المعارضة السورية تتهم النظام باستخدام غاز الكلور في ريف إدلب

محققون في الأمم المتحدة: مستعدون لتقديم قوائم المشتبه بهم في جرائم حرب

شاب في عيادة بقرية سرمين، جنوب شرق إدلب بعد تعرضه للاختناق جراء هجوم بالغاز أمس (أ.ف.ب)
شاب في عيادة بقرية سرمين، جنوب شرق إدلب بعد تعرضه للاختناق جراء هجوم بالغاز أمس (أ.ف.ب)
TT

المعارضة السورية تتهم النظام باستخدام غاز الكلور في ريف إدلب

شاب في عيادة بقرية سرمين، جنوب شرق إدلب بعد تعرضه للاختناق جراء هجوم بالغاز أمس (أ.ف.ب)
شاب في عيادة بقرية سرمين، جنوب شرق إدلب بعد تعرضه للاختناق جراء هجوم بالغاز أمس (أ.ف.ب)

اتهمت المعارضة السورية نظام الرئيس السوري بشار الأسد باستخدام براميل متفجرة تحتوي على غاز الكلور في حملته العسكرية على ريف إدلب ما أدّى لمقتل عائلة بكامل أفرادها وإصابة العشرات بحالات اختناق، بينما نفى مصدر في الجيش السوري الاتهامات قائلا إنه لا حاجة له لاستخدام هذا النوع من الأسلحة.
المرصد السوري لحقوق الإنسان ذكر أن 6 أشخاص قتلوا في هجوم بغاز سام شنته قوات الحكومة السورية بشمال غربي البلاد، لافتا إلى أن براميل متفجرة استهدفت مناطق في بلدة سرمين، بريف مدينة إدلب الجنوبي الشرقي، ما أدّى لمقتل 6 أشخاص بينهم رجل وزوجته وأطفالهما الثلاثة. ونقل المرصد عن مصادر طبية قولها إن القتلى سقطوا نتيجة استنشاق غازات منبعثة من براميل متفجرة وإن المادة الكيماوية المستخدمة كانت الكلور على الأرجح.
وأشار الدكتور جواد أبو حطب، عضو الائتلاف السوري المعارض إلى أن الناشطين في سرمين كانوا على علم بأن النظام سيستخدم غازات سامة لذلك عمدوا إلى إخلاء البلدة، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «عائلة وحيدة رفضت المغادرة وهي كانت تمكث في قبو، ما أدى لوفاة كامل أفرادها بعد سقوط أحد البراميل قرب منزلها الواقع في وسط البلدة». وأوضح أبو حطب أن البرميلين اللذين كانا يحتويان غاز الكلور لم ينفجرا إلا أن تسرب الغاز كان كفيلا بمقتل أفراد العائلة وإصابة آخرين. وأضاف: «كما أن سرعة الرياح ليل الاثنين ساهمت بتبعثر الغاز وبالتالي التخفيف من عدد الإصابات». ولفت إلى أنّه ومع الهجوم الأخير، يرتفع عدد الهجمات بالغازات السامة التي قام بها النظام منذ 4 سنوات إلى 35.
في المقابل، وصف مصدر بجيش النظام التقرير عن الهجوم على سرمين بـ«لدعاية»، وادعى المصدر لوكالة «رويترز»: «نؤكد أننا لا نستخدم هذا النوع من الأسلحة ولا نحتاج لاستخدامه». وأشار بيان للجيش إلى أن «عشرات المتشددين قتلوا في مناطق أخرى في إدلب في اشتباكات وهجمات ليل الاثنين».
من جهة ثانية، أوضح الناشط الإعلامي إبراهيم الإدلبي في اتصال هاتفي مع وكالة «الصحافة الفرنسية» أن القتلى توفوا اختناقا بعد جولتين من إلقاء البراميل المتفجرة. وأضاف: «بعد الغارة الثانية، حاول متطوعون من الدفاع المدني حماية المدنيين عبر سكب الماء عليهم. عندها، بدأت تظهر أعراض الاختناق على المصابين». ونشرت صفحة «تنسيقية سرمين» على موقع «فيسبوك» صورة قالت إنها للأطفال الثلاثة الذين توفوا اختناقا تحت عنوان «مجزرة غاز الكلور». كما نشرت أشرطة فيديو أظهر أحدها محاولة أطباء وأشخاص آخرين إغاثة أطفال عبر وضع أقنعة أكسجين على وجوههم، ثم بالضغط على صدورهم، وقد بدا الأطفال شاحبين وعلى وشك مفارقة الحياة.
