الأسد: ننتظر الأفعال.. والمعارضة تجدد تأكيدها على رحيله

محلل استراتيجي: التصريح رسالة لإيران.. وتصريحات {سي آي إيه} أكثر خطورة

الأسد: ننتظر الأفعال.. والمعارضة تجدد تأكيدها على رحيله
TT

الأسد: ننتظر الأفعال.. والمعارضة تجدد تأكيدها على رحيله

الأسد: ننتظر الأفعال.. والمعارضة تجدد تأكيدها على رحيله

رد الرئيس السوري بشار الأسد على مواقف وزير الخارجية الأميركي حول ضرورة فتح قنوات الحوار مع الرئيس السوري، بقوله إنه ينتظر تحركا من الإدارة الأميركية بخصوص التفاوض على حل سياسي، واصفا في الوقت عينه أي شيء يأتي من الخارج بـ«مجرد كلام وفقاعات تذهب وتختفي»، فيما جدد الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة تأكيده على تنحي الأسد كشرط للموافقة على أي مبادرة دولية، معتبرا أن حديث كيري الأخير لا يعني تغيرا في السياسة الأميركية، إنما تأكيد على موقفها السابق الداعي إلى الحوار الذي كان قد بدأ بين الطرفين في مؤتمر جنيف. وقال الأسد ردا على سؤال للتلفزيون الإيراني حول إقرار كيري بوجوب الحوار معه: «ما زلنا نستمع لتصريحات، وعلينا أن ننتظر الأفعال وعندها نقرر».
وفي قراءته للمواقف الأميركية الأخيرة، رأى الخبير في شؤون الشرق الأوسط، سامي نادر في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن سياسة الرئيس الأميركي باراك أوباما تجاه سوريا غير واضحة المعالم، وموقف كيري الأخير لم يحمل أي جديد حيال النظام السوري الذي كان موجودا على طاولة مباحثات جنيف، بقدر ما كان رسالة ودعوة إلى من يقف خلفه، وتحديدا إيران، للمشاركة في الحل بسوريا بعدما تم استبعادها عن مؤتمر جنيف، وذلك في ظل المفاوضات النووية بين الطرفين.
وقال نادر: «العنوان الأميركي هو محاربة (داعش)، فيما الأولوية اليوم تبقى للمفاوضات النووية الإيرانية ونتائجها التي ستنعكس بالتأكيد على الأزمة السورية»، مضيفا: «أميركا تستخدم الساحة السورية في علاقتها مع إيران معتمدة على سياسة الاستنزاف من جهة والاجتذاب من جهة أخرى».
وفيما رأى نادر أن مصداقية السياسة الأميركية باتت اليوم على المحك، اعتبر أن موقف مدير «وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية» (سي آي إيه)، جون برينان، قبل يومين، الذي قال فيه إن الولايات المتحدة لا تريد انهيار الحكومة السورية والمؤسسات التابعة لها، لأن من شأن هذا الأمر أن يخلي الساحة للجماعات المتطرفة، ولا سيما تنظيم داعش، أكثر خطورة من كلام كيري. وهو يؤكد على السياسة الأميركية التي تستند دائما على حجة غياب البديل عن النظام لعدم حسم قرارها في سوريا، بينما مرت 4 سنوات على الأزمة ولم تعمل على إيجاد أي بديل.
وكان كيري صرح في مقابلة بثتها شبكة «سي بي إس» الأميركية السبت الماضي حول احتمال التفاوض مع الأسد، قائلا: «علينا أن نتفاوض في النهاية. كنا دائما مستعدين للتفاوض في إطار مؤتمر جنيف 1». مضيفا: «الأسد لم يكن يريد التفاوض (...) إذا كان مستعدا للدخول في مفاوضات جدية حول تنفيذ جنيف 1، فبالطبع. نحن نضغط من أجل حثه على أن يفعل ذلك».
وعما إذا كانت هناك تغيرات في المواقف الدولية، قال الأسد في التصريحات التي نقلتها وكالة الأنباء الرسمية (سانا): «أي تغيرات يجب أن تبدأ أولا بوقف الدعم السياسي للإرهابيين ووقف التمويل ووقف إرسال السلاح، والضغط على الدول الأوروبية وعلى الدول التابعة لها في منطقتنا التي تقوم بتأمين الدعم اللوجيستي والمالي وأيضا العسكري للإرهابيين».
ورأى سفير الائتلاف لدى أميركا، نجيب الغضبان، أن هناك قراءة خاطئة لتصريح وزير الخارجية الأميركي، معتبرا أنه تأكيد وليس تغيرا في سياسة الولايات المتحدة. وقال في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «رأينا فيه تأكيدا على مبدأ المفاوضات مع النظام التي كانت قد بدأت في مؤتمر جنيف، والتي عادت شددت عليه المتحدثة باسم وزارة الخارجية».
وأكد الغضبان أن المسؤولين الأميركيين أكدوا في لقاءات عدة الأسبوع الماضي مع ممثلي الائتلاف، على موقفهم والتزام بلادهم بدعم الشعب السوري والقضايا الإنسانية والعمل على الوصول إلى حل سياسي على أساس مقررات مؤتمر جنيف.
ولفت إلى أنه ورغم الحديث عن إمكانية تغير الموقف الأميركي في ضوء المفاوضات النووية مع إيران، كان تأكيد من الولايات المتحدة على أن موضوع سوريا لم يطرح في المفاوضات.
ولا ينفي الغضبان أن هناك «ترددا» أميركيا في التعامل مع القضية السورية، انطلاقا من عدم ذهاب الولايات المتحدة حتى النهاية في أي قرارات تتخذها، ولا سيما الضغط على النظام السوري للالتزام بها، وهو الأمر الذي أدى إلى فشل مبادرة المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، والتي كانت تفتقد كذلك إلى أي ضمانات دولية، وفق تأكيده.
وفيما أشار الغضبان إلى موقف رئيس الائتلاف الأخير خالد خوجا لناحية عدم اشتراط رحيل الأسد للدخول في أي حوار، لفت إلى أن ترحيب النظام بكلام كيري الأخير رغم أنه لا يعكس أي جديد، يدل على أن النظام يحاول أن يستغل ويتمسك بأي شيء، لأنه يعتبر أن على العالم أن يأتي إليه لمحاربة التطرف وتحديدا تنظيم داعش الذي أوجده، مع العلم أن الأميركيين يؤكدون أنه وإن كان اليوم يرتكز العمل على محاربة الإرهاب، فإن إسقاط النظام لا يزال ضمن أولوياتها وكل شيء يتم على مراحل.
من جهته، أكد سالم المسلط، الناطق الرسمي باسم الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية على أن رحيل الأسد هدف رئيسي للمعارضة السورية. وقال المسلط: «رغم وضوح مواقف الائتلاف تجاه كل ما يتعلق بالحل السياسي، فإن بعض المستجدات تستدعي التأكيد مجددا بأن إسقاط رأس النظام وجميع المسؤولين عن الجرائم المرتكبة بحق الشعب السوري هدف رئيسي للائتلاف الوطني، حيث يضمن ذلك الانتقال إلى نظام ديمقراطي مدني تعددي يضمن حريات جميع المواطنين وحقوقهم».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.