البنطلون الأحمر.. ما له وما عليه

45 % من الرجال يعارضونه و12 % يؤيدونه.. والمصممون مصرون عليه

«من  ديزل»  و من «هاكيت»
«من ديزل» و من «هاكيت»
TT

البنطلون الأحمر.. ما له وما عليه

«من  ديزل»  و من «هاكيت»
«من ديزل» و من «هاكيت»

لا يختلف اثنان على قوة تأثير اللون الأحمر، سواء كان فستان سهرة أو أحمر شفاه. قوة عرفها الرسامون قبل المصممين بكثير، ففي القرن الثامن عشر، مثلا، وعندما تقرر عرض لوحتين لغريمين هما جي إم دبليو تيرنر، وجون كونستابل، كان الكل يرجح كفة كونستابل بالفوز. فقد قضى 10 سنوات وهو ينجز لوحته الشهيرة «افتتاح جسر ووترلو»، لكن فاجأ تيرنر الجميع وفاز بالجائزة. والفضل يعود إلى لمسة حمراء، على شكل دائرة صغيرة وضعها وسط لوحته: «Helvoetsluys» كان لها مفعول السحر في تغيير شكلها ورأي كل من قيمها.
المقصود هنا ليس فقط أن الأحمر سلاح من يحاول سرقة الأضواء، بل أيضا أن القليل منه كثير. وتزيد أهمية هذه النقطة بالنسبة لأزياء الرجل، التي يفضل أن يكون الأحمر فيها بجرعات قليلة، على شكل ربطة عنق، أو منديل جيب أو تقليمات قميص. بيد أن الملاحظ حاليا في الساحة أنه غزا خزانة الرجل، ولون بدلات كاملة وبنطلونات أقبلت عليها شريحة لا يُستهان بها من الشباب. ويبدو أن هذه الموجة ستبقى حاضرة هذا الموسم، حسبما تؤكده المعروضات في المحلات، وصور النجوم في عدة مناسبات. المشكلة فيه هنا أنه ينجح في لفت الانتباه، لكن ليس دائما بشكل إيجابي.
عندما غزت الألوان خزانة الرجل منذ بضع سنوات، شعر البعض بالغربة، وبأن الموضة بدأت تخاصمهم بتوجهها لشريحة الشباب، فالألوان المتوهجة في الأزياء، تبقى مجرد صرعات لا تناسب أسلوبهم الخاص ولا مراكزهم، والبنطلون الأحمر خصوصا كان صدمة، لأنه كان في الماضي إما من نصيب نادل في مقهى أو شاب من الطبقات الأرستقراطية الأوروبية، لا علاقة له بما يجري حوله، ينسقه تارة مع سترة من التويد في الأيام العادية، وتارة مع «بلايزر» في الريفييرا الفرنسية. لحسن حظ الشريحة الأولى، أن جيورجيو أرماني وبيوت أزياء أخرى، مثل «لانفان» و«زيغنا» و«كانالي»، لا تزال تقدرهم وتقدم لهم تصاميم بألوان حيادية وكلاسيكية تتباين بين الكحلي والرمادي والبني والبيج.
الأمر يختلف بالنسبة للرجل الشاب؛ فهذا دخل لعبة الموضة بكل قواه، وأصبحت الأزياء الكلاسيكية المضمونة مثل أفلام الأبيض والأسود لا تتكلم لغته أو تعبر عن ميوله. ولم يتأخر المصممون، من جهتهم، عن تلبية رغبات هؤلاء، بتقديم أزياء بكل درجات الطبيعة المتفتحة، بما فيها بدلات متكاملة بالأصفر أو الأحمر أو الأخضر. ورغم أنها أنيقة، بدليل ما تقدمه بيوت أزياء مثل «بربيري» لأنها بدرجات «مطفية»، فإن هناك أخرى فاقعة لا تزال تثير التوجس والهلع حتى في نفوس الشباب، وليس أدل على هذا من البنطلون الأصفر الموزي، أو الأحمر القاني، وهو ما أكدته دراسة قامت بها مؤسسة «يوغاف» (YouGov) أخيرا، أفادت بأن 46 في المائة من الرجال الذي شاركوا في الدراسة أعربوا عن استهجانهم للبنطلون الأحمر، ونعتوه بالجنون، مقارنة بـ12 في المائة فقط قالوا إنهم لا يعارضونه أو يرونه يتعارض مع الأناقة. الدراسة التي أُجريت في بريطانيا تذكرنا بأن البنطلون الأحمر جزء من ثقافتها، كونه يرتبط بأسلوب طبقتها الأرستقراطية، بغض النظر عن العمر. فهم ينسقونه مع «بلايزر» بأزرار نحاسية، ولا يرون غضاضة إن كان بدرجة قانية من الأحمر أو بلون السلمون الغامق، وهو ما لعبت عليه دار «هاكيت» في تشكيلتها لموسم الصيف الحالي بتنسيقه مع سترة من التويد. في أوروبا أيضا، لا يزال رجال من الجيل الماضي يقبلون عليه، مثل الملك غوستاف في السويد، علما بأن جيش نابليون تبناه أيضا، لكن ليس من باب الموضة، بل للتميز عن الأعداء في أرض المعارك.
إذا كنت تريد تجربته، فلا بأس لكن لا بأس من أن:
- ترتديه مع حذاء «لوفر» أو «إسبدريل» حتى تعكس مظهرا «سبور».
- اختياره بدرجة غامقة مثل الأحمر البورغندي، لأنه أضمن ويسهل تنسيقه مع ألوان أخرى يمكن أن تهدئ من صراخه.
- تتبناه في الإجازات.
- تنسيقه مع جاكيت من الجينز باللون الأزرق أو بلايزر بلون البيج.
- عموما يجب أن تبقى كل القطع الأخرى هادئة لا تتصارع مع البنطلون على إثارة المزيد من الانتباه.



المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
TT

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)

إذا كنتِ مداومة على التسوق في محلات «زارا» لأسعارها ونوعية ما تطرحه، فإنكِ قد تتفاجئين أن تعاونها الأخير مع العارضة البريطانية المخضرمة كايت موس سيُكلَفكِ أكثر مما تعودت عليه. فهناك معطف قصير على شكل جاكيت من الجلد مثلاً يقدر سعره بـ999 دولاراً أميركياً، هذا عدا عن قطع أخرى تتراوح بين الـ200 و300 دولار.

تفوح من تصاميم كايت موس رائحة السبعينات (زارا)

ليست هذه المرة الأولى التي تخوض فيها كايت موس تجربة التصميم. كانت لها تجربة سابقة مع محلات «توب شوب» في بداية الألفية. لكنها المرة الأولى التي تتعاون فيها مع «زارا». ويبدو أن تعاون المحلات مع المشاهير سيزيد سخونة بالنظر إلى التحركات التي نتابعها منذ أكثر من عقد من الزمن. فعندما عيَنت دار «لوي فويتون» المنتج والمغني والفنان فاريل ويليامز مديراً إبداعياً لخطها الرجالي في شهر فبراير (شباط) من عام 2023، خلفاً لمصممها الراحل فرجيل أبلو؛ كان الخبر مثيراً للجدل والإعجاب في الوقت ذاته. الجدل لأنه لا يتمتع بأي مؤهلات أكاديمية؛ كونه لم يدرس فنون التصميم وتقنياته في معهد خاص ولا تدرب على يد مصمم مخضرم، والإعجاب لشجاعة هذه الخطوة، لا سيما أن دار «لوي فويتون» هي الدجاجة التي تبيض ذهباً لمجموعة «إل في إم إتش».

فاريل ويليامز مع فريق عمله يُحيّي ضيوفه بعد عرضه لربيع وصيف 2024 (أ.ف.ب)

بتعيينه مديراً إبداعياً بشكل رسمي، وصلت التعاونات بين بيوت الأزياء الكبيرة والنجوم المؤثرين إلى درجة غير مسبوقة. السبب الرئيسي بالنسبة لمجموعة «إل في إم إتش» أن جاذبية فاريل تكمن في نجوميته وعدد متابعيه والمعجبين بأسلوبه ونجاحه. فهي تتمتع بماكينة ضخمة وفريق عمل محترف يمكنها أن تُسخِرهما له، لتحقيق المطلوب.

صفقة «لوي فويتون» وفاريل ويليامز ليست الأولى وإن كانت الأكثر جرأة. سبقتها علاقة ناجحة بدأت في عام 2003 بين لاعب كرة السلة الأميركي الشهير مايكل جوردان وشركة «نايكي» أثمرت عدة منتجات لا تزال تثير الرغبة فيها وتحقق إيرادات عالية إلى الآن.

كان من الطبيعي أن تلفت هذه التعاونات شركات أخرى وأيضاً المحلات الشعبية، التي تعاني منذ فترة ركوداً، وتشجعها على خوض التجربة ذاتها. أملها أن تعمَّ الفائدة على الجميع: تحقق لها الأرباح باستقطاب شرائح أكبر من الزبائن، وطبعاً مردوداً مادياً لا يستهان به تحصل عليه النجمات أو عارضات الأزياء المتعاونات، فيما يفوز المستهلك بأزياء وإكسسوارات لا تفتقر للأناقة بأسعار متاحة للغالبية.

الجديد في هذه التعاونات أنها تطورت بشكل كبير. لم يعد يقتصر دور النجم فيها على أنه وجه يُمثلها، أو الظهور في حملات ترويجية، بل أصبح جزءاً من عملية الإبداع، بغضّ النظر عن إنْ كان يُتقن استعمال المقص والإبرة أم لا. المهم أن يكون له أسلوب مميز، ورؤية خاصة يُدلي بها لفريق عمل محترف يقوم بترجمتها على أرض الواقع. أما الأهم فهو أن تكون له شعبية في مجال تخصصه. حتى الآن يُعد التعاون بين شركة «نايكي» ولاعب السلة الشهير مايكل جوردان، الأنجح منذ عام 2003، ليصبح نموذجاً تحتذي به بقية العلامات التجارية والنجوم في الوقت ذاته. معظم النجوم حالياً يحلمون بتحقيق ما حققه جوردان، بعد أن أصبح رجل أعمال من الطراز الأول.

من تصاميم فكتوريا بيكهام لمحلات «مانغو»... (مانغو)

المغنية ريهانا مثلاً تعاونت مع شركة «بوما». وقَّعت عقداً لمدة خمس سنوات جُدِّد العام الماضي، نظراً إلى النقلة التي حققتها للشركة الألمانية. فالشركة كانت تمر بمشكلات لسنوات وبدأ وهجها يخفت، لتأتي ريهانا وترد لها سحرها وأهميتها الثقافية في السوق العالمية.

المغنية ريتا أورا، أيضاً تطرح منذ بضعة مواسم، تصاميم باسمها لمحلات «بريمارك» الشعبية. هذا عدا عن التعاونات السنوية التي بدأتها محلات «إتش آند إم» مع مصممين كبار منذ أكثر من عقد ولم يخفت وهجها لحد الآن. بالعكس لا تزال تحقق للمتاجر السويدية الأرباح. محلات «مانغو» هي الأخرى اتَّبعت هذا التقليد وبدأت التعاون مع أسماء مهمة مثل فيكتوريا بيكهام، التي طرحت في شهر أبريل (نيسان) الماضي تشكيلة تحمل بصماتها، تزامناً مع مرور 40 عاماً على إطلاقها. قبلها، تعاونت العلامة مع كل من SIMONMILLER وكاميل شاريير وبيرنيل تيسبايك.

سترة مخملية مع كنزة من الحرير بياقة على شكل ربطة عنق مزيَّنة بالكشاكش وبنطلون واسع من الدنيم (ماركس آند سبنسر)

سيينا ميلر و«ماركس آند سبنسر»

من هذا المنظور، لم يكن إعلان متاجر «ماركس آند سبنسر» عن تعاونها الثاني مع سيينا ميلر، الممثلة البريطانية وأيقونة الموضة، جديداً أو مفاجئاً. مثل كايت موس، تشتهر بأسلوبها الخاص الذي عشقته مجلات الموضة وتداولته بشكل كبير منذ بداية ظهورها. فهي واحدة ممن كان لهن تأثير في نشر أسلوب «البوهو» في بداية الألفية، كما أن تشكيلتها الأولى في بداية العام الحالي، حققت نجاحاً شجع على إعادة الكرَّة.

فستان طويل من الساتان المزيَّن بثنيات عند محيط الخصر يسهم في نحت الجسم (ماركس آند سبنسر)

موسم الأعياد والحفلات

بينما تزامن طرح تشكيلة «مانغو + فيكتوريا بيكهام» مع مرور 40 عاماً على انطلاقة العلامة، فإن توقيت التشكيلة الثانية لسيينا ميلر التي طُرحت في الأسواق في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، أيضاً له دلالته، بحكم أننا على أبواب نهاية العام. فهذه تحتاج إلى أزياء وإكسسوارات أنيقة للحفلات. لم يكن الأمر صعباً على سيينا. فإلى جانب أنها تتمتع بأسلوب شخصي متميِز، فإنها تعرف كيف تحتفل بكل المناسبات بحكم شخصيتها المتفتحة على الحياة الاجتماعية.

وتعليقاً على هذا الموضوع، أعربت الممثلة عن سعادتها بالنجاح الذي حققته قائلةً: «أحببت العمل على التشكيلة الأولى ويملؤني الحماس لخوض التجربة مرة أخرى. فالتشكيلة الثانية تتسم بطابع مفعم بالمرح والأجواء الاحتفالية، إذ تضم قطعاً أنيقة بخطوط واضحة وأخرى مزينة بالفرو الاصطناعي، بالإضافة إلى فساتين الحفلات والتصاميم المزينة بالطبعات والنقشات الجريئة والإكسسوارات التي يسهل تنسيق بعضها مع بعض، إلى جانب سراويل الدنيم المفضلة لديّ التي تأتي ضمن لونين مختلفين».

فستان ماركس سهرة طويل من الحرير بأطراف مزينة بالدانتيل (ماركس آند سبنسر)

دمج بين الفينتاج والبوهو

تشمل التشكيلة وهي مخصصة للحفلات 23 قطعة، تستمد إلهامها من أسلوب سيينا الخاص في التنسيق إضافةً إلى أزياء مزينة بالترتر استوحتها من قطع «فينتاج» تمتلكها وجمَعتها عبر السنوات من أسواق «بورتوبيلو» في لندن، استعملت فيها هنا أقمشة كلاسيكية بملمس فاخر. لكن معظمها يتسم بقصَّات انسيابية تستحضر أسلوب «البوهو» الذي اشتهرت به.

مثلاً يبرز فستان طويل من الحرير ومزيَّن بأطراف من الدانتيل من بين القطع المفضلة لدى سيينا، في إشارةٍ إلى ميلها إلى كل ما هو «فينتاج»، كما يبرز فستانٌ بقصة قصيرة مزين بنقشة الشيفرون والترتر اللامع، وهو تصميمٌ يجسد تأثرها بأزياء الشخصية الخيالية التي ابتكرها المغني الراحل ديفيد بوي باسم «زيجي ستاردست» في ذلك الوقت.

طُرحت مجموعة من الإكسسوارات بألوان متنوعة لتكمل الأزياء وتضفي إطلالة متناسقة على صاحبتها (ماركس آند سبنسر)

إلى جانب الفساتين المنسابة، لم يتم تجاهُل شريحة تميل إلى دمج القطع المنفصلة بأسلوب يتماشى مع ذوقها وحياتها. لهؤلاء طُرحت مجموعة من الإكسسوارات والقطع المخصصة للحفلات، مثل كنزة من الدانتيل وبنطلونات واسعة بالأبيض والأسود، هذا عدا عن السترات المفصلة وقمصان الحرير التي يمكن تنسيقها بسهولة لحضور أي مناسبة مع أحذية وصنادل من الساتان بألوان شهية.

أرقام المبيعات تقول إن الإقبال على تشكيلات أيقونات الموضة جيد، بدليل أن ما طرحته كايت موس لمحلات «زارا» منذ أسابيع يشهد إقبالاً مدهشاً؛ كونه يتزامن أيضاً مع قرب حلول أعياد رأس السنة. ما نجحت فيه موس وميلر أنهما ركَزا على بيع أسلوبهما الخاص. رائحة السبعينات والـ«بوهو» يفوح منها، إلا أنها تتوجه إلى شابة في مقتبل العمر، سواء تعلق الأمر بفستان سهرة طويل أو جاكيت «توكسيدو» أو بنطلون واسع أو حذاء من الجلد.

رغم ما لهذه التعاونات من إيجابيات على كل الأطراف إلا أنها لا تخلو من بعض المطبات، عندما يكون النجم مثيراً للجدل. ليس أدلَّ على هذا من علاقة «أديداس» وعلامة «ييزي» لكيني ويست وما تعرضت له من هجوم بسبب تصريحات هذا الأخير، واتهامه بمعاداة السامية. لكن بالنسبة إلى ريهانا وفيكتوريا بيكهام وسيينا ميلر وكايت موس ومثيلاتهن، فإن الأمر مضمون، لعدم وجود أي تصريحات سياسية لهن أو مواقف قد تثير حفيظة أحد. كل اهتمامهن منصبٌّ على الأناقة وبيع الجمال.