«العمال الكردستاني» يطالب أنقرة بسحب مشروع قانون أمني مثير للجدل

حذر الحكومة التركية من استغلال دعوة زعيمه له لإلقاء السلاح لأغراض انتخابية

مجموعة من مسلحي حزب العمال الكردستاني في معقل الحزب بجبل قنديل في كردستان العراق (رويترز)
مجموعة من مسلحي حزب العمال الكردستاني في معقل الحزب بجبل قنديل في كردستان العراق (رويترز)
TT

«العمال الكردستاني» يطالب أنقرة بسحب مشروع قانون أمني مثير للجدل

مجموعة من مسلحي حزب العمال الكردستاني في معقل الحزب بجبل قنديل في كردستان العراق (رويترز)
مجموعة من مسلحي حزب العمال الكردستاني في معقل الحزب بجبل قنديل في كردستان العراق (رويترز)

رفض حزب العمال الكردستاني، أمس، إلقاء السلاح، وطالب الحكومة التركية بأن تبادر أولا إلى اتخاذ خطوات لتعزيز الديمقراطية، وسحب مشروع قانون أمني مثير للجدل تجري مناقشته في البرلمان حاليا.
وكان زعيم الحزب المسجون في تركيا، عبد الله أوجلان، الذي لا يزال يحظى ببعض النفوذ على حزبه دعا، من سجنه في جزيرة إمرالي، قبالة إسطنبول، أتباعه، أول من أمس، إلى مؤتمر عام، الربيع المقبل، للاتفاق فيه على إلقاء السلاح.
لكن الحزب رد على الدعوة في بيان أوردته وكالة «فرات» للأنباء المقربة منه بقوله إنه يلتزم بالفعل بوقف لإطلاق النار كجزء من حرصه على إنهاء الصراع المسلح. وأضاف البيان أن على الحكومة التركية أن تثبت «حسن نيتها»، بإلغاء مشروع القانون الذي في حال تمريره في البرلمان سيزيد من صلاحيات الشرطة. في السياق نفسه، قال دمهات عكيد، المتحدث الرسمي لمنظومة الشعب الديمقراطي وأحد القادة العسكريين في قوات حماية الشعب، الجناح العسكري لحزب العمال الكردستاني، لـ«الشرق الأوسط» إن «عملية وقف إطلاق النار تسير من جانب واحد فقط؛ فمن تصريحات أوجلان تتبين نيتنا للرأي العام، وهي واضحة، وإذا خطت الحكومة التركية خطوة نحو تنفيذ عملية السلام، فإن إلقاء السلاح مرهون بتطبيق الاتفاقية بشكل عملي وفعلي».
وعن طلب أوجلان عقد مؤتمر عاجل يشارك فيه جميع مقاتلي الحزب في الربيع، قال عكيد: «عندما تنفذ أنقرة الاتفاقية، حينها سنعلن عن مؤتمر عام لبحث إلقاء السلاح في الربيع».
وأشاد الحزب في بيان بدعوة أوجلان، ووصفها بأنها «تاريخية»، وقال في بيانه إنه على تركيا الآن اتخاذ خطوات ملموسة، حتى لا تخرج عملية السلام عن مسارها.
وأضاف البيان أن دعوة أوجلان تشكل «أساسا مهما للغاية وفرصة لتطبيق الديمقراطية في الدولة والحكومة، وحل المسألة الكردية ومشاكل تركيا الأساسية»، مطالبا بأن «تتخذ الحكومة خطوات كبيرة وملموسة، وأن يكون لها رد سياسي».
كما حذر البيان من استغلال مبادرة أوجلان لأغراض انتخابية مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية في السابع من يونيو (حزيران) المقبل، وقال: «استغلال زعيمنا لهذا الإعلان التاريخي عن حسن النية كدعاية انتخابية سيكون مثالا على الظلم الشديد وانعدام المسؤولية عن شعبنا». وأضاف البيان أن قادة الحزب يريدون الحديث مباشرة مع أوجلان لضمان تقدم عملية السلام، حسبما أوردته وكالة «رويترز». وفي الوقت الحالي، يتنقل نواب عن حزب الشعب الديمقراطي بين الجزيرة التي يسجن فيها أوجلان ومنطقة جبال قنديل في كردستان العراق، حيث تتمركز قيادة حزب العمال الكردستاني.
في السياق نفسه، يستبعد مراقبون أكراد أن يتجاوز مفعول أي قرار يتخذه الحزب بإلقاء السلاح، الأراضي التركية. ونسبت صحيفة «زمان» التركية إلى مراقبين قولهم إن القرار لن يسري على مقاتلي الحزب في شمال العراق وسوريا في ظل خطر «داعش»، الذي يستهدف الأكراد في البلدين.
ووصف الاتحاد الأوروبي الذي تسعى تركيا للانضمام إليه بيان أوجلان بأنه «خطوة إيجابية للأمام». وقال بيان للاتحاد: «نأمل أن ينتهز كل الأطراف الفرصة لإحراز تقدم حاسم باتجاه المصالحة وتطبيق الديمقراطية».
وحمل حزب العمال الكردستاني السلاح عام 1984، في سبيل إقامة وطن مستقل في جنوب شرقي تركيا، حيث توجد أغلبية كردية، لكنه حد من مطالبه منذ ذلك الحين، واكتفى بطلب حقوق سياسية وثقافية أكبر لأكراد تركيا الذين يُقدر عددهم بنحو 15 مليونا.
ومنذ مارس (آذار) 2013، أمر أوجلان بوقف لإطلاق النار جرى احترامه بشكل عام منذ ذلك الوقت، وبعد شهرين أعلن بداية انسحاب مقاتليه إلى كردستان العراق. لكن، حسب وكالة الصحافة الفرنسية، علق حزب العمال الكردستاني هذه المبادرة بعد ذلك، متهما أنقرة بعدم الوفاء بالتزاماتها. ومنذ ذلك الوقت توقفت المحادثات، وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2014، كادت عملية السلام تسقط أيضا عندما نزل آلاف الشبان الأكراد إلى شوارع مدن تركية للتنديد برفض الحكومة التركية التدخل لدعم الميليشيات الكردية التي كانت تدافع عن مدينة كوباني (عين العرب) الكردية السورية التي حاصرها مسلحو «داعش»، قبل أن يستعيد الأكراد السيطرة عليها.
وفي الآونة الأخيرة، نشأت صعوبات أخرى حول مشروع قانون مثير للجدل الشديد قيد البحث في البرلمان، ويقضي بتعزيز سلطات الشرطة. وهدد النواب الأكراد بوقف محادثات السلام إذا تم التصويت عليه.



مقتل وزير اللاجئين الأفغاني بتفجير انتحاري استهدف وزارته

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
TT

مقتل وزير اللاجئين الأفغاني بتفجير انتحاري استهدف وزارته

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)

قُتل وزير اللاجئين الأفغاني، خليل الرحمن حقاني، الأربعاء، جرّاء تفجير وقع بمقر وزارته في كابل، نُسب إلى تنظيم «داعش» الإرهابي، وهو الأوّل الذي يستهدف وزيراً منذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم في عام 2021. واستنكر الناطق باسم حكومة الحركة «هجوماً دنيئاً» من تدبير تنظيم «داعش»، مشيداً بتاريخ «مقاتل كبير» قد «ارتقى شهيداً»، كما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية». ووقع الانفجار، الذي لم تتبنّ بعد أي جهة مسؤوليته، «في مقرّ وزارة اللاجئين»، وفق ما أفاد به مصدر حكومي «وكالة الصحافة الفرنسية»، مشيراً إلى أنه تفجير انتحاري. وأوضح المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه: «للأسف وقع انفجار في وزارة اللاجئين، ويمكننا أن نؤكد أن الوزير خليل الرحمن حقاني قد استشهد إلى جانب عدد من زملائه». وضربت قوى الأمن طوقاً حول الحيّ حيث تقع الوزارة في وسط كابل. فيما أورد حساب الوزارة على منصة «إكس» أن ورشات تدريبية كانت تعقد في الأيام الأخيرة بالموقع. وكلّ يوم، تقصد أعداد كبيرة من النازحين مقرّ الوزارة لطلب المساعدة أو للدفع بملفّ إعادة توطين، في بلد يضمّ أكثر من 3 ملايين نازح جراء الحرب.

«إرهابي عالمي»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني خلال مؤتمر صحافي في كابل يوم 12 يونيو 2022 (أ.ف.ب)

كان خليل الرحمن يحمل سلاحاً أوتوماتيكياً في كلّ إطلالاته، وهو شقيق جلال الدين الذي أسس «شبكة حقاني» مع بداية سبعينات القرن الماضي وإليها تُنسب أعنف الهجمات التي شهدتها أفغانستان، قبل أن تندمج «الشبكة» مع حركة «طالبان» إبان حكمها الذي بدأ عام 1994 وأنهاه الغزو الأميركي للبلاد في عام 2001، ثم عودة الحركة إلى الحكم بعد انسحاب القوات الأميركية والدولية في 2021. وهو أيضاً عمّ وزير الداخلية الحالي سراج الدين حقاني. ورصدت الولايات المتحدة مكافأة مالية تصل إلى 5 ملايين دولار في مقابل الإدلاء بمعلومات عن خليل الرحمن، واصفة إياه بأنه «قائد بارز في (شبكة حقاني)» التي صنّفتها واشنطن «منظمة إرهابية». وفي فبراير (شباط) 2011، صنَّفته وزارة الخزانة الأميركية «إرهابياً عالمياً»، وكان خاضعاً لعقوبات من الولايات المتحدة والأمم المتحدة، التي قدّرت أن يكون في الثامنة والخمسين من العمر.

هجمات «داعش»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني (وسط) خلال وصوله لتفقد مخيم للاجئين بالقرب من الحدود الأفغانية - الباكستانية يوم 2 نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)

ويبدو أن «شبكة حقاني» منخرطة في نزاع على النفوذ داخل حكومة «طالبان». ويدور النزاع، وفق تقارير صحافية، بين معسكر يطالب بالتطبيق الصارم للشريعة على نهج القائد الأعلى لـ«طالبان» المقيم في قندهار، وآخر أكثر براغماتية في كابل. ومنذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم إثر الانسحاب الأميركي في صيف 2021، تراجعت حدة أعمال العنف في أفغانستان. إلا إن الفرع المحلي لتنظيم «داعش - ولاية خراسان» لا يزال ينشط في البلاد، وأعلن مسؤوليته عن سلسلة هجمات استهدفت مدنيين وأجانب ومسؤولين في «طالبان». وسُمع أكثر من مرّة دويّ انفجارات في كابل أبلغت عنها مصادر محلية، غير أن مسؤولي «طالبان» نادراً ما يؤكدون حوادث من هذا القبيل. وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قُتل طفل وأصيب نحو 10 أشخاص في هجوم استهدف سوقاً وسط المدينة. وفي سبتمبر (أيلول) الذي سبقه، تبنّى تنظيم «داعش» هجوماً انتحارياً أسفر عن مقتل 6 أشخاص، وجُرح 13 بمقرّ النيابة العامة في كابل. وأكّدت المجموعة أن هدفها كان «الثأر للمسلمين القابعين في سجون (طالبان)»، علماً بأن الحركة غالباً ما تعلن عن توقيف أعضاء من التنظيم أو قتلهم، مشددة في الوقت عينه على أنها تصدّت للتنظيم في البلد.