أفاد قيادي بارز في أهم التنظيمات المسلحة الطرقية في شمال مالي، أن الوساطة بخصوص تسوية الأزمة بين الحكومة والمعارضة، «تسرعت في طي الملف بدفع أطراف النزاع إلى توقيع اتفاق أولي لا يحظى بالإجماع. وكان من نتائج ذلك فشل هذا الاتفاق مما يعني العودة إلى نقطة البداية».
وقال حامة آغ سيد أحمد، مسؤول العلاقات الخارجية بـ«الحركة الوطنية لتحرير أزواد»، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، إن فريق الوساطة الذي اجتمع بالجزائر، مطلع الشهر الحالي مع أطراف النزاع، «مارس ضغطا كبيرا حتى يتم التوقيع بالأحرف الأولى على الاتفاق، من دون أن تمنح لنا الفرصة لعرض مسودة الاتفاق على قواعدنا الشعبية في إقليم أزواد، فمن الطبيعي إذن أن يتم التحفظ على المشروع الذي لا يلبي طموحنا في إقامة كيان قانوني وسياسي».
وأضاف سيد أحمد أنه «بعد عرض المشروع على سكان أزواد تبين لقادة المعارضة بأن المسعى لا يلقى تجاوبا شعبيا كبيرا، وأنا شخصيا مرتاح لهذه النتيجة، فلو مشينا عكس إرادة شعب أزواد سنتعرض لا محالة لانقسام خطير». وتابع موضحا أن «الوساطة لم تفعل شيئا لإقناع قيادات الحركات المسلحة، غير المتحمسين للمسعى، بجدوى إمضاء اتفاق لأن الأفكار لم تنضج بعد، فكيف لهؤلاء أن يحشدوا التأييد للوثيقة في الميدان؟. لو وقعوا على الاتفاق، ستتمرد قواعدنا علينا وسنخسر كل شيء».
وأعلنت 3 تنظيمات طرقية مسلحة في شمال مالي، أول من أمس، رفضها اتفاق السلام الأولي، على أساس أنه لا يعترف بإقليم أزواد (شمال مالي) ككيان قانوني وسياسي مستقل. ويعني ذلك المطالبة بالحكم الذاتي لثلاث مناطق حدودية مع الجزائر، هي كيدال وغاوو وتومبوكتو.
وجاء في بيان لـ«منسقية الحركات الأزوادية» التي تضم «الحركة الوطنية لتحرير أزواد»، و«المجلس الأعلى لتحرير أزواد»، و«الحركة العربية لتحرير أزواد»، أمس، أن اتفاق الجزائر الذي وقعته 3 حركات مسلحة من أصل 6، في الأول من مارس (آذار) الحالي «لم يأخذ في الاعتبار العناصر الأساسية للتطلعات المشروعة للشعب الأزوادي. وقد تم التعبير عن هذا الموقف على نطاق واسع، قبل انعقاد الاجتماع من خلال المظاهرات التي تم تنظيمها في جميع أنحاء أزواد وفي مخيمات اللاجئين».
وشارك الآلاف من سكان المناطق الثلاثة في مظاهرات عقب اجتماع الجزائر، تعبيرا عن رفضهم الاتفاق لأنه لم يتضمن الإشارة إلى مطلب الحكم الذاتي، المرفوض من طرف حكومة الرئيس إبراهيم بوبكر كايتا ومن الوساطة الجزائرية أيضا. واستجابة لضغط الشارع عقد قادة التنظيمات الثلاثة المسيطرة على الشمال، لقاءات ماراثونية مع أعيان القبائل دامت 3 أيام (من 12 إلى 15 من الشهر)، انتهت برفض الاتفاق. ومما جاء في البيان أن «الشعب الأزوادي يرفض صيغة مشروع مسودة الاتفاق الذي قدم في الجزائر». ويشار إلى أن أطراف «المنسقية» حضروا مراسيم التوقيع على الاتفاق الأولي، غير أنهم رفضوا إمضاء الوثيقة وأعلنوا بأنهم بحاجة إلى استشارة سكان مناطق الشمال، فيما زكّى المسعى 3 مجموعات مسلحة هي «الحركة العربية الأزوادية» (منشقة عن الحركة العربية لتحرير أزواد)، و«التنسيقية من أجل شعب أزواد»، و«تنسيقية الحركات والجبهات القومية للمقاومة».
وقال البيان إن حديث الاتفاق الأولي عن «ضرورة الأخذ بعين الاعتبار البعد الإنساني لشمال مالي، لا يمنحه مضمونا سياسيا». واللافت أن الحركات الثلاث لا تذكر بصراحة أنها تريد حكما ذاتيا، غير أن المفردات التي تستعملها في البيان لوصف منطقتهم، تدل على أنهم يرفضون أن تدار شؤونها من طرف الحكومة بباماكو. وتتهم فوق ذلك الحكومة بـ«ارتكاب جرائم إبادة ضد سكان أزواد منذ 1963»، وتطالبها بـ«الاعتراف بهذه الجرائم».
ويرى مراقبون أن هذا التصعيد في اللهجة، لن يعجب الجزائريين الذين يراهنون كثيرا على نجاح وساطتهم التي تدوم منذ 2006. وسبق التوصل إلى اتفاق سلام بين الأطراف المتنازعة، لكنه لم يصمد أمام أول امتحان وسرعان ما كان تعود المواجهة المسلحة بين الحكومة والمعارضة.
قيادي بشمال مالي: الوساطة بالجزائر تسرعت في دفع المتنازعين إلى توقيع اتفاق أولي
3 مجموعات مسلحة ترفض التنازل عن مطلب الحكم الذاتي
قيادي بشمال مالي: الوساطة بالجزائر تسرعت في دفع المتنازعين إلى توقيع اتفاق أولي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة