استأجر غرف فنادق لندن بالساعة

وداعا لـ«التشيك إن» والـ«تشيك أوت»

استأجر غرف فنادق لندن بالساعة
TT

استأجر غرف فنادق لندن بالساعة

استأجر غرف فنادق لندن بالساعة

بدأت فكرة الإقامة القصيرة بالساعة في الفنادق في باريس قبل عدة سنوات وانتقلت إلى لندن ومنها إلى 500 فندق آخر في 9 دول حول العالم. ويسمى هذا النوع من الإقامة القصيرة «مايكرو ستاي» كما يطلق اسم «داي يوز» Day Use أو الاستخدام أثناء النهار على الفنادق التي تقدم هذه الخدمة. وعندما يطلع العميل على الموقع الإلكتروني لهذه الفنادق لحجز غرفة فيها يستطيع الاستعلام عن الساعات الشاغرة التي يستطيع أن يحجزها.
وتوفر الفنادق هذه الخدمة لرجال الأعمال لعقد اجتماعاتهم أو للمقيمين لفترة وجيزة في مدينة سواء ترانزيت أو قبيل الإقلاع بالطائرات إلى بلدانهم. وهي تقدم لهم حسومات تصل إلى نسبة 30 إلى 70 في المائة من السعر العادي الذي تقدمه لزبائن الإقامة الطويلة.
وتقول الفنادق في دعايتها إن هذه الساعات القليلة قد تمنحك مكانا هادئا لعقد الاجتماعات أو سريرا مريحا بعد رحلة سفر طويلة. ويعاني المسافرون من رجال الأعمال من حالات يحتاجون فيها إلى الراحة لعدة ساعات منها إلغاء أو تأخير رحلات السفر أو الفترات الطويلة بين رحلات الطيران عند تغيير الطائرات. كما تسهل هذه الفنادق الالتحاق برحلات الطيران التي تقوم في ساعات مبكرة تبدأ من السادسة صباحا ولا يستطيع المسافر معها أن يوجد في المطار في الوقت المناسب إذا قضى ليلته في بيته، لأنه سوف يحتاج إلى مغادرة منزله إلى المطار في الثالثة صباحا.
وقبل ظهور هذا النوع من الفنادق كان رجال الأعمال يضطرون إلى النوم في المطارات بجوار حقائبهم. ومن لا ينتمي إلى عضوية قاعات كبار الزوار في المطارات لا يستطيع أن ينعش نفسه بحمام ساخن قبل استئناف السفر.
ويوفر الفندق قصير الإقامة فرصة الراحة لساعة أو عدة ساعات يتلوها دش ساخن يستعيد بعده رجل الأعمال نشاطه مقابل مبالغ تتراوح ما بين 50 إلى 80 دولارا. وتوجد الآن عدة مشروعات لإقامة المزيد من هذه الفنادق في مواقع قريبة من المطارات.
وهناك كثير من المواقع الإلكترونية التي تساعد المسافر على العثور على هذا النوع من الفنادق ومنها «داي يوس هوتيل دوت كوم» Dayuse - hotel.com و«باي أورز دوت كوم». byhours.com وتستفيد الفنادق أيضا من هذا التوجه نحو الإقامة القصيرة بالساعات حيث تبيع الغرف الشاغرة مرتين على الأقل يوميا. وتتيح الفنادق لزبائن الساعات القليلة كل التسهيلات المتاحة لزبائن الإقامة الطويلة بما في ذلك استخدام النادي الرياضي وحمام السباحة.
وتعتمد معظم الفنادق على قاعدة بيع 4 ساعات أو 6 ساعات أو 8 ساعات بحد أقصى. وما يزيد عن 8 ساعات يمكن اعتباره حجزا ليوم كامل. وتستطيع الفنادق عبر بيع هذه الساعات رفع دخلها وتسويق الإقامة فيها لقاعدة أعرض من الزبائن من رجال الأعمال الذين يمكن لهم العودة للإقامة فترات أطول فيما بعد.
وتقول وكالة حجز غرف فنادق على الإنترنت إنها خصصت ركنا خاصا للحجوزات المايكرو قصيرة الأجل واكتشفت بعد عام واحد أن نسبة 40 في المائة من كل الحجوزات كانت في اللحظات الأخيرة لإقامة سريعة لا تتعدى 6 ساعات.
وفي سياتل يقدم فندق اسمه «وان ثاوساند» خدمات إضافية مثل الإنترنت المجانية كما يوفر الهدوء، بأسعار تبدأ من 15 دولارا في الساعة، وهو يتيح الحجز الفوري على الإنترنت. كما لجأت سلسلة فنادق أخرى هي ماريوت إنترناشيونال إلى تحويل بعض الغرف فيها إلى قاعات اجتماعات يمكن تأجيرها بالساعة. وتوفر الفنادق كافة لوازم الاجتماعات في هذه الغرف من أدوات بث الفيديو إلى الطابعات اللاسلكية.
ويقول أستاذ إدارة الفنادق في معهد كورنيل بيل كارول إن الفنادق تملك أصولا استثمارية لمدة 24 ساعة في اليوم وعليها واجب رفع الدخل من هذه الأصول إلى الحد الأقصى. وإذا كانت الغرف تبقى أحيانا شاغرة عدة أيام لضعف الطلب فليس على إدارة الفندق إلا البحث عن أساليب أخرى للتأجير ومنها أسلوب المايكرو للتأجير بالساعة.
وهو أسلوب يناسب الزبائن أيضا الذين يحصلون على الخدمة التي يريدونها من دون دفع مبالغ إضافية لوقت لن يستغلوه، فأوقات «التشيك إن» غالبا ما تكون عند الساعة الثالثة بعد الظهر و«التشيك أوت» عند الساعة الثانية عشرة ظهرا، وقد تكون هذه الأوقات غير مناسبة لكثير من الزبائن بسبب أوقات رحلاتهم أو لأسباب أخرى، ولذلك فإن التأجير الفندقي بالساعات يناسب الطرفين.
وفي لندن يوجد نحو 30 فندقا يقدم خدمة الإقامة القصيرة فيها بعضها قريب من مطاري هيثرو وغاتويك في لندن. وتوفر بعض المواقع الإلكترونية نحو 500 فندق حول العالم يقدم هذه الخدمة ويتيح الحجز المباشر على الإنترنت. ويقول أحد المواقع على الإنترنت إنه يتلقى 5 آلاف حجز فندقي مايكرو شهريا. ويوفر هذا النوع من الحجوزات القصيرة دخلا إضافيا للفنادق يصل إلى 3 ملايين دولار سنويا. وينمو هذا الدخل على نحو سنوي بنسبة تفوق الضعف.
وتضع هذه الحجوزات السريعة بعض الضغوط على إدارة الفنادق لمتابعتها ولكن مدراء الفنادق لا يمانعون الجهد الإضافي الذي يوفر دخلا عاليا للفنادق. وتوجد حاليا شركة حجز متخصصة في هذا المجال تأسست في فرنسا اسمها «داي يوس هوتيلز» وهي تسهم في تسويق الفكرة للمزيد من الفنادق حول العالم. وبدأت الفكرة كوسيلة لرفع دخل الفنادق حتى ولو كانت درجة إشغالها عالية.
كما بدأت فنادق في تطبيق الفكرة في مطار تشانغي في سنغافورة وشيبول في أمستردام. ويؤكد رجال أعمال أن الفكرة وصلت إلى أستراليا والصين أيضا. ويقول أحدهم إنه سافر من سنغافورة إلى سيدني التي وصلها في السادسة والنصف صباحا وعلى الفور حجز غرفة في فندق قريب حتى الساعة الثانية عشرة ظهرا وبعد النوم لمدة ساعتين ثم الذهاب إلى اجتماع أعمال في المدينة في التاسعة صباحا عاد إلى الفندق قبيل الظهيرة وغادر الفندق إلى المطار حيث سافر إلى شنغهاي وكرر ساعات الحجز نفسها في فندق صيني.
ويعتبر استئجار غرفة لعدة ساعات لعقد اجتماع أعمال أرخص من استئجار قاعة أعمال كاملة في الفندق كما أن اللقاء في اللوبي أو المقاهي الملحقة في الفنادق لا توفر الخصوصية اللازمة. ويمكن لإدارة الفندق تغيير شكل الغرف كما يريد الضيف إلى درجة سحب السرير إلى خارج الغرفة حتى تكون ملائمة أكثر لاجتماعات الأعمال.

* جولة على بعض الفنادق التي تؤجر بالساعة
هذه النخبة من الفنادق حول العالم ترحب بنزلاء «مايكرو ستاي» بالساعة وهي تتيح فيما بينها شبكة أمان للمسافر لكي يستريح من عناء السفر الجوي طويل المدى من دون الحاجة إلى حجز يوم فندقي كامل:
* فندق هوكستون، لندن: وهو يقدم رجال الأعمال غرفة بها سرير ومكتب للحجز بين العاشرة صباحا والرابعة عصرا بسعر 20 جنيها بالساعة فقط، ولا بد من الحجز قبل الوصول بيوم كامل. ويطلق الفندق على غرفه اسم «المكاتب الخاصة». ويمكن لرجل الأعمال المقيم أن يستقبل ضيوفه في مكتبه. ويقع الفندق في منطقة شرق لندن وتوجد كثير من المطاعم والمقاهي القريبة في منطقة شورديتش.
* فندق أورينت، فيينا: وهو يتسم بالهدوء والحجم الصغير (20 غرفة فقط) ويمكن الحجز فيه بداية من 3 ساعات بسعر 59 يورو للغرفة. ويمكن حجز جناح قيصر فيه وهو أفخم الغرف في الفندق.
* فندق لا فرانكا، برشلونة: وتشير بعض النشرات السياحية إلى أنه من أفضل فنادق المدينة من حيث الديكور الداخلي. وهو يوفر الخصوصية والسعر المناسب الذي يبدأ من 52 يورو لمدة 4 ساعات.
* فندق جنرال لاباز، بوينس آيرس: وهو من الفنادق الراقية في العاصمة الأرجنتينية ويختلف كثيرا عن فنادق رخيصة وسيئة السمعة في المدينة. ويمكن حجز 3 ساعات في الفندق بأسعار تقع ما بين 52 و69 دولارا. وهو من الفخامة بحيث يجد بعض الضيوف صعوبة في مغادرته بعد انتهاء ساعاتهم.
* فندق في أي بي، ريو دي جانيرو: وهو على مقربة دقيقتين من الشاطئ في منطقة لوبلون، ويوفر الفندق بالإضافة إلى الإقامة القصيرة فرصة التمتع بخدماته المتعددة من حمام السباحة إلى كافيتريا تطل على المحيط الأطلسي. وتتراوح أسعار الغرف لمدة 8 ساعات من 42 إلى 285 دولارا.
* ليبرتي إن، نيويورك: وهو فندق فائز بجائزة أفضل فندق للإقامة القصيرة ويقع الفندق في قلب منطقة مانهاتن ويوفر الكثير من الخدمات لضيوفه الذين يقضون فيه فترات مختلفة تبدأ بمدة ساعتين بمبلغ 60 دولارا أو 3 ساعات بمبلغ 70 دولارا. وهو يوفر كافة خدمات الإنترنت والشاشات العريضة لتلفزيونات مسطحة في الغرف.
* فندق لوار، أوزاكا: وهو واحد من مجموعة فنادق يابانية تقدم إقامات قصيرة. وهو يتميز بالديكور الحديث ويقع على أطراف مدينة أوزاكا، وتبدأ أسعاره من 50 دولارا لمدة ساعتين خلال فترة النهار من السادسة صباحا وحتى منتصف الليل. ويمكن طلب إضافة ساعة إضافية على الحجز.



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».