بعد نفاد صبره لوعود قادة جنوب السودان بحل خلافاتهم بطرق سلمية، ومع استمرار العنف والتشرد في جنوب السودان، قرر مجلس الأمن بالإجماع، أمس، بدء إجراءات معاقبة «الذين يعرقلون السلام»، مع اقتراب المهلة النهائية للتوصل إلى اتفاق سلام في 5 مارس (آذار).
وكان آخر وقف لإطلاق النار هو السابع الذي يوقعه الجانبان خلال عام واحد. وأعرب المجلس عن أمله في أن قادة جنوب السودان سيبذلون جهودا فعالة ومخلصة لإنهاء الحرب التي قتل عشرات الآلاف بسببها. وحسب القرار، الذي صاغته الولايات المتحدة، يمكن فرض حظر على الأسلحة إذا رفضت الأطراف المتحاربة تنفيذ قرارات سابقة بحل مشاكلها بطرق سلمية. وينص أيضا على إنشاء لجنة عقوبات تقدم إلى المجلس أسماء المسؤولين عن عرقلة جهود السلام والذين يجب معاقبتهم بفرض حظر على سفرهم في أنحاء العالم وتجميد أرصدتهم.
ومنح الوسطاء الإقليميون رئيس جنوب السودان سلفا كير وزعيم المتمردين رياك مشار مهلة حتى يوم غد الخميس لإنهاء 14 شهرا من النزاع الذي أدى إلى مقتل عشرات الآلاف. وقالت السفيرة الأميركية سامانثا باور، أمام مجلس الأمن الدولي، إن القرار سيمنح الوسطاء الأفارقة دعما في جهودهم للتوصل إلى اتفاق من خلال التأكيد على أن «من يحبطون السلام يجب أن يبدأوا بدفع الثمن». ووافقت على القرار الدول الأعضاء الـ15 في مجلس الأمن جميعها، ومن بينها الصين التي انتقدت الخطوة ووصفتها بأنها غير مفيدة، في الوقت الذي تخوض فيه الأطراف المتحاربة مفاوضات معقدة.
وقال دبلوماسيون إن القرار لفرض عقوبات حاز دعم جميع أعضاء مجلس الأمن، بعد أن دعمت الحكومات الأفريقية تلك الخطوة بسبب شعورها بالإحباط لعدم إحراز تقدم في محادثات السلام. وأعرب المبعوث الروسي بيوتر إيلشيف عن تشككه، وقال إن تلك الخطوة «متعجلة»، وإن العقوبات يمكن أن تؤدي إلى نتائج عكسية بالنسبة لجهود إحلال السلام.
والتقى رئيس جنوب السودان كير وخصمه زعيم المتمردين مشار وجها لوجه أمس في جولة جديدة من محادثات السلام. وحددت الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا المعروفة اختصارا باسم (إيغاد) الخامس من مارس (غدا) موعدا نهائيا لكي يتوصل كل من كير ومشار إلى اتفاق سلام نهائي، بعد تفويت مهل نهائية سابقة أو تجاهلها رغم التهديد بفرض عقوبات.
ولا يسمي القرار الأممي صراحة سلفا كير أو مشار كأهداف محتملة للعقوبات التي يتوقع أن تشمل تجميد الأموال وحظر السفر. لكن، يشير القرار إلى «قادة أي كيان». وخلال أكثر من عام فشلت عدة اتفاقيات لوقف إطلاق النار في جنوب السودان، في الحرب التي لا تخفي أسبابا عرقية، والتي شردت أكثر من مليوني شخص. وكان المتمردون على الحكومة في جنوب السودان حذروا من أن محادثات السلام قد تفشل إذا رفضت الحكومة تقديم تنازلات، خاصة بشأن كيفية تقاسم السلطة في حكومة وحدة ممكنة.
وبعد صدور قرار مجلس الأمن، حذر سفير جنوب السودان لدى الأمم المتحدة، فرانسيس دينق، المجلس بأن العقوبات ستكون لها نتائج عكسية. وقال «ما يحتاج له الرئيس (كير)، وحكومة جنوب السودان، هو التشجيع والدعم، لا الإدانة». وقال دينق إنه يأمل أن المجلس لن يفرض في الواقع العقوبات، وذلك لأن القرار يشير إلى «بداية وضع نظام» للعقوبات.
لهذا، كانت تصريحات سيوم مسفين، كبير الوسطاء في مفاوضات السلام التي ترعاها هيئة «الإيغاد»، هي الأخيرة قبل نقل الموضوع إلى مجلس الأمن. في ذلك الوقت، قال مسفين «سنحيل الموضوع إلى مجلس الأمن، وإلى مجلس السلم والأمن في الاتحاد الأفريقي. وسنطلب منهما أن يتخذا إجراءات شديدة بحق المسؤولين عن هذه الانتهاكات».
وكان القتال اندلع في عام 2013 حين اتهم الرئيس كير، الذي ينتمي إلى قبيلة الدينكا، نائبه المقال رياك مشار، الذي ينتمي إلى قبيلة النوير، بمحاولة تنفيذ انقلاب عليه، علما بأنهما أكبر قبيلتين، وتشكلان معظم سكان جنوب السودان.
وأدى القتال في العاصمة جوبا إلى ارتكاب مجازر في أنحاء البلاد مما دفعها إلى حافة المجاعة. وكان فريق الأزمات الدولية قدر عدد القتلى، حتى العام الماضي، بأنه نحو 50 ألف شخص، بينما يتحدث دبلوماسيون غربيون عن أضعاف هذا العدد.
مجلس الأمن يتبنى قرارًا يعاقب دولة جنوب السودان
قبل ساعات من انتهاء المهلة النهائية للتوصل إلى اتفاق سلام
مجلس الأمن يتبنى قرارًا يعاقب دولة جنوب السودان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة