فرار عشرات المعتقلين لدى «داعش» في منطقة الباب وترجيحات بتوجههم إلى تركيا

مسؤول كردي لـ («الشرق الأوسط»): لا معلومات مؤكدة حول عدد الفارين الأكراد

مدرسة مدمرة وتلاميذ في اليوم الأول لدراستهم الأسبوع الماضي في مدينة كوباني المحررة من تنظيم داعش (أ.ف.ب)
مدرسة مدمرة وتلاميذ في اليوم الأول لدراستهم الأسبوع الماضي في مدينة كوباني المحررة من تنظيم داعش (أ.ف.ب)
TT

فرار عشرات المعتقلين لدى «داعش» في منطقة الباب وترجيحات بتوجههم إلى تركيا

مدرسة مدمرة وتلاميذ في اليوم الأول لدراستهم الأسبوع الماضي في مدينة كوباني المحررة من تنظيم داعش (أ.ف.ب)
مدرسة مدمرة وتلاميذ في اليوم الأول لدراستهم الأسبوع الماضي في مدينة كوباني المحررة من تنظيم داعش (أ.ف.ب)

تمكّن عشرات السجناء، بينهم نحو 30 مقاتلا كرديا، من الفرار يوم أمس من سجن تابع لتنظيم داعش في شمال سوريا، قبل أن يتم اعتقال عدد كبير منهم في وقت لاحق، فيما نجح الآخرون في الهروب باتجاه تركيا، وفق ما رجّحت بعض المعلومات. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن المعتقلين فروا من سجن تابع لتنظيم داعش في شمال سوريا قبل أن يتم اعتقال عدد كبير منهم مجددا. وذكر المرصد أن عملية الهروب شملت نحو 95 معتقلا من سجن في بلدة الباب على بعد نحو 30 كيلومترا إلى الجنوب من الحدود التركية، مشيرا إلى أنه من بين الفارين من السجن مدنيون سوريون ونحو 30 مقاتلا كرديا وأعضاء فصائل إسلامية معارضة للتنظيم. ونقل المرصد عن مصادر على الأرض قولها إن «داعش» أعلن حالة التأهب في البلدة، واستخدمت مكبرات الصوت لتطلب من السكان الإمساك بالهاربين، ونجح في الإمساك بثلثي الفارين.
وأشار رئيس المرصد إلى أن مقاتلي «داعش» أقاموا نقاط تفتيش جديدة وعمدوا إلى تفتيش المنازل، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إنه حتى الآن لم تعرف الوجهة التي هرب إليها المعتقلون»، مرجحا أن تكون تركيا عبر منطقة أعزاز. وربط بين عملية الهروب والأحداث التي وقعت قبل يومين في بلدة الباب في صفوف عدد من مقاتلي التنظيم، موضحا أن هذه العملية قد تكون حصلت بتسهيل من بعض مقاتلي التنظيم.
وكان المرصد أعلن يوم السبت الماضي عن مقتل 9 عناصر من تنظيم داعش بينهم 5 من جنسيات غربية، خلال اشتباكات بين مجموعتين من عناصر التنظيم قرب مدينة الباب بريف حلب الشمالي الشرقي، مشيرا إلى أن 10 عناصر من «داعش»، أحدهم تونسي الجنسية والبقية من جنسيات غربية، حاولوا الفرار عبر الحدود السورية التركية للعودة إلى بلدانهم، عبر منطقة بريف حلب، وأثناء فرارهم تمكن عناصر آخرون من التنظيم من اعتقالهم، وأودعوا سجنا عند أطراف مدينة الباب بريف حلب الشمالي الشرقي.
وقد دارت اشتباكات بين العناصر الـ10 الفارين وبين عناصر آخرين من التنظيم قرب مدينة الباب، وأسفرت الاشتباكات عن مصرع 5 من العناصر الذين حاولوا الفرار، ومصرع 4 آخرين من عناصر التنظيم الذين حاولوا اعتقالهم واشتبكوا معهم، فيما تم اعتقال العناصر الـ5 المتبقين، مما يرجح أن يلقوا مصيرا مشابها لمصير أكثر من 120 عنصرا من التنظيم أعدموا في أشهر أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول) من عام 2014، لدى محاولتهم ترك التنظيم والعودة إلى بلدانهم.
ولا يزال التنظيم يسيطر على بلدة الباب الواقعة إلى شمال شرقي مدينة حلب، ورأى عبد الرحمن أن عملية الهروب هذه تكشف عن بعض الضعف لدى التنظيم المتشدد.
من جهته، قال المسؤول المحلي في كوباني إدريس نعسان إنه لا معلومات مؤكدة حول عدد الفارين الأكراد، مرجحا كذلك أن يكونوا قد توجهوا إلى تركيا عبر معبر أعزاز. وفيما قال رامي عبد الرحمن إن هناك مئات المعتقلين الأكراد من المدنيين والمقاتلين لدى «داعش»، أوضح إدريس لـ«الشرق الأوسط» أنّه كان هناك نحو 450 مدنيا لدى «داعش» بينهم نحو 130 طالبا و160 مدنيا، أفرج عن آخر دفعة منهم في شهر أكتوبر الماضي بعدما كانوا قد اعتقلوا خلال عودتهم من منطقة حلب إلى كوباني. وأكّد نعسان أنه ونتيجة تحرير مدينة كوباني تمكّنت وحدات حماية الشعب من اعتقال 5 مقاتلين من «داعش» لا يزالون محتجزين لدى الأكراد، بعدما كان هناك نحو 80 مقاتلا من التنظيم معتقلين لدى الأكراد تمكن من تحريرهم عند اقتحامه المربع الأمني في كوباني. وأشار نعسان إلى أن آخر محاولة للتبادل بين الأكراد و«داعش» كانت في شهر يونيو (حزيران) الماضي بعد أن ماطل التنظيم في التنفيذ، واتضح بعد ذلك أنهم كانوا قد عمدوا إلى تفخيخ جثث الأسرى الأكراد.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».