دعوات لإعلان الحوثيين «جماعة إرهابية»

محتجون يطالبون بـ«تحرير صنعاء» ويرفضون الحوار تحت «تهديد السلاح»

دعوات لإعلان الحوثيين «جماعة إرهابية»
TT

دعوات لإعلان الحوثيين «جماعة إرهابية»

دعوات لإعلان الحوثيين «جماعة إرهابية»

طالب المشاركون في مسيرة احتجاجية، بالعاصمة صنعاء أمس، الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بسرعة اتخاذ خطوات جادة وسريعة ضد ميليشيا الحوثي الانقلابية، وتحمل مسؤوليته التاريخية، بصفته الرئيس الشرعي لليمن.
ورفع المتظاهرون، الذي هتفوا ضد الانتهاكات الجسيمة التي تمارسها ميليشيات الحوثي منذ إعلان انقلابها، صورا لآبائهم المختطفين، وصور الشهداء الذين ماتوا جراء التعذيب في سجون الحوثيين، مشددين بمطالبتهم بـ«إعلان الحوثيين جماعة إرهابية». وأكد أحد المشاركين في المسيرة، لـ«الشرق الأوسط»، رفضهم إجراء الحوار تحت تهديد السلاح وضرورة إخراج الميليشيات المسلحة من العاصمة صنعاء وكل المؤسسات الحكومية، وضرورة البدء بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني وأولها «سحب أسلحة الميليشيات»، وأن ذلك يبدأ باستعادة أسلحة الجيش التي استولى عليها الحوثيون.
في المقابل، شهدت محافظة تعز، جنوب العاصمة صنعاء، مسيرة حاشدة تطالب بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني والإفراج الفوري عن الوزراء الذين فرضت عليهم جماعة الحوثي المسلحة الإقامة الجبرية. وطالب المشاركون في المسيرة بتحرير العاصمة صنعاء من قبضة المسلحة الحوثيين والإفراج عن المعتقلين في سجون الحوثيين، معتبرين ذلك جريمة ضد الإنسانية، ومؤكدين أن الحوثي مجرم حرب يخطف المتظاهرين السلميين ويعتقل الأبرياء. وكانت جماعة الحوثيين المسلحة قد أفرجت عن الشيخ سام الأحمر، الذي مر على احتجازه أكثر ثلاثة أشهر. وقال في تصريح صحافي لموقع «يمن سكاي» إن الحوثيين اشترطوا الإفراج عنه بشرط مغادرته البلاد، لكن الشيخ صادق الأحمر علق على هذا الشرط قائلا «هذا الشرط ليست له قيمة، والبلاد ليست حكرا على أحد، وإن اليمن للجميع»، مؤكدا أن «ما حصل له ولي هو نتيجة لموقفنا من ثورة 11 فبراير (شباط)، ومناصرتنا لها، ووقوفنا في صف الشعب».
وشهدت العاصمة صنعاء ومحافظات الحديدة وتعز مسيرات جماهيرية حاشدة رافضة للاحتلال الحوثي، ومعلنة الاستهجان الشديد لما تقوم به جماعة الحوثي المسلحة من تصرفات طائشة ولا مسؤولة، وقيامها بأعمال تعسفية ضد الناشطين والسياسيين والصحافيين ورجال الدين وشباب الثورة، الذين قالوا عنها إنها لا تستند إلى أبسط قواعد العمل السياسي والقانوني والأخلاقي، في الوقت الذي تستمر فيه الملاحقات والاعتقالات واقتحام وسائل الإعلام ومقرات حكومية، وذلك بعد استيلائهم على العاصمة صنعاء والسلطة في البلاد، وحل مجلس النواب اليمن (البرلمان) في يناير (كانون الثاني) الماضي، حيث طالب المتظاهرون الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي باتخاذ خطوات سريعة ضد المسلحين الحوثيين والانقلاب الحوثي وتحمل مسؤوليته بصفته الرئيس الشرعي للبلاد.
وفي محافظة الحديدة، نظم الحراك التهامي السلمي مسيرة جماهيرية رافضة لاحتلال تهامة من جماعة الحوثي المسلحة، وتأكيدا على التمسك بإقليم تهامة دون هيمنة أو وصاية، شارك فيها شباب الثورة وجميع تكتلات الثورة وأبناء تهامة القادمين من الريف إلى عاصمة الإقليم (الحديدة).
وكانت جماعة الحوثي المسلحة أقدمت في وقت متأخر من مساء أول من أمس على اقتحام مقر إذاعة محلية تدعى «وديان» في محافظة الحديدة، غرب العاصمة صنعاء، التي كانت تستعد لإطلاق بثها التجريبي، أمس الأربعاء، وقاموا باحتلالها والتمركز فيها. وقال بيان صحافي من إدارة مؤسسة «أثير» الإعلامية، حصل «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن «الحوثيين تمركزوا في المقر، والمؤسسة تابعة للقطاع الخاص كمشروع استثماري في إقليم تهامة، وإن مجموعة مسلحة تنتمي لجماعة الحوثيين وبقيادة شخص يدعى (أبو مالك) هي التي اقتحمت مقر الإذاعة في شارع شمسان بالحديدة»، محملا جماعة الحوثي المسلحة كامل المسؤولية القانونية والجنائية عن أي تبعات وتداعيات، أو ما يلحق المؤسسة والإذاعة والعاملين فيها من ضرر.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر خاصة أن رئيس الهيئة التنفيذية لشباب الثورة بمحافظة الحديدة، شرف الكحلاني، نجا يوم أمس من محاولة اختطاف من قبل المسلحين الحوثيين، وأنه لولا تدخل المارة وبعض من جيرانه لكان من ضمن المختطفين في سجون الحوثي.
وقالت الهيئة التنفيذية لشباب الثورة بالحديدة في بيان لها، حصل «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن «شباب الثورة لن يقفوا مكتوفي الأيدي إزاء هذه الأعمال الهمجية التي تزيدهم تصعيدا ورفضا لمثل هذه الأعمال الإجرامية التي تطال شباب الثورة في محافظة الحديدة بالخطف والقمع والمطاردة. وندعو شباب الثورة ورجال الأمن ومسؤولي المحافظة الشرفاء لإيقاف مسلسل الاختطافات الغريب على أبناء الحديدة، ونطالبهم بالقيام بدورهم في الحفاظ على حياة المواطنين في الحديدة من همجية ميليشيات الحوثي المحتلة للمحافظة»، محملة محافظ الحديدة العقيد حسن أحمد الهيج مسؤولية حماية رئيس الهيئة التنفيذية باعتباره المحافظ ورئيس اللجنة الأمنية بالمحافظة. من جهة أخرى، طالب أهالي المختطفين لدى جماعة الحوثي المسلحة، بالعاصمة صنعاء، خلال وقفة احتجاجية نظموها أمام وزارة العدل وأمن العاصمة، النائب العام ووزارة العدل وأمن العاصمة بالإطلاق الفوري لأهاليهم المحتجزين والذين مر على بعضهم عدة أشهر داخل السجون. وقال أحد أهالي المحتجزين، لـ«الشرق الأوسط»، إن «ما أقدم عليه المسلحون الحوثيون من تصرفات لا مسؤولة وطائشة بحق أهالينا وبقوة السلاح لا يعبر إلا عن سلوك عدواني يمارسونه، وتصرفات طائشة ولا مسؤولة ومخالفة لكل التشريعات والقوانين، ويعد انتهاكا صريحا لحقوق الإنسان».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.