معارك في مسقط رأس القذافي بين «داعش» وميليشيات «فجر ليبيا»

قصف جوي على الزنتان.. وحكومة طرابلس تعلن عن خطف وزير إعلامها

مبعوث الأمم المتحدة لليبيا بيرناردينو ليون خلال مؤتمر صحافي مساء أول من أمس في الصخيرات جنوب العاصمة المغربية (أ.ب)
مبعوث الأمم المتحدة لليبيا بيرناردينو ليون خلال مؤتمر صحافي مساء أول من أمس في الصخيرات جنوب العاصمة المغربية (أ.ب)
TT

معارك في مسقط رأس القذافي بين «داعش» وميليشيات «فجر ليبيا»

مبعوث الأمم المتحدة لليبيا بيرناردينو ليون خلال مؤتمر صحافي مساء أول من أمس في الصخيرات جنوب العاصمة المغربية (أ.ب)
مبعوث الأمم المتحدة لليبيا بيرناردينو ليون خلال مؤتمر صحافي مساء أول من أمس في الصخيرات جنوب العاصمة المغربية (أ.ب)

استمر تبادل الضربات الجوية بين قوات الجيش الليبي وما يسمى ميلشيات «فجر ليبيا» أمس، بعد شن غارة جوية جديدة على مدينة الزنتان في غرب البلاد، بينما دارت معارك عنيفة في مدينة سرت الساحلية ومسقط رأس العقيد الراحل معمر القذافي، بين ميلشيات «فجر ليبيا» ومسلحي تنظيم داعش الإرهابي.
وقال مصدر مسؤول بمجلس سرت المحلي في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط» إن العناصر التابعة لتنظيم داعش انتشرت في معظم أنحاء المدينة في محاولة لصد الهجوم الذي تشنه ميلشيات «فجر ليبيا»، موضحا أن الطرفين المتحالفين في ما سبق اندلعت بينهما خلافات حول الهيمنة على المدينة بالإضافة إلى مزاعم حول تبادل أسر عدد من عناصر الطرفين.
وقال العميد محمد الأجطل، القيادي بميلشيات «فجر ليبيا»، إن «معارك ضارية اندلعت بين الكتيبة 166 مشاة التابعة لقوات فجر ليبيا ومجموعات من الفرع الليبي لتنظيم داعش»، مشيرا إلى أن الاشتباكات نجم عنها سقوط قتيل من قوات «فجر ليبيا».
وتحدثت مصادر في المدينة عن مقتل مصباح الجافل «أبو تراب»، القيادي في «داعش»، وإصابة قيادي آخر بنفس التنظيم يدعى علي اقعيم، في اشتباكات وقعت عقب اجتياح عناصر التنظيم لبلدة هراوة.
وأكد مسؤول أمني في مجلس سرت المحلي أن «الاشتباكات التي بدأت ظهر أمس دارت في جهة الشرق على أطراف المناطق التي يوجد فيها تنظيم داعش في المدينة.
وتعد هذه هي أول اشتباكات مسلحة من نوعها بين الطرفين منذ سيطرة تنظيم داعش خلال الشهر الماضي على مؤسسات حكومية في سرت ونظمت استعراضا عسكريا في بعض شوارعها.
وأرسلت قوات «فجر ليبيا» على أثر ذلك تعزيزات إلى المدينة الساحلية الواقعة على بعد نحو 400 كلم (شرق طرابلس). وتعتبر بلدة النوفلية الواقعة على بعد نحو 120 كلم شرق مدينة سرت معقلا لتنظيم «داعش» الذي يملك حضورا أيضا في مدينة درنة الواقعة في شرق البلاد والخاضعة لسيطرة مجموعات إسلامية مسلحة متشددة.
في غضون ذلك قالت وكالة الأنباء الموالية للبرلمان والحكومة الانتقالية المعترف بهما دوليا في شرق البلاد، إن ما وصفته بالعدوان الجبان استهدف المرافق المدنية والبنية التحتية لمدينة الزنتان، مشيرة إلى أن 3 طائرات تابعة لمن سمتها بالميليشيات الإرهابية قامت باستهداف مطار الزنتان المدني بقنابل جديدة شديدة الانفجار، لكنها لم تصب هدفها وسقطت في محيط المطار، دون وقوع أضرار بشرية أو مادية. وأوضحت أن الطائرات ألقت حمولتها على المطار بهدف تدميره وتعطيله عن العمل حتى لا يستقبل رحلات الركاب مجددا، لكن بعض القنابل سقطت دون أن تنفجر قبل أن تقوم سرية الهندسة العسكرية بالزنتان بتجميع القنابل وتفجيرها في مكان بعيد.
وقال مصدر عسكري في السرية إن هذه القنابل من نوع جديد لم يستخدم من قبل، وهي شديدة الانفجار.
وكانت طائرة تابعة للخطوط الليبية قد قامت أول من أمس برحلة إلى مطار الزنتان من مطار الأبرق، ثم غادرت المطار تحمل على متنها عددا من الركاب.
من جهة أخرى، دعت ما تسمى بحكومة الإنقاذ الوطني التي تسيطر بقوة السلاح على العاصمة الليبية طرابلس، إلى إطلاق سراح وزير الإعلام المختطف علي الهوني، وقال بيان مشترك لوزارتي العدل والداخلية بالحكومة إن «ما تعرض له الوزير وعائلته من ترويع أول من أمس يعد عملا إجراميا يعاقب عليه القانون مهما كانت البواعث والأسباب»، مشيرا إلى «صدور التعليمات للجهات المختصة فور وقوع الحادثة برصد مكان الوزير وإخلاء سبيله».
وكان رئيس الوزراء غير المعترف به دوليا قد أوقف رسميا الهوني عن العمل قبل بضعة أيام احتياطيا لمقتضيات المصلحة العامة، بحسب نص القرار الحكومي.
وتقول مصادر ليبية إن توقيف الهوني الذي نجا من محاولة اغتيال خارج العاصمة طرابلس في ديسمبر (كانون الأول) الماضي تم بسبب فيديو يظهر فيه وهو يشيد بنظام القذافي في بدايات الانتفاضة التي اندلعت ضده عام 2011 وانتهت بسقوطه بدعم من حلف شمال الأطلنطي (الناتو).
وتسيطر «فجر ليبيا» على العاصمة طرابلس منذ الصيف الماضي، وهي خليط من المجموعات المسلحة الموالية لتحالف قوى سياسية، بينها أحزاب إسلامية، مناهضة للحكومة المعترف بها دوليا والتي تدير أعمالها من طبرق شرق البلاد إلى جانب برلمان منتخب.
في سياق موازٍ، أعلنت بعثة الأمم المتحدة تأجيل الجولة الجديدة من المشاورات مع السياسيين الليبيين، إلى الخميس المقبل. وقالت البعثة في بيان لها إن الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، رئيس بعثتها برناردينو ليون، عقد في المغرب لقاءات مع المشاركين في هذا الحوار، إذ تمت مناقشة قضايا جوهرية وأخرى إجرائية حول سبل المضي قدما.
وأوضح البيان أنه ومن أجل إتاحة المزيد من الوقت للتشاور اقترحت البعثة أن تستأنف جلسات الحوار يوم الخميس المقبل في المغرب، مشيرا إلى أن سيستمر على مسودات الوثائق التي تم طرحها خلال النقاشات السابقة.
وأعلنت البعثة عن تطلعها إلى مشاركة فعالة من جميع المشاركين في الجلسات القادمة وحثتهم على الاستفادة من الزخم الحالي الذي ولدته جولة الحوار السابق، وعدم إضاعة الفرصة التي تقدمها المحادثات لإحلال السلام في ليبيا. وأكدت أهمية المسارات الأخرى الداعمة للمسار الحوار الرئيسي، معتبرة أنه من شأن التقدم المحرز في هذه المسارات أن يعزز الجهود الرامية إلى إيجاد حل سياسي.
وتشمل هذه المسارات اجتماعات لممثلي الأحزاب السياسية والنشطاء السياسيين، وممثلي البلديات، علاوة على اجتماعات المجموعات المسلحة والشخصيات القبلية والاجتماعية.
وتهدف المفاوضات إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية وإبرام اتفاق دائم لوقف إطلاق النار وإعادة عملية الانتقال الديمقراطي في ليبيا إلى مسارها، غير أن الطرفين يواجهان انقسامات داخلية بشأن المفاوضات.
وتدعم الحكومات الغربية هذه المحادثات وتعتبرها الوسيلة الوحيدة لإنهاء الاضطرابات في ليبيا، إذ تتنازع حكومتان وبرلمانان السيطرة على البلاد مما أتاح للجماعات الإسلامية المتشددة استغلال الفوضى وتحقيق مكاسب على الأرض. وهذه الجولة من المحادثات هي الثانية التي تعقد في مدينة الصخيرات المغربية الساحلية، بعد 3 جولات سابقة في مدينة جنيف السويسرية وغيرها.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.