والد أصغر ضحية في اعتداءات بوسطن يدلي بشهادة مؤثرة أمام المحكمة

المهاجمان الشقيقان صنعا القنابل التي استخدماها بناء على تعليمات منشورة في مجلة «القاعدة»

رسم للمتهم جوهر تسارناييف بين اثنين من ممثلي هيئة الدفاع في محكمة بوسطن الفيدرالية أمس (أ.ب)
رسم للمتهم جوهر تسارناييف بين اثنين من ممثلي هيئة الدفاع في محكمة بوسطن الفيدرالية أمس (أ.ب)
TT

والد أصغر ضحية في اعتداءات بوسطن يدلي بشهادة مؤثرة أمام المحكمة

رسم للمتهم جوهر تسارناييف بين اثنين من ممثلي هيئة الدفاع في محكمة بوسطن الفيدرالية أمس (أ.ب)
رسم للمتهم جوهر تسارناييف بين اثنين من ممثلي هيئة الدفاع في محكمة بوسطن الفيدرالية أمس (أ.ب)

روى بيل ريتشارد، أول من أمس، أمام المحكمة في بوسطن كيف قتل ابنه وبترت ساق ابنته الصغيرة، بينما فقدت زوجته الرؤية في إحدى عينيها بسبب اعتداءات بوسطن التي دمرت أسرته. وأدلى ريتشارد بشهادته بهدوء وتأن خلال محاكمة أحد الشقيقين المتهمين بتنفيذ الاعتداءات في 15 أبريل (نيسان) 2013.
وقتل مارتن (8 سنوات) بينما بترت الساق اليسرى لجاين (6 سنوات) وفقدت الزوجة دنيز البصر في إحدى عينيها. أما ريتشارد والابن الأكبر هنري فكانت إصاباتهما طفيفة نسبيا.
وقال ريتشارد: «رأيت فتى صغيرا إصابته بالغة إلى درجة أنني علمت لمجرد رؤيته على هذا النحو بألا أمل في نجاته قبل أن يدرك أنه ابنه مارتن». وأضاف: «علمت في قرارة نفسي أن علينا أن نتحرك بسرعة وألا يمكن أن نخسر جاين أيضا وليس مارتن فقط».
وأبلغ ريتشارد زوجته المصابة بأن عليه أن يتركها ليسرع إلى المستشفى مع الطفلين. وقال أمام المحكمة: «وافقت وراحت تبكي. وتلك اللحظة كانت فعليا المرة الأخيرة التي رأيت فيها ابني حيا أو بالكاد على قيد الحياة».
ورفعت امرأتان من المحلفين يديهما إلى وجهيهما تأثرا، بينما راح ناج من الاعتداءات تعرض أيضا لبتر أعضاء، يبكي داخل قاعة المحكمة.
أما المتهم جوهر تسارناييف فثبت بصره أمامه ورفض النظر إلى ريتشارد الذي كان قريبا منه على منصة الشهود.
وتابع ريتشارد أن أسرته كانت قبل لحظات فقط تستمتع «بيوم جميل» وأنهم اشتروا مثلجات قبل أن يتوجهوا إلى الماراثون لتشجيع أساتذة الأطفال الذين يشاركون فيه. وأوضح أنهم وقفوا بالصدفة في مكان انفجار القنبلة الثانية إذ كانوا فتشوا عن مكان أقل اكتظاظا ليتمكن الأطفال من رؤية خط الوصول.
وقال ريتشارد: «كان الأمر محض صدفة. لم يكن هناك سبب وراء توقفنا في ذلك المكان سوى أننا لمحنا فسحة فقررنا التوقف هناك». وروى أن القنبلة الأولى أحدثت «دويا هائلا» وأنه وفي اللحظة التي حاول فيها القفز فوق الحاجز المعدني وأخذ الأطفال بعيدا انفجرت القنبلة الثانية. وتابع أن الانفجار طرحه أرضا إلا أنه ورغم إصابته بشظايا وبحروق بالغة في ساقيه نهض وتمكن من المشي. وقال: «كانت رائحة شبيهة بالكبريت وشعر محترق. كانت رائحة مقيتة».
وعثر على جاين وقد بترت ساقها وحملها وحاول أن يستر عينيها وعيني ابنه الأكبر هنري بينما عبروا الشارع الذي انتشرت فيه فوضى عارمة».
وعثر ريتشارد على شخص لإسعاف جاين بينما ذهب ليبحث عن زوجته التي كانت تهتف باسمه ومارتن. وبعد أن أدرك أن ليس بوسعه القيام بشيء لإنقاذ ابنه، استقل عربة الإسعاف مع طفليه الآخرين».
وفي المستشفى، قال ريتشارد إن الأطباء نظروا إليهم بهلع. وأضاف: «كان الأمر أشبه بمشهد في فيلم.. كان هناك عشرات الأطباء والممرضات ينتظرون وصول المصابين لفرزهم». أصيب هنري بجروح طفيفة وخدوش وفقدان مؤقت في السمع إلا أنه كان بخير فيما عدا ما رآه ذلك اليوم.
إلا أن جاين إصابتها كانت خطيرة. وقال هنري: «لقد بتروا ساقها فوق الركبة وربما أزالوا أكثر من 20 شظية من كل أنحاء جسمها بما في ذلك وراء أذنها وظهرها وصدرها».
أما زوجته فنقلت إلى مستشفى آخر حيث أخضعت لعملية جراحية في عينها. وروى ريتشارد أنه توجه بعدها إلى المنزل لجمع بعض الملابس وللاستحمام. وقال إنه شم وقتها الرائحة الكريهة للانفجار وإنها أشعرته بالغثيان. وأضاف: «في تلك اللحظات أردت فيها إزالة تلك الرائحة المقيتة عني وأن استوعب ماذا حصل للتو لأسرتنا». ومضى يقول إنه لا يزال يعاني من طنين مرتفع في أذنيه وفقدان جزئي للسمع. وقال: «لكنني قادر أن أسمعكم وأن أسمع موسيقى وأصوات أفراد أسرتي الجميلة».
ويواجه تسارناييف (21 سنة) المسلم الشيشاني الأصل عقوبة الإعدام لارتكابه الهجومين اللذين خلفا 3 قتلى و264 جريحا.
يذكر أنه تم تفجير قنبلتين يدويتي الصنع مخبأتين في حقيبتي ظهر قرب خط الوصول للماراثون في 15 أبريل. ودفع تسارناييف ببراءته من التهم الـ30 الموجهة إليه والمرتبطة بالهجوم وبقتل شرطي أثناء ملاحقته هو وشقيقه تيمورلنك من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي.
قتل تيمورلنك، وكان عمره 26 سنة حينها، ليل 18 إلى 19 أبريل 2013 في ووترتاون بضاحية بوسطن أثناء تبادل إطلاق نار مع الشرطة.
وتقول النيابة العامة إن الشقيقين صنعا القنابل التي استخدماها بناء على تعليمات منشورة في مجلة «إنسباير» التي يصدرها تنظيم القاعدة باللغة الإنجليزية، ولكنهما تصرفا باستقلالية.
ولم يزر والدا تسارنانييف المقيمان في روسيا ابنهما، في حين اتهمت والدته زبيدة الأجهزة الأمنية الأميركية بقتل ابنها الآخر من دون مبرر أثناء محاولة توقيفه.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.