تمنى أن تكون في المستقبل مناصفة بين عجوز وشاب

صورة لإحدى جلسات المؤتمر في آخر أيام انعقاده: (من اليسار) الكاتب سمير الفيل، وسهير المصادفة، وسلوى بكر، وعزة بدر وعبد الرحيم علام .. وفي الاطار بهاء طاهر ({الشرق الأوسط})
صورة لإحدى جلسات المؤتمر في آخر أيام انعقاده: (من اليسار) الكاتب سمير الفيل، وسهير المصادفة، وسلوى بكر، وعزة بدر وعبد الرحيم علام .. وفي الاطار بهاء طاهر ({الشرق الأوسط})
TT

تمنى أن تكون في المستقبل مناصفة بين عجوز وشاب

صورة لإحدى جلسات المؤتمر في آخر أيام انعقاده: (من اليسار) الكاتب سمير الفيل، وسهير المصادفة، وسلوى بكر، وعزة بدر وعبد الرحيم علام .. وفي الاطار بهاء طاهر ({الشرق الأوسط})
صورة لإحدى جلسات المؤتمر في آخر أيام انعقاده: (من اليسار) الكاتب سمير الفيل، وسهير المصادفة، وسلوى بكر، وعزة بدر وعبد الرحيم علام .. وفي الاطار بهاء طاهر ({الشرق الأوسط})

