هل المبادرة الخليجية ما زالت على الطاولة؟

تمثل الملاذ الأخير للعودة لمنطق الحكمة والشراكة

هل المبادرة الخليجية ما زالت على الطاولة؟
TT

هل المبادرة الخليجية ما زالت على الطاولة؟

هل المبادرة الخليجية ما زالت على الطاولة؟

بعد أن أصبح آخر الدواء الكيّ، ما هو مستقبل المبادرة الخليجية، التي سعت لحل الأزمة اليمنية بعد الثورة ضد الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، وسعت لحقن الدماء وتشكيل حكومة وفاق وطني، لكنها منحت الحصانة للرئيس السابق بعد استقالته؟
لم تكن المبادرة الخليجية سوى محاولة لاستنقاذ الوضع في اليمن من الوقوع في الفوضى، وهي على الرغم من أنها لم تلب كل مطالب الفرقاء وبينهم شباب الثورة، وعلى الرغم من أنها حملت نواقص رئيسية أهمها إعطاء فرصة لرجال النظام القديم، فإنها كانت في المعنى السياسي أكثر الحلول واقعية بالنظر لظروف اليمن المعقدة. وكان يمكن لجميع الفرقاء أن يبنوا على تلك المبادرة التي حظيت بدعم مجلس الأمن والمجتمع الدولي، خاصة أنها تعطي الأطراف المتصارعة الفرصة لتقرير مصير بلادهم دون الخوف من الاستفراد بالسلطة.
وعلى الرغم من التطورات التي أعقبت سقوط صنعاء في 21 سبتمبر (أيلول) الماضي في أيدي الحوثيين، وعلى الرغم من نشوة القوة التي كانت تتمتع بها جماعة الحوثي، فإن هذه المبادرة ما زالت تمثل الملاذ السياسي الأخير لعودة كل الأطراف لمنطق العقل والحكمة، والقبول بتقاسم السلطة عوضا عن الاستفراد بها.
وحتى بعد العمليات العسكرية الضرورية التي قامت بها المملكة مدعومة بالتحالف الدولي لدعم الشرعية، فإن هذه المبادرة ومؤتمر الحواري الرياض، الذي فتح الباب للحوثيين لكي ينضموا لشركائهم في اليمن للبحث عن حلول مرضية للأزمة، ما زالا السبيل الممكن لتجنيب اليمن صراعا طويل الأجل يهدد وحدته أو يستثير خلايا الإرهاب المتفشية فيه.
ما هي المبادرة الخليجية؟
بموجب تلك المبادرة التي حظيت بموافقة أغلب الأطراف، تم الاتفاق على تشكيل حكومة وفاق وطني تتقاسمها السلطة التي كانت حاكمة والمعارضة، وأن تبدأ الحكومة المشكّلة في توفير الأجواء المناسبة لتحقيق الوفاق الوطني وإزالة عناصر التوتر سياسيا وأمنيا.
ونصّت المبادرة على أن يمنح مجلس النواب الحصانة للرئيس صالح ومن عملوا معه ضد الملاحقة القانونية والقضائية، على أن يقدم رئيس الجمهورية استقالته إلى مجلس النواب ويصبح نائب الرئيس هو الرئيس الشرعي بالإنابة بعد مصادقة مجلس النواب على الاستقالة.
وبعد الانتخابات، أوصت المبادرة بأن يشكل الرئيس الجديد (المنتخب) لجنة دستورية للإشراف على إعداد دستور جديد. وأن يتم عرض الدستور على استفتاء شعبي. وبعد إجازته يتم وضع جدول زمني لانتخابات برلمانية جديدة بموجب أحكام الدستور الجديد. كما نصّت على أن يتولى الحزب الفائز بأكبر عدد من الأصوات تشكيل الحكومة. وقضت المبادرة بأن تكون دول مجلس التعاون والولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي شهودا على تنفيذ هذا الاتفاق.
يذكر أن المبادرة الخليجية لم تسر على درب سهل، فقد كان لها معارضون بين شباب الثورة وأحزاب المعارضة وذلك بسبب عدم تضمنها الرحيل الفوري لعلي عبد الله صالح ونظامه. كما ماطل الرئيس صالح كثيرا في قبول هذه المبادرة، وقد تعرض في 3 يونيو (حزيران) 2011 لانفجار صاروخي عقب صلاة الجمعة بمسجد في دار الرئاسة، نقل على أثره للرياض لتلقي العلاج.
لكن الرئيس المخلوع وقّع في الرياض في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) 2011 اتفاقا لنقل السلطة في ضوء المبادرة الخليجية، التي تنص على تشكيل حكومة وحدة وطنية خلال 14 يوما وإجراء انتخابات رئاسية خلال 90 يوما. وقد سارت بنود هذه المبادرة حيّز التطبيق، فحصل صالح على تصويت البرلمان في 21 يناير (كانون الثاني) 2012 بالإجماع على منحه الحصانة ضد الملاحقة القضائية. وفي اليوم نفسه زكى المجلس عبد ربه منصور هادي مرشحا توافقيا للانتخابات الرئاسية المبكرة.
وبالتالي، فقد انتهى رسميا عهد الرئيس علي عبد الله صالح في 25 فبراير (شباط) 2012، وسلم السلطة إلى خلفه عبد ربه منصور هادي.
جلسات الحوار الوطني بدأت في 18 مارس (آذار) 2013، وشاركت فيها مختلف أطياف المجتمع، لكن الحراك الجنوبي انسحب من مؤتمر الحوار الوطني في 27 نوفمبر 2013، كما أن الحوثيين اقتحموا قبل ذلك (في أغسطس/ آب) مدينة دماج بمحافظة صعدة في مواجهات بينهم وبين مقاتلي الجماعة السلفية، وقد استمر التوتر في دماج حتى منتصف يناير 2014 حين انسحب المقاتلون السلفيون من دماج وفقا لاتفاق وقف إطلاق نار مع الحوثيين.
وفي 25 يناير 2014 حصل الرئيس عبد ربه منصور هادي على تمديد لفترة رئاسته لمدة عام آخر، كما وافقت القوى السياسية في مؤتمر الحوار الوطني في اليمن على نظام اتحادي جديد للبلاد، وإعادة هيكلة مجلس الشورى لمنح الجنوب والحوثيين مزيدا من التمثيل.
وفي فبراير 2014 بدا وكأن الرئيس المخلوع ينتقم من خصومه الذين أسهموا في إزاحته من السلطة، حيث تقدم الحوثيون للسيطرة على مدينة الخمري معقل زعماء قبيلة حاشد في محافظة عمران بعد اشتباكات مع قبائل حاشد والسلفيين. وفي 9 يوليو (تموز) 2014 سيطر الحوثيون على محافظة عمران.
وفي 14 أكتوبر (تشرين الأول) 2014 سيطر الحوثيون على مرفأ الحديدة على البحر الأحمر (230 كم غرب صنعاء)، ثم تقدموا نحو الوسط، ولم يواجهوا مقاومة من القوات الحكومية، واستولوا على مناطق في محافظات ذمار وإب والبيضاء، لكنهم خاضوا معارك دامية مع مقاتلي «القاعدة» المتحالفين مع القبائل المحلية، خصوصا في إب ورداع.
التقدم العسكري الحوثي نحو العاصمة بدأ بحلول 18 أغسطس 2014 حين احتشد عشرات الآلاف من الحوثيين وأنصارهم في صنعاء احتجاجا على أسعار الوقود، ورفعوا شعار إسقاط الحكومة. وتطورت الاعتصامات حتى وصلت في سبتمبر لإغلاق الشوارع الرئيسية وشل الحركة في صنعاء، وفي 19 سبتمبر رد الجيش الموالي للرئيس هادي بقصف مواقع الحوثيين عند مداخل صنعاء، واندلعت مواجهات انتهت بعد يوم واحد بسيطرة كاملة ومفاجئة للحوثيين على معظم أجزاء العاصمة صنعاء، ومعها الوزارات ومقار الحكومة. كما استولى الحوثيون على القصر الرئاسي. وكانت النتيجة أن الرئيس هادي وقع مع الحوثيين اتفاق مصالحة يتضمن إنهاء الاعتصامات وتشكيل حكومة وفاق وطني وخفض أسعار الوقود، وسمي الاتفاق باتفاق السلم والشراكة الوطنية.
تفاقمت المشكلة بين الحوثيين والرئيس هادي، وبسبب هذا الخلاف أعلن الحوثيون في 6 فبراير 2015 حل البرلمان وتشكيل مجلس رئاسي. وظلّ الرئيس هادي تحت الإقامة الجبرية في صنعاء حتى 21 فبراير 2015، حين لجأ إلى عدن بعد أن فرّ من قبضة الحوثيين.
ورغم أن التطورات لم تكن مرضية من قبلها، فقد دعت السعودية لعقد مؤتمر للحوار اليمني في العاصمة السعودية الرياض، بعد مشاورات خليجية في ضوء رسالة وجهها الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز.



مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الخارجية المصرية، السبت، أن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ستشهد إطلاق حركة «حماس» سراح 33 محتجزاً إسرائيلياً مقابل 1890 فلسطينياً.

وعبرت الوزارة، في بيان، عن أملها في أن يكون الاتفاق البداية لمسار يتطلب تكاتف الجهود الإقليمية والدولية لتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني.

ودعت مصر المجتمع الدولي، خاصة الولايات المتحدة، لدعم وتثبيت الاتفاق والوقف الدائم لإطلاق النار، كما حثت المجتمع الدولي على تقديم كافة المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني، ووضع خطة عاجلة لإعادة إعمار غزة.

وشدد البيان على «أهمية الإسراع بوضع خارطة طريق لإعادة بناء الثقة بين الجانبين، تمهيداً لعودتهما لطاولة المفاوضات، وتسوية القضية الفلسطينية، في إطار حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس».

وأشارت الخارجية المصرية إلى التزامها بالتنسيق مع الشركاء: قطر والولايات المتحدة، للعمل على التنفيذ الكامل لبنود اتفاق وقف إطلاق النار من خلال غرفة العمليات المشتركة، ومقرها مصر؛ لمتابعة تبادل المحتجزين والأسرى، ودخول المساعدات الإنسانية وحركة الأفراد بعد استئناف العمل في معبر رفح.

وكانت قطر التي أدت مع مصر والولايات المتحدة وساطة في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، أعلنت أن 33 رهينة محتجزين في غزة سيتم الإفراج عنهم في إطار المرحلة الأولى من الاتفاق.

وكانت وزارة العدل الإسرائيلية أعلنت أن 737 معتقلا فلسطينيا سيُطلق سراحهم، إنما ليس قبل الساعة 14,00 ت غ من يوم الأحد.

ووقف إطلاق النار المفترض أن يبدأ سريانه الأحد هو الثاني فقط خلال 15 شهرا من الحرب في قطاع غزة. وقُتل أكثر من 46899 فلسطينيا، معظمهم مدنيون من النساء والأطفال، في الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، وفق بيانات صادرة عن وزارة الصحة التي تديرها حماس وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقا بها.

وأعربت الخارجية المصرية في البيان عن «شكرها لدولة قطر على تعاونها المثمر»، كما ثمّنت «الدور المحوري الذي لعبته الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإنهاء الأزمة إلى جانب الرئيس الأميركي جو بايدن».