باريس: السعودية حليف استراتيجي ومستعدون لدراسة أي طلب تقدمه

مصادر فرنسية رسمية لـ«الشرق الأوسط»: التدخل العسكري يجب أن يحافظ على فرصة العودة لطاولة المفاوضات

باريس: السعودية حليف استراتيجي ومستعدون لدراسة أي طلب تقدمه
TT

باريس: السعودية حليف استراتيجي ومستعدون لدراسة أي طلب تقدمه

باريس: السعودية حليف استراتيجي ومستعدون لدراسة أي طلب تقدمه

أكدت باريس أمس أن المملكة السعودية «حليف استراتيجي» وأنها «جاهزة» لدراسة أي طلب للمساعدة يمكن أن تقدمه الرياض في الحملة العسكرية التي بدأتها ضد الحوثيين في اليمن. وأضافت مصادر فرنسية رسمية لـ«الشرق الأوسط» أن البيان الذي صدر عن وزارة الخارجية «يمثل دعم باريس السياسي» للعملية العسكرية التي ترى أنها «أصبحت ضرورية ولا غنى عنها» من أجل المحافظة على «فرصة ما للعودة إلى طاولة الحوار وإعادة إنتاج شروط التوصل إلى حل سياسي» للأزمة. وكشفت هذه المصادر أن الخارجية الفرنسية أرسلت سفيرها إلى عدن أواسط الأسبوع الماضي للقاء الرئيس هادي في عدن وللتعبير عن دعم فرنسا له وتشجيعه على الاستمرار في المقاومة والتمسك بالشرعية وهو «الموقف الثابت» لفرنسا منذ اندلاع الأزمة.
وكانت الخارجية أصدرت ظهرا بيانا يتضمن 3 نقاط: الأولى، تعتبر أن العملية العسكرية «جاءت بناء على طلب السلطات الشرعية اليمنية» الممثلة بالرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي. والثانية، الإدانة «الشديدة» لأعمال «ضرب الاستقرار» التي قام بها الحوثيون ودعوة «من يدعمهم» للتوقف عن ذلك «مباشرة». أما النقطة الثالثة، فإن باريس تعبر «عن وقوفها إلى جانب شركائها من أجل إعادة الاستقرار إلى اليمن والمحافظة على وحدته».
ما فتئت باريس تعرب عن مخاوفها من تشرذم اليمن وانقسامه إلى 3 كيانات شمالية وجنوبية وأخرى في شرق البلاد تقع بأيدي «القاعدة» أو «داعش» أو الاثنين معا. كذلك تتخوف من وقوع الممرين المائيين الرئيسيين في المنطقة وهما مضيق هرمز المتحكم بمياه الخليج وباب المندب المتحكم بمدخل البحر الأحمر تحت الهيمنة الإيرانية الأمر الذي يهدد التجارة العالمية وتزويد الأسواق بالنفط ويدخل المنطقة في نزاع مفتوح سياسيا واستراتيجيا وطائفيا ما يعني أن النزاع اليمني لم يعد محليا بل أصبح إقليميا وعالميا فضلا عن كونه بالغ التعقيد.
لكل هذه الأسباب، تعتبر باريس أن الحوثيين «تجاوزوا كافة الخطوط الحمراء» عندما حاولوا وضع اليد تماما على كل اليمن بعد احتلال صنعاء والزحف باتجاه عدن وبعد أن تبين أنهم «أصبحوا أداة بيدي إيران» التي أعطت هي نفسها مصداقية لهذا الكلام بتأكيد أحد مسؤوليها السيطرة على أربع عواصم عربية بينها صنعاء. وتفيد المصادر الفرنسية أنها «تملك معلومات استخبارية» عن حضور إيراني عسكري في اليمن الأمر الذي لا يخفيه الإيرانيون أنفسهم.
وترى باريس أن هيمنة الحوثيين ومن ورائهم إيران كانت ستدخل اليمن في حرب طويلة المدى «لأن الحوثيين لا يشكلون سوى 25 في المائة من السكان وبالتالي ليست لديهم الإمكانات البشرية والمادية والعسكرية للإمساك بالبلاد بصورة دائمة». لكن النتيجة المباشرة للهيمنة الحوثية الكاملة كانت «وأد» أي أمل بالتوصل إلى حل سياسي لأن الميليشيات الحوثية كانت لن تقبل العودة إلى التفاوض بعد أن وضعت يدها على كافة مقدرات البلاد الإدارية والمادية والعسكرية. ولذا، فإن فرنسا «تتمنى» أن تكون العملية العسكرية «الباب الذي يعاد فتحه» من الرجوع إلى طاولة المفاوضات وألا تكون مقدمة لرحب طويلة في اليمن وفي المنطقة. ولذا، فإن تدخل التحالف الجديد الذي تقوده السعودية لمنع سقوط عدن والإجهاز على الرئيس هادي «من شأنه ترك باب للأمل» لأنه «سيفهم الحوثيين ومن يدعمهم» أن الهيمنة المطلقة ممنوعة وأنه لا خلاص إلا بالعودة لطاولة المفاوضات وليس فرض الأمر الواقع بالإكراه. وتختصر المصادر الفرنسية الوضع بجملة واحدة: «لو لم تتدخل السعودية لأصبح الأمر لا يطاق».
إذا كانت الحرب وفق تعريف الاستراتيجي الألماني كلاوزفيتس هي «السياسة ولكن بوسائل مختلفة»، فإن السؤال الذي تتطارحه الأوساط السياسية في باريس بعد أقل من 24 ساعة على بدء العمليات العسكرية لمجموعة التحالف يتناول «الأهداف» العسكرية المفترض أن تقود إلى الأهداف السياسية. وبكلام آخر متى وكيف سيتم العبور من العمل العسكري والعودة إلى الخيار السياسي؟ أما السؤال الرديف فإنه يتشكل من جانبين: الأول، هوية «الجهة» التي يمكن أن تقوم بدور الوساطة للعودة إلى الأفق السياسي والثاني منطلقات وأسس الحل.



