طوت باريس والرباط صفحة الخلافات والبرودة التي دامت عاما كاملا، ولعل أبرز مؤشر على ذلك الوتيرة المتصاعدة لزيارات عدد من المسؤولين الفرنسيين الكبار إلى العاصمة المغربية، وفي هذا الإطار تأتي زيارة وزير الخارجية لوران فابيوس إلى الرباط بعد غد الاثنين، مصحوبا بوفد كبير من رجال الأعمال المهتمين بالسوق المغربية، أو الذين يودون الاستفادة من العلاقات التي نسجها زملاؤهم المغاربة مع أفريقيا، خصوصا الغربية، لإقامة شراكات مربحة للطرفين.
وفي معرض تقديمها للزيارة، قالت الخارجية الفرنسية إنها تندرج في إطار «دينامية التجديد» التي يطمح إليها الطرفان، وإنها ستتناول عددا من المواضيع، أبرزها تعاون الجانبين في الحرب على الإرهاب، ومحاربة التشدد والتطرف، ومسائل الأمن والتنمية في المتوسط والتغيرات المناخية، مشيرة إلى أن فابيوس سيناقش أيضا في الرباط الشراكة الاقتصادية، وإطلاق المشاريع المشتركة في القطاعات المستقبلية الواعدة مثل الطاقة المتجددة، والنقل، والمدن المستدامة، والتعاون السياحي، كما سيطلق «الموسم الفرنسي في المغرب عام 2015».
وفي لقاء تمهيدي يسبق الزيارة، سعت مصادر دبلوماسية فرنسية إلى «وأد» التصور السائد لدى بعض الأوساط في فرنسا والبلدان المغاربية، مفادها أن صداقة باريس للرباط تأتي حتما «على حساب» صداقتها للجزائر، أو العكس. وقالت هذه المصادر في لقاء أمس إن «باريس تسعى لتكون صديقة للطرفين، وليست صديقة لطرف على حساب الطرف الآخر، وتسعى لنسج علاقات مميزة معهما في وقت واحد».
وتعد زيارة فابيوس تمهيدا للزيارة التي سيقوم بها، بدوره، رئيس الحكومة مانويل فالس إلى الرباط منتصف الشهر المقبل. كما ستمهد لانعقاد اللجنة الوزارية المشتركة الفرنسية - المغربية نهاية مايو (أيار) الجاري أو بداية يونيو (حزيران) التي ستضع معالم العلاقة الثنائية للسنوات المقبلة. كما أن وزير الاقتصاد الفرنسي ميشال سابان سيزور خلال الأسابيع المقبلة الرباط محتذيا بما فعله زميله وزير الداخلية. وهذه التحركات المتوالية دفعت مصدرا سياسيا إلى القول إن هناك «تزاحما» بين المسؤولين الفرنسيين «لاستعادة الوقت الضائع، وتعويض ما فات الطرفين» في الأشهر الـ12 الأخيرة.
وتحفل أجندة الوزير الفرنسي بلقاءات متعددة في الرباط مع رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران، ونظيره صلاح الدين مزوار، ومع وزيري الاقتصاد والصناعة، فضلا عن لقاءات مع رجال الأعمال الفرنسيين والمغاربة. ولذلك يصطحب فابيوس معه ممثلين عن كبريات الشركات الفرنسية العاملة في المغرب، أو الساعية للاستفادة من سوقه، مثل شركة رينو للسيارات، ووالستوم للنقل وكهرباء وغاز فرنسا، وفيوليا للبيئة وسكك الحديد.
وعلى الجانب الدبلوماسي، يريد فابيوس أن يبحث الأزمات الإقليمية العالقة، كالوضع في ليبيا والتعاون في ميادين تبادل المعلومات، والحرب على الإرهاب، وأزمات منطقة الساحل والتعاون المتوسطي. وقالت مصادر دبلوماسية إن المغرب «شريك أساسي في الحرب على الإرهاب»، بفضل تبادل المعلومات الاستخبارية، ومحاربة التشدد، والنزعات الجهادية ونشر الإسلام السمح. وشددت على أن باريس تريد «شراكة دبلوماسية خصبة وغنية» تتعاطى بالطبع مع الملفات العالقة، ولكن تغوص أيضا في مسائل أخرى، أولها موضوع البيئة والانحباس الحراري، الذي أعطته باريس الأولوية لكونها ستستضيف نهاية العام القمة العالمية للبيئة.
ويريد الطرفان، وفق المصادر نفسها، التعاون معا في إطار مجموعة 5 زائد 5 التي سيرأسانها معا ابتداء من شهر مايو المقبل. وبحسب باريس، فإن ثمة توجها لتوسيع اختصاصاتها لتشمل، بالإضافة إلى الأمن والدفاع والهجرة، مواضيع أخرى مثل التجارة والشباب والسياحة.
مصادر دبلوماسية فرنسية: نريد أن نكون أصدقاء للمغرب والجزائر في آن واحد
قبيل زيارة فابيوس للرباط.. باريس تؤكد أن المغرب شريك أساسي في الحرب على الإرهاب
مصادر دبلوماسية فرنسية: نريد أن نكون أصدقاء للمغرب والجزائر في آن واحد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة