مصدر عماني لـ {الشرق الأوسط} : لم نطلب استضافة الحوار.. وحذرنا الحوثيين من تصعيد القتال

جماعة الحوثي متمسكة برفض نقل الحوار إلى الدوحة

متظاهر يمني ضد الوجود الحوثي على هامش احتجاجات في تعز واجهها الحوثيون بإطلاق النار أمس (إ.ب.أ)
متظاهر يمني ضد الوجود الحوثي على هامش احتجاجات في تعز واجهها الحوثيون بإطلاق النار أمس (إ.ب.أ)
TT

مصدر عماني لـ {الشرق الأوسط} : لم نطلب استضافة الحوار.. وحذرنا الحوثيين من تصعيد القتال

متظاهر يمني ضد الوجود الحوثي على هامش احتجاجات في تعز واجهها الحوثيون بإطلاق النار أمس (إ.ب.أ)
متظاهر يمني ضد الوجود الحوثي على هامش احتجاجات في تعز واجهها الحوثيون بإطلاق النار أمس (إ.ب.أ)

أسفرت جهود التسوية الخليجية للأزمة اليمنية عن ترشيح العاصمة القطرية الدوحة كمقر لاستضافة الحوار بين الفرقاء اليمنيين، بعد أن عرقلت جماعة أنصار الله الحوثية انعقاده في الرياض.
وأكد مصدر موثوق في العاصمة العمانية مسقط لـ«الشرق الأوسط»، أن عُمان أبلغت الأطراف المتصارعة في اليمن وبينها جماعة الحوثي التي تحتفظ بعلاقات وثيقة معها، أنها تدعم عقد جلسات الحوار في الرياض، وذلك ردا على أنباء سابقة أشارت إلى إمكانية أن تستضيف مسقط هذا الحوار.
وأكد المصدر العماني لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن جهود السلطنة انصبت على دعم الحوار في الرياض، وهي لم تطلب استضافة الحوار في مسقط. وقال: «هناك جهود عمانية لحث جميع الأطراف السياسية في الجمهورية اليمنية على حضور مؤتمر الحوار في الرياض».
وفي حين لم يعلن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أو الحكومة التي يرأسها موقفهم من هذا الإعلان وهم الذين وافقوا مسبقا على عقد الحوار في الرياض، فإن مسؤولا حوثيا أعلن أمس عن عدم رفض الجماعة التوجه إلى قطر لإجراء هذه المفاوضات.
وكان زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي قد اتهم قطر قبل يومين بأنها تساهم في تأزيم الوضع في اليمن.
ونقلت مساء أمس وكالة «رويترز» عن محمد البخيتي المسؤول في جماعة أنصار الله قوله «إن الحوثيين لا يرون مبررا لنقل محادثات السلام اليمنية إلى قطر ولكنهم لا يرفضون الفكرة بشكل قاطع».
وأمام التصعيد العسكري المتزايد، أبلغ المبعوث الأمم في اليمن جمال بنعمر مجلس الأمن أول من أمس أن مناقشات للحوار ستجرى في قطر، مؤكدا أن أي اتفاق يتم التوصل إليه فيما بعد سيوقع في السعودية.
وأكدت مصادر قطرية أن الدوحة تستعد لاستضافة أطراف يمنية لإجراء حوارات تفضي لحل الأزمة المستعرة في بلادهم. وقال مصدر في وزارة الخارجية القطرية أمس إن الفصائل اليمنية المتنافسة وافقت من حيث المبدأ على إجراء محادثات مصالحة في العاصمة القطرية الدوحة لكن لم يتحدد موعد لها بعد.
ومن المنتظر أن يوجه المبعوث الدولي لليمن جمال بنعمر الدعوة للفصائل اليمنية لحضور جلسات الحوار المتوقع عقدها في قطر. وكان بنعمر قد حذر في وقت سابق من تكرار سيناريو ليبيا في اليمن، داعيا الأطراف اليمنية للحوار للخروج من الأزمة التي تضرب البلاد، كما حذر من حدوث «صراع ممتد» في اليمن.
وجاء إعلان بنعمر بعد بيان صادر عن مجلس الأمن الدولي أكد دعمه للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي.
في حين قال السفير الأميركي لدى اليمن ماثيو تولر إن واشنطن وحلفاءها في حاجة لاتخاذ قرارات بسرعة للحفاظ على إمكانية التوصل إلى حل سياسي للأزمة في اليمن.
وقال السفير تولر إنه متفائل بأن الفصائل المتحاربة في اليمن يمكن أن تتوصل إلى اتفاق على تقاسم السلطة إذا تمكنت مجموعة واسعة من الممثلين أن تجتمع خارج البلاد ودون تأثير من أطراف خارجية مثل إيران.
وقال تولر «الحوار السياسي لن ينجح إذا أطيح بهادي أو اعتقل وسقطت عدن وهو ما قد يحدث بسرعة». وأشار إلى العدد الكبير لقوات الحوثيين في أنحاء البلاد.
ولم يعط تولر تفاصيل عن التحركات الأميركية. وقال إنه لا يزال «متفائلا نسبيا» بأن الفصائل المتناحرة ستكون قادرة على التوصل لاتفاق لتقاسم السلطة إذا أتيحت لها الفرصة.
وأضاف: «جميع الأطراف تدرك أنه لا يوجد حقيقة بديل سوى التوصل إلى اتفاق على تقاسم السلطة». وتابع قائلا إنه حتى ميليشيا الحوثيين المتحالفة مع إيران لا ترغب في تحمل مسؤولية دفع اليمن إلى وضع مماثل للوضع في سوريا وليبيا. وقال: «حالما يدمرون مؤسسات الدولة سيكون من الصعب للغاية تجميعها».
وبالعودة للجهود العمانية، فقد أكدت مصادر عمانية لـ«الشرق الأوسط» أن المسؤولين العمانيين حذروا الأطراف اليمنية من انزلاق الوضع نحو الحرب الأهلية، وكذلك أبلغوا الحوثيين رفضهم للتصعيد العسكري في كافة الأراضي اليمنية.
وكانت أنباء قد تحدثت عن لقاء وسطاء عمانيين مع قيادات حوثية الأسبوع الماضي في صنعاء وصعدة، لمحاولة إقناعهم القبول بحضور مؤتمر الحوار في الرياض.
وبشأن التصعيد العسكري المتزامن مع دعوات الحوار، أكدّ المصدر العماني (الذي طلب عدم الكشف عنه اسمه) أن مسقط طلبت من الحوثيين وقف التصعيد العسكري، وقال إن «السلطنة تؤكد دعوتها لسائر الأطراف في الجمهورية اليمنية بضرورة تجنب أي تصعيد عسكري، وهذا الدعوة لكل الأطراف اليمنية، وتشمل كافة أرجاء ومناطق اليمن الشقيق».
وكانت أنباء قد ذكرت أول من أمس أن سلطنة عمان نصحت زعيم جماعة أنصار الله عبد الملك الحوثي، بتجنب أي تصعيد عسكري في جنوب اليمن، وطالبت بوقف اجتياح الجنوب من قبل القوات التي توالي الحوثيين، محذرة بأن مغامرة اجتياح الجنوب «قد تدفع مسقط للوقوف مع الموقف الخليجي المتشدد ضد الحوثيين».
وتحتفظ سلطنة عمان بعلاقات وطيدة مع مختلف الأطراف السياسية المتصارعة في اليمن، وبينها جماعة الحراك الجنوبي التي استضافت زعيمها الرئيس السابق لما كان يُعرف باليمن الجنوبي علي سالم البيض، بعد فراره من اليمن بعد انهيار اتفاق تقاسم السلطة بين شطري اليمن، الذي وقعه مع علي عبد الله صالح، في 22 مايو (أيار) 1994. حيث لجأ البيض إلى سلطنة عُمان بعد خسارته الحرب مع صالح، ومنحته السلطنة اللجوء السياسي ثم الجنسية بشروط تتضمن عدم قيامه بأي نشاط سياسي.
ويُعد الموقف العماني الضاغط على الحوثيين مكسبا جديدا للجهود الخليجية تجاه هذه الجماعة. وكانت مسقط قد نأت بنفسها عن الجهود الخليجية الداعمة لشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، ولم تنقل سفارتها إلى عدن.
وتحتفظ مسقط بعلاقة طيبة مع جماعة أنصار الله الحوثية، وكانت مصادر متطابقة تحدثت في 12 يناير (كانون الثاني) الماضي عن نجاح وساطة عمانية مع حركة «أنصار الله» الحوثية أدت لإطلاق سراح اللواء يحيى المراني، مسؤول الأمن الداخلي في جهاز الأمن السياسي (المخابرات). وقال محمد، نجل اللواء المراني لـ«الشرق الأوسط» إن الإفراج عن والده جاء بعد الوساطة العمانية واستجابة السلطات لمطالب الحوثيين وتعيين اللواء عبد القادر الشامي، خلفا له. وأكد محمد المراني أن الوساطة العمانية جاءت بعد أن «طلب رئيس جهاز المخابرات، حمود خالد الصوفي، من المخابرات العمانية التدخل». وأشار إلى أن العمانيين تدخلوا في ملف والده ضمن مجموعة ملفات يتوسطون فيها «وأنهم أجروا اتصالات مع المخابرات الإيرانية بهذا الخصوص».
وقال الحوثيون في اليمن، أمس، إن مسألة نقل الحوار السياسي بين الفرقاء اليمنيين إلى العاصمة القطرية الدوحة بعد أن كان مقررا في العاصمة السعودية الرياض، أمر لا يعنيهم، وهاجم محمد عبد السلام، الناطق الرسمي باسم عبد الملك الحوثي في بيان له، الدوحة والرياض وكال لهما الاتهامات، وحمل العاصمتين الخليجيتين كل المشكلات القائمة في اليمن، ومنها دعم التنظيمات الإرهابية وإثارة الصراع الطائفي والمناطقي، على حد تعبيره.
وكان الحوثيون رفضوا المشاركة في الحوار الذي كان مقررا في الرياض، وفي أعقاب المشاورات التي أجراها المبعوث الأممي إلى اليمن في ضوء تحفظ بعض الأطراف اليمنية، جرى الاتفاق على أن يجري الحوار في الدوحة وأن يتم التوقيع على الاتفاق الذي سيتم التوصل إليه بين الفرقاء السياسيين باليمن، في الرياض.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».