كان مقررا أن يشارك الرئيس الأميركي باراك أوباما، مساء أمس، في مدينة سلما التابعة لولاية ألاباما، في إحياء الذكرى الـ50 لمسيرة الحقوق المدنية التي سجلت منعطفا في تاريخ الولايات المتحدة، من خلال ضمانها حق التصويت للأميركيين من أصول أفريقية في الولايات الجنوبية.
وكان مفترضا أن يلقي أول رئيس أسود في تاريخ الولايات المتحدة كلمة أمام جسر «إدموند بيتوس»، الذي صدت عليه الشرطة بعنف مئات المتظاهرين المسالمين في هجوم صدم أميركا، وأدى بعد بضعة أشهر إلى صدور قانون حقوق التصويت «فوتينغ رايتس اكت». وكان باراك أوباما في الثالثة من عمره عند حدوث تلك الوقائع. وتعلم ذلك التاريخ من والدته عندما كان «في السادسة والسابعة والثامنة» من عمره.
وروى عشية هذا الاحتفال: «كانت تعطيني كميات من كتب الأطفال حول النضال من أجل الحقوق المدنية، كما كانت تضع أغاني لمهاليا جاكسون (التي كانت مقربة من مارتن لوثر كينغ)».
واستعدت مدينة سلما التي يقطنها نحو 20 ألف نسمة (80 في المائة منهم من السود) منذ أيام عدة للاحتفال بهذه الذكرى في عطلة نهاية الأسبوع، بمشاركة الرئيس السابق جورج بوش، وأكثر من مائة عضو في الكونغرس.
ويحظر التعديل الـ15 للدستور الأميركي الصادر في 1870 رفض قانون التصويت لأي مواطن «على أساس عرقه أو لون بشرته»، لكنه لم يحترم لفترة طويلة في ولايات الجنوب. وفي يناير (كانون الثاني) 1965، قال مارتن لوثر كينغ في سيلما «بالوتيرة الحالية سيحتاج الـ15 ألف أسود في منطقة دالاس إلى 103 سنوات، ليتمكنوا من التسجيل على اللوائح الانتخابية».
وإن كان القانون الذي وقعه الرئيس ليندون جونسون في السادس من أغسطس (آب) 1965 شكل قطيعة مع الماضي، فإن عددا من الناشطين يعتبرون أن هذا الفصل لم يغلق بعد. وكانت المحكمة العليا اعترضت على جزء من النص الذي يعتبر قاعدة الحقوق المدنية في 2013. واعتبرت أن البلاد «لم تعد منقسمة كما كانت في 1965»، وبالتالي يجب على القانون أن يتطور.
من جهة أخرى، يتهم الديمقراطيون الجمهوريين بالتلويح بخطر التزوير الانتخابي لإدخال قيود إضافية بشأن التحقق من هوية الناخبين في بعض الولايات، بهدف ردع الأقليات الذين يصوتون بغالبيتهم للحزب الديمقراطي عن التوجه إلى صناديق الاقتراع.
وأوضح جوليان كاسترو وزير الإسكان في حكومة أوباما أن «النضال الذي بدأ هنا في سلما سيستمر بأوجه كثيرة». وقال هذا المسؤول المكسيكي الأصل والنجم الصاعد في الحزب الديمقراطي: «أميركا تتغير وتتنوع فيما توضع في الوقت نفسه قيود جديدة للثني عن التصويت». وفي هذه المدينة الصغيرة في الجنوب الأميركي التي تشهد نسبة بطالة تزيد عن 10 في المائة، أي ضعف المعدل الوطني، وحيث تعيش قرابة 40 في المائة من الأسر تحت عتبة الفقر، يشمل النضال أيضا المطالبة بمساواة الفرص.
ولفت دين شو الذي يدير مؤسسة «أرسونال بليس اكسيليريتر» المكرسة للمساعدة على إنشاء شركات إلى أن «هذه المنطقة شهدت فترات كثيرة من الانكماش، والناس بحاجة للأمل»، وأضاف: «سلما تلقت الكثير من الانتباه لدورها في النضال من أجل الحقوق المدنية، لكن إذا تحدثتم إلى سكانها اليوم فهم يريدون النمو الاقتصادي».
واعتبرت ليتاشا ايربي (36 عاما) التي تعمل في مصنع لقطع السيارات «هناك معارك أخرى يجب خوضها اليوم في ألاباما».
وأضافت الشابة التي تتقاضى 12 دولارا على ساعة العمل أن «توحدوا وشكلوا جبهة واحدة (قبل 50 عاما) فذلك يمكن أن يحصل اليوم»، مشيرة إلى أولوية النضال من أجل الحصول على «أجور لائقة». وتابعت: «آمل أن تجذب الاحتفالات (بالذكرى الـ50) الانتباه مجددا إلى سلما وأن تفضي مرة أخرى إلى تغييرات إيجابية».
وجاء إحياء مسيرة الحقوق المدينة بعد 3 أيام من نشر تقرير يوجه الانتقاد الشديد إلى وزارة العدل، مشيرا إلى التصرفات التمييزية للشرطة في فيرغسون (ميزوري) التي كانت مسرحا لاضطرابات عنيفة، بعد مقتل شاب أسود برصاص شرطي أبيض في أغسطس الماضي. كما جاءت المناسبة أيضا غداة وقوع حادثة قتل جديدة راح ضحيتها شاب أسود في التاسعة عشرة بيد شرطي في ماديسون بولاية وسكنسون.
وحسب رواية الشرطة، فإن شرطيا ذهب إلى منزل الشاب الذي يشتبه بأنه كان أربك حركة المرور و«ضرب شخصا». ولما وصل الشرطي إلى منزل الشاب الأسود خلع باب المنزل بعدما سمع ضجة بالداخل.
وأوضح قائد الشرطة مايك كوفال أن «الشخص نفسه اعتدى على الشرطي الذي أشهر مسدسه وأطلق النار». وتابع كوفال أن الشرطي حاول «على الفور» إنعاش الشاب، قبل نقله إلى المستشفى حيث «توفي متأثرا بإصابته بالرصاص». وفتحت دائرة التحقيقات الجنائية في المدينة تحقيقا في الحادث.
أوباما يشارك في إحياء الذكرى الـ50 لمسيرة الحقوق المدنية
الاحتفال نظم في مدينة سلما {رمز النضال} من أجل حق التصويت للأميركيين السود
أوباما يشارك في إحياء الذكرى الـ50 لمسيرة الحقوق المدنية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة