التقنيات التي تنبه من حدوث اصطدام وشيك، ستبدأ بالظهور في السيارات خلال سنتين، وستدعى «الاتصالات بين سيارة وأخرى». وهي ستتيح للسيارات أن تذيع موقعها، وسرعتها، وموقع عجلة قيادتها، وحالة مكابحها، وغيرها من البيانات الأخرى للسيارات الأخرى، التي تقع ضمن مئات قليلة من الأمتار. ويمكن للسيارات الأخرى استخدام هذه المعلومات لوضع صورة واضحة مفصلة عما يجري حولها، للكشف عن مشكلة مقبلة، لا يمكن حتى للسائق المتنبه، أو لأفضل نظام استشعار، توقعها.
وكثير من السيارات حاليا مجهزة بالآلات والمعدات التي تستخدم الرادار، والموجات فوق الصوتية، للتحري عن وجود سيارات أو عراقيل ما. بيد أن مدى هذه المجسات، أو المستشعرات محدود لبضعة أطوال من طول السيارات، كما لا يمكنها اختراق أقرب العراقيل.
* سيارات متواصلة
الاتصالات بين سيارة وأخرى سيكون لها وقع أكبر من تقنيات الأتمتة المتطورة في السيارات التي طالما روج لها. وعلى الرغم من أن السيارات الذاتية القيادة قد تحسن من السلامة، غير أنها ستبقى غير كاملة ولا مجربة، كما أنها ستظل مع وجود المستشعرات والبرمجيات عرضة للخداع من قبل الطقس السيئ، والعراقيل أو الظروف غير المتوقعة، أو حتى ظروف القيادة المعقدة داخل المدن. وببساطة، فإن ربط السيارات سوية بشبكة لاسلكية من المحتمل أن يكون لذلك وقع كبير وفوري على سلامة القيادة على الطرق.
ولا يزال إنشاء شبكة تربط بين السيارات يشكل تحديا كبيرا، إذ ستقوم الكومبيوترات داخل كل سيارة بمعالجة كل القراءات والتعامل معها التي تبثها السيارات الأخرى بمعدل 10 مرات في الثانية الواحدة، محتسبة في كل مرة احتمال حصول اصطدام وشيك. وتقوم أجهزة البث باستخدام جزء مكرس لهذا الغرض من الطيف اللاسلكي، فضلا عن مقاييس «802.11 بي» اللاسلكية الجديدة للمصادقة وإثبات صحة كل رسالة.
وفي منطقة قريبة من موقف السيارات التابع لمركز الأبحاث الخاص بشركة «جنرال موترز» (جي إم) في وارن بولاية ميتشيغان في أميركا، يختبر الباحثون في الشركة سيناريوهات سلامة متعددة تربط بين سيارة وأخرى. وعندما تشرع سيارة بالتوجه إلى موقف تشغله سيارة أخرى، يصدر صوت تنبيه بسيط. وعندما تحاول سيارة بمخاطرة متعمدة تجاوز سيارة أخرى، يظهر ضوء تحذير، مع صوت يقول ما معناه «احذر، سيارة متوجهة نحوك».
* اختبارات السلامة
والمعلوم أن أكثر من 5 ملايين حادث اصطدام يحصل على الطرق الأميركية سنويا، 300 ألف منها قاتل. وإمكانية منع كثير من هذه الحوادث من شأنها خلق حافز لتنفيذ تقنية الربط الشبكي هذه.
وعلى مسافة ساعة بالسيارة غرب وارن، في بلدة آن أربر في ميتشيغان، جرى صنع كثير لإظهار أهمية الاتصالات بين سيارة وأخرى. فهنالك قامت الإدارة الوطنية لسلامة المرور على الطرق السريعة وجامعة ميتشيغان، بتجهيز نحو 3 آلاف سيارة بأجهزة بث تجريبية. وبعد دراسة سجلات هذه الاتصالات الخاصة بهذه السيارات، تبين للباحثين أن التقنية هذه من شأنها الحيلولة دون وقوع أكثر من نصف مليون حادث، وأكثر من ألف حالة وفاة في الولايات المتحدة سنويا. فهذه التقنية من شأنها أن تطور أسلوب قيادة السيارات، وفقا لجون مادوكس، مدير البرنامج في معهد أبحاث النقل التابع لجامعة ميتشيغان.
وبعيد فترة قصيرة من انتهاء تجارب آن أربر هذه، أعلنت وزارة النقل الأميركية أنها ستبدأ بوضع مسودة لقوانين وأحكام تفوض فيها في النهاية استخدام الاتصالات بين سيارة وأخرى في السيارات الجديدة. ويجري حاليا أيضا اختبار هذه التقنية في أوروبا واليابان.
ولا تزال هنالك بعض العقبات التي تعترض هذه التقنية، لكن «جي إم» ملتزمة باستخدامها في سيارة «كاديلاك» طراز عام 2017. ومثل هذه الطرز الأولى من «كاديلاك» ستكون لها سيارات قليلة للتحدث إليها والتواصل معها، مما يحد من فائدة هذه التقنية، وقد ننتظر أكثر من عقد كامل قبل أن تصبح المركبات التي تتحدث مع بعضها من الأمور الشائعة.