يستهل رجل الأعمال السعودي الشاب إبراهيم دشيشة مسيرته في الإنتاج السينمائي انطلاقا من السينما العالمية، مصرّا على تقديم أفلام «ذات طابع إنساني وتحمل رسائل إصلاحية توجيهية وباللغة الإنجليزية»، حيث أنتج، وفي أقل من عام، فيلمين، «هايدا كابلر» عن مسرحية هنريك إيبسين، و«ترنيمة مدينة»، الذي سيشارك بافتتاح خاص في مهرجان لندن السينمائي في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
يقول دشيشة: «أنا أهدف لإيصال رسائل إصلاحية لمجتمعاتنا من خلال السينما لأني وجدت الفيلم هو أفضل وسيلة لإيصال هذه الرسائل، فأنا لست ممن يبحثون عن الشهرة أو التظاهر، بل مهمتي أهدافها واضحة، وهي مهمة إصلاحية، دخلت هذا المجال لأضع بصمة وتاريخا وليس لألفت الأنظار»، موضحا: «السينما بالنسبة لي عشق كبير، فعندما كنت في الثامنة عشرة من عمري وفزت على المنطقة الغربية ببطولة المملكة العربية السعودية في لعبة الكاراتيه كنت أحلم بأن أكون بطل أحد أفلام الأكشن مثل بروسلي، وكنت دائما أفكر أن الرياضة هي إحدى أهم الرسائل الإصلاحية للشباب، وما زلت أعتقد بذلك، ولكن الدراسة أخذتني ومن ثم البزنس، لكن حلم السينما لم يغادرني، اليوم عندما وجدت نفسي أقف على أرضية مالية تمكنني من الإنتاج السينمائي اتجهت إلى السينما العالمية حيث أسست شركة (دشيشة كلوبال فيلم بروداكشن) في جنيف، التي سأنقلها إلى لندن قريبا».
وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط» في لندن، أوضح دشيشة سبب إصراره على الانطلاق من السينما العالمية، وليس من العربية، قائلا: «كانت هناك محاولات لمنتجين ومخرجين عرب معروفين لإيصال أفلامهم إلى العالمية، أمثال مصطفى العقاد في فيلمي (عمر المختار) و(الرسالة)، ويوسف شاهين في أفلام عدة، هذه الأفلام عملت صدى واسع لكنها لم تعمل إيرادات تمكنهم من الاستمرار بإنتاجهم، ولم تترك تأثيرها الكبير عند المشاهد الغربي».
يضيف قائلا: «لو بدأنا مع السينما العربية، فسنبقى نراوح بمكاننا، وأعمالنا ستبقى محصورة في عالمنا العربي ولا يعرف عنا العالم أي شيء ولن نصل إلى المتلقي الغربي، بينما مع السينما الغربية أو العالمية، فسوف نصل إلى المتلقي الغربي والعالم وإلى جمهورنا العربي، هنا يجب أن نكون دقيقين ومهتمين بموضوع الفيلم وقصته والسيناريو والإخراج والتقنية؛ إذ لا يعني أن نقدم فيلما غربيا باهتا لا يعرض في السينمات الغربية أو لا يشارك في مهرجانات دولية»، مستطردا: «السينما العربية لم تصل إلى مصاف أي فيلم عالمي في الإيرادات، حيث إن إيرادات كل صالات السينما في العالم العربي لو اجتمعت وفي فيلم عالمي كبير ومهم فلا تحقق أكثر من نصف مليون دولار حدا أعلى، بينما صالات أوروبا وأميركا تعمل مئات الملايين من الدولارات، يعني حساب شباك التذاكر في صالات العرض العربية غير موجود في خريطة السينما العالمية أساسا، ولا يعملون له أي حساب».
يؤكد دشيشة: «كوني منتجا سينمائيا عربيا أريد أن أبين للعالم أن ما ترونه من تطرف أو صور التخلف في عالمنا العربي ليس هو الأساس، وأن المتطرفين قلة أمام الغالبية من الكفاءات والمبدعين في الفنون والرياضة والثقافة والعلوم والفكر، هذا ما أريد أن أقوله، ولو نجحنا في ذلك من خلال السينما العالمية وبلغة الغرب ستكون بقية العناصر متاحة وسهلة بالنسبة لي»، معترفا: «أنا دخلت من بوابة صعبة.. أعرف ذلك، وأنا أحب التحدي ولا أرضى بالطرق السهلة لأنها لا تقود إلى نتائج مهمة أو كبيرة، فإذا نجحت في مجال السينما العالمية، فستكون السينما المحلية لاحقا أمرا سهلا».