وبث فرع إدلب لـ«منظمة الدفاع المدني السورية المستقلة»، التي تعمل في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، 7 تسجيلات مصورة على موقع «يوتيوب»، أظهر أحدها 3 أطفال وامرأة جميعهم فاقدون للوعي فيما يبدو مركزا طبيا. وقال صوت من خلف الكاميرا إن اسم البلدة سرمين وإن التاريخ أول من أمس الاثنين. وفي التسجيل المصور قال رجل بصوت مرتعش وهو يصور طفلا حول فمه سائل «إحدى الوفيات طفل رضيع لم يبلغ من العمر أشهر». وظهر في تسجيل آخر طفلان آخران لا يتحركان ونقل أحدهما رجل يرتدي قناعا واقيا من الغازات بينما كان رجل آخر يحمل طفلة صغيرة. وقال رجل يفحص الطفلة للطبيب إنها لا تزال على قيد الحياة.
هذا، وتأتي اتهامات المعارضة للأسد باستخدام الكلور في ريف إدلب بعد أيام معدود على إصدار مجلس الأمن الدولي في السادس من مارس (آذار) الحالي قرارا يدين استخدام غاز الكلور كسلاح في النزاع السوري، كما بعد يوم واحد من اتهام الأكراد في العراق عناصر «داعش» باستخدام الكلور ضد الشرطة العسكرية وقوات البيشمركة في ديسمبر (كانون الأول) ويناير (كانون الثاني). وأعلنت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية في يناير الماضي أن الكلور استخدم في هجمات على 3 بلدات سوريا خلال عام 2014 قتل فيها 13 شخصا.
واتهم رئيس الائتلاف خالد خوجة على حسابه على موقع «فيسبوك» «الديكتاتور المختل» (الرئيس السوري بشار الأسد) بالقيام «بمزيد من القتل وتحدي القرارات الدولية». وأدان نائب رئيس الائتلاف هشام مروة «الجريمة البشعة التي نفذها نظام الأسد»، وطالب «مجلس الأمن بإرسال بعثة تقصي حقائق بالسرعة الممكنة إلى مكان الحادثة وفتح تحقيق» والعمل على تنفيذ قراره الأخير في هذا المجال.
وقال هاميش دي بريتون جوردون خبير الأسلحة البيولوجية والكيماوية لوكالة «رويترز» إن عددا من الهجمات باستخدام الكلور وقع في الأيام الأخيرة بالمنطقة. وأضاف: «ظاهريا يبدو فيديو الهجوم حقيقيا. في حين أن الكلور نفسه غير فتاك إلا أنه يستخدم بفاعلية جدا كسلاح للترهيب أولا في سوريا والآن في العراق. قتل 3 أطفال إذ إنهم لا يستطيعون الجري فرارا من الهجوم».
في هذا الوقت، قال محققون في الأمم المتحدة بجرائم الحرب بسوريا إنهم على استعداد لتقديم قوائم سرية بأسماء وتفاصيل المشتبه بهم إلى أي سلطات ادعاء تعمل على أعداد القضايا. وحث باولو بينيرو رئيس لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة السلطات الوطنية على التواصل مع المحققين المستقلين الذين وضعوا 5 قوائم سرية خلال الأعوام الأربعة الأخيرة.
وأوضح المحققون أن قوائمهم المحفوظة في خزانة بالأمم المتحدة تشمل قادة عسكريين وأمنيين وقادة منشآت احتجاز وقادة جماعات لمقاتلي المعارضة. وتستند القوائم إلى مقابلات أجراها المحققون مع مئات الضحايا والشهود.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.