مخاوف من تفاقم الأزمة في جورجيا مع الانتخاب «المضمون» لرئيس مناهض لأوروبا

متظاهرون مؤيدون للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في تبيليسي ليل الجمعة (أ.ف.ب)
متظاهرون مؤيدون للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في تبيليسي ليل الجمعة (أ.ف.ب)
TT

مخاوف من تفاقم الأزمة في جورجيا مع الانتخاب «المضمون» لرئيس مناهض لأوروبا

متظاهرون مؤيدون للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في تبيليسي ليل الجمعة (أ.ف.ب)
متظاهرون مؤيدون للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في تبيليسي ليل الجمعة (أ.ف.ب)

قد تتفاقم الأزمة في جورجيا، اليوم السبت، مع انتخاب نواب حزب «الحلم الجورجي» اليميني المتطرف الحاكم مرشّحه لاعب كرة القدم السابق ميخائيل كافيلاشفيلي، وهو شخصية موالية للحكومة التي تواجه تظاهرات مؤيدة للاتحاد الأوروبي.

وتمت الدعوة إلى تظاهرة حاشدة صباح السبت أمام البرلمان حيث ستُجرى الانتخابات الرئاسية التي تعتزم المعارضة مقاطعتها.

ويُعد كافيلاشفيلي، المعروف بتهجّمه اللاذع على منتقدي الحكومة، المرشح الرئاسي الوحيد رسميا لأن المعارضة رفضت المشاركة في البرلمان بعد الانتخابات التشريعية التي أجريت في أكتوبر (تشرين الأول) وشُككت في نتيجتها، ولم ترشحّ أحدا لمنصب الرئيس.

ويتّهم المتظاهرون كافيلاشفيلي البالغ 53 عاما، بأنه دمية بين يدَي الملياردير بدزينا إيفانيشفيلي الذي جمع ثروته في روسيا وأسس حزب «الحلم الجورجي» ويحكم جورجيا من الكواليس منذ العام 2012.

المرشّح الرئاسي ميخائيل كافيلاشفيلي (أ.ب)

وتتخبّط الدولة القوقازية في أزمة منذ الانتخابات التشريعية التي جرت في 26 أكتوبر وفاز بها حزب «الحلم الجورجي» الحاكم وطعنت بنتائجها المعارضة المؤيدة لأوروبا. وفي نهاية نوفمبر (تشرين الثاني)، أصدرت الحكومة قرارا أرجأت بموجبه إلى العام 2028 بدء المساعي لانضمام البلاد إلى الاتحاد الأوروبي، وهو هدف منصوص عليه في الدستور.