اختتمت الدورة السادسة لملتقى الرواية العربية بالقاهرة، أمس، بإعلان فوز الأديب المصري بهاء طاهر بجائزة الرواية العربية التي رأس لجنة تحكيمها الروائي الجزائري د. واسيني الأعرج، وبعضوية الناقد د. إبراهيم فتحي من مصر، د. بطرس حلاق من سوريا، د. حسين حمودة من مصر، ود. خيري دومة من مصر، ود. سعيد يقطين من المغرب، وصبحي حديدي من سوريا، ونجوى بركات من لبنان، ويحيى يخلف من فلسطين. وتم تكريم وائل حسين من مصر أمين سر اللجنة.
وبهاء طاهر (من مواليد عام 1935) وهو أحد الروائيين المحسوبين على جيل الستينات من الأدباء، وهو أول من حصل على جائزة البوكر العربية عن روايته «واحة الغروب»، وحاصل على جائزة الدولة التقديرية في مصر.
بدوره، شكر طاهر كل من أسهم في الملتقى متمنيا أن تكون الدورات المقبلة أكثر تمثيلا، واعتبر الجائزة وساما على صدره معربا عن فخره بها، واعتزازه بأنه أول من رشح للجائزة في دورتها الأولى التي فاز بها الكاتب السعودي عبد الرحمن منيف. وقال طاهر: «لست ممن يعتقدون بأن الجائزة تعطي قيمة لكاتب إلا إذا كانت تعبر عن تقدير للمسيرة الإبداعية، كنت أتمنى أن تكون الجائزة أيضا من نصيب الشباب لأن هؤلاء كثير منهم جدير بها، كنت أتمنى أن تكون مناصفة بيني وبين شاب، وأتمنى أن يكون تقليدا أن تكون مناصفة بين عجوز وشاب».
وجاء في بيان اللجنة الذي أعلنه واسيني الأعرج، أن القائمة الطويلة للمرشحين «ضمت 11 كاتبا وكاتبة من ألمع الأسماء الروائية العربية، واستمرت اللجنة في التصويت السري وانتهت لقائمة قصيرة من 4 أسماء وانتهت إلى اختيار الأكثر فنا ومنجزا. وتمثل روايات الحاصل على الجائزة رحلة امتدت على مدى نصف قرن وتعكس جهودا متبصرة بالصراعات التي تمس الإنسان في عمومه، وتنوعت عوالمه في علاقاتها بالتاريخ، منتصرا لكل ما يجعل الإنسان قيمة تسمو على كل شيء».
وقال الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة د. محمد عفيفي، في ختام المؤتمر: «شاهدت كم فرحة الضيوف العرب بعودتهم لمصر وهي شهادة تاريخية بأن القاهرة عادت وستظل عاصمة للثقافة العربية»، متمنيا استمرار المؤتمر وعودة مؤتمر الشعر أيضا، وأن تصبح كل ليالي القاهرة ليالي ثقافية وفنية كما كانت».
هذا وقد طال الملتقى بعض الانتقادات قبيل انطلاقه خاصة من قبل الروائي جمال الغيطاني الذي تساءل عن جدواه في ظل الظروف الاقتصادية التي تمر بها مصر، واصفا إياه بأنه «ضجيج بلا إنتاج»، و«إن مصر لم تصنع مجدها الثقافي بالمؤتمرات».
ولكن بشكل عام، نجح المؤتمر في استقطاب عدد كبير من الروائيين من العالم العربي ومن المهجر، وقدم فرصة للقاء الأدباء بالجمهور وبالنقاد والصحافيين الذي حرصوا على عقد حوارات ولقاءات مع الكتاب، إلا أن بعض الجلسات كشفت عن سطحية في معالجة بعض الموضوعات والزج بأشخاص غير مؤهلين للحديث حول موضوعات شديدة التخصص، كما في المائدة المستديرة «الظواهر الجديدة في الرواية العربية». كما بدا في غالبية الجلسات أن بعض النقاد يستعرض قراءاته الأجنبية بعيدا عن مضمون الجلسة أو يجامل أصدقاءه من الكتاب، وإجمالا، كان جليا تضخيم بعض الأعمال الروائية بعيدا عن تقديم تحليل نقدي للخطاب السردي العربي كما هو متوقع من المؤتمر.
وكان تخصيص المؤتمر جلسات خاصة لشهادات الروائيين العرب هو الجزء الأكثر نجاحا، وحظي بحضور لافت من الجمهور والنقاد والكتاب أيضا، حيث عاد الروائيون عبر شهاداتهم إلى بداياتهم في عالم الرواية بنزقها وشغفها وتحدياتها.
وحول فعل الكتابة، يقول الروائي المصري أشرف الخمايسي في شهادته المطبوعة ضمن أوراق المؤتمر الذي غاب عنه لظروف صحية: «الإبداع، الذي تمثل الرواية أحد أسسه، هو محاولة جادة لإبراز ميتافيزيقية الواقع، نزع المألوف عنه لتبين حقيقته المذهلة، وهذه قدرة سحرية لا يمتلكها إلا الإبداع، وطاقة لا تتأجج إلا في قلب وروح مبدع. هذه الطاقة سحر، وهذا السحر هو الحد المميز بين الكاتب والمبدع. شتان بين رواية كاتب ورواية مبدع. الأولى تكتب المألوف، وقد تكتبه بمنتهى الجمال، وغاية التمكن. لكن الثانية اكتشاف جديد، وتناول طازج، وطرح بكر، تقلب المعدول، وتتصور أن المرآة هي الشخص الحي، والكاتب هو المرآة».
أما الروائية العراقية المقيمة بفرنسا إنعام كجه جي، فروت كيف كانت المخاوف والهواجس تطاردها في الكتابة عن المسيحيين العراقيين إلى أن التقت الكاتب المصري إدوارد خراط في باريس الذي حثها على طرد الهواجس والشروع في الكتابة عنهم لأنهم جزء لا يتجزأ من هوية الوطن العربي. ومن هنا بدأت رحلتها مع الرواية في «الحفيدة الأميركية». وتطرقت كجه جي إلى الغرائبية التي ولدت في أحضان الواقع العراقي حينما شاهدت جنود المارينز يسيرون في الحي الذي ولدت فيه في بغداد، فكانت الحرب صورة حاضرة لا يمكن التسليم بواقعيتها، لافتة إلى تداخل ما هو غرائبي مع ما هو واقعي في حياتنا، قائلة: «وهذا هو الالتباس الذي يجعل شخصيات روائية مستلهمة من الواقع، تبدو وكأنها غريبة ومن صنع الخيال.. عشت في العراق الذي أعرف، ذي الحضارة العريقة الضاربة في جذور التاريخ بثقافتها وثرائها، لكنني لا أعرف العراق الحالي، ولا يزال حنيني للعراق الذي نشأت فيه محركا لمشاعر فياضة تظهر في كتاباتي».
