ملتقى أول لفنون الخط العربي

يضم 260 لوحة فنية لـ127 فنانًا من 16 دولة عربية وإسلامية

وزير الثقافة المصري عبد الواحد النبوي (يسار الصورة) وإلى جانبه وزير التعليم الفني د. محمد يوسف يتفقدان أعمال الملتقى  ({الشرق الأوسط})
وزير الثقافة المصري عبد الواحد النبوي (يسار الصورة) وإلى جانبه وزير التعليم الفني د. محمد يوسف يتفقدان أعمال الملتقى ({الشرق الأوسط})
TT

ملتقى أول لفنون الخط العربي

وزير الثقافة المصري عبد الواحد النبوي (يسار الصورة) وإلى جانبه وزير التعليم الفني د. محمد يوسف يتفقدان أعمال الملتقى  ({الشرق الأوسط})
وزير الثقافة المصري عبد الواحد النبوي (يسار الصورة) وإلى جانبه وزير التعليم الفني د. محمد يوسف يتفقدان أعمال الملتقى ({الشرق الأوسط})

شهد قصر الفنون بساحة دار الأوبرا المصرية، أول من أمس (الأحد)، افتتاح ملتقى القاهرة الأول لفنون الخط العربي، الذي ينظمه قطاع صندوق التنمية الثقافية بالتعاون مع نقابة الخط العربي وقطاع العلاقات الثقافية الخارجية وقطاع الفنون التشكيلية، في الفترة من 22 وحتى 31 مارس (آذار) الحالي، بمشاركة فنانين وخطاطين من 16 دولة عربية وإسلامية حول العالم قدموا 260 عملا تمثل اتجاهات الخط العربي «الأصيل، الحديث، الغرافيك».
افتتح الملتقى وزير الثقافة المصري د. عبد الواحد النبوي، ود. محمد يوسف وزير التعليم الفني والمهندس محمد أبو سعدة رئيس قطاع صندوق التنمية الثقافية، وفي حضور محمد بغدادي قوميسير عام الملتقى، د. حنان منيب رئيس قطاع العلاقات الثقافية الخارجية، د. أحمد عبد الغنى رئيس قطاع الفنون التشكيلية، الفنان مسعد خضير نقيب الخطاطين، د.محمد عفيفي رئيس المجلس الأعلى للثقافة د. سيد خاطر رئيس قطاع الإنتاج الثقافي.
وأكد وزير الثقافة في كلمته خلال الافتتاح على «أهمية تطوير فنون الخط العربي التي تتراجع أمام استخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة»، مطالبا المبدعين في مجال الخط العربي بأن يقوموا بدورهم حتى يصل هذا الفن من جيل إلى آخر، من خلال الورش المستمرة وفتح المعارض الدورية لهم، كما أكد على الدعم الكامل الذي تقدمه وزارة الثقافة لفناني الخط العربي».
وعلى هامش الملتقى، أعلن المهندس محمد أبو سعدة رئيس قطاع صندوق التنمية الثقافية، عن إنشاء خان للخط العربي ببيت السحيمي، ليكون بمثابة مدرسة لتعليم وتنمية مهارات الخط العربي للأطفال والمهتمين بهذا المجال، مشيرا إلى أن «ملتقى القاهرة يتضمن ورش عمل وندوات بحثية متخصصة للمهتمين بفنون الخط العربي».
حيث تقام على هامش الملتقى 8 ورش فنية، من بينها: تقهير الورق، التذهيب والزخرفة وحل الذهب، الرسم على الماء «فن الإبرو»، والخط القيرواني، الخط المغربي. كما يعقد على هامش الملتقى عدة ندوات متخصصة حول تطور الخط العربي وتجلياته، منها: المدارس الحروفية، القيم الجمالية في الخط وأثرها في الفن المعاصر، وموسيقى الخط العربي عند أبي حيان التوحيدي، وكيف ننهض بمنظومة الخط العربي؟
من جانبه، قال الدكتور أحمد عبد الغني رئيس قطاع الفنون التشكيلية، إن «الملتقى يمثل حدثا مهما يضاف إلى الساحة الفنية المصرية، الذي سيمثل في المستقبل القريب أحد أهم الملتقيات في الوطن العربي، لما تملكه مصر من ميراث كبير في هذا الفن.
وأضاف عبد الغني أن «الملتقى فرصة للدارسين والباحثين لتوثيق فنون الخط العربي من خلال ورش العمل والأبحاث المقدمة في ندواته العلمية. وقطاع الفنون التشكيلية بالتعاون مع قطاع صندوق التنمية الثقافية سوف يقوم بعمل 30 مستنسخا من الأعمال المشاركة في الملتقى تطوف المحافظات في مراكز الشباب والمدارس وقصور الثقافة للتعريف بالخط العربي وجمالياته».
وأوضح الفنان محمد حمام عضو نقابة الخطاطين أن ملتقى الخط العربي، كان حلما يراود فناني الخط العربي منذ انعقاد أول معرض للخط العربي عام 1968 بباب اللوق، وأوصى بأن تحمل الدورة المقبلة من الملتقى اسم رائد من رواد فن الخط هو الفنان محمد مؤنس، وأن يكون هذا تقليد في الدورات المقبلة.
وشدد الكاتب محمد بغدادي قوميسير عام الملتقى على ضرورة الحفاظ على فنون الخط العربي كأحد مكونات الهوية العربية الأصيلة، وهو الخط الوحيد في كل لغات العالم الذي تحول إلى لوحة فنية مكتملة التفاصيل والأركان. وأوضح بغدادي أنه عام 1968 عقدت ندوة مهمة، للخط العربي خرجت بتوصيات لم تتحقق إلى الآن، قائلا: «نحلم خلال هذا الملتقى أن نخرج بتوصيات تضاف إلى التوصيات السابقة ونعمل جميعا على تحقيقهما». وأضاف أن «الملتقى تقدم له 109 فنانين مصريين اختارت اللجنة 74 فنانا، كما تقدم من غير المصريين 41 فنانا، إضافة إلى 16 فنانا من المكرمين وضيوف الشرف».
ومن أبرز المشاركين في الملتقى عميد الخطاطين العرب محمود إبراهيم سلامة (96 عاما)، الذي تخرج في مدرسة تحسين الخطوط الملكية بالقاهرة عام 1939. وكتب المصحف الشريف برواية حفص عن عاصم أربع مرات بخط النسخ، وهو يعكف حاليا على كتابته بخط الثلث ليدخل به موسوعة «غينيس» العالمية، كما يشارك في الملتقى 86 فنانا مصريا، و18 فنانا عربيا من الكويت، سوريا، المغرب، تونس، الأردن، لبنان، العراق، الإمارات، المملكة العربية السعودية، 23 فنانا من مختلف دول العالم، من باكستان، إيران، البوسنة، الصين، الهند، وإندونيسيا. ومن المكرمين الفنان علي عبد الرحمن البداح من الكويت، والفنان عبد الله الفوتيلي رئيس الجمعية السعودية للخط العربي.
يكشف المعرض عن غنى الخط العربي وجمالياته بأعمال حرفيين من مختلف أنحاء العالم، حيث تعكس اللوحات أنواع مختلفة من الخطوط، منها: الكوفي والثلث والنسخ، والخط الكوفي المصحفي القديم، والرقعة والجليل الديواني والديواني والفارسي. كما توضح تطور تقنيات وأساليب جديدة اتبعها بعض الخطاطين باستخدام الكلمات والحروف في الآيات القرآنية، وأسماء الله الحسني، وأيضا رسم بورتريهات للفنانين بكلمات من أغانيهم، مثل أم كلثوم ومحمد منير.
وبالتجول بين الأعمال المشاركة تتكشف أهمية الخط العربي في الحفاظ على الهوية العربية والتراث الإسلامي. وتدور الأعمال الفنية في الملتقى حول ثلاثة محاور أساسية، هي: التيار الأصيل للخط العربي، والاتجاهات الخطية الحديثة، والفنون التي تستلهم الحرف العربي مثل الغرافيك والطباعة الرقمية وغيرها.



علي بن تميم: لا بدّ من الريادة في التقنيات الرقمية والذكاء الاصطناعي

جانب من معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2024
جانب من معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2024
TT

علي بن تميم: لا بدّ من الريادة في التقنيات الرقمية والذكاء الاصطناعي

جانب من معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2024
جانب من معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2024

في حوار «الشرق الأوسط» مع الدكتور علي بن تميم، رئيس «مركز أبوظبي للغة العربية»، في هيئة الثقافة والسياحة في أبوظبي، الذي يتبع له مشروع «كلمة» للترجمة؛ أحد أكبر المشاريع الثقافية في العالم العربي، تحدّث عن التحديات التي تسوقها وسائل التواصل للهوية الثقافية للمجتمعات المحلية، لكنه دعا إلى الريادة في استخدام التقنيات الرقمية والذكاء الاصطناعي بوصفها سبيلاً للحفاظ على الهوية الثقافية وتعزيزها، وذلك عبر تغذية الفضاء الرقمي بالمنتجات الفكرية والأدبية الجادة والرصينة.

لاحظ الدكتور علي بن تميم، أن الوسائل الرقمية فرضت تغييرات في اهتمامات الشباب، وهي تحديات مدعومة بالفجوة في المحتوى الثقافي العربي الحقيقي على تلك الوسائل. وهنا نص الحوار:

> كيف ترون التحديات التي تواجهها الهوية الثقافية، وسط طوفان الثقافات السريعة التي تفرضها العولمة؟

- بالتأكيد فإن الثقافة التجارية السريعة، ومخرجات العولمة، التي قد تشكل فرصاً لتعزيز الهوية المتفردة، لها تأثيرات كبيرة وتفرض تحديات بالغة على المجتمعات، خصوصاً وسائل التواصل الاجتماعي وما تفرضه من تشويه للغة العربية، والمفردات والتراكيب وغيرها، وما تنشره من محتوى مجهول المنشأ خصوصاً في مجالات الأدب والشعر والسرد، وهو ما بات يشكل تهديداً وجودياً لقطاع النشر من خلال إمكانية الوصول وتفضيلات الشباب لتلك الوسائل، وعدم التزام الوسائل الرقمية بحقوق الملكية الفكرية، لا بل بالتلاعب بالمحتوى واجتزائه وتشويهه، والأخطاء الجسيمة في حق اللغة والهوية الثقافية والاجتماعية التي تمارسها بعض المنصات.

الدكتور علي بن تميم (رئيس مركز أبوظبي للغة العربية)

> كيف رصدتم الأثر غير الإيجابي للوسائل الرقمية؟

- من الملاحظ أن تلك الوسائل فرضت تغييرات في اهتمامات الشباب ونظرتهم ومحاكمتهم لمختلف الشؤون التي يعبرون بها في حياتهم، واللجوء إلى المعلومات المبتورة والابتعاد عن القراءات الطويلة والنصوص الأدبية والمعرفية الشاملة وغيرها التي تحقق غنى معرفياً حقيقياً.

وتأتي تلك التحديات مدعومة بالفجوة في المحتوى الثقافي العربي الحقيقي على تلك الوسائل، ما يعزز ضعف التفاعل مع الموروث الثقافي، حيث تفتقر العديد من المبادرات الثقافية التي تركز على الترويج للأصالة بصورة تتفاعل مع الأجيال الجديدة، إلى الوسائل الحديثة والتفاعلية التي تجعلها جذابة للأجيال الشابة. ويضاف إلى ذلك تأثير اختلاف طبيعة الأعمال وأسواق العمل، التي يتم فيها تسليع الثقافة لغايات تجارية.

> لكن الإمارات – كما بقية دول الخليج – قطعت شوطاً كبيراً في تمكين التقنيات الرقمية... فهل يأتي ذلك على حساب الهوية الثقافية؟

- صحيح، ينبغي النظر إلى أن ريادة الدولة في المجالات الرقمية والذكاء الاصطناعي تشكل بحد ذاتها عامل دعم للهوية الثقافية، إضافة إلى تأثير البيئة الاجتماعية ومخزونها القوي من الثقافة وغنى هويتها، والدور الإيجابي للمعرفة الرقمية في تعزيز تنافسية الدولة وريادة الأعمال، ووجود كفاءات متعددة للاستفادة منها في تعزيز المحتوى الثقافي والهوية الثقافية، على دراية كاملة بأساليب ووسائل انتشار تلك المنصات ووصول المحتوى إلى الجمهور المستهدف، وإمكانية استغلال ذلك في خلق محتوى ثقافي جديد موازٍ للمحتوى المضلل يمتلك كفاءة الوصول، والقدرة على مخاطبة الشباب بلغتهم الجديدة والعصرية والسليمة، لمواجهة المحتوى المضلل، إن جاز التعبير.

> ما استراتيجيتكم في مواجهة مثل هذه التحديات؟

- تساهم استراتيجية مركز أبوظبي للغة العربية، في تعزيز الهوية الثقافية الإماراتية والحفاظ عليها وسط تأثيرات العولمة. وتشكل المهرجانات الشاملة مثل مهرجان العين للكتاب ومهرجان الظفرة للكتاب ومعرض أبوظبي الدولي للكتاب، والجوائز الرائدة مثل جائزة الشيخ زايد للكتاب وجائزة سرد الذهب، وغيرها، بما تتضمنه من مبادرات متكاملة ثقافية واجتماعية وفنية ورياضية ومسابقات تنافسية، واحدة من وسائل لتعزيز جاذبية تلك المهرجانات والجوائز للجمهور، وتحفيزهم على المشاركة بها، من خلال دمج الموروث الثقافي بالوسائل العصرية.

كما يقوم مركز أبوظبي للغة العربية من خلال الشراكات الدولية بتعزيز نشر الثقافة الإماراتية وإبراز دورها الحضاري العالمي، ما يمنح مزيداً من الفخر والاعتزاز للشباب بهويتهم الثقافية ويحفزهم على التعرف عليها بصورة أوسع.

الترجمة والأصالة

> مع تزايد الترجمة بين اللغات، كيف يمكن ضمان أن تكون الأعمال المترجمة ناقلاً للأصالة الثقافية من مصادرها وليست مجرد (انتقاءات سطحية) لا تمثّل التراث الثقافي للشعوب أو للمبدعين؟

- يدرك مشروع «كلمة» للترجمة بمركز أبوظبي للغة العربية أهمية الترجمة ودورها البارز في دعم الثقافة بعدّها وسيلة أساسية لتعزيز التقارب، والتسامح بين الشعوب، انسجاماً مع توجهات دولة الإمارات ودورها في تعزيز تبني ثقافة التسامح بين الحضارات والشعوب. وقد أطلق المركز أربعة مشاريع رئيسية للترجمة حققت قفزة نوعية في مستوى الترجمة العربية، واعتماديتها ومستوى الموثوقية التي تحظى بها في الأوساط الأكاديمية ومؤسسات النشر العالمية، ما جعله شريكاً رئيسياً لكبرى مؤسسات وشركات ومراكز الأبحاث المعنية بالترجمة على مستوى العالم، على الرغم من التحديات الواسعة التي تجاوزها مشروع كلمة للترجمة، بسبب الطبيعة المكلفة لنشاط الترجمة والنشر، والأخطاء المتوقعة، وتحديات توافر المترجمين من أصحاب الكفاءة الذين يمكنهم نقل المعرفة بسياقها وروحيتها الأدبية والعلمية نفسها، مع الحفاظ على عناصر السرد والتشويق.

وفي هذا الإطار اعتمد المركز جملة من المعايير التي ساهمت بفاعلية في ريادة مشاريع النشر الخاصة به، التي تشمل اختيار الكتب، والمترجمين بالاعتماد على لجنة من المحكمين المشهود بخبرتهم في الأوساط الثقافية والعلمية والأكاديمية العالمية. كما عزز كفاءة المترجمين، والقدرة على إيجاد أصحاب الاختصاصات من ذوي الكفاءات عبر التعاون مع المؤسسات الأكاديمية في الدولة ومراكز الأبحاث العالمية، وتدريب مترجمين مواطنين بلغ عددهم اليوم نحو 20 مترجماً من أصحاب المهارات والمواهب في قطاع الترجمة، التي يحكمها الشغف والتطوير المستمر وحب القراءة، والقدرة على السرد.

> ماذا تحقق في هذا الصعيد؟

- ساهمت جهود المشروع في ترجمة أكثر من 1300 كتاب، وتوسيع اللغات لتشمل 24 لغة حتى اليوم، بالإضافة إلى الترجمة عن اللغتين التشيكية والسلوفاكية. كما شملت قائمة المترجمين أكثر من 800 مترجم، إضافة إلى تعاون نحو 300 آخرين مع مشاريع المركز، وانضمام 20 مواطناً من جيل الشباب والخريجين إلى القائمة، نحرص على توفير كل سبل الدعم والتحفيز لهم، لتشجيعهم على خوض غمار تجربة الترجمة تحت إشراف مترجمين محترفين.

وقد وفر تعدّد المشاريع التي يحتضنها المركز وخصوصيتها، نماذج خبرة متعددة وشاملة، ساهمت بشكل فعّال في تعزيز الكفاءة في قطاع الترجمة وصولاً إلى تحقيق السمعة الرائدة التي يحظى بها المركز في الأوساط العالمية حالياً، ومنها «مشروع إصدارات» الذي يعنى بالكتب التراثية والأدبية، وكتب الأطفال والرحالة، و«مشروع كلمة» الذي يمثل نقلة نوعية في تاريخ الترجمة العربية من خلال ترجمة نحو 100 كتاب سنوياً، منذ انطلاقته، من أرفع الإنتاجات المعرفية العالمية، إضافة إلى إطلاق «مشروع قلم»، وجميعها مبادرات رائدة تحظى بالاعتمادية والموثوقية العالمية، وتتبنى أرفع معايير حقوق النشر.

> كيف يوازن مشروع «كلمة» بين الحفاظ على التراث الثقافي ودعم الإبداع الحديث، هل ثمّة تعارض بينهما؟

- الموروث الثقافي والتاريخي يشكل ذاكرة وهوية المجتمعات، وهو نتاج عقول وجهود بشرية مستمرة، وتواصلٍ إنساني أسفر عن إرث فكري وإبداعي توارثته الأجيال، وهو مصدر ثري ومهم للإبداع في الفن والأدب.

ومن جهته، حرص مشروع كلمة على الاهتمام بترجمة كتب التراث العالمي، فقدم بادرة لترجمة سلسلة ثقافات الشعوب في 72 كتاباً تتضمن ترجمة لمئات الحكايات والقصص من التراث الشعبي والفلكلوري العالمي بهدف تعزيز العمق الثقافي الجامع بين مختلف الأعراق والجنسيات والثقافات.

وفي الإبداع الحديث ترجم العشرات من الروايات لكتاب عالميين، بالإضافة إلى ترجمة الشعر الأميركي الحديث، وكتب النقد والدراسات الأدبي والشعر الغربي.

ويسعى مركز أبوظبي للغة العربية عبر هذا المشروع إلى دمج نماذج الإبداع الحديث بالتراث الثقافي التي لا تشكّل أي تعارض في مضمونها، بل تحقّق تكاملية، وشمولية لتطوير الإبداع الثقافي وضمان مواكبته للتغيرات العصرية لتعزيز وصوله للمتلقين من دون إهمال العلوم ونشر جوانب المعرفة.

المعرفة والذكاء الاصطناعي

> هل نحن في سباق مع التقنيات الذكية للوصول إلى المعرفة مهما كلّف الثمن؟ كيف يمكن لحركة الترجمة أن تستفيد منها؟

- تشكل التقنيات الذكية بعداً أساسياً لانتشار المحتوى العربي الرائد والمتوازن في العصر الحالي، غير أنها لا تدخل ضمن اسم السباق وليست هدفاً في حد ذاتها، بل يتم استثمار إمكاناتها لتعزيز تحقيق الأهداف الاستراتيجية الثقافية ونشر اللغة العربية والثقافة العربية، ومواجهة التحديات التي يفرضها تجاهلها.

وتبرز أهمية استثمار الوسائل الذكية في تحديد وترسيخ احترام الملكية الفكرية، وإيجاد وسائل إلكترونية رقمية للحد من التعديات عليها.

وبالتأكيد، فإن استثمار المخرجات الذكية من شأنه تعزيز حركة الترجمة وتنوعها، وخلق تنافسية جديدة تعزز من ريادة القطاع.

رواد الثقافة قادرون على كشف «المسوخ» التي ينتجها الذكاء الاصطناعي

علي بن تميم

> هل هناك مخاوف من «مسوخ» ثقافية ينتجها الذكاء الاصطناعي تؤدي لمزيد من تشويه الوعي؟

- يستطيع رواد الثقافة التمييز بسهولة بين المنتج الثقافي الإبداعي والمهجن أو الدخيل، غير أن التحديات التي يفرضها الواقع الرقمي يتمثل في تشويه الإبداع الثقافي بين أفراد المجتمع، وفي رأيي فإن الوسائل الذكية أتاحت لبعض المدعين مجالات للظهور لكنها لا تزيد على فترة محدودة. فالثقافة والإبداع مسألتان تراكميتان وموهبتان لا يمكن اقتحامهما بسهولة، ونسعى بحرص إلى الاستفادة من البنية الرقمية الرائدة للدولة في إطلاق مبادرات ذكية وتعزيز استخدام الذكاء الاصطناعي لنشر المحتوى الثقافي الحقيقي الذي يمثل هويتنا وحضارتنا.

> كيف يمكن لحركة الترجمة أن تتجنب التحيّز الثقافي وتقدم نصوصاً دقيقة وموضوعية؟

- الترجمة رافد مهم من روافد الثقافة الإنسانية، ومثل أي مهنة أخرى، تخضع مهنة الترجمة لمجموعة من الأخلاقيات التي ينبغي الالتزام بها. والكفاءة اللغوية والقدرة على ترجمة النص ليستا المعيار الوحيد في عملية الترجمة من لغة إلى لغة، فالابتعاد عن التحيز الثقافي والفكري واحترام الاختلافات الفكرية والثقافية، وفهم السياقات الثقافية المختلفة للغة المصدر وللغة المترجم إليها من الأمور الحيوية والمهمة في تقديم ترجمات رصينة وخالية من التشوهات. وبهذا يتحقق الهدف الأسمى للترجمة وهو تقريب الشقة بين الثقافات والحضارات.ويتم اختيار الإصدارات الخاصة بالترجمة بناء على أهميتها العالمية وما تقدمه من قيمة مضافة للقراء توسع مداركهم، وتعزز رؤيتهم للمستقبل، من خلال لجنة متنوعة ومتخصصة تعزز الموضوعية وسياقات الحوكمة واحترام حقوق الملكية الفكرية وغيرها من معايير وقيم عليا.