أول لقاء بين اليابان والصين حول الأمن بعد 4 سنوات من الجفاء

طوكيو تعزز علاقاتها الدفاعية مع إندونيسيا

أول لقاء بين اليابان والصين حول الأمن بعد 4 سنوات من الجفاء
TT

أول لقاء بين اليابان والصين حول الأمن بعد 4 سنوات من الجفاء

أول لقاء بين اليابان والصين حول الأمن بعد 4 سنوات من الجفاء

أعلن مصدر رسمي ياباني أمس أن مسؤولين كبارا من الحكومتين اليابانية والصينية عقدوا اجتماعهم الأول حول الأمن في إطار حلحلة بطيئة، بعد توقف استمر أربع سنوات على خلفية نزاعات تتصل بالأراضي بين البلدين. وعقد اللقاء في وزارة الشؤون الخارجية في طوكيو، بحضور المسؤول الثاني في الخارجية اليابانية شينسوكي سوغياما، ونظيره الصيني ليو جيانشاو.
وشدد المتحدث باسم الحكومة اليابانية يوشيهيدي سوغا، أمس، على «أهمية» هذا الحوار «من أجل تحسين الثقة المتبادلة بين اليابان والصين في المجال الأمني». وقال إن الاجتماع مناسبة «لتبادل وجهات النظر بكل صراحة ونزاهة حول السياستين الأمنية والدفاعية والوضع الإقليمي». وتأمل اليابان في أن تتفق مع الصين على آلية للاتصال البحري من أجل تجنب وقوع أي حادث. وتطالب طوكيو من جهة أخرى بمزيد من الشفافية حول زيادة الميزانية العسكرية للصين، كما تفيد معلومات صحافية.
ومن جانبها، أعربت بكين عن أملها في تطوير صلات مطمئنة مع طوكيو، داعية اليابان مرة أخرى إلى «استخدام التاريخ مرآة للنظر إلى المستقبل»، كما قال ليو في تصريحات أوردتها وكالة «شينخوا» الرسمية للأنباء.
وبالإضافة إلى الخلافات المتصلة بسلوك القوات الإمبراطورية اليابانية خلال الاحتلال الجزئي للصين منذ عام 1931 - 1945، تصطدم العلاقات بين هذين البلدين الآسيويين الكبيرين بمسألة السيادة على جزر سنكاكو في شرق بحر الصين. وتتولى طوكيو إدارة هذه الجزر غير المأهولة، لكن بكين تطالب بها وتطلق عليها اسم دياويو.
ويذكر أن رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي والرئيس الصيني تشي جينبينغ قد عقدا في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي قمة قصيرة في بكين، على هامش منتدى التعاون الاقتصادي «آسيا - المحيط الهادي»، لكن المصافحة بينهما كانت باردة في أحسن الأحوال.
وقال مسؤولون في الحكومتين اليابانية والإندونيسية أمس إن البلدين سيوقعان اتفاقية دفاعية الأسبوع المقبل في إطار مساع تبذلها طوكيو مؤخرا لصياغة علاقات أكثر متانة مع دول جنوب شرقي آسيا لبناء تحالف مواز في مواجهة الصين. وعززت اليابان شراكاتها العسكرية مع الفلبين وفيتنام اللتين تخوضان نزاعا حدوديا مع الصين في بحر الصين الجنوبي. وتخوض اليابان بدورها نزاعا مريرا مع الصين على سيادة جزر غير مأهولة في بحر الصين الشرقي.
ومن المرتقب أن يزور الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو طوكيو الأسبوع المقبل ليوقع اتفاقية مع آبي لزيادة التعاون في مجال التدريب والتكنولوجيا العسكرية. وفي الوقت الحالي يربط البلدين فقط اتفاق لتبادل البعثات الطلابية في الكليات الحربية.
وعلى الرغم من أن الاتفاقية الدفاعية لن تكون ملزمة للطرفين، لكنها تعتبر خطوة أولى على طريق تعزيز العلاقات في هذا المجال.
وأفاد مسؤول في وزارة الخارجية اليابانية بأن زيارة ويدودو ستبعث «برسالة مهمة»، إذ إنها ستكون أول زيارة دولة خارج منطقة جنوب شرقي آسيا. وصرح مسؤول في الحكومة الإندونيسية بأن «اتفاقية الدفاع ستكون ذات أهمية كبيرة للدولتين». وأشار مسؤول في وزارة الدفاع اليابانية إلى أن «الاتفاق مع إندونيسيا سيمنح شركات الصناعات الدفاعية فرصة أكبر للتنافس مع مثيلاتها في كوريا الجنوبية التي بدأ وجودها يترسخ في المنطقة».
ومن المقرر أن تكون المحطة التالية في رحلة ويدودو هي بكين عاصمة الصين التي تربطها بإندونيسيا اتفاقية دفاع ملزمة.



الملا عثمان جوهري يستذكر العمليات ضد الأميركيين

الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)
الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)
TT

الملا عثمان جوهري يستذكر العمليات ضد الأميركيين

الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)
الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)

قاد الملا عثمان جوهري واحدة من أعنف الهجمات على القوات الأميركية في أفغانستان، وهي معركة «ونت» التي باتت رمزاً للحرب ذاتها.

كان جوهري، قيادي «طالبان» السابق يرتدي نظارات شمسية ومعطفاً من الصوف الثقيل، كما لو أنه قد يترك المكان في أي لحظة. على طاولة مغطاة بالبلاستيك تفصل بيننا تحت ضوء الفلورسنت، كان هناك تل من اللحم والأرز الذي لم يُمس. كانت هذه هي المرة الأولى التي نلتقي فيها، تحديداً في شتاء عام 2022، وقد اختار للقاء مكاناً يقع في نُزل وسط شارع مزدحم.

كانت أصوات التجار وهدير حركة المرور تتسلل عبر نافذة مفتوحة فيما كنت أشرح له لماذا تعقبتُ أثره. منذ أكثر من عقد من الزمان، حاصر 150 مقاتلاً من «طالبان» قاعدة أميركية في سفوح جبال «هندوكوش»، وقُتل تسعة جنود وأُصيب أكثر من عشرين فيما باتت تُعرف بمعركة «ونت»، التي تعد واحدة من أعنف الهجمات على القوات الأميركية خلال الحرب بأكملها.

وايغال هي قرية كبيرة في عمق وادٍ باسمها لم تتمكن القوات الأمريكية من الوصول إليها مطلقاً خلال حملتها بنورستان (نيويورك تايمز)

هذا الرجل، الملا عثمان جوهري، كان قائد ذلك الهجوم، وهي معجزة أنه لا يزال على قيد الحياة. فخلال الحرب، كان القادة المتوسطون في «طالبان» يلقون حتفهم بانتظام. لكن ها هو حيٌّ يُرزَق. على مدار أكثر من عشرين عاماً، كانت الصحافة الأميركية تغطي نصف الحرب فقط. وأنا، بصفتي صحافياً سابقاً في أفغانستان ورئيس مكتب كابل، كنت جزءاً من ذلك أيضاً. كانت أجزاء كبيرة من البلاد محظورة، وكان تصوُّر «طالبان» غالباً ما يقتصر على دعاية الحركة، وكانت القصة الحقيقية غير معروفة. قرأتُ بصفتي صحافياً كل التقارير المتعلقة بمعركة «ونت»، وكل درس مستفاد. لكن الآن وقد انتهت المعارك، أصبحت أتساءل عما فاتنا. قد أتمكن من الحصول على بعض الرؤى حول كيفية انتهاء الحرب بشكل سيئ بالنسبة إلى الولايات المتحدة (وكذلك بالنسبة إلى كثير من الأفغان، لا سيما النساء).

أردت رؤية الحرب من الجانب الآخر لتقديم منظور قد لا يراه القارئ مطلقاً، ودروس مستفادة من الجماعة الوحيدة التي لم يُطلب منها ذلك، جماعة «طالبان». فبعد حرب فيتنام، التي تتشابه إلى حد كبير مع الحرب في أفغانستان لدرجة أنها أصبحت أشبه بالإكليشيه، مرّت عقود قبل أن تتعامل الولايات المتحدة مع عدوها السابق.

وبحلول ذلك الوقت، كان كثير من قادتها العسكريين قد ماتوا، وضاعت فصول من التاريخ ربما إلى الأبد، حسب المؤرخين.