واثار هذا القرار احتجاجات شعبية نظمها المؤيدون لأوروبا تخللتها صدامات عنيفة بين المتظاهرين وقوات الأمن.

ومنذ صدور القرار تشهد جورجيا كل مساء تظاهرات احتجاجية تفرّقها الشرطة باستخدام خراطيم المياه وقنابل الغاز المسيل للدموع، ويردّ عليها المتظاهرون برشق عناصر الشرطة بالحجارة والألعاب النارية.

ويقول المتظاهرون إنّهم ماضون في احتجاجاتهم حتى تراجع الحكومة عن قرارها.

وللمرة الأولى منذ بدأت هذه الاحتجاجات، سارت في تبليسي الجمعة تظاهرة نهارية نظّمتها هذه التظاهرة الحاشدة قطاعات مهنية.

ودعت المعارضة التي تتّهم الحكومة باتباع نهج استبدادي موال لروسيا إلى عشرات التجمعات الاحتجاجية في العاصمة تبليسي مساء الجمعة.

الرئيسة المنتهية ولايتها سالومي زورابيشفيلي بين مؤيدين في العاصمة الجورجية (أ.ب)

* الرئيسة المنتهية ولايتها

أعلنت الرئيسة المنتهية ولايتها سالومي زورابيشفيلي التي تتمتع بسلطات محدودة لكنّها على خلاف مع الحكومة وتدعم المتظاهرين، أنها لن تتخلى عن منصبها إلى أن يتم تنظيم انتخابات تشريعية جديدة.

وخلال مؤتمر صحافي عقدته الجمعة، قالت زورابيشفيلي إنّ الانتخابات الرئاسية المقررة السبت ستكون «غير دستورية وغير شرعية».

في جورجيا، صلاحيات رئيس الدولة محدودة ورمزية. لكن ذلك لم يمنع زورابيشفيلي المولودة في فرنسا والبالغة 72 عاما، من أن تصبح أحد أصوات المعارضة المؤيدة لأوروبا.

ومساء الجمعة، جرت التظاهرة أمام البرلمان في تبليسي من دون اضطرابات، على عكس الاحتجاجات السابقة التي تخللتها اشتباكات عنيفة منذ انطلقت في 28 نوفمبر.

وأوقفت السلطات خلال الاحتجاجات أكثر من 400 شخص، بحسب الأرقام الرسمية.

أوروبياً، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في رسالة مصورة إنّ فرنسا تقف بجانب «أصدقائها الجورجيين الأعزاء» في «تطلعاتهم الأوروبية والديموقراطية».

علم الاتحاد الأوروبي يتصدر مسيرة احتجاجية في تبيليسي (أ.ف.ب)

* تهديد الديمقراطية

في المقابل، حمّل «الحلم الجورجي» المتظاهرين والمعارضة المسؤولية عن أعمال العنف، مشيرا إلى أنّ التظاهرات كانت أكثر هدوءا منذ أيام، وأنّ الشرطة ضبطت كميات كبيرة من الألعاب النارية.

وأعلنت واشنطن الجمعة أنّها فرضت على حوالى 20 شخصا في جورجيا، بينهم وزراء وبرلمانيون، حظر تأشيرات متّهمين بـ«تقويض الديمقراطية».

وحتى قبل أن يُصبح كافيلاشفيلي رئيسا، شكك خبراء في القانون الدستوري في شرعية انتخابه المرتقب، ومن بينهم أحد واضعي الدستور، فاختانغ خمالادزيه.

ويقول هذا الخبير الدستوري إنّ سبب هذا التشكيك هو أنّ البرلمان صادق على انتخاب النواب خلافا للقانون الذي يقضي بانتظار قرار المحكمة بشأن طلب الرئيسة زورابيشفيلي إلغاء نتائج انتخابات أكتوبر.

وأضاف خمالادزيه لوكالة الصحافة الفرنسية أنّ «جورجيا تواجه أزمة دستورية غير مسبوقة»، مشددا على أنّ «البلاد تجد نفسها من دون برلمان أو سلطة تنفيذية شرعيين، والرئيس المقبل سيكون غير شرعي أيضا».