الحكومة المغربية تشدد على عدم التهاون في مواجهة الإرهاب

وزير خارجية المغرب يحل بتونس لتقديم تعازي الملك محمد السادس

الحكومة المغربية تشدد على عدم التهاون في مواجهة الإرهاب
TT

الحكومة المغربية تشدد على عدم التهاون في مواجهة الإرهاب

الحكومة المغربية تشدد على عدم التهاون في مواجهة الإرهاب

أعلنت الحكومة المغربية أنها لن تتهاون في مواجهة الأخطار الإرهابية، مشددة على ضرورة مواصلة اليقظة والحذر بعد الهجوم الإرهابي الذي استهدف متحف باردو بالعاصمة التونسية.
وفي غضون ذلك، علمت «الشرق الأوسط» أن صلاح الدين مزوار، وزير خارجية المغرب، حل مساء أمس بتونس مبعوثا من العاهل المغربي الملك محمد السادس لتقديم التعازي للرئيس التونسي الباجي قائد السبسي في ضحايا عملية المتحف الإرهابية، وإبلاغه تضامن ملك المغرب وحكومته وشعبه مع تونس.
ووصف عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المغربية، الهجوم بأنه مصاب جلل، وقال إن «تأثيراته ستطال المنطقة بأكملها»، داعيا التونسيين إلى مواصلة بناء ديمقراطيتهم بثبات.
وأضاف ابن كيران خلال اجتماع مجلس الحكومة أول من أمس أن «الأمن مسؤولية جماعية ينخرط فيها جميع المواطنات والمواطنين»، مشددا على أن صيانة الأمن «لا حياد فيها، وكل مواطن هو جندي في الدفاع عن الاستقرار والأمن والعهود»، مضيفا أن السياح «لا يأتون إلا لأن دولنا أعطتهم الأمان، فلا بد من الوفاء بهذه العهود التي أعطيت لهم وضمنت لهم الأمان، وعلى المواطنين أن يتحملوا مسؤوليتهم إلى جانب الأجهزة الأمنية في حمايتهم، وإلا فإن الأقلية المنظمة تغلب الأغلبية المبعثرة»، على حد تعبيره.
وقال ابن كيران إن «ما يصيب التونسيين يصيبنا في المغرب، وهو الشعور الذي يتقاسمه المغرب مع كل الدول العربية والإسلامية، وغيرها من الدول التي تواجه الإرهاب»، على اعتبار أن «حرمة الدماء مشتركة بين كل الناس».
ووجه رئيس الحكومة المغربية خطابه إلى الإرهابيين قائلا إن «ما يفعلونه إجرام سيحاسبهم الله عليه وعلى الدماء التي سالت، والله سبحانه وتعالى لم يسمح بأن تقتل النفس إلا بالحق، والحق لا يملكه إلا أولياء الأمور في حق من اقترفوا ما يستحق ذلك في إطار القضاء»، مضيفا أن مثل هذه الأفعال «لن تأتي بخير لهؤلاء الشباب ولن تقيم دولة، ولن ترجع حقا، ولن تقيم عدلا أو تنصر دعوة، وهذا الذي يفعلونه يربك وضع أمتهم في العالم كله، ودينهم الذي يعتزون بالانتساب إليه، ومستقبلنا هو في السلم الذي أمرنا الله أن ندخل فيه كافة، وفي إظهار الرحمة التي جاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم».
وفي سياق متصل، قال مصطفى الخلفي، وزير الاتصال (الإعلام) الناطق الرسمي باسم الحكومة، إن الأحداث الإرهابية الأخيرة «تجعل البلاد دائما في حالة من اليقظة في التعامل مع مختلف الأخطار الإرهابية».
وأوضح الخلفي ردا على سؤال حول موقف الحكومة من الدعوة التي وجهها تنظيم «داعش» الإرهابي إلى أتباعه بالمنطقة المغاربية من أجل تنفيذ عمليات إرهابية داخل بلدانها، أن ظاهرة الإرهاب اتخذت صيغا جديدة تمكنها من الامتداد والانتشار، موضحا أن المغرب «تميز دائما بمقاربته الاستباقية في التصدي للأخطار الإرهابية، وبنهج سياسة تواصلية تعمل على إدماج الرأي العام في الجهود الرامية لمواجهتها، وبتبني سياسة دينية نشيطة قائمة على نشر قيم الوسطية والاعتدال، فضلا عن انخراطه في عملية تطوير مستمرة لمنظومته القانونية، أفضت أخيرا إلى تجريم الالتحاق بالتنظيمات الإرهابية بالخارج». وهي مقاربة أثمرت نتائج إيجابية، بحسب رأيه.
وأشار الخلفي إلى أن مقاربة المغرب في مواجهة الأخطار الإرهابية تضمنت أيضا اعتماد سياسات أمنية متجددة، كان آخرها مخطط «حذر»، الذي انطلق العمل به قبل نحو 6 أشهر، والانخراط في العمل في إطار منظومة من التعاون الدولي، تقوم على تبادل المعلومات، والتنسيق لمواجهة هذه الظاهرة العابرة للقارات، وزاد قائلا: «لا حياد في التعامل مع الإرهاب، ولا تهاون في تعبئة مختلف القدرات من أجل التصدي له».
وفي سياق متصل، أصدرت غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة قضايا مكافحة الإرهاب بملحقة محكمة الاستئناف بمدينة سلا، أول من أمس، أحكاما تتراوح بين البراءة، و6 سنوات سجنا نافذا في حق 20 متهما، توبعوا من أجل قضايا لها علاقة بالإرهاب.
وقضت المحكمة بـ6 سنوات سجنا نافذا في حق متهمين اثنين، بعد مؤاخذتهما من أجل تهم «تكوين عصابة إجرامية لإعداد وارتكاب أفعال إرهابية في إطار مشروع جماعي يهدف إلى المس الخطير بالنظام العام بواسطة التخويف والترهيب والعنف، وتحريض الغير على ارتكاب أفعال إرهابية، وتقديم مساعدة مالية وعدم التبليغ»، كما قضت بـ4 سنوات حبسا نافذا في حق 3 متهمين، وبـ4 سنوات في حدود سنتين حبسا نافذا وموقوفة التنفيذ في حق متهم واحد. كما أصدرت المحكمة حكما بـ3 سنوات نافذة في حق 8 متهمين، وبسنتين حبسا نافذا في حق 4 متهمين بعد مؤاخذتهم من أجل ما نسب إليهم، في حين قضت ببراءة متابعين اثنين وعدم مؤاخذتهما بما نسب إليهما.
وفي ملف منفصل، قضت المحكمة بـ4 سنوات حبسا نافذا في حق متهم واحد، بعد مؤاخذته من أجل تهم «تكوين عصابة إجرامية لإعداد وارتكاب أفعال إرهابية في إطار مشروع جماعي يهدف إلى المس الخطير بالنظام العام بواسطة التخويف والترهيب والعنف».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.