مسلحو «داعش» يشنون هجمات على مقاتلي الحكومة الموازية في طرابلس

وفد المؤتمر العام الليبي إلى حوار الصخيرات: اقتربنا من الوصول إلى الحل

مسلحو «داعش» يشنون هجمات على مقاتلي الحكومة الموازية في طرابلس
TT

مسلحو «داعش» يشنون هجمات على مقاتلي الحكومة الموازية في طرابلس

مسلحو «داعش» يشنون هجمات على مقاتلي الحكومة الموازية في طرابلس

قالت وسائل إعلام ليبية وسكان محليون أمس إن مقاتلين موالين لتنظيم داعش خاضوا قتالا مع القوات التابعة للحكومة الليبية الموازية التي تسيطر على طرابلس، مضيفة أن المعارك في مدينة سرت أسفرت عن مقتل 5 من قوات الحكومة الموازية. وأوضح مصدران عسكريان أن الهجوم الذي وقع قرب محطة الكهرباء على المشارف الغربية لمدينة سرت، هو «تفجير انتحاري فيما يبدو»، لكن دون ذكر المزيد من التفاصيل. واستغل متشددون أعلنوا ولاءهم لتنظيم داعش حالة الفوضى في ليبيا، فتوسعوا في شرق البلاد ووسطها خلال الأشهر الأخيرة. وسيطروا على عدة مبان ومكاتب حكومية، وجامعات ومحطة الإذاعة في سرت.
وقال مسؤولون عسكريون وسكان محليون إن الطائرات المقاتلة استهدفت مواقع يشتبه في أنها للتنظيم المتشدد في وقت مبكر من صباح أمس، كما سمعت أصوات إطلاق نار وقذائف صاروخية في عدد من المناطق. وتوعد هؤلاء المسؤولون بشن هجمات جوية على المقاتلين المتشددين، ردا على التفجير الانتحاري في بنغازي أول من أمس، الذي أسفر عن مقتل 7 أشخاص، فضلا عن اثنين آخرين جراء سقوط صاروخ على مبان سكنية. وعلى صعيد متصل، قال مسؤول بالأمم المتحدة أمس إنه يجب على المؤيدين الدوليين للأطراف المتنافسة في ليبيا أن يضغطوا على الجماعات المتحاربة للتوصل إلى اتفاق سياسي، والمساعدة في منع وصول إمدادات أسلحة إلى البلاد. وترعى الأمم المتحدة محادثات لتشجيع الفصائل المتنافسة على تشكيل حكومة وحدة كوسيلة لوقف الصراع.
وقال كلاوديو كوردوني، مدير شؤون حقوق الإنسان في بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، خلال مؤتمر صحافي عقد في جنيف أمس: «إذا توصلنا إلى اتفاق سياسي فإن الشيء التالي هو إقناع الجماعات المسلحة بالتراجع أساسا.. فهناك معتدلون في الجانبين. لكن هناك أيضا مفسدون يحاولون إحباط التوصل إلى اتفاق سياسي».
وأضاف كوردوني أن عدد الأشخاص الذين يحملون السلاح الآن أصبح يقدر بما بين 100 ألف و300 ألف، وقال بهذا الخصوص: «الشيء الأساسي هو ممارسة ضغوط على القوى الإقليمية التي تمسك في الواقع بإمدادات الأسلحة والأموال.
ولم يحدد كوردوني الدول التي ترسل إمدادات أسلحة، لكنه قال إنه توجد 4 دول ربما تكون قادرة على ممارسة ضغط سياسي على أي من الجانبين. وأضاف موضحا: «إذا وضعت هذه الأطراف فعليا ضغطا على برلمان طبرق أو في الجانب الآخر التوصل إلى اتفاق، فإن هذا سيتيح فرصة كبيرة لتحقيق ذلك الاتفاق». كما أوضح كوردوني أن الفريق أول خليفة حفتر، قائد الجيش الموالي للحكومة المعترف بها دوليا، شن هجوما لتحرير طرابلس في الوقت الذي بدأت فيه الأمم المتحدة جولة محادثات.
وفي السياق نفسه، أعربت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن قلقها البالغ إزاء العنف المتواصل في أنحاء ليبيا ودعت لإنهائه فورا. وقالت في بيان: «لا يزيد القتال والتفجيرات والاختطاف من معاناة الناس فقط، ولكنه يضر أيضا بالروح الإيجابية والبناءة التي أبداها المشاركون في الحوار السياسي الليبي الجاري في المغرب. والتفجيرات الانتحارية توضح مدى امتداد ذراع الإرهاب التي تستهدف كل الأطراف والتي يقف في مواجهتها كل الليبيين».
ودعت البعثة الأطراف المتصارعة في أوباري بجنوب البلاد إلى وقف فوري للقتال، وحذرت من أن الاعتداء على المدنيين وانتهاكات حقوق الإنسان تمثل أفعالا يعاقب عليها بموجب القانون الدولي، وستتم مساءلة المتورطين، بحسب البيان. وأدانت البعثة اختطاف شقيقي عضو مجلس النواب عن ترهونة، أبو بكر أحمد سعيد في طرابلس، من قبل جماعة مسلحة، ودعت إلى إطلاق سراحهما فورا، وعدم تعرضهما لأي أذى.
من جهة ثانية عبّر محمد سعد امعزب، عضو وفد المؤتمر الوطني العام (برلمان طرابلس)، إلى الحوار الليبي - الليبي في منتجع الصخيرات (جنوب الرباط)، عن تفاؤله من الوصول إلى نتائج إيجابية، وقال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أمس: «لقد اقتربنا من الوصول إلى الحل، ونتمنى أن يكون الطرف الآخر (برلمان طبرق)، في نفس مستوى استجابتنا. ففي النهاية ليبيا تهم الجميع». مضيفا أن وفد المؤتمر الوطني العام ليس لديه تحفظات على هيكل الحل المتعلق بالأزمة الليبية، الذي اقترحه الوسيط الدولي برناردينو ليون، بقدر ما لديه استيضاحات بشأنه.
ويتكون هيكل الحل من 6 نقاط هي: أولا، تشكيل حكومة وحدة وطنية يرأسها رئيس، ومجلس رئاسي مكون من شخصيات مستقلة لا تنتمي لأي حزب ولا ترتبط بأي مجموعة وتكون مقبولة من الأطراف ومن جميع الليبيين. وتتكون العضوية الأساسية للمجلس الرئاسي من رئيس ونائبيه. وثانيا، مجلس النواب، وهو الهيئة التشريعية التي تمثل جميع الليبيين في إطار التطبيق الكامل لمبادئ الشرعية ومشاركة الجميع. وثالثا، مجلس أعلى للدولة مستلهم من مؤسسات مشابهة موجودة في عدد من البلدان، وهي مؤسسة أساسية على صعيد الحوكمة في الدولة. ورابعا، هيئة صياغة الدستور. وخامسا، مجلس الأمن القومي. وفي الأخير، مجلس البلديات. وسيجري تشكيل الهيئتين الأخيرتين المقترحتين خلال المرحلة الثانية من المباحثات. كما سيجري تمديد فترة عمل هذه الهيئات خلال المرحلة الانتقالية الجديدة التي ستتفق الأطراف على مدتها، والتي ستنتهي بإجراء انتخابات جديدة بعد الموافقة على الدستور وإجراء الاستفتاء.
ويقول امعزب إن تفكير ليون هو تفكير موضوعي، ذلك أنه يرى أنه لا يستطيع أن يخوض في مسألة بقية أركان الدولة، لا سيما مجال التشريع، خاصة في هذا الوقت الذي تحتاج فيه ليبيا إلى وقف نزيف الدم. فليون، يقول امعزب، يرى في إنشاء الحكومة أولوية، وهي من سيقوم بالإشراف على الترتيبات الأمنية، وبعد ذلك ينظر في مسألة الجسم التشريعي.
ومن هنا، يضيف امعزب، «طرحنا فكرة الحل الشامل، والمقصود بها تناول كل المسائل التي تتعلق بالسلطة اللازمة التي تحتاجها ليبيا خلال المرحلة الانتقالية المتبقية إلى حين اعتماد الدستور، أي لا بد أن يكون الحل متكاملا من جميع أركانه (يشمل الجسم التشريعي).. ونحن طالبنا بأن نعرف الإطار العام ولا نريد أن ندخل في التفاصيل».
وذكر امعزب أن وفد المؤتمر العام اجتمع الليلة قبل الماضية (الثلاثاء) مع ليون الذي طرح عليه ملامح الحل الشامل، وأن الوفد أبلغه أنه سيقوم بدراسة المقترح دراسة عميقة، مشيرا إلى أن الوفد اجتمع صباح أمس مع 6 مستشارين يرافقونه لدراسة مقترح ليون.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن وفد المؤتمر عقد الليلة الماضية جلسة أخيرة مع ليون، طلب منه فيها تقديم استيضاحات أخرى، كما أن الوفد سيغادر الرباط صباح اليوم (الخميس) عائدا إلى طرابلس لعرض الأمر على المؤتمر العام الذي سيعقد جلسته العامة الثلاثاء المقبل، كما سيجري الوفد المشارك في الحوار، أيام: السبت، والأحد، والاثنين، مشاورات مع أعضاء برلمان طرابلس والثوار والمجتمع المدني.
وكان ليون قد أعلن في لقاء مع الصحافيين، مساء أمس، أن الحوار الليبي سيستمر بعد توقف لبضعة أيام من أجل تمكين أطراف الحوار الليبي من التشاور بشأن مقترحاته.
ومن جهة أخرى، دعا ليون زعماء العالم العربي في قمتهم المرتقبة بشرم الشيخ بمصر إلى «التعبير عن مواقف داعمة للحوار السياسي الليبي» في المغرب. كما أجرى ليون، مساء أمس، لقاء مع أعضاء وفد مجلس النواب الليبي (برلمان طبرق) الذي يرأسه محمد شعيب، كما سيلتقي بالطرفين اليوم قبل مغادرتهما الصخيرات.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.