شرم الشيخ ترتدي حلة «دافوس» من أجل «مستقبل مصر»

المدينة في أزهى صورها لاستقبال الزعماء.. والتأمين «برًا وبحرًا وجوًا»

شرم الشيخ ترتدي حلة «دافوس» من أجل «مستقبل مصر»
TT

شرم الشيخ ترتدي حلة «دافوس» من أجل «مستقبل مصر»

شرم الشيخ ترتدي حلة «دافوس» من أجل «مستقبل مصر»

منذ أن تهبط الطائرة، ربما تتخيل للحظة أنها أخطأت وجهتها؛ فحطت في بلدة دافوس السويسرية التي تحتضن المنتدى الاقتصادي الأبرز في العالم.. لولا الجو الدافئ في حرارة تتراوح بين 25 إلى 28 درجة مئوية، والخلفية الطبيعية المكونة من الرمال والجبال والبحر المعتادة لشرم الشيخ.
المدينة تشهد حركة دائبة، وسوارا أمنيا رغم كونه في غاية الإحكام؛ فإنه لا يعيق الحركة ولا يؤرق الزوار. فبعد الخروج من الطائرة، تنتهي إجراءات الدخول في لحظات معدودة رغم ازدحام المطار الشديد، وتحضر الحقائب في ثوان معدودة على السير.
لحظات أخرى، وتجد عشرات من الشباب في بذلات ورابطات العنق موحدة اللون، يتسارعون دون هرج أو مرج لمساعدة الحضور من المشاركين والإعلاميين في مؤتمر «مصر المستقبل» الاقتصادي، الذي تضع مصر كلها آمالا عريضة عليه للنهوض بمستقبلها الاقتصادي.
وما إن تخبر أحد الشباب بهويتك، حتى يخبرك في موجز ودقيق عن خطواتك المقبلة من المطار وحتى فندق الإقامة ومقرات تسجيل الحضور. ويسلمك الشاب إلى شابة أو شاب آخر بعد بضعة أمتار، وهكذا حتى تجد نفسك في المكان الذي تريد؛ وبأفضل مما تريد.
إدارة المؤتمر خصصت شبكة ضخمة من السيارات والحافلات الأنيقة، كل منها مخصص لوجهة تخدمك، ويتوالى حضورها في موعد دقيق. أما الشوارع التي تبرق تحت الشمس الساطعة، فيظهر تخطيطها الجديد، وتشجيرها فائق الجمال على الجانبين.
الخدمات الأمنية ونقاط الارتكاز في كل موضع من المدينة، لكنها لا تعوق السير لأكثر من لحظات نتيجة تواصل أمني عالي المستوى. وأكد مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط» أن وزير الداخلية اللواء مجدي عبد الغفار يشرف شخصيا على متابعة الخطة الأمنية لحظة بلحظة، وأنه وصل إلى شرم الشيخ ظهرا وتفقد كافة الإجراءات الأمنية بكافة محاور المدينة، موضحا أن التأمين الذي يجري بالتنسيق مع الجيش يتم «برا وبحرا وجوا».
وبينما تظهر في الأفق مروحيات سوداء تحلق على مستوى متوسط دون إزعاج سمعي أو بصري، تسير سيارات الأجرة لنقل السائحين والزوار، بينما يرتدي قائدوها أزياء شبه رسمية موحدة ورابطات عنق. وقالت سائحة روسية لـ«الشرق الأوسط»: «أنا هنا في شرم الشيخ منذ أسبوع، الأمن على أعلى مستوى، والجو رائع.. في البداية لم نفهم تماما سبب الوجود الأمني، ولكن مرافقينا والعاملين بالفنادق أوضحوا لنا أن مصر تستعد لحدث عالمي ضخم يرجى منه استعادة مكانتها الدولية الراسخة.. سعيدة لوجودي هنا في هذا التوقيت وأتمنى لمصر التوفيق».
ورغم الجمال الكلي البادي على المدينة، فإن حركة التجميل لم تتوقف حتى الساعات الأخيرة من الأمس. وشوهد محافظ جنوب سيناء اللواء خالد فودة في شوارع المدينة مرات في سيارته، ومرات مترجلا، ليفحص كل صغيرة وكبيرة تخص المؤتمر. حيث تفقد مركز المؤتمرات الرئيسي، وكذلك مركز تسجيل الوفود المجاور له، والذي شهد إقبالا وازدحاما بالغا في ظل توافد أكثر من ألف من المشاركين عليه في الساعات الصباحية أمس، لكن خفف من وطأة ذلك على الوفود الجو المرحب والفائق المساعدة من العاملين بالمؤتمر.
وأشار مسؤول بالمحافظة إلى أن المدينة ستقوم بإعداد أنشطة ترفيهية متعددة في الفترة المسائية لزوار شرم الشيخ، بين عروض غنائية وفنون شعبية من مختلف دول العالم، وصولا إلى حفل ختامي أخير يوم الأحد يقيمه الفنان المصري المحبوب محمد منير «في حب مصر».
الشوارع التي لا تهدأ في شرم الشيخ، تشهد حركات دائبة بمحاورها.. ومن هنا وهناك تمر السيارات تحت «أيقونة السلام» في الميدان الرئيسي المواجه لمسرح مكشوف، والتي ترتفع إلى السماء نحو 30 مترا وتتلألأ خاماتها الفضية تحت الشمس وبعد غيابها عبر الأضواء الملونة، منعكسة على تشكيلها الذي يمثل كرة أرضية ذات 6 أذرع على هيئة أجنحة عملاقة تمثل القارات الست، وتحوطها حمامات السلام.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.