بينما تحدث الروائي السوداني أمير تاج السر عن انتقاله من فضاء الشعر إلى فضاء الرواية، مشبها عشق الكتابة بـ«الجرثومة» التي تصيب الإنسان. وكانت نقطة التحول بالنسبة إليه في عام 1987 حينما تعرف على الروائي عبد الحكيم قاسم، الذي أهداه كتابه «طرف من خبر الآخرة» الذي قال له إنه مؤهل لكتابة الرواية.
لكن من أين تأتي الكتابة؟ وكيف يمكن كتابة حياة في نص؟ يقول صاحب «مهر الصياح»: «نشأت في بلد يعج بالأساطير ويملك خصوصيته الأفروعربية، وشخصيات لا تتكرر في بلد آخر، تفرض نفسها بالظهور في رواياتي. ولكن أنا أكتب نصي حين يريدني النص أن أكتبه، وأحيانا أظل شهورا طويلة من دون أن أستطيع كتابة حرف واحد، كما حدث لي هذا العام، فبعد أن أنهيت رواية: (طقس) الصادرة عن بلومزبري - قطر، حديثا، لكني عادة أكتب في ركن معين وأقيد نفسي بالكتابة لمدة 4 ساعات يوميا، أو حينما أفرغ من كتابة ألف كلمة بعدها أتوقف، حتى إذا داهمتني أفكار جديدة أتركها وأعود في الوقت المحدد».
ويرى الروائي الجزائري بشير مفتي أن «هناك دائما شيئا ما يجذب الكاتب وكتابته ليتطلع إلى الأمام، إلى الأفق الغامض والمستور، وهو بقدر ما يقترب، يشعر أنه يبتعد عما كان عليه من قبل، وعما يروم له في ذلك الأفق البعيد. فخصوصية أي كتابة هي دائما في كونها ترتبط - حتى في أقصى طموحها التجريبي - بسياق زمني ما يحدد لها لحظتها التاريخية، ويبصمها بشرطية زمنها ذاك. صحيح أن هناك محاولة مستمرة للانفلات من قبضة الآني والعابر، ولكنها مقاومة هي بدورها ستظل مفتوحة على زمنية ما، على لحظة ما - وقتية بالضرورة - ولها روابط عضوية بالمكان والبيئة، وتاريخية هذا المكان وتلك البيئة».
ويكشف الروائي السوداني المقيم بمصر حمور زيادة عن علاقته بالكتابة قائلا: «عن نفسي أكتب لأتواصل مع العالم. أنا عاجز عن فهم هذه الحياة، عاجز عن التواصل مع البشر. هذا أمر لا أخجل من الاعتراف به. لست مؤهلا للاختلاط الاجتماعي. فقط حينما أكتب أشعر بذلك التواصل مع الناس. سهولة أن تحدثهم، أن تفكر معهم، أن تحكي لهم»، مضيفا: «ربما ما زلت حتى اليوم أتمنى أن أكتب كما كانت تحكي لي جدتي. أن أجعل القارئ يسمع الكلمات. يرجف في أذنيه صوت البطل وهو يواجه الأخطار. يتحرّش صوت الغول حوله وهو يتوعّد بأكل الأميرة الحسناء. أغنية بصوت رخيم أبياتا مغزولة في قلب الحكاية. ربما لهذا ما زلت كلما كتبت نصا أدبيا اندسّت به أغانٍ شعبية سودانية. في عالم لا يؤمن إلا بالقوة لا يمكننا أن نحتقر الحكايات».
وحول طقوس الكتابة لديه، يقول الروائي السعودي يوسف المحيميد: «قبل بدء الكتابة، وإنجاز عمل روائي جديد، أتوقف طويلا حول الشكل وبنية النص السردي، وجمالياته التي سأستخدمها في الكتابة، قد يستغرق الأمر بضع سنوات أحيانا، وقد يتعثر طويلا، وأحيانا يمكنني القبض عليه، وعلى التقنيات التي سأستخدمها، في لحظة خاطفة، وغالبا ما أكتشف أنني تعجلت، وما كنت أظنه مناسبا لفضاء رواية ما، لم يكن كذلك، بل حتى عند الكتابة فعلا، قد ينساق السرد، رغما عنّي، عمّا خططت له، وعمّا وضعته في ذهني». ويكشف: «أدلف إلى مكتبتي كما لو كنت أدخل معملا أو مختبرا، قد تفشل التجربة، وأرمي بها فورا في سلّة النفايات، أو قد تنجح الكتابة، فلا أجعل القارئ يرى منها سوى النتيجة النهائية، لذلك مهمتي الكبرى تتمثل في إتلاف العبارات غير الناضجة، علي ألا أترك أثرا خلفي، وأن أتلف طريقي المتعثّر إلى النص، مكتفيا بالنص ذاته، مع أنني مهووس بقراءة تجارب الروائيين في العالم، ورؤاهم حول كتابة الرواية، وقصصهم الهامشية حول كتابة نص ما، وحتى طقوسهم اليومية، ليس بالضرورة أن أقتدي بها، لكنها تشعرني بالهدوء والسلام والطمأنينة، وكأنما أطمئن على إخوتي في غرف البيت ذاته، بيت الرواية الكبير!».
أما عن مغامرة الكتابة، فيقول الروائي المغربي عبد العزيز الراشدي: «حين أكتب الرواية، لا أستحضر أحدا، بل أستحضر قلقي وفرحي وفوضاي. وعندما أجلسُ لتنقيح النص وتشذيبه استحضر (الكاسر الذي يقرأني)». ويضيف: «في أثناء تشكّل النص الروائي، تسكنني الفوضى فأترُك لنفسي حريتها، وحين أجلس لأعيد ترتيب الصور أفكر في بناء النص. أكتب مثل رسام في خلوته، يضع الفرشاة على هذه اللوحة وينتقل إلى أخرى ثم أخرى. أكتب عادة أشياء كثيرة في الوقت نفسه، فصولا كثيرة تتأرجح بين يدي، وشخصيات كثيرة تنمو في خاطري، وأمكنة كثيرة أبنيها بدأب دون أن تكتمل يوما. أُطلق ما يُشبه جيشا من الأرانب في حقل الكتابة، ثم أعيد تجميع الأساسي في الوقت المناسب. حين أعمد إلى جمعها تفرّ بعض النصوص وتموت، بينما تتطوّر أخرى وتنمو».



الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
TT

الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)

دعا الشاعر السوري أدونيس من منفاه في فرنسا الأربعاء إلى "تغيير المجتمع" في بلده وعدم الاكتفاء بتغيير النظام السياسي فيه بعد سقوط الرئيس بشار الأسد.

وقال أدونيس (94 عاما) خلال مؤتمر صحافي في باريس قبيل تسلّمه جائزة أدبية "أودّ أولا أن أبدي تحفّظات: لقد غادرتُ سوريا منذ العام 1956. لذلك أنا لا أعرف سوريا إذا ما تحدّثنا بعمق". وأضاف "لقد كنت ضدّ، كنت دوما ضدّ هذا النظام" الذي سقط فجر الأحد عندما دخلت الفصائل المسلّحة المعارضة إلى دمشق بعد فرار الأسد إلى موسكو وانتهاء سنوات حكمه التي استمرت 24 عاما تخلّلتها منذ 2011 حرب أهلية طاحنة.

لكنّ أدونيس الذي يقيم قرب باريس تساءل خلال المؤتمر الصحافي عن حقيقة التغيير الذي سيحدث في سوريا الآن. وقال "أولئك الذين حلّوا محلّه (الأسد)، ماذا سيفعلون؟ المسألة ليست تغيير النظام، بل تغيير المجتمع". وأوضح أنّ التغيير المطلوب هو "تحرير المرأة. تأسيس المجتمع على الحقوق والحريات، وعلى الانفتاح، وعلى الاستقلال الداخلي".

واعتبر أدونيس أنّ "العرب - ليس العرب فحسب، لكنّني هنا أتحدّث عن العرب - لا يغيّرون المجتمع. إنّهم يغيّرون النظام والسلطة. إذا لم نغيّر المجتمع، فلن نحقّق شيئا. استبدال نظام بآخر هو مجرد أمر سطحي". وأدلى الشاعر السوري بتصريحه هذا على هامش تسلّمه جائزة عن مجمل أعماله المكتوبة باللغتين العربية والفرنسية.

ونال أدونيس جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس وتحمل اسم شاعر كتب باللغتين الكتالونية والإسبانية.