واشنطن تدعو إيران إلى اتخاذ «قرارات صعبة» في المفاوضات النووية

الاتحاد الأوروبي: هناك فجوات ينبغي معالجتها للتوصل إلى اتفاق

وزيرة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني ووزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف يقودان المفاوضات النووية  مع وزراء خارجية فرنسا وبريطانيا وألمانيا في بروكسل أمس (أ.ف.ب)
وزيرة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني ووزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف يقودان المفاوضات النووية مع وزراء خارجية فرنسا وبريطانيا وألمانيا في بروكسل أمس (أ.ف.ب)
TT

واشنطن تدعو إيران إلى اتخاذ «قرارات صعبة» في المفاوضات النووية

وزيرة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني ووزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف يقودان المفاوضات النووية  مع وزراء خارجية فرنسا وبريطانيا وألمانيا في بروكسل أمس (أ.ف.ب)
وزيرة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني ووزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف يقودان المفاوضات النووية مع وزراء خارجية فرنسا وبريطانيا وألمانيا في بروكسل أمس (أ.ف.ب)

بعد 12 عاما من التوتر الدولي و18 شهرا من المحادثات المكثفة حددت إيران ودول مجموعة «5+1»، وهي الولايات المتحدة والصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، مهلة تنتهي في 31 مارس (آذار) الحالي للتوصل إلى اتفاق يضمن عدم امتلاك إيران القنبلة الذرية مطلقا مقابل رفع العقوبات.
وتوجه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أمس إلى بروكسل ليجتمع مع وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني ثم مع نظرائه الألماني فرانك فالتر شتاينماير والفرنسي لوران فابيوس والبريطاني فيليب هاموند، كما أعلن الاتحاد الأوروبي في بيان.
وقالت موغيريني أمس إنه لا تزال «توجد عراقيل ينبغي التغلب عليها مع طهران للتوصل إلى اتفاق» لكنها تأمل في تحقيق تقدم في الاجتماعات مع نظرائها من الدول المشاركة في محادثات بروكسل.
وأضافت موغيريني في مؤتمر صحافي: «لا تزال توجد بعض الفجوات التي ينبغي معالجتها لكن أملي أن يمكن لمساهمة جانبنا الأوروبي المساعدة». ورفضت إعطاء تفاصيل لكنها قالت إن «كل القضايا يجري بحثها وأنها كلها مترابطة». وقبل هذا الاجتماع الإيراني - الأوروبي، حذرت موغيريني من أن الأسابيع المقبلة ستكون «حاسمة» من أجل «التوصل إلى تفاهم على اتفاق جيد».
من جهته، اعتبر هاموند أنه إذا «اقترب» الطرفان من حل «فسيبقى هناك طريق طويل» أمامهما، مضيفا للصحافيين لدى وصوله إلى الاجتماع: «هناك مجالات حققنا فيها تقدما وهناك مجالات نحتاج أن نحقق فيها تقدما».
وعقد وزير الخارجية الأميركي جون كيري وظريف صباح أمس جولة مفاوضات شاقة في لوزان بسويسرا على أمل التوصل إلى اتفاق تاريخي قبل نهاية الشهر. والتقى وزيرا الخارجية مع الوفدين المرافقين لهما على مدى 5 ساعات.
وأكد دبلوماسي أميركي أن «كيري وظريف اللذين تقاربا بعض الشيء إثر أشهر من الاتصالات والمداولات بينهما، عقدا لقاء ثنائيا استمر 20 دقيقة»، ودعا دبلوماسي أميركي كبير آخر إيران إلى اتخاذ «قرارات صعبة جدا» للتوصل إلى اتفاق حول ملفها النووي. وصرح الدبلوماسي «ما زال على إيران اتخاذ قرارات صعبة جدا وضرورية لتهدئة المخاوف الكبرى المتبقية بخصوص برنامجها النووي».
وقال المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته: «لا نزال نأمل أن نتمكن من تحقيق ذلك، ولكن بصراحة ما زلنا لا نعلم ما إذا كنا سنتمكن من ذلك». وأضاف: «لا نعلم بعد ما إذا كان التوصل إلى هذه الأجزاء النهائية صعبا للغاية».
وكان كيري عبر أول من أمس عن «أمله في أن يكون ذلك ممكنا في الأيام المقبلة» من دون أن يخفي وجود «خلافات كبيرة» بين مجموعة «5+1» وطهران، وقال: «دعونا ننته من الملف النووي الإيراني الذي يشكل توترا للأسرة الدولية منذ عقد».
وعبر ظريف أيضا أول من أمس عن الأمل في التوصل إلى «حلول في الأيام المقبلة قبل أسبوعين من الاستحقاق».
في السياق نفسه، أعلن رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني أن النواب الإيرانيين لن يفشلوا الاتفاق النووي إذا وافق عليه المرشد الأعلى علي خامنئي، منددا بالتهديد الذي لوح به الجمهوريون في مجلس الشيوخ الأميركي. وتابع لاريجاني: «نحن معا وهناك تنسيق وتشاور بين الحكومة والبرلمان والجميع تحت إشراف المرشد الأعلى» الذي له الكلمة الفصل حول الملفات الاستراتيجية في إيران.
وقال لاريجاني في مؤتمر صحافي أن «البرلمان والحكومة على النهج نفسه. ليست لدينا المشاكل الموجودة في الولايات المتحدة»، في إشارة إلى الرسالة المفتوحة التي وجهها جمهوريون في مجلس الشيوخ الأميركي وكتبوا فيها أن الكونغرس وحده يملك سلطة رفع العقوبات الأميركية نهائيا عن طهران.
وعلق لاريجاني قائلا إن «ما فعله أعضاء مجلس الشيوخ هو عمل هواة، حتى خبراؤهم السياسيون انتقدوهم لأنهم شككوا في نزاهتهم. لن نقع في مثل هذا الخطأ».
وسيحدد الاتفاق السياسي المحاور الكبرى لضمان الطابع السلمي للأنشطة النووية الإيرانية واستحالة توصل طهران إلى صنع قنبلة ذرية. كما سيحدد مبدأ مراقبة المنشآت النووية الإيرانية ومدة الاتفاق ويضع جدولا زمنيا للرفع التدريجي للعقوبات الدولية التي تخنق الاقتصاد الإيراني.
وهناك خلاف بين إيران ومجموعة 5+1 حول وتيرة تعليق العقوبات إذ تريد طهران رفع الإجراءات العقابية التي تفرضها الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي دفعة واحدة لأنها تخنق اقتصادها وتسبب لها بعزلة دبلوماسية منذ سنوات.
وتعهد الرئيس الأميركي عدة مرات ببذل كل الجهود بما فيها العسكرية لمنع إيران من امتلاك السلاح النووي. لكن ومنذ اتصاله الهاتفي مع نظيره الإيراني حسن روحاني في سبتمبر (أيلول) عام 2013. فإن أوباما يعول على السبيل الدبلوماسي مع طهران وجعل من التقارب معها إحدى أولويات سياسته الخارجية.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.