الكتاب السوري يعود إلى عصر النسخ

أقدم المكتبات السورية تحولت لبيع ألعاب الأطفال

بسطات بيع الكتب الشعبية والقديمة وسط دمشق
بسطات بيع الكتب الشعبية والقديمة وسط دمشق
TT

الكتاب السوري يعود إلى عصر النسخ

بسطات بيع الكتب الشعبية والقديمة وسط دمشق
بسطات بيع الكتب الشعبية والقديمة وسط دمشق

إنها ظاهرة معروفة ومنتشرة في سوق الكتاب بالمدن السورية حتى قبل الأزمة الحالية، وهي «نسخ» الكتب الرائجة وتغليفها بطريقة بسيطة غير مكلفة وبيعها للقرّاء بأسعار رخيصة نسبيا. ويطلق البعض على هذه الظاهرة تسمية «القرصنة». وتأتي في مقدّمة عناوين الكتب المنسوخة كتب الأبراج والحظ التي يصدرها المتنبئون في بداية كل عام وخاصة اللبنانيين منهم، وهناك كتب الطبخ والكتب التي تعنى بالصحة والأعمال الروائية للروائيين العرب والأجانب والكتب الفلسفية والسياسية والتاريخية، وهي ما تزال مطلوبة.
هذه الظاهرة تعمقّت في السنوات الأربع الماضية في ظل الحرب والأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد وارتفاع أسعار الكتاب لما يعادل 4 أضعاف سعره عمّا كان عليه قبل الأزمة ولذلك اضطر الكثير من أصحاب المكتبات إلى إغلاقها أو تغيير مهنتهم مع انخفاض حركة بيع الكتب بشكل كبير، فيما نشطت حركة بيع الكتب المنسوخة بأسعارها الرخيصة على بسطات الأرصفة المعروفة في مناطق الحلبوني والبرامكة وفيكتوريا وغيرها وفي بعض المكتبات الشعبية البعيدة عن الأسواق الرئيسية وفي المدن البعيدة عن العاصمة.
الكثير من المتابعين اعتبروا هذه الظاهرة لمصلحة القارئ السوري في ظل الظروف الراهنة التي يعيشها فيما يقول قسم أصحاب المكتبات إن بعض دور النشر تطبعها وتبيعها للمكتبات بسعر رخيص كـ«نسخ شعبية»، فكتب مثل روايات الجزائرية أحلام مستغانمي قد يصل سعرها إلى نحو 2000 ليرة سوريا (ما يعادل 8 دولارات أميركية) بينما تباع بالنسخة الشعبية أو المنسوخة بـ«300 ليرة سورية» أي نحو دولار.. وهكذا.
هيثم حافظ رئيس اتحاد الناشرين السوريين تحدث لـ«الشرق الأوسط» عن هذه الظاهرة ومدى متابعتها قبل الجهات المعنية ومن الاتحاد نفسه قائلا: «هذا الموضوع نعاني منه في سوريا والأزمة الحالية سهلت عملية الناسخين وزادت من ظاهرة السرقة الأدبية. وتحاول الحكومة عن طريق مديرية حماية المؤلف في وزارة الثقافة الحد من هذه القرصنة ولكن للأسف هناك بيئة صالحة لتفاقم هذا الأمر.. وكناشرين نسعى لوقف عملية التزوير قدر المستطاع وطرح النسخ الأصلية من الكتاب. لكن المشكلة أنّ الواقع الحالي يقول إن القارئ السوري لا يستطيع شراء الكتاب من الناشر والموزع لارتفاع سعره».
أما الباحث والكاتب علي القيّم فيقول عن هذه الظاهرة: «ظاهرة قرصنة الكتب وخاصة المطلوب منها ككتب الأبراج والطبخ والروايات والترجمات. إنهم ينسخونها ويطبعونها في دمشق وهذه الظاهرة كانت موجودة سابقا ولكنها ازدادت في ظل الأزمة بعد الحصار الذي تسبب بعدم وصول الكتاب للمكتبات السورية فازدهرت حركة نسخ هذه الكتب التي تباع بخمس القيمة. وهذا لصالح القارئ، فهو يشتري الكتاب المنسوخ بـ200 ليرة بينما سعره الحقيقي هو 1000 ليرة. إنهم يجلبون الكتاب الأصلي من أي مكان ويطبعونه (ريزو) وبنسخ متعددة ويبيعونه بطباعة أنيقة. الأزمة عمّقت هذه الظاهرة كما تسببت بإغلاق المكتبات. هناك مكتبات أغلقت وتحولت لبيع البالة أو الساندويتش أو لمقاه مثل مكتبة التنبكجي».
محمد حسام الكرم صاحب مكتبة الكوثر بدمشق القديمة ولديه دار نشر بالاسم نفسه يقول لـ«الشرق الأوسط» عن هذه الظاهرة: «هناك أولويات لدى الإنسان. وآخر شيء يمكن أن يفكر فيه هو شراء الكتاب وخاصة في السنوات الأخيرة إذ ارتفعت أسعاره مع ارتفاع أسعار الورق وتكاليف طباعته، كما أن قراءة أي كتاب تحتاج لبال رائق ليستمتع المرء بقراءته، وهذا غير موجود حاليا بسبب الحرب والأزمة. للأسف إن أهم وأكبر مكتبات دمشق كاليقظة في سوق الصالحية تحوّلت لبيع ألعاب الأطفال والأدوات المنزلية ومكتبة الزهراء القريبة منها أغلقت أبوابها حيث حركة البيع قليلة جدا وبعضها صار يعتمد على التصوير وبيع القرطاسية. ولذلك زادت ظاهرة نسخ الكتب وبيعها بسعر رخيص وهناك أشخاص متخصصون يبيعون هذه النسخ الرخيصة الثمن في المكتبات وعلى الأرصفة. وقد يكونون قد اشتروها من خارج سوريا بسعر رخيص من دار نشر أو تكون دار النشر نفسها في لبنان مثلا أو غيره من البلدان التي تطبع نسخا شعبية رخيصة الثمن مخصصة للسوق السوري وهذا في رأيي يصب في مصلحة القارئ السوري».
من ناحية أخرى، وفي مقابل غلاء سعر الكتاب، انتشرت بعض المبادرات الشعبية والمحلية والأهلية لتوفير الكتاب للقارئ من خلال مبادرات ثقافية متنوعة للتبرع بالكتاب أو تبادله كان منها مثلا ما قام به فريق شبابي أطلق على نفسه اسم «التاريخ السوري» إذ يقوم الفريق بين فترة وأخرى بتنظيم حملة لتبادل الكتب مجانا تحت اسم «تبرع بكتابك» في ساحة الروضة الدمشقية، كما يقوم بجمع كتب بكافة أنواعها وعرضها للتبادل.
وهناك أيضا اسم «منتدى البناء الثقافي» التي برز مع بداية العام الحالي، ونظم «معرض الكتاب التبادلي» ضمن فعاليات مكتبة «جذور التشاركية». ويقول أصحابه عنه إنه «فضاء ثقافي ومعرفي وتشاركي يتيح لرواده ومنتسبيه من كافة فئات المجتمع السوري وخاصة الشباب منهم مشاركة مكتباتهم الخاصة مع مكتبة جذور التشاركية وذلك عبر مبادلة كتاب أو أكثر». وتضم المكتبة مختلف أنواع الكتب العلمية والأدبية والفلسفية.



الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
TT

الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)

دعا الشاعر السوري أدونيس من منفاه في فرنسا الأربعاء إلى "تغيير المجتمع" في بلده وعدم الاكتفاء بتغيير النظام السياسي فيه بعد سقوط الرئيس بشار الأسد.

وقال أدونيس (94 عاما) خلال مؤتمر صحافي في باريس قبيل تسلّمه جائزة أدبية "أودّ أولا أن أبدي تحفّظات: لقد غادرتُ سوريا منذ العام 1956. لذلك أنا لا أعرف سوريا إذا ما تحدّثنا بعمق". وأضاف "لقد كنت ضدّ، كنت دوما ضدّ هذا النظام" الذي سقط فجر الأحد عندما دخلت الفصائل المسلّحة المعارضة إلى دمشق بعد فرار الأسد إلى موسكو وانتهاء سنوات حكمه التي استمرت 24 عاما تخلّلتها منذ 2011 حرب أهلية طاحنة.

لكنّ أدونيس الذي يقيم قرب باريس تساءل خلال المؤتمر الصحافي عن حقيقة التغيير الذي سيحدث في سوريا الآن. وقال "أولئك الذين حلّوا محلّه (الأسد)، ماذا سيفعلون؟ المسألة ليست تغيير النظام، بل تغيير المجتمع". وأوضح أنّ التغيير المطلوب هو "تحرير المرأة. تأسيس المجتمع على الحقوق والحريات، وعلى الانفتاح، وعلى الاستقلال الداخلي".

واعتبر أدونيس أنّ "العرب - ليس العرب فحسب، لكنّني هنا أتحدّث عن العرب - لا يغيّرون المجتمع. إنّهم يغيّرون النظام والسلطة. إذا لم نغيّر المجتمع، فلن نحقّق شيئا. استبدال نظام بآخر هو مجرد أمر سطحي". وأدلى الشاعر السوري بتصريحه هذا على هامش تسلّمه جائزة عن مجمل أعماله المكتوبة باللغتين العربية والفرنسية.

ونال أدونيس جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس وتحمل اسم شاعر كتب باللغتين الكتالونية والإسبانية.