أوباما يشارك في إحياء الذكرى الـ50 لمسيرة الحقوق المدنية

الاحتفال نظم في مدينة سلما {رمز النضال} من أجل حق التصويت للأميركيين السود

أوباما وزوجته ميشيل قبل صعودهما الطائرة الرئاسية التي أقلتهما إلى مدينة سلما بولاية ألاباما أمس (رويترز)
أوباما وزوجته ميشيل قبل صعودهما الطائرة الرئاسية التي أقلتهما إلى مدينة سلما بولاية ألاباما أمس (رويترز)
TT

أوباما يشارك في إحياء الذكرى الـ50 لمسيرة الحقوق المدنية

أوباما وزوجته ميشيل قبل صعودهما الطائرة الرئاسية التي أقلتهما إلى مدينة سلما بولاية ألاباما أمس (رويترز)
أوباما وزوجته ميشيل قبل صعودهما الطائرة الرئاسية التي أقلتهما إلى مدينة سلما بولاية ألاباما أمس (رويترز)

كان مقررا أن يشارك الرئيس الأميركي باراك أوباما، مساء أمس، في مدينة سلما التابعة لولاية ألاباما، في إحياء الذكرى الـ50 لمسيرة الحقوق المدنية التي سجلت منعطفا في تاريخ الولايات المتحدة، من خلال ضمانها حق التصويت للأميركيين من أصول أفريقية في الولايات الجنوبية.
وكان مفترضا أن يلقي أول رئيس أسود في تاريخ الولايات المتحدة كلمة أمام جسر «إدموند بيتوس»، الذي صدت عليه الشرطة بعنف مئات المتظاهرين المسالمين في هجوم صدم أميركا، وأدى بعد بضعة أشهر إلى صدور قانون حقوق التصويت «فوتينغ رايتس اكت». وكان باراك أوباما في الثالثة من عمره عند حدوث تلك الوقائع. وتعلم ذلك التاريخ من والدته عندما كان «في السادسة والسابعة والثامنة» من عمره.
وروى عشية هذا الاحتفال: «كانت تعطيني كميات من كتب الأطفال حول النضال من أجل الحقوق المدنية، كما كانت تضع أغاني لمهاليا جاكسون (التي كانت مقربة من مارتن لوثر كينغ)».
واستعدت مدينة سلما التي يقطنها نحو 20 ألف نسمة (80 في المائة منهم من السود) منذ أيام عدة للاحتفال بهذه الذكرى في عطلة نهاية الأسبوع، بمشاركة الرئيس السابق جورج بوش، وأكثر من مائة عضو في الكونغرس.
ويحظر التعديل الـ15 للدستور الأميركي الصادر في 1870 رفض قانون التصويت لأي مواطن «على أساس عرقه أو لون بشرته»، لكنه لم يحترم لفترة طويلة في ولايات الجنوب. وفي يناير (كانون الثاني) 1965، قال مارتن لوثر كينغ في سيلما «بالوتيرة الحالية سيحتاج الـ15 ألف أسود في منطقة دالاس إلى 103 سنوات، ليتمكنوا من التسجيل على اللوائح الانتخابية».
وإن كان القانون الذي وقعه الرئيس ليندون جونسون في السادس من أغسطس (آب) 1965 شكل قطيعة مع الماضي، فإن عددا من الناشطين يعتبرون أن هذا الفصل لم يغلق بعد. وكانت المحكمة العليا اعترضت على جزء من النص الذي يعتبر قاعدة الحقوق المدنية في 2013. واعتبرت أن البلاد «لم تعد منقسمة كما كانت في 1965»، وبالتالي يجب على القانون أن يتطور.
من جهة أخرى، يتهم الديمقراطيون الجمهوريين بالتلويح بخطر التزوير الانتخابي لإدخال قيود إضافية بشأن التحقق من هوية الناخبين في بعض الولايات، بهدف ردع الأقليات الذين يصوتون بغالبيتهم للحزب الديمقراطي عن التوجه إلى صناديق الاقتراع.
وأوضح جوليان كاسترو وزير الإسكان في حكومة أوباما أن «النضال الذي بدأ هنا في سلما سيستمر بأوجه كثيرة». وقال هذا المسؤول المكسيكي الأصل والنجم الصاعد في الحزب الديمقراطي: «أميركا تتغير وتتنوع فيما توضع في الوقت نفسه قيود جديدة للثني عن التصويت». وفي هذه المدينة الصغيرة في الجنوب الأميركي التي تشهد نسبة بطالة تزيد عن 10 في المائة، أي ضعف المعدل الوطني، وحيث تعيش قرابة 40 في المائة من الأسر تحت عتبة الفقر، يشمل النضال أيضا المطالبة بمساواة الفرص.
ولفت دين شو الذي يدير مؤسسة «أرسونال بليس اكسيليريتر» المكرسة للمساعدة على إنشاء شركات إلى أن «هذه المنطقة شهدت فترات كثيرة من الانكماش، والناس بحاجة للأمل»، وأضاف: «سلما تلقت الكثير من الانتباه لدورها في النضال من أجل الحقوق المدنية، لكن إذا تحدثتم إلى سكانها اليوم فهم يريدون النمو الاقتصادي».
واعتبرت ليتاشا ايربي (36 عاما) التي تعمل في مصنع لقطع السيارات «هناك معارك أخرى يجب خوضها اليوم في ألاباما».
وأضافت الشابة التي تتقاضى 12 دولارا على ساعة العمل أن «توحدوا وشكلوا جبهة واحدة (قبل 50 عاما) فذلك يمكن أن يحصل اليوم»، مشيرة إلى أولوية النضال من أجل الحصول على «أجور لائقة». وتابعت: «آمل أن تجذب الاحتفالات (بالذكرى الـ50) الانتباه مجددا إلى سلما وأن تفضي مرة أخرى إلى تغييرات إيجابية».
وجاء إحياء مسيرة الحقوق المدينة بعد 3 أيام من نشر تقرير يوجه الانتقاد الشديد إلى وزارة العدل، مشيرا إلى التصرفات التمييزية للشرطة في فيرغسون (ميزوري) التي كانت مسرحا لاضطرابات عنيفة، بعد مقتل شاب أسود برصاص شرطي أبيض في أغسطس الماضي. كما جاءت المناسبة أيضا غداة وقوع حادثة قتل جديدة راح ضحيتها شاب أسود في التاسعة عشرة بيد شرطي في ماديسون بولاية وسكنسون.
وحسب رواية الشرطة، فإن شرطيا ذهب إلى منزل الشاب الذي يشتبه بأنه كان أربك حركة المرور و«ضرب شخصا». ولما وصل الشرطي إلى منزل الشاب الأسود خلع باب المنزل بعدما سمع ضجة بالداخل.
وأوضح قائد الشرطة مايك كوفال أن «الشخص نفسه اعتدى على الشرطي الذي أشهر مسدسه وأطلق النار». وتابع كوفال أن الشرطي حاول «على الفور» إنعاش الشاب، قبل نقله إلى المستشفى حيث «توفي متأثرا بإصابته بالرصاص». وفتحت دائرة التحقيقات الجنائية في المدينة تحقيقا في الحادث.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.