نتنياهو يواجه مصاعب كثيرة في تشكيل حكومته المقبلة

قادة الأحزاب قدموا له مطالب تعجيزية.. وهددوا بالانضمام إلى المعارضة

نتنياهو يواجه مصاعب كثيرة في تشكيل حكومته المقبلة
TT

نتنياهو يواجه مصاعب كثيرة في تشكيل حكومته المقبلة

نتنياهو يواجه مصاعب كثيرة في تشكيل حكومته المقبلة

قبل أن يبدأ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الاتصالات الرسمية مع أحزاب اليمين بغرض تشكيل حكومة جديدة، بدا واضحا أن مهمته ستكون صعبة للغاية، بعد أن طرح قادة الأحزاب مطالب تعجيزية، وهددوا بالانضمام إلى المعارضة.
فعلى عكس الانطباع داخل حزبه الليكود بأن فوزه بـ30 مقعدا في الكنيست سيجعله قادرا على تشكيل الحكومة بسهولة، فإن رؤساء أحزاب اليمين جعلوا المهمة صعبة بعد مطالبتهم علنا بأهم الوزارات: الدفاع والخارجية والمالية. وقد برز تصريحان من رئيس حزب «كولانو»، موشيه كحلون، ورئيس «إسرائيل بيتنا»، أكدا فيهما أنهما لا يعارضان فكرة الجلوس في المعارضة في حال رفض نتنياهو التجاوب مع طلباتهما. ويطالب ليبرمان بوزارة الدفاع لنفسه، فيما يطالب كحلون بوزارة المالية، وكذلك وزارة الإسكان ورئاسة لجنة المالية في الكنيست.
وأعربت مصادر في الليكود عن خشيتها من أن يكون رئيس حزب البيت اليهودي، نفتالي بنيت، يستعد للانتقام من نتنياهو على الضربات التي وجهها إليه في المعركة الانتخابية، حيث هجم نتنياهو على القواعد الشعبية لهذا الحزب في المستوطنات وبلدات الريف، وأقنعها بأن التصويت له سيكون أفصل بكثير من التصويت للبيت اليهودي.
وكان نتنياهو قد اجتمع في تل أبيب مع مجموعة كبيرة من قادة المستوطنين بشكل سري قبل 7 أيام من الانتخابات، وقال لهم إن الاستطلاعات السرية التي بين يديه تشير إلى أن هزيمته باتت مؤكدة، وأن أمامهم طريقين لا ثالث لهما: «فإما أن تبدأوا في حزم حقائبكم، لأن الثنائي يتسحاق هيرتسوغ وتسيبي لفني ينويان إخلاء المستوطنات وتسليم الأرض للسلطة الفلسطينية، وإما أن تخرجوا بكل قوتكم اليوم وتحدثوا انقلابا قي الرأي العام.. يجب أن تسعدوا للتصويت لليكود حتى نضمن حكومة يمين صرفة».
وقالت مصادر مقربة من بنيت إنه ينوي التوجه إلى نتنياهو طالبا «دفع ثمن هذه الخديعة». وهو يطلب لنفسه إحدى الوزارتين: إما وزارة الدفاع أو الخارجية. لكن حليفه ليبرمان يطلب أيضا وزارة الدفاع، مع أن عدد نوابه لا يتعدى الستة. ولكن بالمقابل، فإن نتنياهو يبقي وزارة الدفاع لحليفه المخلص موشيه يعلون. وهناك 3 وزراء آخرين يطالبون بوزارة الخارجية وهم سلفان شالوم، ويوفال شتاينتس، وزير الاستخبارات والشؤون الاستراتيجية الحالي، وجلعاد أردان، الذي وصل إلى المرتبة الثانية في الانتخابات الداخلية. وأما كحلون فقد كان نتنياهو صرح بأنه سيمنحه وزارة المالية.
ويواجه نتنياهو مشكلة أخرى في عدد الوزراء، حيث ينص القانون على ألا يتعدى 18 وزيرا؛ فإذا حصل الليكود على 9 وزارات، فإنه سيواجه مشكلة مع حلفائه من أحزاب اليمين والمتدينين الخمسة، حيث يطلب كل منهما وزيرين على الأقل، باستثناء كحلون الذي يطالب بثلاثة وزراء.
وينوي نتنياهو تغيير القانون، بحيث يصبح بإمكانه تشكيل حكومة من 24 وزيرا، لكن كحلون يرفض ذلك ويعده تبذيرا لأموال الشعب. وفي حال تنفيذ تهديد أي حزب من أحزاب اليمين، فسيضطر نتنياهو للتراجع عن حكومة اليمين وضم حزب «يوجد مستقبل»، لكن هذا سيدخله، حسب بعض المراقبين، في مشكلة مع الأحزاب الدينية، أو أنه يلجأ إلى هيرتسوغ لتشكيل حكومة وحدة وطنية، وعندها سيضطر إلى التناوب معه على رئاسة الحكومة، ولذا يشك المراقبون في أن يستطيع نتنياهو تشكيل حكومة في الوقت القريب، علما بأن القانون يمنحه 28 يوما قابلة للتمديد لمدة أسبوعين آخرين.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».