الملا عثمان جوهري بمنزله في وايغال بولاية نورستان بأفغانستان (نيويورك تايمز)

قدمتُ هذا العرض للملا عثمان جوهري مرتين من قبل: الأولى كانت عبر حارسه الشخصي، الذي كان يرتدي زياً يشبه زي قوات العمليات الخاصة؛ والأخرى كانت عبر مساعده، الذي كان بمثابة قنبلة موقوتة في الانتظار، ولم يعد مطلوباً. أخيراً، جلستُ أمام الملا عثمان نفسه، وعندما انتهيت من حديثي، لم يقل شيئاً، ولم يحرّك حتى رأسه. نظرنا إلى الطعام الذي بدأ يبرد أمامنا حتى أشار إلى حارسه ليتهيأ، فقد كنا متجهين إلى موقع «ونت» بسفوح جبال «هندوكوش».

اليوم في «ونت»، ما زالت بقايا القاعدة الأميركية السابقة قائمة، مهدمة وممزقة كذكرى باهتة، أطرافها التي كانت قائمة في السابق ذابت في الأرض مثل لوحة لسلفادور دالي. أراني الملا عثمان خطوط إمداد «طالبان» ومواقع إطلاق النار، وأعاد تمثيل الحصار. لكن بينما كنا نتحدث على مدار الأيام التالية، ثم الأشهر والسنة التالية، أقنعني الملا عثمان بأن معركة «ونت» بدأت فعلاً قبل سنوات -لكنّ الأميركيين لم يكونوا يدركون ذلك. قال لنا إنه لكم يكن عضواً في «طالبان» عندما بدأت الحرب. وبعد انضمامه، أصبح موضع سخرية في قريته. كان السكان المحليون في الوادي يؤمنون بمستقبل وَعَدَتْهم به الولايات المتحدة. لكن بعد ذلك، بدأت الغارات الجوية الأميركية، التي استهدفت مسلحين مشتبه بهم، في قتل الأبرياء. هذه القصة مألوفة بشكل محبط، ولكن كان ما هو أغرب، فالأمريكيون قتلوا وجرحوا أولئك الذين دعموا وجودهم أكثر من غيرهم.

بدأت عمليات تجنيد «طالبان» في الازدياد، حسب الملا عثمان، مع تحول الأميركيين من حلفاء إلى أعداء.

يقول : «لم يكن هناك أي عنصر لـ(طالبان) هنا عندما بدأت الحرب»، عبارة قالها لي الملا عثمان جوهري في تلك الرحلة الأولى إلى قريته الأصلية في ويغال، التي تقع في عمق الوادي تحت الجبال الشاهقة المغطاة بالثلوج. «لكن بعد أن دخل الأميركيون وبنوا قواعدهم وقتلوا الأبرياء، نهض الناس وقرروا القتال».

دروس مستفادة

نورستان، منطقة جبلية في شمال أفغانستان، لم تكن تهدف مطلقاً لتكون نقطة محورية في الحرب على الإرهاب. لم تكن معقلاً طبيعياً لـ«القاعدة» أو «طالبان». في الواقع، خلال فترة حكمهم الأولى في التسعينات، كانت «طالبان» قد دخلت المنطقة بالكاد. ومع ذلك، اعتقد الأميركيون أنها طريق لتهريب الأسلحة والمقاتلين وملاذ آمن لتنظيم «القاعدة»، لذا بنوا قواعد وبدأوا في تنفيذ دوريات عدوانية في أماكن كانت معتادة على الاستقلال.

في رحلاتي عبر الوادي، قابلت حلفاء للولايات المتحدة تعرضوا للتشويه جراء الغارات الجوية، والذين فقدوا عائلاتهم أيضاً. هؤلاء الأشخاص كانوا بمثابة تذكير بقلة إدراك الولايات المتحدة للحرب التي كانت تخوضها. اتضح أن الأميركيين كانوا مخطئين بشأن كون نورستان معقلاً للإرهابيين. لكن قواعدهم أصبحت بمثابة مغناطيس يجذب المسلحين، مثل «حقل الأحلام» للمتمردين: الأميركيون بنوها، ثم جاءت «طالبان». وبحلول الوقت الذي قاد فيه الملا عثمان فريقه عبر الجبال لشن الهجوم على القاعدة الأميركية في «ونت»، كان الوادي قد تحوَّل ضد الأميركيين، وكانت النتيجة مأساوية.

*خدمة «نيويورك تايمز»