اجتماعات سرية في باكستان تكشف عقبات في طريق محادثات السلام الأفغانية

وسط خلافات مستحكمة بين اثنين من كبار قادة حركة طالبان

اجتماعات سرية في باكستان تكشف عقبات في طريق محادثات السلام الأفغانية
TT

اجتماعات سرية في باكستان تكشف عقبات في طريق محادثات السلام الأفغانية

اجتماعات سرية في باكستان تكشف عقبات في طريق محادثات السلام الأفغانية

بعد أيام من تسرب أنباء عن رغبة حركة طالبان الأفغانية في الدخول بمحادثات لإنهاء الحرب الطويلة في أفغانستان زار كبار ممثلي الحركة المتشددة إسلام آباد، لإجراء محادثات سرية لمناقشة الخطوة التالية.
وغادروا وهم يحملون رسالة واضحة من باكستان مفادها أن طالبان يجب أن تنهي خلافا بين اثنين من كبار قادتها، وإلا فقد لا تنطلق المحادثات أبدا.
كان التحذير تذكرة بمدى صعوبة جمع المتمردين والحكومة الأفغانية حول طاولة واحدة، ناهيك عن صعوبة الاتفاق على السلام الدائم حتى بمساعدة باكستان التي أيدت طالبان في السابق ولا تزال تتمتع بنفوذ سياسي عليها.
والزعيمان الكبيران في طالبان هما الزعيم السياسي أختار محمد منصور الذي يفضل التفاوض، والقائد الميداني عبد القيوم ذاكر المحتجز السابق في معتقل خليج غوانتانامو الذي يعارض المحادثات مع كابل.
ومنصور وذاكر خصمان منذ أمد بعيد، وقالت مصادر في طالبان إنهما اجتمعا في الآونة الأخيرة لحل خلافاتهما الشخصية، وذبحا خروفا احتفالا بهذه المناسبة.
لكن المصادر قالت إن منصور لم يتمكن من إقناع ذاكر بالتراجع عن معارضته لإجراء محادثات مباشرة مع كابول، التي يرى أنها «مضيعة للوقت»، لأن الولايات المتحدة هي التي تمسك فعليا بزمام الأمور في أفغانستان. ونظرا للوساطة الباكستانية والصينية تعتبر مبادرة السلام الجديدة واعدة أكثر من الجهود الفاشلة التي بذلت في الآونة الأخيرة، وتهدف المبادرة إلى إنهاء صراع متفاقم يقتل فيه مئات الأفغان كل شهر.
وتأتي هذه الانفراجة المحتملة بعد انسحاب القوات القتالية الأجنبية في نهاية عام 2014 تاركة قوة تدريب صغيرة قوامها نحو 12 ألفا.
لا تزال عقبات كثيرة في طريق السلام. ويراود الجانبين شك عميق. ومن المتوقع أن تطالب حركة طالبان بالانسحاب الفوري للقوات الأجنبية المتبقية في البلاد، وهو طلب سيرفضه بالقطع الرئيس الأفغاني أشرف عبد الغني.
ومع ذلك، قالت عدة مصادر من طالبان في أفغانستان فضلا عن كبار المسؤولين الباكستانيين والأفغان إن العملية تتحرك على الأقل. وقال الجيش الباكستاني هذا الأسبوع إن الممثل الأميركي الخاص لأفغانستان وباكستان دانيال فيلدمان، قام بزيارة مفاجئة لإسلام آباد، لبحث إمكانية إجراء محادثات.
وقال قياديان في طالبان ومسؤولان باكستانيان كبيران إن وفدا برئاسة قاري دين محمد حنيف من المكتب السياسي لحركة طالبان بدولة قطر، اجتمع مع قادة من الجيش الباكستاني ودبلوماسيين صينيين في إسلام آباد، في أواخر فبراير (شباط).
ونفى المتحدث الرسمي باسم طالبان حدوث الزيارة. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية هونغ لي إن التقارير التي تشير إلى أن دبلوماسيين صينيين في إسلام آباد التقوا مع ممثلين لطالبان «تجافي الحقيقة». وقال مسؤول بالحكومة الأميركية إن فيلدمان كان في باكستان في إطار وفد أعمال، وأضاف أن واشنطن تشجع باكستان والصين على دعم جهود المصالحة التي يقودها الرئيس عبد الغني.
وقال قياديان كبيران من المتمردين على دراية مباشرة بزيارة وفد طالبان لإسلام آباد إن المجموعة سافرت بعد ذلك إلى مدينة كويتا في جنوب غربي باكستان، حيث يتوارى كثيرون من قادة طالبان لاطلاعهم على المناقشات الأولية.
وفي اتصال هاتفي قال أحد قادة طالبان: «قالوا إن المسؤولين الباكستانيين نصحوهم بحل الخلافات الداخلية قبل بدء محادثات رسمية مع كابل». ولأن ذاكر يسيطر على عدة آلاف من المقاتلين في شرق أفغانستان، فمن غير المؤكد أن يصمد أي وقف لإطلاق النار إذا واصل معارضة إجراء محادثات مباشرة مع كابل. وقد يكون لقرار الملا محمد عمر القائد الأعلى لحركة طالبان القول الفصل إذا اتخذ.
ولم يظهر الرجل المنعزل علنا منذ الإطاحة بطالبان من الحكم برعاية الولايات المتحدة، في أعقاب هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001.
وبعض الخبراء أكثر تفاؤلا إزاء إحراز تقدم هذه المرة بسبب التهديد الباكستاني باعتقال أو طرد قادة طالبان، ما لم يتفاوضوا مع كابل.
ويمكن أن يؤدي ذلك إلى إجبار حركة طالبان الأفغانية إلى قطع علاقاتها بتنظيم القاعدة وحركة طالبان الباكستانية المنفصل.
وحفز الضغوط الباكستانية المتجددة على طالبان الأفغانية مجزرة نفذتها حركة طالبان الباكستانية قتلت خلالها 132 تلميذا في ديسمبر (كانون الأول)، في مدرسة يديرها الجيش في مدينة بيشاور الباكستانية.
وفي مقابل الدعم الباكستاني للمحادثات، استهدفت أفغانستان معاقل طالبان الباكستانية في إقليم كونار بشرق البلاد، قرب الحدود مع باكستان، في مؤشر على تحسن العلاقات بعد تولي عبد الغني للسلطة. وقال سيف الله محسود رئيس مركز بحوث المناطق القبلية الخاضعة للإدارة الاتحادية، ومقره إسلام آباد: «ما زلنا في وقت مبكر، لكن المؤشرات جيدة».
وأضاف: «لطالبان الأفغانية ممولوهم وشركاتهم وأسرهم هنا». وطالبان الأفغانية لديها الذكاء الكافي لمعرفة أن الدولة الباكستانية حلقة وصل أفضل من حركة طالبان الباكستانية. وقال مسؤول باكستاني كبير على دراية مباشرة بالعملية إن التطور الآخر الجديد هو عزم طالبان على الشروع في المحادثات دون شروط مسبقة.
لكن ممثلين من طالبان أشاروا إلى أنه إذا بدأت المحادثات، فإنهم سيطرحون مطالب، من بينها الانسحاب الفوري لكل القوات الأجنبية.
وقال مساعد كبير لعبد الغني إن مطالب طالبان المتوقعة، التي قد تشمل أيضا إعادة فرض تأويلهم المتشدد لأحكام الشريعة الإسلامية التي فرضت إبان حكمهم الذي استمر 5 أعوام، ستكون غير مقبولة.
وأضاف المساعد أن الوسطاء الباكستانيين يعملون على إيجاد أرضية مشتركة، لكن حتى الآن لم يحدث أي تغيير في موقف طالبان.
وقال: «إذا لم يتم تخفيف هذه المطالب، فقد يكون اليوم الأول للمحادثات هو اليوم الأخير».



قناة تلفزيونية أفغانية تستأنف بثها بعد إغلاقها بقرار من حكومة «طالبان»

«مراسلون بلا حدود» تقول إن «طالبان» أغلقت ما لا يقل عن 12 وسيلة إعلامية عام 2024 (أرشيفية - متداولة)
«مراسلون بلا حدود» تقول إن «طالبان» أغلقت ما لا يقل عن 12 وسيلة إعلامية عام 2024 (أرشيفية - متداولة)
TT

قناة تلفزيونية أفغانية تستأنف بثها بعد إغلاقها بقرار من حكومة «طالبان»

«مراسلون بلا حدود» تقول إن «طالبان» أغلقت ما لا يقل عن 12 وسيلة إعلامية عام 2024 (أرشيفية - متداولة)
«مراسلون بلا حدود» تقول إن «طالبان» أغلقت ما لا يقل عن 12 وسيلة إعلامية عام 2024 (أرشيفية - متداولة)

استأنفت محطة تلفزيونية أفغانية بثها السبت، وفق ما أعلنت إدارتها، بعدما أغلقتها حكومة «طالبان» في ديسمبر (كانون الأول).

امرأة أفغانية ترتدي البرقع تمشي في إحدى الأسواق استعداداً لشهر رمضان المبارك بكابل في 27 فبراير شباط 2025 (أ.ف.ب)

وأعلن رئيس القناة بصير عابد، أن الأختام الموضوعة على أبواب القناة في كابل أزيلت بحضور ممثلي وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مشيراً إلى «استئناف عملياتنا».

وأمرت الوزارة القناة التلفزيونية في 4 ديسمبر بالإغلاق بعد اتهامها بدعم وسائل إعلام منفية في الخارج.

واعتقلت السلطات 7 من موظفي القناة لكن أطلِق سراحهم في وقت لاحق من ديسمبر، في حين ظلت القناة مغلقة.

ولم تُشِر حكومة «طالبان» إلى سبب السماح للمحطة بمعاودة البث.

عناصر من حركة «طالبان» (أرشيفية)

ورحب مركز الصحافيين الأفغان، وهو مجموعة تعنى بحرية الصحافة، بإعادة فتح القناة، لكنه قال في بيان، إنه يعدُّ الإغلاق «انتهاكاً صارخاً لحقوق الإعلام الحر الذي لم يكن ينبغي أن يحدث».

وبحسب منظمة «مراسلون بلا حدود»، فإن القناة التي تأسست عام 2006 في مدينة مزار شريف الشمالية، وافتتحت مكتباً في كابل عام 2010 لإنتاج أفلام وثائقية عن الحياة البرية ودبلجة المسلسلات التركية.

وتراجع قطاع الإعلام في أفغانستان بشكل كبير في ظل حكومة «طالبان» التي استعادت السلطة منذ 3 سنوات، في حين انتقد مراقبون دوليون حكام كابل الجدد لانتهاكهم المزعوم لحقوق المراسلين.

نائب رئيس وزراء حكومة «طالبان» للشؤون الاقتصادية الملا عبد الغني برادار (وسط الصورة) يتحدث مع الصحافيين أثناء إحاطته الإعلامية حول زيارته إلى أوزبكستان... كابل - أفغانستان - 23 فبراير 2025 (إ.ب.أ)

وتقول منظمة «مراسلون بلا حدود» إن سلطات «طالبان» أغلقت ما لا يقل عن 12 وسيلة إعلامية عام 2024.

وقال المتحدث باسم الحكومة ذبيح الله مجاهد في وقت سابق، إنه لا توجد قيود على الصحافيين، ما داموا «يأخذون في الاعتبار المصلحة الوطنية والقيم الإسلامية ويتجنبون نشر الشائعات».

وفي أوائل فبراير (شباط)، دهمت سلطات «طالبان» الأفغانية إذاعة «بيغوم» النسائية المعروفة في كابل وأوقفت بثها.

وأثار إغلاق المحطة إدانة واسعة من قبل منظمات حقوقية، حيث أعربت منظمة «مراسلون بلا حدود» عن قلقها إزاء «التضييق المزداد على الإعلام المستقل في أفغانستان»، وطالبت السلطات بالتراجع عن قرارها.

وأكدت المنظمة أن «إذاعة راديو بيغوم كانت واحدة من المنصات القليلة المتبقية التي تتيح للنساء الأفغانيات التعبير عن أنفسهن في بيئة يزداد فيها القمع الإعلامي».

ومنذ عودة «طالبان» إلى الحكم في أغسطس (آب) 2021، تقلصت مساحة حرية التعبير بشكل كبير، حيث أُغلق كثير من وسائل الإعلام المستقلة، وفرّ عشرات الصحافيين إلى الخارج، بينما يواجه الصحافيون المتبقون قيوداً صارمة وتهديدات مستمرة.