حذف أجزاء من المقررات الدراسية في مصر يثير جدلا ومخاوف من تشويه التاريخ

«التربية والتعليم»: أن المحذوفات تحض على العنف ووضعها «الإخوان»

حذف أجزاء من المقررات الدراسية في مصر يثير جدلا ومخاوف من تشويه التاريخ
TT

حذف أجزاء من المقررات الدراسية في مصر يثير جدلا ومخاوف من تشويه التاريخ

حذف أجزاء من المقررات الدراسية في مصر يثير جدلا ومخاوف من تشويه التاريخ

أثار حذف بعض أجزاء المقررات الدراسية من مناهج وزارة التربية والتعليم في مصر وخاصة فيما يتعلق بموضوعي «صلاح الدين الأيوبي» و«عبقرية عقبة بن نافع الحربية»، جدلا كبيرا في الأوساط السياسية والمجتمعية والتعليمية. وبينما قالت المتحدثة باسم التربية والتعليم، أماني ضرغام، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأجزاء التي تم حذفها قد وضعها (الإخوان) وتدعو للعنف والحرق، وتأتي في إطار إلغاء الحشو من المناهج»، وصف خبراء في التاريخ وسياسيون «الإجراء بغير المدروس»، معتبرين أن الحذف يشوه التاريخ.
وأعلنت وزارة التربية التعليم المصرية أنها قامت ضمن عملية تنقيح مناهج اللغة العربية بجميع المراحل، بحذف عدد من الموضوعات، بدعوى أنها قد تستغل في الحث على العنف أو التطرف، أو تحتوي على توجهات سياسية أو دينية، أو أي مفاهيم يمكن أن تستغل بشكل سيئ.
وذكرت الوزارة في بيان لها، أن أهم الموضوعات التي تم حذفها «أمنية هناء» للصف الرابع الابتدائي، ودرس «صلاح الدين الأيوبي» بالوحدة الأولى للصف الخامس الابتدائي، والذي يتحدث عن فتوحات القائد العسكري مؤسس الدولة الأيوبية، وكذلك حذف 6 فصول من قصة «عقبة بن نافع» فاتح أفريقيا، والمقررة على الصف الأول الإعدادي. وسبق أن حذفت وزارة التعليم قبل أسابيع، وقت تولي وزير التعليم السابق محمود أبو النصر، درسا بعنوان «ثورة العصافير ونهاية الصقور» للصف الثالث الابتدائي، والذي يتحدث عن حرق العصافير لأعدائها.. وكان الدرس قد أثار الجدل بعد أن قال البعض عنه إنه يعكس فكر تنظيم داعش. وقد نفت الوزارة في بيان سابق لها وجود أي ارتباط بين الدرس والأحداث الجارية بالمنطقة خاصة حرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة، وقالت المتحدثة باسم التربية والتعليم أمس، إنه «تم حذف درس (ثورة العصافير)، لأنه ليس هناك عصافير تقوم بالحرق».
وأثار حذف المناهج الدراسية، الاستياء بين صفوف تيار الإسلام السياسي، واستنكر عضو المكتب الرئاسي لحزب النور، أكبر الأحزاب ذات المرجعية الدينية في مصر، حذف قصة عقبة بن نافع وصلاح الدين الأيوبي، لافتا إلى أن حذف القصتين اعتداء على تاريخنا ومسخ لهويتنا، مضيفا لـ«الشرق الأوسط»، أن «تعديل المناهج في مصر يحتاج لتشكيل لجان ودراسات متخصصة، ولا يحتاج إلى أي إجراءات متسرعة قد تضر أكثر بالطلاب».
من جانبه، اعتبر نبيل نعيم، القيادي السابق بتنظيم الجهاد في مصر، قرار الحذف غير مدروس، مضيفا لـ«الشرق الأوسط» أن حذف دروس لقادة الفتوحات الإسلامية هو «مهزلة بكل المقاييس»، لافتا إلى أن «عقبة بن نافع فاتح أفريقيا، وصلاح الدين الأيوبي حرر القدس من الصليبيين.. فكيف يتم حذف أي دروس عنهما بحجة التطرف؟».
بدوره، قال راضي سعد، أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة الأزهر، إن «هذا الحذف يشوه التاريخ، وإنه يمكن لوزارة التعليم أن تحذف قصصا نسجت من وحي خيال المؤلف وترى في ذلك ترويجا لفكر (داعش)، والتي تبيح الحرق مثلما حدث مع درس (ثورة العصافير)؛ لكن مع (عقبة بن نافع والأيوبي) الأمر مختلف، حيث يحتويان على وقائع تاريخية ثابتة لا يمكن حذفها»، مضيفا لـ«الشرق الأوسط» أن «وقائع التاريخ ثابتة ولا يمكن حذفها، خاصة أن أحدهما حرر القدس المغتصبة حاليا وثانيهما فتح أفريقيا»، مؤكدا أن «تاريخ الإسلام والعروبة ومصر، مشرف وليس فيه ما يدعو للقلق».
من جانبها، قالت المتحدثة باسم وزارة التربية والتعليم، ضرغام، إن «الحذف نتيجة لعاملين الأول أن بعض الدروس كانت تحض على العنف وتم وضعها في المناهج في عهد جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية، والعامل الثاني في إطار إلغاء الحشو والتخفيف على الطالب»، لافتة إلى أن «هناك جدلا كثيرا أثير حول الحذف، وهو خطوة نحو تنقيح المناهج اتخذتها الوزارة في ضوء وجود قائمة من الدروس التي يمكن تأويلها بشكل خاطئ، لاحتوائها على توجهات سياسية ودينية، يمكن لمدرس المادة داخل الفصل أن يستغلها سياسيا، مثل التشبيه بـ(داعش)».
وأردفت المتحدثة باسم التعليم قائلة إن «حذف عدد من الفصول من قصة عقبة بن نافع لن يؤثر على مسار القصة للطلاب، بعد مراجعة مستشاري المادة للمحذوفات». وأضافت أماني ضرغام لـ«الشرق الأوسط»، أن «العام الدراسي المقبل سوف يشهد أسلوبا جديدا للمناهج التعليمية، حيث تم تشكيل لجنة مكونة من العالم المصري الشهير الدكتور أحمد زويل وكبار العلماء في مصر، لوضع تصور لتطوير المناهج.. ومن المقرر أن تبدأ اللجنة عملها الشهر المقبل».



«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

غموض يكتنف مصير الهدنة في قطاع غزة مع انتهاء المرحلة الأولى دون أفق واضح للخطوة التالية، وسط تمسك كل طرف بموقفه، ومحاولات من الوسطاء، كان أحدثها جولة مفاوضات في القاهرة لإنقاذ الاتفاق، وحديث عن زيارة مرتقبة للمبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، إلى إسرائيل ضمن مساعي الحلحلة، وسط مخاوف من عودة الأمور إلى «نقطة الصفر».

تلك التطورات تجعل مصير المفاوضات بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، في مهب الريح وتنتظر تواصل جهود الوسطاء وخصوصاً ضغوط أميركية حقيقية على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو؛ للوصول لصيغة مقبولة وتفاهمات بشأن مسار الاتفاق لاستكماله ومنع انهياره، وخصوصاً أن «حماس» لن تخسر ورقتها الرابحة (الرهائن) لتعود إسرائيل بعدها إلى الحرب دون ضمانات حقيقية.

وبعد 15 شهراً من الحرب المدمّرة، بدأت الهدنة في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، وانتهت مرحلتها الأولى (42 يوماً)، السبت، وشملت إفراج «حماس» وفصائل أخرى عن 33 من الرهائن بينهم 8 متوفين، مقابل إطلاق سراح نحو 1700 فلسطيني من سجون إسرائيل، فيما لا يزال 58 محتجزين داخل قطاع غزة، بينهم 34 يؤكد الجيش الإسرائيلي أنهم قد تُوفوا، وسط انتظار لبدء المرحلة الثانية المعنية بانسحاب نهائي ووقف للحرب على مدار 42 يوماً، وأخرى ثالثة معنية بإعمار القطاع.

وأفادت صحيفة «تايمز أوف» إسرائيل، السبت، بأن نتنياهو أجرى، مساء الجمعة، مشاورات مطولة مع كبار الوزراء ومسؤولي الدفاع بشأن الهدنة، على غير العادة، في ظل رفض «حماس» تمديد المرحلة الأولى «ستة أسابيع إضافية» ومطالبتها بالتقدم إلى مرحلة ثانية.

وطرحت المشاورات بحسب ما أفادت به «القناة 12» الإسرائيلية، السبت، فكرة العودة إلى القتال في غزة، في حال انهيار الاتفاق، لافتة إلى أن الولايات المتحدة تضغط لتمديد المرحلة الأولى.

فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب بأمر إسرائيل خلال الحرب يشقُّون طريقهم عائدين إلى منازلهم في شمال غزة (رويترز)

بينما نقلت «تايمز أوف إسرائيل»، السبت، عن مصدر دبلوماسي إسرائيلي، أن وفد بلادها عاد من محادثات تستضيفها القاهرة منذ الخميس بشأن المراحل المقبلة وضمان تنفيذ التفاهمات، كما أعلنت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية الرسمية، لكن المحادثات «ستستأنف السبت»، وفق الصحيفة.

وأكدت متحدث «حماس»، حازم قاسم، السبت، أنه لا توجد حالياً أي «مفاوضات مع الحركة بشأن المرحلة الثانية»، وأن «تمديد المرحلة الأولى بالصيغة التي تطرحها إسرائيل مرفوض بالنسبة لنا»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز»، دون توضيح سبب الرفض.

ويرى الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أن مصير المفاوضات بات غامضاً مع تمسك إسرائيل بطلب تمديد المرحلة الأولى، ورفض «حماس» للتفريط في الرهائن أهم ورقة لديها عبر تمديد لن يحقق وقف الحرب.

ولا يمكن القول إن المفاوضات «فشلت»، وفق المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، الذي لفت إلى أن هناك إصراراً إسرائيلياً، على التمديد والبقاء في 3 بؤر عسكرية على الأقل في شمال وشرق القطاع و«محور فيلادليفيا»، بالمخالفة لبنود الاتفاق ورفض من «حماس».

لكنّ هناك جهوداً تبذل من الوسطاء، والوفد الإسرائيلي سيعود، وبالتالي سنكون أمام تمديد الاتفاق عدة أيام بشكل تلقائي دون صفقات لحين حسم الأزمة، بحسب الرقب.

ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن مصادر، قولها إنه إذا وافقت «حماس» على تمديد المرحلة الأولى من خلال الاستمرار في تحرير دفعات من الرهائن، فإنها بذلك تخسر النفوذ الرئيسي الوحيد الذي تمتلكه حالياً. وذلك غداة حديث دبلوماسي غربي كبير لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أشار إلى أن نتنياهو يستعد للعودة إلى الحرب مع «حماس».

طفل يسير في حي دمرته الحرب تم وضع زينة شهر رمضان عليه في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

ووسط تلك الصعوبات، استعرض وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، بالقاهرة، مع رئيس وزراء فلسطين، محمد مصطفى مستجدات الجهود المصرية الهادفة لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة وتنفيذ كل بنوده خلال مراحله الثلاث، وخطط إعادة الإعمار في قطاع غزة في وجود الفلسطينيين على أرضهم وترتيبات القمة العربية غير العادية المقرر عقدها يوم 4 مارس (آذار) الحالي بالقاهرة، مؤكداً دعم مصر للسلطة الفلسطينية ودورها في قطاع غزة.

ويعتقد فرج أن حل تلك الأزمة يتوقف على جدية الضغوط الأميركية تجاه إسرائيل للوصول إلى حل، مؤكداً أن التلويح الإسرائيلي بالحرب مجرد ضغوط لنيل مكاسب في ظل حاجة «حماس» لزيادة دخول المواد الإغاثية في شهر رمضان للقطاع.

وبعد تأجيل زيارته للمنطقة، ذكر ويتكوف، الأربعاء، خلال فعالية نظّمتها «اللجنة اليهودية-الأميركية»، إنه «ربّما» ينضمّ إلى المفاوضات يوم الأحد «إذا ما سارت الأمور على ما يرام».

ويرجح الرقب أن الأمور الأقرب ستكون تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق مع ضمانات واضحة لأن الوسطاء و«حماس» يدركون أن إسرائيل تريد أخذ باقي الرهائن والعودة للحرب، مشيراً إلى أن «الساعات المقبلة بمحادثات القاهرة ستكون أوضح لمسار المفاوضات وتجاوز الغموض والمخاوف الحالية».