تدخل المفاوضات النووية بين إيران والقوى الكبرى غدا مرحلة حساسة، إذ يلتقي وزير الخارجية الأميركي نظيره الإيراني في سويسرا مع قرب انتهاء مهلة للتوصل لاتفاق سياسي في 31 مارس (آذار) تزامنا مع خلاف سياسي حاد في واشنطن.
وبعد 18 شهرا على المحادثات حول ملف إيران النووي وبعد تخطي استحقاقين سابقين، تسعى مجموعة 5+1 (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين وألمانيا) للتوصل في نهاية الشهر الحالي إلى اتفاق سياسي مع إيران يضمن عدم حيازتها القنبلة النووية في المستقبل.
أما الاتفاق النهائي والكامل والذي يتضمن كل التفاصيل التقنية فمن المفترض التوصل إليه بحلول الأول من يوليو (تموز) المقبل. ولكن التطورات في الملف النووي تتزامن مع تصاعد الجدل في العاصمة الأميركية مما يضع الرئيس باراك أوباما ووزير خارجيته جون كيري تحت كثير من الضغط.
ولم يبد المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في إيران آية الله علي خامنئي الشهر الماضي حماسة لمحادثات تجري على مرحلتين، مشيرا إلى أن «أي اتفاق لا بد أن يتم في مرحلة واحدة ويتضمن الإطار العام والتفاصيل».
ومن المفترض أن يلقي خامنئي خطابا لمناسبة عيد النوروز العام الإيراني الجديد في 21 مارس. وقد عبر أول من أمس عن «القلق لأن الطرف الآخر ماكر ومخادع ويطعن في الظهر»، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الطلابية الإيرانية (إيسنا). ومساء بعد غد يصل ظريف إلى بروكسل ليلتقي وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي مع نظرائها الفرنسي والبريطاني والألماني.
أما في واشنطن، ففي التاسع من مارس بعث 47 عضوا جمهوريا في مجلس الشيوخ رسالة مفتوحة إلى خامنئي يحذرون فيها من أن أي اتفاق حول البرنامج النووي قد يتم تعدليه من قبل الكونغرس كما أن الرئيس الأميركي المقبل يستطيع «إبطاله بجرة قلم».
وأتت الرسالة بعد خطاب ألقاه رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام المشرعين الأميركيين في الكابيتول بدعوة من الجمهوريين، وحذر فيه من أن الاتفاق مع إيران لن يمنعها من حيازة القنبلة النووية.
ودان أوباما رسالة الجمهوريين، معتبرا أنه «من المفارقة أن يشكل بعض البرلمانيين في الكونغرس جبهة مشتركة مع الإيرانيين المؤيدين لاعتماد نهج متشدد»، في حين وصفها كيري بـ«غير المسؤولة».
كذلك انتقد وزير خارجية ألمانيا فرانك - فالتر شتاينماير الرسالة. وأكد أن «هذه ليست قضية ذات شأن أميركي داخلي فحسب وإنما تؤثر على المفاوضات التي نجريها في جنيف»، مشيرا إلى أن «الشكوك تزداد في الجانب الإيراني حول جديتنا بشأن هذه المفاوضات».
أما وزير الخارجية الإيراني، الذي يتعرض بدوره إلى ضغوط المحافظين في بلاده، فاتهم «المتطرفين في الكونغرس» الأميركي بإثارة «مشكلات» في المفاوضات. وقال إن «هذا النوع من الرسائل غير مسبوق وغير دبلوماسي. بالحقيقة، يقولون لنا إنه لا يمكن الوثوق بالولايات المتحدة».
ومن شأن اتفاق نووي أن يتضمن موافقة إيران على تقليص نشاطها مما يضمن نظريا إطالة إلى نحو عام واحد الفترة التي تحتاجها لتجميع المواد الانشطارية الكافية لصنع قنبلة.
وتؤكد إيران أن نشاطاتها النووية سلمية تماما، وتطالب في المقابل برفع جميع العقوبات المفروضة عليها منذ نحو عقد من الزمن من قبل الأمم المتحدة والدول الغربية.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2013، توصلت إيران ومجموعة 5+1 إلى اتفاق مرحلي يتضمن رفعا محدودا للعقوبات مقابل تجميد إيران لجزء من برنامجها النووي. ومنذ ذلك الحين وبعد جولات محادثات عدة، فشل المفاوضون مرتين في تحويل هذا الاتفاق المرحلي إلى اتفاق نهائي بعدما تخطوا مهلتين سابقتين في يوليو، ونوفمبر 2014، وبالتالي عمدوا إلى تمديد إجراءات الاتفاق المرحلي.
ويقول دبلوماسيون إن المحادثات شهدت تقدما في بعض المجالات، من بينها تعديلات على مفاعل آراك الذي من الممكن أن ينتج البلوتونيوم الضروري لتصنيع القنبلة فور تشغيله.
وفي السادس من مارس الحالي قالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني إن «اتفاقا جيدا» بشأن برنامج إيران النووي بات «في متناول اليد». ولكن القضية الأساسية موضع الجدل حول قدرات إيران المستقبلية في تخصيب اليورانيوم لم تحل حتى الآن.
ومن بين المواضيع الشائكة التي يواجهها المفاوضون سرعة الخطوات التي من شأنها تجميد العقوبات على إيران ثم رفعها، فضلا عن مدة الاتفاق موضع النقاش. وتعتقد فرنسا أن فترة عشر سنوات المقترحة ليست كافية.
وفي مقابلة تلفزيونية في الثامن من مارس الحالي، قال الرئيس الأميركي إنه «إذا لم يكن بوسعنا التثبت من أنهم لن يحصلوا على سلاح نووي، ومن أنه سيكون لدينا وقت كاف للتحرك أثناء فترة انتقالية في حال مارسوا الخداع.. إذا لم نحصل على هذه الضمانات، لن نقبل باتفاق».
كيري تحت ضغوط الدول الست.. وظريف يتجرع انتقادات خامنئي
مع مواصلة المحادثات حول الملف النووي الإيراني للوصول إلى حلول
كيري تحت ضغوط الدول الست.. وظريف يتجرع انتقادات خامنئي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة