورت في جنوب البلاد، منددين بعمليات تزوير ومطالبين بإلغاء الانتخابات الرئاسية والتشريعية.
والمتظاهرون المؤيدون لحزب المؤتمر التقدمي ساروا إلى مكاتب اللجنة الوطنية الانتخابية المستقلة متهمين إياها بالتلاعب بنتيجة الانتخابات في ولاية ريفرز ومطالبين بإعادة العملية. وريفرز التي تعتبر خزان الإنتاج النفطي في نيجيريا ولاية أساسية في الانتخابات الرئاسية التي يتنافس فيها الرئيس المنتهية ولايته غودلاك جوناثان والمعارض محمد بخاري، مرشح المؤتمر التقدمي.
وقال داكوكو بيترسايد مرشح المعارضة لمنصب حاكم الولاية: «نحن هنا لتسجيل مطالبتنا بإلغاء الانتخابات التي جرت في ولاية ريفرز أول من أمس». واتهم بيترسايد اللجنة الانتخابية بالانحياز للحزب الديمقراطي الشعبي الحاكم بزعامة جوناثان، وطالب بإجراء انتخابات جديدة. ومن جهتها، نفت المتحدثة باسم اللجنة تونيا نووبي «أي تلاعب بالنتائج».
وقال رئيس لجنة الانتخابات في نيجيريا الطاهر جيجا في مؤتمر صحافي إن «النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية التي أجريت في البلاد مطلع الأسبوع قد تتوفر بحلول مساء أمس».
وأضاف جيجا أنه «يشعر بالقلق بشأن مزاعم عن وقوع تجاوزات في التصويت في ولاية ريفرز الجنوبية المنتجة للنفط حيث خرج مئات من أنصار المعارضة في احتجاجات».
وقال جيجا في مؤتمر صحافي في العاصمة أبوجا: إن «سلطات الانتخابات تحقق في شكاوى تركزت على منع مندوبي حزب المعارضة من حضور اجتماع لفرز الأصوات».
وواصل، أمس، الناخبون في نيجيريا الإقبال على نحو 300 مركز اقتراع بعد يوم أول تخللته مشاكل تقنية وأعمال عنف، لكن أيضا وسط إقبال كبير على الانتخابات الرئاسية الأكثر تنافسية في تاريخ البلاد.
وبينما استؤنفت عملية التصويت أمس، قصفت طائرتان تابعتان للجيش النيجيري مواقع لجماعة بوكو حرام المتطرفة في شمال شرقي البلاد، حيث قتل 8 نيجيريين ودمرت مكاتب اقتراع في سلسلة هجمات نسبت للمتمردين خلال اليومين الماضيين.
وبحسب اللجنة الانتخابية المستقلة، فإن تسجيل الناخبين الأمر اللازم للتصويت استؤنف «في 300 مكتب من 150 ألف مكتب في نيجيريا كلها»، تم تعليق العمل فيها بسبب عدم عمل البطاقات البيومترية، السبت الماضي. ودعي نحو 69 مليون ناخب من أصل 173 مليون نسمة العدد الإجمالي للسكان في نيجيريا البلد الأكثر اكتظاظا بالسكان في أفريقيا، لانتخاب الرئيس وأعضاء مجلس الشيوخ الـ109 والنواب الـ360 في أول بلد منتج للنفط وأول قوة اقتصادية في القارة.
وبحسب متحدث باسم اللجنة الانتخابية: «انتهت عمليات التصويت مساء أمس»، وأضاف: «نظريا ستعلن النتائج النهائية غدا».
ولم تحبط الطوابير الطويلة وساعات الانتظار عزم الناخبين الكثيرين المتحمسين الذين بقي الكثير منهم بعد التصويت لمراقبة عملية الفرز في بعض المناطق على ضوء مصابيح الجيب والهواتف النقالة، في بلد تنقطع فيه الكهرباء لساعات يوميا.
وأشار المتحدث باسم الحكومة مايك اومري إلى «نسبة مشاركة قياسية»، لكنه لم يقدم أرقاما. وقال: إن «هذه المشاركة تمثل انتصارا للديمقراطية» رغم المشاكل اللوجستية.
ودافع المؤتمر التقدمي بزعامة الجنرال السابق محمد بخاري، أبرز منافسي الرئيس المنتهية ولايته غودلاك جوناثان، عن نظام التسجيل البيومتري الجديد للناخبين أثناء الحملة الانتخابية، معتبرا أنه يتيح تفادي التزوير الانتخابي الشائع في نيجيريا.
لكن الحزب الديمقراطي الشعبي بزعامة جوناثان يعارض ذلك منذ البداية ويقول إن «تجربته للمرة الأولى في اقتراع بهذه الأهمية تنطوي على مخاطرة كبيرة».
وبدوره هنأ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أمس النيجيريين على تنظيم الانتخابات التي قال إنها تجري «بهدوء وبشكل منظم»، رغم هجمات بوكو حرام التي أعلنت مبايعتها لتنظيم داعش. ودعا بان الأطراف كافة إلى نبذ العنف فيما تبقى من عمليات التصويت، وعند إعلان النتائج، ولكنه أكد أن النيجيريين أظهروا الكثير من المثابرة عبر التوجه إلى صناديق الاقتراع «رغم هذا العنف غير المبرر». وأضاف في بيان أن «نتيجة العملية الانتخابية ستشكل خطوة مهمة إلى الأمام في ترسيخ الديمقراطية والقانون في نيجيريا».



الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
TT

الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)

في وقت تسحب فرنسا قواتها من مراكز نفوذها التقليدي في الساحل وغرب أفريقيا، وتبحث عن شركاء «غير تقليديين»، يحتدمُ الجدل في نيجيريا حول السماح للفرنسيين بتشييد قاعدة عسكرية في البلد الأفريقي الغني بالنفط والغاز، ويعاني منذ سنوات من تصاعد وتيرة الإرهاب والجريمة المنظمة.

يأتي هذا الجدل في أعقاب زيارة الرئيس النيجيري بولا تينوبو نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى فرنسا، والتي وصفت بأنها «تاريخية»، لكونها أول زيارة يقوم بها رئيس نيجيري إلى فرنسا منذ ربع قرن، ولكن أيضاً لأنها أسست لما سمّاه البلدان «شراكة استراتيجية» جديدة.

وتمثلت الشراكة في اتفاقيات تعاون هيمنت عليها ملفات الطاقة والاستثمار والمعادن، ولكنّ صحفاً محلية في نيجيريا تحدّثت عن اتفاقية تسمحُ للفرنسيين بإقامة قاعدة عسكرية داخل أراضي نيجيريا، وذلك بالتزامن مع انسحاب القوات الفرنسية من دول الساحل، خصوصاً تشاد والنيجر، البلدين المجاورين لنيجيريا.

لا قواعد أجنبية

ومع تصاعد وتيرة الجدل، تدخل الجيش النيجيري ليؤكد أن ما يجري تداوله بخصوص «قاعدة عسكرية» أجنبية فوق أراضي نيجيريا مجرد «شائعات»، نافياً وجود خطط للسماح لأي قوة أجنبية بإقامة قاعدة عسكرية في نيجيريا.

وتولّى قائد الجيش النيجيري، الجنرال كريستوفر موسى، بنفسه مهمة الرد، فأوضح أن «زيارة الرئيس بولا تينوبو الأخيرة إلى فرنسا، وُقِّعت خلالها عدد من الاتفاقيات الثنائية، لم تشمل السماح بإنشاء قواعد عسكرية أجنبية في نيجيريا».

وكان قائد الجيش يتحدّث خلال حفل عسكري بمقر وزارة الدفاع في العاصمة أبوجا، بمناسبة تغيير شعار القوات المسلحة النيجيرية، وقال إنه يوّد استغلال الفرصة لتوضيح ما جرى تداوله حول «قاعدة عسكرية أجنبية» في نيجيريا. وقال: «لقد أوضح الرئيس بشكل لا لبس فيه أن ما تم توقيعه هو اتفاقيات ثنائية تتعلق بالتجارة، والثقافة، والتقاليد، والتعاون، والاقتصاد، ولا وجود لأي شيء يتعلق بقاعدة عسكرية أجنبية».

وأوضح الجنرال موسى أن الرئيس تينوبو «يدرك تماماً عواقب مثل هذا القرار، ويعلم أن من واجبه حماية نيجيريا، ومن ثم، لن يسمح مطلقاً لأي قوة أجنبية بدخول نيجيريا»، ولكن قائد الجيش أكد: «سنستمر في التعاون بشكل ثنائي من خلال التدريب المشترك وإرسال ضباطنا كما هو معتاد، ولكن إنشاء قاعدة عسكرية أجنبية في نيجيريا ليس ضمن خطط الرئيس».

كراهية فرنسا

ورغم تصريحات قائد الجيش، فإن الجدل لم يتوقف؛ حيث عَبَّر «تحالف جماعات الشمال»، وهو هيئة سياسية ناشطة في نيجيريا، عن إدانته قرار السماح للعسكريين الفرنسيين بدخول أراضي نيجيريا، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، حين انتقد بشكل لاذع عقد شراكة مع فرنسا.

وقال التحالف: «إن القرار يتعلق باتفاقية ثنائية جرى توقيعها بين نيجيريا وفرنسا تمنح الأخيرة وصولاً غير مقيد إلى الموارد المعدنية في نيجيريا»، وذلك في إشارة إلى اتفاقية وقعها البلدان للتعاون في مجال المعادن النادرة.

المنسق الوطني لتحالف جماعات الشمال، جميل علي تشارانشي، اتهم الرئيس تينوبو بالسعي نحو «تسليم سيادة نيجيريا إلى فرنسا، والتغطية على ذلك بمبررات مضللة»، ثم وصف ما يقوم به تينوبو بأنه «مناورة دبلوماسية مكشوفة».

الناشط السياسي كان يتحدث بلغة حادة تجاه فرنسا؛ حيث وصفها بأنها «دولة عدوانية؛ تدعم وتمول تفكيك المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)»، قبل أن يحملها مسؤولية «جو الحرب الذي تعيشه منطقة غرب أفريقيا».

وخلُص الناشط السياسي إلى أنه مصدوم من «إمكانية أن تخضع نيجيريا، بتاريخها الفخور بالدفاع عن السيادة الأفريقية، لتأثير أجنبي، نحن نرفض ذلك، وسنعارضه بشدة»، على حد قوله.

شراكة مفيدة

الرئيس النيجيري بولا تينوبو لدى حضوره حفل تنصيب رئيس تشاد في ندامينا 23 مايو (رويترز)

في المقابل، ارتفعت أصوات في نيجيريا تدافع عن تعزيز التعاون والشراكة مع فرنسا، وعدّت الحديث عن «قاعدة عسكرية» محاولة للتشويش على الطموحات الاقتصادية للبلدين.

في هذا السياق، قال المحلل السياسي النيجيري، نيكسون أوكوارا: «إن العالم يتّجه بسرعة نحو نظام متعدد الأقطاب، وإعادة صياغة التحالفات التقليدية، وهذا الواقع الجديد يتطلب من نيجيريا الاصطفاف مع شركاء يقدمون فوائد استراتيجية دون التنازل عن سيادتها».

وأضاف المحلل السياسي أن «فرنسا، رغم تاريخها غير الجيد في أفريقيا، فإنها تمنح لنيجيريا فرصة إعادة التفاوض على العلاقات من موقع قوة؛ حيث تواجه فرنسا معضلة تراجع نفوذها بشكل مطرد في الساحل وغرب أفريقيا».

وشدّد المحلل السياسي على أن نيجيريا يمكنها أن تربح «مزايا اقتصادية كبيرة» من الشراكة مع فرنسا، كما أكّد أنّه «مع تصاعد التحديات الأمنية في منطقة الساحل، يمكن للخبرات والموارد العسكرية الفرنسية أن تكمل جهود نيجيريا لتحقيق الاستقرار في المنطقة».

تعاون عسكري

التعاون العسكري بين فرنسا ونيجيريا عرف صعوداً مهماً عام 2016، حين وقع البلدان اتفاقية للتعاون العسكري والأمني، خصوصاً في مجالات الاستخبارات، والتدريب والإعداد العملياتي.

في الفترة الأخيرة، بدأ الحديث عن رغبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تعزيز هذا التعاون، وهو الذي عمل لستة أشهر في السفارة الفرنسية في أبوجا، حين كان طالباً في المدرسة الوطنية للإدارة. وبوصفها خطوة لتطوير التعاون العسكري بين البلدين، أعلن الجنرال حسن أبو بكر، قائد القوات الجوية النيجيرية، الأسبوع الماضي، أن بلاده تستعد للاستحواذ على 12 طائرة من طراز «ألفاجيت» مستعملة من القوات الجوية الفرنسية، ستتم إعادة تشغيل 6 منها، في حين ستُستخدم الـ6 أخرى مصدراً لقطع الغيار.

ورغم أنه لم تعلن تفاصيل هذه الصفقة، فإن نيجيريا أصبحت خلال السنوات الأخيرة «زبوناً» مهماً للصناعات العسكرية الأوروبية، وسوقاً تتنافس عليها القوى المصنعة للأسلحة، خصوصاً سلاح الجو الذي تراهن عليه نيجيريا لمواجهة خطر الإرهاب في غابات حوض بحيرة تشاد، أقصى شمال شرقي البلاد.