وعن تجربته الإنتاجية، يقول رجل الأعمال السعودي الذي يترأس مجلس إدارة «مجموعة دشيشة للاستثمارات» في جنيف: «أنتجنا بعد 3 أشهر من تأسيس شركتنا فيلم (هايدا كابلر) عن مسرحية هنريك إيبسين، وهو فيلم تلفزيوني، ونجحنا بتسويقه بسهولة في مهرجان (كان) وبنسخته الماضية لقناة تلفزيونية ألمانية، وكانت بداية موفقة ومشجعة بالنسبة لنا»، مستطردا: «كان الهدف من وجودنا في مهرجان كان هو البحث عن سيناريو فيلم سينمائي طويل، وقد عرضت علينا 7 سيناريوهات درسناها كلجنة مؤلفة من اختصاصيين بدقة حتى تم اختيار سيناريو (ترنيمة مدينة) URBAN HYMN للكاتب البريطاني (Nick Moorcoft) وإخراج (Michael Caton - Jones)، وهو مخرج بريطاني معروف عالميا، ومن بطولة كل من:Shirley Henderson، Letitia Wright، Isabella Laughland، Ian Hart Steven Mackintosh، والمنتج، إضافة لي، هو الفنان المعروف أنور قوادري، وقد أردنا أن يتم تصوير وإنتاج الفيلم في بريطانيا لتوفر جميع العناصر، وقد تعمدنا أن تكون غالبية أبطال الفيلم من الشباب أو ليسوا من النجوم الكبار، خصوصا بطلتي الفيلم، كوننا أردنا أن يركز المتلقي على الرسالة التي يحملها العمل، وهي رسالة إصلاحية تهدف لأن تقول إن الموسيقى هي وسيلة مهمة لتوجيه الشباب وإنقاذهم من بؤر الشر، علما بأن الفيلم أنتج بميزانية متواضعة».
يقول: «لو رشحت ممثلات يعتمدن جمالهن في الأداء والبهرجة ما كنت تميزت عن الآخرين، ما يهمني أن تصل رسائلنا للمتلقي، فأنا دخلت عالم الإنتاج وعندي رسائل أريد إيصالها للآخرين، وإلا فمن السهل إنتاج أعمال سريعة وباهتة.. الرسائل واضحة في فيلمنا، وضميري مرتاح جدا، حتى ولو لم يعمل المردود المالي المرجو أيضا فأنا مرتاح».
دشيشة وضمن دعمه للشباب، خصص ومن خلال مؤسسة «جائزة دشيشة» جوائز «للمبدعين الشباب في المملكة ممن يحققون أرقام قياسية قارية أو عالمية، وللمبدعين في مجالات العلوم والثقافة والفنون بأنواعها، وسنعمم هذه الجوائز على جميع شبابنا العربي»، داعيا «أصحاب رؤوس الأموال والحكومات العربية للاستفادة من هذه التجربة لدعم المبدعين من الشباب، فنحن عرفنا الطريق إلى ذلك». يقول: «نعم نحن رجال أعمال، لكن اهتمامنا بالثقافة والفنون والعلوم يأتي ضمن مهمتنا الإصلاحية والتوجيهية، فنحن من الداعمين الرئيسيين لمعرض جنيف الدولي للكتاب، حيث لنا مساحة واسعة ورواق عربي للندوات».
ويؤكد المنتج السعودي الشاب على أن «نجاحنا في أي عمل هو اعتمادنا أنا وشقيقي الدكتور أسامة على الاختصاصيين في أعمالهم، هذا المبدأ هو السائد في جميع أعمالنا، وأن يكون الشخص المناسب في المكان المناسب، وهذا ما قمنا به في (دشيشة كلوبال بروداكشن) حتى لا نخسر، فضمن أهدافنا تحقيق الأرباح بالتأكيد كي نستمر في الإنتاج وإلا سنتوقف». ويضيف: «هدفي إنتاج أفلام تجارية ذات قيم فكرية وفنية، وعندنا شباب موهوبون، ونرصدهم بدقة، وسوف نرشحهم لأفلام من أجل تهيئتهم للنجومية».
إبراهيم دشيشة لـ«الشرق الأوسط»: أهدافي إصلاحية.. ودعم شبابنا من خلال الإبداع
منتج سعودي شاب يدخل غمار السينما العالمية بفيلم «ترنيمة مدينة»
إبراهيم دشيشة لـ«الشرق الأوسط»: أهدافي إصلاحية.. ودعم شبابنا من خلال الإبداع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة