تراجع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن التزامه العلني بإقامة الدولة الفلسطينية. وعلى الرغم من أن هذا التراجع جاء في إطار الدعاية الانتخابية لاسترجاع أصوات اليمين التي فقدها لصالح حزب المستوطنين «البيت اليهودي»، إلا أنه قوبل بتوجيه اتهامات شديدة ضده في الصحافة. كما لم يفده في صفوف المستوطنين الذين راح قادتهم يهاجمونه بشراسة، ويتهمونه بخيانة الأمانة واللعب في ملعب اليسار.
وكان الطاقم الانتخابي لحزب الليكود، الذي ضايقته هجمة اليمين المتطرف، قد أصدر الليلة قبل الماضية، بيانا أعلن فيه أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، يعتقد بأن خطاب بار إيلان الذي ألقاه في يونيو (حزيران) 2009، والذي أعلن فيه لأول مرة، استعداده للموافقة على إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح، وتعترف بالدولة اليهودية، لم يعد ذا صلة في ضوء الواقع الحالي في الشرق الأوسط. وبعد ساعات من ذلك، نشر مكتب رئيس الحكومة نفيا جاء فيه: «إن نتنياهو لم يقل بأن خطاب بار إيلان لاغ». مع ذلك جاء في البيان: «إن نتنياهو يوضح منذ سنوات، أنه في الظروف الحالية في الشرق الأوسط، فإن كل منطقة سيتم الانسحاب منها – ستقع تحت سيطرة جهات متطرفة كما حدث في غزة وفي جنوب لبنان، وبالتأكيد في واقع تتحالف فيه السلطة الفلسطينية مع حماس».
وجاء بيان طاقم الحملة الانتخابية ردا على الأسئلة الصحافية التي تم توجيهها إلى حزب الليكود، في أعقاب ما نشر في مجلة الكنائس اليهودية «عالم صغير»، هذا الأسبوع، التي فحصت المواقف الأساسية للأحزاب المختلفة بشأن إقامة الدولة الفلسطينية. وكتب في النشرة أن «رئيس الحكومة أعلن بأن خطاب بار إيلان لاغ، وكل السيرة السياسية لنتنياهو تقوم على محاربة إقامة الدولة الفلسطينية». وفي أعقاب ما نشرته النشرة، أصدر حزب الليكود، توضيحا، جاء فيه أن من ردت على استمارة الأسئلة باسم الليكود هي النائبة تسيبي حوطوبيلي، التي أعربت عن موقفها الشخصي وليس عن موقف الحزب. إلا أنه في أعقاب توجيه أسئلة أخرى من قبل الصحافيين في هذا الموضوع، وكما يبدو على خلفية ما نشر في الأيام الأخيرة حول التنازلات التي قدمها نتنياهو، ظاهريا، خلال المفاوضات مع الفلسطينيين، نشر الطاقم الانتخابي ردا جديدا يشبه تماما ما قالته حوطوبيلي لنشرة الكنائس اليهودية: «لن يجري أي انسحاب أو تنازلات. الموضوع ليس ذا صلة».
وكان نتنياهو قد تطرق في السادس من يناير (كانون الثاني) الماضي، إلى خطاب بار إيلان المذكور، خلال لقاء أجرته معه القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي. وقال: «إن مفعول خطاب بار إيلان لم ينته، ولكن الفلسطينيين أفرغوه من جوهره، لأنهم اختاروا الصدام بتوجههم إلى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي. ومع الشروط التي يريدونها الآن، فإن هذا ليس واردا في الاعتبار. لا يوجد شريك للسلام».
يشار إلى أن نتنياهو أعلن خلال حملته الانتخابية في 2009، وبعد توليه للسلطة، أنه يدعم «السلام الاقتصادي»، ولم يعلن موافقته على إقامة دولة فلسطينية. إلا أنه في أعقاب الضغط الأميركي الثقيل، ألقى بعد شهرين، في يونيو 2009، خطابا في جامعة بار إيلان، غير خلاله موقفه الطويل الأمد الذي كتب عنه بتوسع في كتبه، وأعلن أنه يدعم إقامة دولة فلسطينية شريطة أن تكون منزوعة السلاح وتعترف بدولة إسرائيل كدولة يهودية. وفي أواخر 2012، قبل شهر من الانتخابات، دعا مسؤولون كبار في الليكود، إلى عدم الإشارة في برنامج الحزب الانتخابي إلى خطاب بار إيلان. ومع ذلك، في فبراير (شباط) 2013، بعد الانتخابات وقبل زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى إسرائيل، ألقى نتنياهو خطابا أمام مؤتمر رؤساء الجاليات اليهودية في الولايات المتحدة، أعلن خلاله التزامه بخطاب بار إيلان. وقال: «إن أحد التحديات تكمن في خلق سلام عادل مع الفلسطينيين. لقد تحدثت عن ذلك في بار إيلان وما زلت أؤمن بأقوالي». وأضاف: «الإطار الذي تحدثت عنه هو إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح، تعترف بالدولة اليهودية. علينا إجراء مفاوضات دون شروط مسبقة. خلال السنوات الأربع الأخيرة يطرح الفلسطينيون الشروط المسبقة مرارا وتكرارا. آمل أن يتخلوا عن الشروط المسبقة ولا نهدر 4 سنوات أخرى». وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2014، اجتمع نتنياهو مع أوباما في البيت الأبيض، وقال للرئيس الأميركي إنه يرغب في ضم الدول العربية إلى العملية السلمية مع الفلسطينيين بشكل يسمح بتطبيق حل الدولتين».
ومن اللافت للنظر أن حزب البيت اليهودي كان أول من هاجم نتنياهو بعد تراجعه عن هذه الالتزامات. فقد اعتبروه خديعة جديدة. وكتب الياكيم هعتسني: «يجب قراءة نتنياهو بحذر. لا يمكن القول إنه كاذب ويضلل مع سبق الإصرار. نتنياهو لا يكذب. إنه يمارس مهنة. ومتى ينجح الممثل؟ عندما يصل إلى التماهي الكامل مع دوره. متى لا يكون نتنياهو ممثلا على المسرح؟ متى خلع ملابسه وعاد ليكون هو نفسه؟ لا أحد يعرف ذلك، ولذلك فإن الجميع، اليمين واليسار، صدقوه وخاب أملهم منه في وقت ما».
وقد رد قائدان بارزان في حزب الليكود، هما الوزير السابق بيني بيغن، ورئيس الكنيست يولي أدلشتاين على هذا التحريض، فدافعا عن نتنياهو، وادعيا أمام كاميرات التلفزيون، بأن ما نشر كان كذبا هدفه تحقيق أغراض سياسية حزبية ضيقة. مع العلم بأن بيغن نفسه كان قد هاجم نتنياهو شخصيا في عام 1998، بسبب موافقته على تقديم تنازلات للفلسطينيين، وقال في حينه، إن «التنازلات للفلسطينيين حولت الليكود إلى حزب عقارات».، إن نتنياهو «يقامر في كازينو عرفات».
نتنياهو يتراجع عن التزاماته تجاه حل الدولتين
حلفاؤه المتطرفون يدعون إلى عدم تصديقه ويتهمونه بمحاولة كسب أصوات من معسكرهم
نتنياهو يتراجع عن التزاماته تجاه حل الدولتين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة