حقول النفط في قبضة المتطرفين .. وطائراتهم تقصف مطار الزنتان

الأمم المتحدة تعلن عن اجتماعات موازية في الجزائر وبلجيكا مع حوار المغرب اليوم

حقول النفط في قبضة المتطرفين .. وطائراتهم تقصف مطار الزنتان
TT

حقول النفط في قبضة المتطرفين .. وطائراتهم تقصف مطار الزنتان

حقول النفط في قبضة المتطرفين .. وطائراتهم تقصف مطار الزنتان

استمر لليوم الثاني على التوالي تبادل الضربات الجوية بين الجيش الليبي وميلشيات «فجر ليبيا»، أمس، في أكثر من مدينة، بينما سيطر متشددون على محطة باهي النفطية وحقل المبروك بعدما اضطرت القوات التي تحمي المنشأتين الخاليتين إلى التراجع، بينما يهدد المتطرفون باستهداف حقل نفطي ثالث.
وبدا أمس، أن المسار العسكري العنيف للأزمة الليبية يصير في خط متناقض مع المسار السياسي، حيث أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بعد زيارة مفاجئة، أول من أمس، من رئيسها للقاهرة، عن انعقاد اجتماع يضم ممثلين عن القادة والنشطاء السياسيين الليبيين في أوائل الأسبوع القادم في الجزائر. وأغارت طائرتان تابعتان لميليشيات ما يسمى بـ«عملية فجر ليبيا» التي تسيطر من الصيف الماضي على العاصمة طرابلس، على محيط مطار الزنتان بالتزامن مع استعداد المطار لاستقبال رحلة للخطوط الليبية قادمة من مطار الأبرق. لكن عمر معتوق، مسؤول الطيران المدني في الزنتان، قال في المقابل، إن طائرتي ميج استهدفتا الممر لكن أخطأتا الهدف.
وأضاف أنهما قصفتا نظام الإضاءة مما سيجبر السلطات على تعليق كل الرحلات بعد الغروب، موضحا أن المطار ما زال يعمل بصورة طبيعية.
وكانت طائرة حربية تابعة لقوات الجيش الليبي قصفت، أول من أمس، محيط مطار معيتيقة بالعاصمة طرابلس دون أن يسفر عن أي خسائر مادية أو بشرية. وأعلنت 5 شركات للطيران والنقل الجوي في ليبيا أنها تتكبد خسائر سنوية بقيمة 250 مليون دولار بسبب القيود المفروضة على الطيران الليبي. وقالت هذه الشركات في بيان مشترك، إن القيود المفروضة على الطيران الليبي، متمثلة في قيمة ساعات الطيران الإضافية والخدمات، بجانب الالتزامات المالية مع المؤسسات الخارجية، أسفرت عن تكلفة تشغيلية مرتفعة جدا وخسائر تصل قيمتها إلى 300 مليون دينار (250 مليون دولار) سنويا.
وتوقفت جميع رحلات شركات الطيران الليبية منذ منتصف العام الماضي بعد تدمير مطار طرابلس الدولي، المنفذ الجوي الرئيسي في البلاد، جراء القتال الذي انتهى بسيطرة «فجر ليبيا» على العاصمة. ولا يوجد أي منفذ جوي في طرابلس حاليا إلا مطار معيتيقة المقام داخل قاعدة جوية عسكرية، وقد تعرض لغارات جوية وتعطلت الملاحة فيه مرارا.
واعترفت السلطات الليبية، أمس، بسيطرة تحالف لمجموعات متطرفة على حقلين نفطيين جنوب شرقي ليبيا، بينما قال علي الحاسي، المتحدث الرسمي باسم غرفة العمليات العسكرية المشتركة فيما يعرف بـ«منطقة الهلال النفطي»، إن «متطرفين سيطروا على حقلي الباهي والمبروك النفطيين جنوب شرقي ليبيا وفي طريقهما للسيطرة على حقل الظهرة النفطي بعد انسحاب القوة المكلفة بحراسة هذا الحقل نتيجة نفاد الذخيرة». وأضاف الحاسي أن «هؤلاء المتطرفين المتحالفين مع ميليشيات (فجر ليبيا) المنحدر معظمها من مدينة مصراتة نفذوا الهجوم المباغت بعد أن نفذوا غارات جوية في وقت سابق على مرفأ السدرة النفطي في منطقة الهلال النفطي».
وأشار إلى أن الدولة وسلطاتها المعترف بها دوليا لم تدعمهم بالسلاح، وأنهم مضطرون لشراء الذخائر من السوق السوداء لصد هذا الهجوم واستعادة السيطرة على الحقول مجددا. وقال الحاسي إن الحقلين دمرا بعد يومين من الاشتباكات مع المسلحين. وأضاف أن القتال مستمر في حقل ثالث هو الظهرة. وقال إن قوات حرس المنشآت النفطية ستتحرك لاستعادة الحقلين اليوم، مشيرا إلى أن حقل الظهرة ما زال تحت سيطرة قواته.
وتسبب الصراع في إغلاق مينائي السدر ورأس لانوف النفطيين في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، اللذين يصدر منهما نحو نصف إنتاج ليبيا من النفط حين يعملان بصورة طبيعية. ويزعج النفوذ المتزايد للمسلحين الإسلاميين والصراع المتصاعد بين الحكومتين المتنافستين القوى الغربية التي تخشى أن تمتد الفوضى الليبية عبر الحدود وتجعل البلاد ملاذا آمنا للمتشددين. ولقي 8 حراس ليبيين إضافة إلى 3 فلبينيين وغانيين اثنين مصرعهم الشهر الماضي في هجوم شنه الفرع الليبي لتنظيم داعش على حقل المبروك. وتأثر الإنتاج النفطي الليبي بتدهور الوضع الأمني بشكل كبير، فبعدما كانت ليبيا تنتج أكثر من مليون ونصف مليون برميل يوميا قبل الثورة على نظام العقيد الراحل معمر القذافي في 2011، تدهور الإنتاج قبل شهرين إلى نحو 350 ألف برميل.
إلى ذلك، أعلنت بعثة الأمم المتحدة أن الاجتماع الذي ستستضيفه الجزائر الأسبوع المقبل يعد جزءًا من النقاشات المستمرة التي تجري في إطار عملية الحوار الليبي. كما أوضحت أنها ستقوم في وقت لاحق من الأسبوع القادم بعقد اجتماع ثان في بروكسل لممثلي عدد من البلديات من جميع أرجاء ليبيا، وذلك لمواصلة العمل على تدابير بناء الثقة التي تم الاتفاق عليها في جلسات سابقة، مشيرة إلى أنها ستعقد كذلك اجتماعًا منفصلاً سيجمع زعماء القبائل وغيرهم من القوى الاجتماعية. وأكدت البعثة الأممية أنها ستستمر في التواصل مع قادة المجموعات المسلحة للعمل على تحقيق وقف لإطلاق النار، كما تحث كل المجموعات للمشاركة بشكل بناء في جهودها على هذا الصعيد.
في المقابل، أكد السفير أسامة المجدوب، مساعد وزير الخارجية المصري لشؤون دول الجوار، إيمان بلاده بأنه لا بديل عن الحل السياسي للأزمة الحالية بين الأطراف الليبية النابذة للعنف. وقال بيان للخارجية المصرية إن تصريحات المجدوب وردت خلال محادثات أجراها، مساء أول من أمس، مع المبعوث الأممي إلى ليبيا، حيث أكد أن مصر حريصة على الوصول إلى حل الأزمة الحالية عن طريق الحوار، وارتباطا بذلك، فإنها تبذل كل الجهد لتوفير مناخ داعم للجهود الأممية في هذا الشأن. وبعدما رحب بموافقة البرلمان الليبي الشرعي على العودة لطاولة الحوار، أكد الجانب المصري على أن مكافحة الإرهاب ضرورة بالتوازي مع أهمية دعم الحوار.
من جانبه، أكد ليون على دور مصر الداعم له، معبرًا عن تطلعه لنتائج جولة الحوار القادمة وأن الوضع المتدهور في ليبيا يستدعي توافقًا عاجلاً بين كل الأطراف الليبية، مشيرًا كذلك إلى تزايد التهديدات الإرهابية في ليبيا وتمدد تنظيم داعش الإرهابي وإلي إدراكه الكامل لتلك المخاطر.
وقال ليون لاحقا لوكالة أنباء «الشرق الأوسط» المصرية، قبل مغادرته القاهرة، إن مصر دولة جوار مهمة بالنسبة لليبيا وتلعب دورا مهما للغاية، معتبرا أن مساندة مصر للحل السياسي في ليبيا يعد أمرا بالغ الأهمية.
وأوضح أن «مصر تقوم بدور نشط وفعال في دعم مهمة بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا والحوار السياسي، وهذا أمر مهم، لأن مصر تقوم بدور كبير في ليبيا، وهي اللاعب الأهم في المنطقة». وأشار إلى أن مصر تدعم الجهود المبذولة من أجل التوصل لمخرج سياسي للأزمة الليبية باعتبار ذلك يعد السبيل الوحيد لوضع نهاية للأزمة التي تشهدها ليبيا، بالإضافة إلى أنه تم تناول الوضع بشكل عام في البلاد. وأضاف: «ناقشنا قضية الإرهاب التي تشغل بشكل كبير الحكومة المصرية، خصوصا بعد مقتل 21 من المواطنين المصريين على يد تنظيم داعش الإرهابي بليبيا، وهو الحادث الذي أدانته منظمة الأمم المتحدة». واعتبر أن الحوار يعد الوسيلة الوحيدة المجدية لإيجاد حل سلمي للأزمة السياسية التي تمر بها ليبيا ووضع حد نهائي للنزاع العسكري الذي سبب كثيرا من المعاناة للشعب الليبي.
وأضاف أن «الجميع يدرك أن تنظيم داعش الإرهابي والتنظيمات الإرهابية الأخرى مثل (القاعدة) يستغلون حالة الفوضى والحرب والمشكلات السياسية التي تشهدها البلاد للتمدد في ليبيا. وبالتالي، فإن الأولوية الآن تكمن في الوصول إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، ومن هنا تأتى أهمية اجتماع الغد بالمغرب». وشدد أن مكافحة الإرهاب في ليبيا هي أمر ضروري وتتطلب تعاون المجتمع الدولي، لأن الجميع يدرك ما ارتكبه تنظيم داعش في العراق وسوريا، وقد يقوم بالأمر نفسه في ليبيا، لافتا إلى أن جولة الحوار بالمغرب ستركز بشكل أساسي على تشكيل حكومة وحدة وطنية، وضمان وقف إطلاق النار وسحب الميليشيات من المدن والبلدات.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.